خاص بـ”الشفاف”
كشفت مصادر أوروبية لـ”الشفاف” أن هنالك شكوكاُ قوية جداً في دور إيراني، وفي دور لحزب الله، في عملية قصف “الغوطة” بالكيميائي.
وقالت المصادر أن الشكوك ليست مجرّد تكهّنات ناجمة عن التداخل والتشابك بين قوات الجيش السوري وقوات الباسداران وميليشيا حزب الله التي تخوض معركة واحدة دفاعاً عن العاصمة دمشق.
فاللواء 450 الكيميائي السوري، المتّهم بقصف “الغوطة”، تم تعزيزه منذ أشهر بقوة إيرانية هي “لواء الغدير”، وباتت الوحدتان السورية والإيرانية تعملان معاً. ويتولى الجنرال الإيراني “حسين حمداني” (عمل في لبنان في ١٩٨٥ و١٩٨٦) مهمة الإرتباط مع اللواء 450 السوري.
وفي الفترة الماضية، سمح السوريون للباسداران بالتدريب على استخدام الأسلحة الكيميائية السورية!
“براءة ذمة” ألمانية لإيران والحزب!
وفي السياق نفسه،
وقالت المصادر أوروبية لـ”الشفاف” أن الملفت للنظر في التسريبات الصادرة عن جهاز الإستخبارات الألماني بالنسبة لسوريا هو أنها تناقض بعضها، ولكنها كلها تشكل “تبرئة” لإيران ولحزب الله أولاً، ثم، اليوم، لبشار الأسد شخصياً، من عملية قصف “الغوطة” بالكيميائي. وتكهّنت هذه المصادر بأن علاقات ألمانيا بأوساط “المحافظين” الإيرانيين قد تكون وراء “براءات الذمة” المتكررة لإيران وحزب الله وبشّار الأسد شخصياً.
وكانت “دير شبيغل” الألمانية قد ذكرت في الأسبوع الماضي أن
مدير جهاز “بي إن دي” الألماني كشف أن جهازه تنصّت على مكالمة بين مسؤول رفيع المستوى في حزب الله وسفارة إيران.
وفي المكالمة أقرّ مسؤول حزب الله بأنه تم استخدام الغاز السام. وقال أن ”الأسد فقد أعصا وارتكب خطأ كبيراً حينما أعطى الأمر بشن هجوم بالأسلحة الكيميائية”!
أما التسريبة الجديدة للمخابرات الألمانية، التي نشرت اليوم، و”حسب اتصالات هاتفية سجلتها سفينة مراقبة إلكترونية ألمانية تبحر قبالة الساحل السوري”، فهي أن بشار الأسد “شخصياً” لم يكن له صلة بالهجوم الكيميائي ضد الغوطة “بل “ورفض طلبات عديدة من القادة العسكريين التابعين له لاستخدام الأسلحة الكيميائية ضد خصوم النظام في الأشهر الأخيرة”.
وخلصت المصادر الأوروبية إلى ان الأميركيين، والإسرائيليين، على علم بهذا التورّط الإيراني وقد نقلوا رسائل تحذير لطهران (أحدها بواسطة المبعوث الدولي، والسفير الأميركي السابق في بيروت، جيفري فيلتمان) مفادها “نحن نعرف أنكم متورطون..”!
واضافت المصادر: في ضوء هذه التحذيرات ينبغي أن يُفهَم تصريح رفسنجاني الذي اتهم فيه النظام السوري بقصف شعبه بالكيميائي. وقالت أن تصريح رفسنجاني يشكل تحدياً صارخاً لقيادة الباسداران لأن الشعب الإيراني ذاق لوعة الكيميائي على يد صدام، ولديه 45 ألف “جريح كيميائي” يتلقون علاجاً خاصاً حتى الآن. أي أن الرأي العام عندهم لن يقبل بسهولة دوراً إيرانياً في قصف مدنيين سوريين.
أي أن السلاح الكيميائي “خط أحمر” بالنسبة للرأي العام الإيراني، وليس خطاً أحمر أميركيا فحسب.
من أعطى أمر القصف؟
تقول المصادر الأوروبية بأن الأميركيين والأوروبيين يعرفون أن “قيادة الجيش النظامي” السوري متورّطة في قصف “الغوطة”، وأن أسماء القادة المتورطين معروفة. وهذه الأسماء تشمل ماهر الأسد، ولكنها تشمل كذلك السيء الذكر “علي المملوك” الذي لعب دوراً في إيصال “أمر عملية قصف الغوطة بالكيميائي”. وإذا كان “علي المملوك”، فمن المستبعد جداً أن يكون “المملوك” قد تصرّف بدون علم بشار الأسد!
وتخلص المصادر إلى أن استخدام الكيميائي ضد الشعب السوري على هذا النطاق الواسع قد أحدث تذمراً داخل الجيش النظامي وقد يسفر عن انشقاقات مهمة جديدة.
( “الشفاف” قد أشار قبل أسبوع إلى أن عدداً من كبار ضباط الجيش والأمن السوريين خرجوا وأخرجوا عائلاتهم من دمشق، لمعرفتهم بأن مشروع الضربة الأميركية – الفرنسية لسوريا يتضمّن “استهدافاً” للمسؤولين عن القصف.)
ماذا عن حزب الله؟
تقول المصادر الأوروبية أن الحزب غير قادر على الإنسحاب من القتال السوري لسببين. أولاً، لأن قرار الحرب أو الإنسحاب هو قرار إيراني. وثانياً، لأن حزب الله اتخذ خلال العام الماضي قراراً خطيراً بتخزين قسم كبير من صواريخه المتقدمة، ومن نظم السلاح الإستراتيجية التي زوّدته بها إيران، في سوريا نفسها خوفاً من ضربة إسرائيلية مباغتة.
وتشير المصادر إلى عملية قصف مخازن صواريخ “ياخونت” البحرية في “طرطوس”، وقد كشف “الشفاف” في حينه أن الصواريخ التي تمّ تدميرها كانت عائدة لحزب الله وليس للجيش السوري.
وورطة حزب الله الآن هي أن استعادة صواريخه وأسلحته من سوريا في حال اهتزاز نظام الأسد، أو سقوطه، ليس متاحاً وسط مراقبة إسرائيلية وأميركية على مدار الساعة لعمليات نقل الأسلحة بين لبنان وسوريا، ومع استعداد إسرائيلي لقصف أية عمليات من هذا النوع بدون إنذار! معركة “القصير” كانت، أيضاً” معركة الدفاع عن مخازن سلاح الحزب في سوريا!
وكل ذلك يعني أن “مناشدات” اللبنانيين لحزب الله لـ”النأي بنفسه” وبلبنان عن الحرب السورية لن تجدي نفعاً!
لكن ما هي مصلحة إيران، أي جهاز “الباسداران”، في “التصعيد الكميائي” في سوريا؟
تقول المصادر أن هنالك احتمالات متعددة. فالباسداران الإيراني ليس مرتاحاً إلى انتخاب حسن روحاني رئيساً لإيران خصوصاً أن روحاني يراهن على تحسين العلاقات مع الغرب كشرط واجب للخروج من أزمة إيران الإقتصادية الخانقة. والمواجهة الحالية تقطع الطريق على مشروعات روحاني للتفاوض مع أميركا، بل وتسمح بـ”الإطاحة” به، كما تكهّن معلّق إيراني في طهران، إذا ما تطورت الأمور إلى مواجهة مكشوفة. أما الإحتمال الثاني فهو أن قيادة الباسداران تورّطت في العملية كـ”اختبار” لردّ الفعل الأميركي، وفي ذهنها ردّ الفعل الأميركي على تطور البرنامج الذري الإيراني!