ك.. ظل الإخوان المسلمون قلقا فى كل بلد أقاموا فيه، أو كل عملاً ساهموا به؛ حتى إن بعض تيارات الإسلام السياسى الأخرى رفضت وجودها والحديث معها، وقالت إنه رغاء وخواء.
ل.. علم بعض شباب الإخوان المسلمين الذى يتابعون مناشط الإنترنت بأمر تحديد جماعة “كلنا خالد سعيد” للتظاهر فى ميدان التحرير يوم عيد الشرطة 25 يناير 2011، فقرروا الإشتراك فى هذا التظاهر (الذى صار ثورة فيما بعد). غير أن رياستهم رفضت ذلك، وقيل إنها شطبت عضوية أربعة أعضاء من اعضائها حين أصروا على الإشتراك فى الثورة. ولما وجدت رياسة الجماعة أن عدداً كبيراً من الشبان يرغب فى الإشتراك فيما صار ثورة، سمحوا لمن يريد الإشتراك أن يفعل ذلك على مسئوليته الشخصية، وبعيداً عن دعوى الجماعة.
وبينما كان هؤلاء الشباب النقي الطاهر يشارك باقي الثوار فى ثورتهم، كان بعض من كبار ورموز الإخوان المسلمين يتفاوضون مع أعمدة النظام السابق على تقويض الثورة مقابل الإعتراف الرسمي بهم والتعاون معهم فى أنشطة الدولة. وفى ذلك حدثت وقائع (واقعات) غريبة ومريبة لم تُعرف حقيقتها على وجه اليقين، إذ لم يجر فيها تحقيق قضائي، ولا تابعته إحدى لجان تقصّي الحقائق المفوضة لذلك.
1.. فقد قيل أن قناصة من الإخوان المسلمين هم الذين كانوا يقفون أعلى بعض المبانى الكائنة بميدان قصر النيل، لإغتيال بعض الثوار. ودلل البعض على ذلك من منع قيادات الإخوان (وبالذات محمد البلتاجى وصفوت حجازى) من تصدى من أراد من الثوار أو ممن كان يحميهم من التعرض للقناصة وإنزالهم من أماكنهم.
2.. وقال السيد رئيس المخابرات إنه تم رصد إتصالات بين جماعة الإخوان المسلمين، وجماعتى حماس وحزب الله.
3.. وقرر بعض ما كانوا فى السجون إن الفلسطينيين فتحوا لهم السجون – وبأدوات ثقيلة فى بعض الأحيان (لوادر) – وأخرجوا من كان فيها، ومنهم متهم فى قضية حزب الله شوهد فى موطنه، وآخرين من حركة حماس شوهدوا فى موطنهم الأصلى.
م.. وبناء على الإتفاق السرى بين زعامات الإخوان المسلمين وقيادات نافذة فى النظام السابق، كان هدفهم جميعاً فض الثورة ونقض أهدافها. ودخل “الإخوان” بين الثوار لتحويل أهدافهم وتمويه أفعالهم، واختطفوا الثورة تماماً حين ظهر الإتفاق بين المجلس العسكرى الأعلى وبينهم.
1.. فقد غير المجلس العسكرى الأعلى تشكيل لجنة كان الرئيس السابق قد شكلها لتعديل مواد فى الدستور، واستبدلوا بأعضائها اعضاء موالين للإخوان، وتقرر إجراء إستفتاء شعبى على ما قامت به هذه اللجنة من تعديل لتسعة مواد فى الدستور، وهو امر لم يُعرف من قبل، وتم الإستفتاء وقد تم تزييف وعى الأغلبية من الناخبين، زعماً بأن الإستفتاء يجرى على المادة الثانية من الدستور التى تتعلق بتطبيق الشريعة. ومع الجهل من جانب والدعاية الدينية من جانب آخر، وقر فى نفس هذه الأغلبية بأن الإستفتاء بنعم يُدخل الجنة إذ يُعلي من شأن الشريعة.
2.. وبمجرد ظهور نتيجة الإستفتاء – الذى شابه كثير من العوار وتغيير الحقيقة – انتشى الإخوان وباقى تيار “الإسلام السياسى، وسموا ما حدث بـ”غزوة الصناديق”، وأسفروا عن حقيقة نواياهم، بأن لا يكون من قال “لا فى الإستفتاء معارضاً غُلب على أمره، وإنما استطال الأمر لادعاء أنهم ليسوا مواطنين يعارَضون بالحسنى، بل أعداء يتعين عليهم الهجرة من مصر إلى بلاد أخرى حُدّدت لهم. وأحدث ذلك الفهم والتقدير ترويعاً كبيراً لغير الإسلاميين، وبدأ كثير يفكر فى الهجرة من البلاد طواعية، بدلاً من أن يُلزم هجرة جبرية.
3.. وتعاون تيار الإسلام السياسي، واظهرهم الإخوان المسلمين، مع المجلس العسكرى الأعلى ضد الثورة والثوار، وعملوا على تشويه صورة الثوار بإدعاء انهم بلطجية، وتخلوا عنهم تماماً فى مواقع ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء وشارع القصر العينى، فحارب الثوار وحدهم قوات المجلس العسكرى، وسقط منهم شهداء كثيرون، وفقئت أعين الكثير منهم، فى حين كان الإخوان يقتسمون الغنائم مع المجلس العسكرى.
4.. وعمل المجلس العسكرى على مساعدة تيار الإسلام السياسى فى الإستحواذ بالسلطة التشريعية، فأجروا الإنتخابات بسرعة لم يستعد لها الثوار، ووسعوا رقعة الدوائر الإنتخابية بما لا يمكن معه إلا لجماعة الإخوان المسلمين أن تحصد نصراً .
ومع كل ذلك فقد حدثت تجاوزات ومخالفات كثيرة ومتعددة لم يجرِ تحقيق ولا فى واحدة منها، وفاز تيار الإسلام السياسى بأغلب المقاعد فى مجلسي الشعب والشورى.
وفوجئ الشعب بأن أداء أعضاء مجلس الشعب والشورى من تيار الإسلام السياسى مُتدنٍ للغاية، فهم عاطلون من أى خبرة، متبعون الفوضى وعدم النظام. وبدأ المشهد كله للشعب كأنما هو كوميديا سوداء، يقوم بالأدوار الرئيسية فيها أشخاص بلا عناية ولا رعاية ولا حفاية.
وبدأ الشعب، بكل طوائفه، يصاب بالإحباط من عدم كفاية أعضاء مجلس الشعب، وسوء تصرفهم، ويُذهل – إلى جانب ذلك – من رؤية أعضاء التيار الإسلامى وهو يعمل على الإستحواذ على سلطات كثيرة، مع أنه غير كفء لأىّ منها، لكنها رغبة السيطرة وجموح السلطة.
وعرف المجلس العسكرى الأعلى حقيقة نوايا تيار الإسلام السياسى، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين. حين شرعوا فى الإحتكاك بالوزارة والدعوة إلى رحيلها، ليحلوا محلها بأعضاء منهم، مع أنهم – كما سلف – كانوا قد عارضوا الثوار وأيدوا الوزارة وطالبوا بمساندها حتى تأخذ فرصتها، فإن أخفقت يكون أمراً آخر، والفرصة لوزارة – كما سلف – لا تقل عن ستة شهور، لا شهر ولا شهرين. إنما هو الجشع للسلطة والنهم فى السيطرة دعاهم إلى الرغبة فى الإستحواذ على الوزارة، ثم الإستحواذ على رياسة الجمهورية فيكون كل شئ قد دان لهم، وتملكوا كل المناصب: مجلسى الشعب والشورى، والوزارة، ورياسة الجمهورية، فدان الأمر لهم وصار من حقهم أن يدعوا جهراً وعلانية فى أن مصر إمارة من دولة الخلافة وعاصمتها القدس.
ولما صاروا بذلك فى وقيعة مع المجلس العسكرى، أدّعوا أنهم من الثوار وأن المجلس المذكور يصفي الثورة، مع انهم هم الذين تعاونوا منذ البداية ضد الثورة، وخطفوها لأنفسهم، وتركوها بغير ظهير أو معين فى غزوات ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء وشارع القصر العينى، التي فقد الثوار منها خيرة شبابهم، وسكنوا هم بعيداً بلا موقف يدين أو شراكة تُعنى بالثوار والثائرين، بل إنهم للعجب صاروا مع وزارة الداخلية ضد الثوار ومع مجلس الوزراء ضد الثائرين .
ودخلت مصر فى عهد لانتخاب رئيس للجمهورية فحدث فى ذلك كل غريب وعجيب، مجاله المقال القادم.
القاهرة