بمعزل عن “الدروس الخصوصية في كيفية التصريح” التي أعطاها اللواء جميل السيّد لفخامة رئيس الجمهورية، و”المعلومات” عن حوار دار بين الرئيس ميقاتي والوزير مروان شربل بشأن تنحية اللواء ريفي والعميد الحسن لأنهم “مش أوادم”، والذي تنصّلت منه وزارة الداخلية عبر بيان النفي، لم يُقدّم السيّد أي جديد، لم يعترف بوجوده إلى جانب ميشال سماحة في الرحلة المفخخة، لكنه لم ينكر.
جلّ ما فعله اللواء السيّد في مؤتمره الصحافي بالأمس، تسخيف الموضوع بعبارات إشتهر بها كالتمييز بين البيضة الممودرة والبيضة الذهبية، محاولاً تبسيط العَملة_الجريمة التي إرتكبها ميشال سماحة وكأنها خطأ مطبعي أو كأنها هفوة مُراهِق أو حادث سيّر عرضي ذهب ضحيّته عجوز كان يقطع الطريق فيما السائق سماحة تلهّى بالـ”واتس آب”، فذهب العجوز ضحية القضاء والقدر، ليصبح مصير سماحة بنظر سعادة اللواء توقيف على ذمة التحقيق أو الإفراج مع منع السَفر.
ولم يبخل اللواء السيّد على الأجهزة الأمنية بالتهديد والوعيد وكأن أشرف ريفي ووسام الحسن ومن تعاون معهما لكشف الجريمة المروّعة، أصبحوا بنظر الرأي العام الذي توّجه إليه المدير العام الأسبق للأمن العام، مجرمين ويستحقون العقوبة والسجن، وكأنه يُهدد قادة الأجهزة بعقوبة مسلكيّة أو غير ذلك، في حين ينظر الرأي العام يوماً بعد يوم إلى ريفي والحسن وأي متعاون معهما نظرة إعجاب بقادة أتقنوا الأمن الوقائي مطوّقين “جريمة العصر” قبل حصولها والتي كانت تهدف للفتنة السنيّة الشيعية أو الإسلامية المسيحية التي يعمل عليها جاهداً النظام السوريّ للتخفيف عن نفسه عبر تخويف المسيحيين وترهيبهم بأي ثمن.
وبشأن تلميح اللواء السيّد إلى ترشحه مستقلاً على لائحة حزب الله – آمل، وكأنه في هذه اللحظة السابقة لأوانها لناحية تأكيد ترشحه المُبكر، يقول لمن يعنيهم الأمر: أنا “الشيعي” الذي لا يُمكن الإقتراب منه بعكس ما حصل مع “المسيحي” ميشال سماحة، وللتأكد يمكنكم مراجعة عراضة المطار يوم وصولي الميمون متحدياً الأجهزة الأمنية وخلفها الدولة اللبنانية برمّتها.
هنا، يفتح اللواء السيّد شهيّة التحليل، فلو قبِل حزب الله الإنجرار للمتطلبات السورية وتحديداً في هذه العملية، عبر قبوله نقل العبوات لما وقعت “القُرعة” على المستشار ميشال سماحة الذي “إستحمره” اللواء السيّد، ولما إستعان سماحة برفيق درب في تِلك الرحلة المشبوهة، ومع ذلك، سكت حزب الله عن توقيف سماحة إن لم نعتقد كخبثاء أن العملية النوعية التي نفذها فرع المعلومات أتته من السماء لتخفف عنه هكذا تُهمة… هناك من يجزم أن حزب الله والرئيس بري لن يغامرا بتغطية أي متورط أو مشتبه بتورطه في هذه العملية حتى لو كان “شيعياً” يدعى جميل السيّد، الحالم بمنافسة بري في المستقبل القريب، مستكتراً عليه النقل المباشر لمؤتمره الصحافيّ عبر محطته NBN.
في انتظار المرحلة الثانية
المعلومات الأولية تتحدث عن مرحلتين، الأولى هي إثبات وجود اللواء السيّد في سيارة سماحة في الرحلة الشهيرة بدلائل غير قابلة للنفي، في حين يجري العمل حالياً على التثبت بالأدلة القاطعة عن معرفة اللواء السيّد بما تحتويه مؤخرة السيارة من عبوات أم إن رفقته لسماحة كانت مجرّد نزهة لشم الهواء هرباً من ضجيج بيروت ساعياً للتمتع بهدوء عاصمة الأمويين والإستماع إلى زقزقة العصافير هناك.
في إنتظار أن يُدلي اللواء السيّد بشهادته أمام قاضي التحقيق، فيجزم معرفته أو عدم معرفته بما كان يدور في رأس سماحة وما تحتويه سيارته غير علبة المحارم والعفريت والدولاب الإحتياطي ومفتاح الجنط، ثمة من يعتقد أن اللواء ذكيّ لدرجة عدم قبوله لعب دور “الزوج المخدوع” وهو “أشطر” من أن يسمح لأحد بـ”تضليله” إن لم نستعمل تعبيره الخاص، حتى لو كان إسم “المُضلِل”، ميشال بشّار سماحة.
توقيف السيّد أو عدم توقيفه، بات أمراً عرضياً بعد التأكد من وجوده في السيارة التي كانت تهدف إلى إشعال فتنة، فكان لها أشرف ريفي ووسام الحسن بالمرصاد. فحتى لو عجز القضاء عن التوقيف والمحاكمة لعدم إكتفاء الأدلة، أحداً لن يفلح بإقناع الرأي العام بـ”بساطة” رجل، وصل إلى ما وصل إليه بذكاء يشهد له الخصم قبل الحليف.
Twitter: @bechara_kh
كاتب لبناني- بيروت