لا جديد على خط الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله. هذا ما يؤكده الطرفان بعدما اعلن كل منهما ترحيبه بالحوار. واختلفا، بحسب مصادرهما، على شروط الحوار او ثوابته.
رئيس مجلس النواب نبيه بري، كما نقل عنه رئيس الحكومة تمّام سلام امس، منهمك بتقريب وجهات النظر بين الطرفين. كأنه على مسافة واحدة من الطرفين!
اجوبة المتابعين لا تشير الى تطور نوعي، كالانتقال من التوافق على استمرار الحكومة وعلى قانون التمديد للمجلس النيابي، الى مرحلة جديدة تبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية. ثمة اقرار لدى الجميع بان فرص احداث مثل هذا الخرق لم تتوفر بعد. وهذا ما يفسر عودة الاصطفاف او الايحاء بثباته وترسيخه، سواء باعادة الترويج للعلاقة التحالفية بين حزب الله والتيار الوطني الحر في الايام الاخيرة، او من خلال اعادة تيار المستقبل التاكيد على ترشيح الدكتور سمير جعجع الى موقع الرئاسة الاولى كما اكد وزير العدل اشرف ريفي امس. بعدما كان جعجع قد انخرط في خيار التمديد الذي كان تيار المستقبل من ابرز المتصدين لاقراره.
رغم التداعيات التي يسببها الفراغ الرئاسي على مستوى الدولة وسير المؤسسات الدستورية، الا ان القوى السياسية لا تبدو في موقع يفرض عليها التنازل من اجل اتمام هذا الاستحقاق. يعلم الجميع ان الاتيان برئيس ضمن آلية دستورية ديمقراطية لا يمكن ان يلقى ترحيبا من قبل التيار الوطني الحر وفريق 8 اذار، فيما الفريق المقابل يبدو اكثر استعدادا لمثل هذه الآلية، لادراكه ان فرص انتخاب رئيس للجمهورية ضمن اللعبة البرلمانية، مهما كانت نتائجها، ستكون افضل من خيار الاتيان برئيس مقيد، من اي طرف كان.
المرحلة لم تصل الى التوافق، ولا يبدو انها ستصل قريبا. ذلك ان تعطيل موقع الرئاسة الاولى بالفراغ يترجم كل الطموحات والاهداف التي يريد كل طرف فرضها. ولأن الانقسام في الخيارات الاقليمية ورهاناتها لم يتبدل، فحزب الله وفريق 8 اذار عموما لا يريد لانتخاب الرئيس ان يخل بالدور الذي يقومون به، ان في مقاربة الازمة السورية، او في التحكم والسيطرة على موقع لبنان ودوره اقليميا.
فاذا كان المسيحيون لهم الدور الابرز في نشأة لبنان واستقلاله، وكان للسنّة دورهم الريادي في الاستقلال الثاني، فان الشيعة الذين كان لهم الدور الاول في تحرير لبنان من الاحتلال الاسرائيلي، ويعتبرون انهم هم من يحمي لبنان في مواجهة التيارات الارهابية او التكفيرية، يريدن، بحسب قيادتهم السياسية المتمثلة بالرئيس نبيه بري والسيد حسن نصرالله، ان يكون لهم الدور الاساس في صوغ خيارات لبنان الاستراتيجية على المستوى الاقليمي. ايّ ان المطلوب تثبيت شرعية وخصوصية الوضعية العسكرية المتمثلة بسلاح المقاومة.
العماد ميشال عون، حين تحدث عن التكامل الوجودي مع حزب الله، لا يريد حزب الله اكثر من هذا منه ومن لبنان. وبما انّ الصراع في المنطقة العربية على تقاسم النفوذ منذ سنوات، فان سياسة التشبث باوراق القوة هي السائدة. وبالتالي انتخابات الرئاسة هي المؤشر على ان حدّة المواجهة الاقليمية واحتمالات حصول صفقات اميركية – ايرانية او عودة المواجهة الحادة، لاسيما على صعيد الملف النووي، هو ما يجعل التشدد والانتظار سمة مواقف الاطراف في مقاربة الحل اللبناني.
خلال حرب تموز 2006 وما بعدها قال السيد حسن نصرالله انه لا يريد للشيعة ان يعودوا ماسحي احذية او عمالا على المرافىء. وبما انّه هو نفسه لم يطالب بتحسين حصة الشيعة في كعكة الادارة العامة والوزارات، بل شدد على ان ايّ تغيير في النظام السياسي لا بد ان يتم برضى بقية الطوائف وعموم اللبنانيين، فهو كان يعني، بحسب ما كشفت الاحداث، الا تكون السلطة، ببعدها الاستراتيجي وعلى مستوى الامن الوطني، خارج نفوذ الشيعة او حزب الله. الاخير الذي يجب ان يكون الجهة المقررة، باعتباره المعبر عن الشيعة. اذ ان اتفاق الطائف كان تطبيقه يتطلب وجود سلطة وصاية هي الجهاز الامني السوري – اللبناني.
بهذا المعنى يمكن لجهاز قوامه الاداة الامنية والعسكرية للمقاومة والجيش اللبناني ان يشكلا سلطة وصاية قد لا تكون شاملة، لكنها ترسم ملامح جهاز امن قومي يحظى باستقلالية في تحديد من هو العدو او الصديق لدولة لبنان.
alyalamine@gmail.com
البلد