«… إن الله وجبريل وملائكته يساندون أردوغان..» –
يوسف القرضاوي
لم أشهد في حياتي حملة رياء ومراءاة كالتي رأيتها في الأيام القليلة الماضية من جماعة الإخوان المسلمين، خصوصاً في الكويت، ومطالبتهم بدعم الليرة التركية الضعيفة، ليس حباً فيها وفي أردوغان، بل غالباً خوفاً على مصالحهم واستثماراتهم.
فقد طالب أحد هؤلاء، وهو من الذين شطبوا الدال من أسمائهم، وسبق أن اتُهم بسرقة مقالات غيره، بأن يدفع الكويتيون «العيدية» بالليرة التركية لأطفالهم. وأن يتم التبرع بالأضاحي للأتراك، وأن نستبدل الليرة التركية بعملاتنا الصعبة!
ما لم يعلمه هؤلاء، ولا يودون العلم به، أن الليرة مستمرة في انحدارها منذ أكثر من عشر سنوات بسبب اعتماد الاقتصاد التركي على التوسع الكبير والصرف الباذخ على استثمارات في المشاريع السياحية والعمرانية، حيث صاحب ذلك تضخم لم يكن بالإمكان السيطرة عليه طويلاً. فالقفزات التي حققتها القطاعات الاستهلاكية والعقارية وانتشار ناطحات السحاب، التي بالرغم من أهميتها، ولكن ليس بإمكانها سداد ديون الدولة التي وصلت إلى أكثر من 506 مليارات دولار، وكان نتيجة ذلك وصول سعر صرف الليرة إلى 7.24 للدولار، وهو سعر تراجع بعدها، ولكن بفضل عوامل مؤقتة، وحدث كل ذلك، كما بداً واضحاً، بسبب سياسات أردوغان وعناده غير المبرر، وكل هذا كان له دوره في تداعي «المعجزة» الاقتصادية وكشف عدم إلمامه بقواعد الاقتصاد الأساسية لرفضه الاستماع إلى نصائح البنك المركزي، وتعيين زوج ابنته وزيراً للمالية. فهو يدعي مثلاً أن أسعار الفائدة المنخفضة تؤدي إلى انخفاض معدلات التضخم، والعكس هو الصحيح طبعاً. كما أن تدخلاته العسكرية ومغامراته في المنطقة كان لها دورها في إنهاك اقتصاد البلاد، إضافة إلى تداعيات الحركة الانقلابية (2017) واحتجاز القس الأميركي، وما نتج عن ذلك من فرض أميركا لضرائب كبيرة على واردات الصلب من تركيا، كل هذا انعكس سلباً على الليرة، وزاد الطين بلة إصراره على تصعيد المواجهة مع أميركا والاتحاد الأوروبي.
وفي هذا السياق، وصف النائب أحمد الفضل، ترويج دعاة ومشايخ كويتيين للتبرع لتركيا والإقبال على استثماراتها، كالتزام شرعي ملزم، بأنه «أم المهازل».
وقال الفضل: ليست لدينا ذرة كره أو حقد ضد تركيا أو شعبها الصديق، وتحزننا جداً الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها، ولكن أن يخرج علينا في الأيام الماضية عدد من الدعاة والمشايخ الكويتيين يحثّون المواطنين على التبرع لتركيا والإقبال على الاستثمار فيها، وتحويل عملاتهم إلى الليرة التركية وعدم بيع أي عقار مملوك لهم فيها، حتى وإن فقد أكثر من نصف قيمته، مدّعين أنّ تحمّل المواطنين لتلك الخسائر يعتبر واجباً شرعياً مُلزماً عليهم، فهذه والله أم المهازل!
وتساءل الفضل أليس واجباً شرعياً كذلك دعم الاقتصاد المصري الذي يترنح منذ سنوات، وما بال اقتصادي الصومال واليمن وغيرهما من دول إسلامية تعاني الفقر والجهل منذ عقود، ولم تجد لها في شِرعة هؤلاء الدعاة أي ملاذ أو مُعين.
إنهم مشايخ الإخوان المسلمين الذين تظهر هذه الأزمات خبث سرائرهم، وتبيّن بشاعة خوافيهم، وتكشف تقديسهم للحزب وتفضيله على الوطن ومصلحة المواطنين، ونصيحتنا لهم بأن يتبرعوا هم أولاً بحُرّ مالهم، ويكونوا عبرة للناس قبل أن يقذفوا بمدخرات المواطنين في غياهب «البالوعة» التركية.
واعتبر أحد النواب أن دعم تركيا في هذه المرحلة هو انتصار للأمة، مشيراً إلى أن أي حرب تشن على أي دولة إسلامية بهدف الإضرار بها، فإنها حرب على المسلمين.. لا تعليق أكثر.