“تكتّل النواب الشيعة” مصطلح جديد في الساحة السياسية الكويتية. وأي مصطلح إنما ينتمي إلى واقعه السياسي بقضاياه وجمهوره. ففي أوقات سابقة من تاريخ الحياة السياسية في الكويت كانت مصطلحات متعددة تعكس الواقع السياسي/الاجتماعي، من ضمنها مصطلح الكتلة الوطنية وكتلة العمل الشعبي والكتلة الاسلامية وكتلة المستقلين وغيرها من مسميات.
واليوم بات مصطلح تكتل النواب الشيعة يعكس واقعا سياسيا واجتماعيا جديدا في الكويت، واقعا نستطيع بكل وضوح أن نستشعر مسماه، إذ ظهر نتيجة لتأثره بالصراعات الاقليمية التي ساهمت في كتابة عنوانه العريض: الطائفية.
إذاَ، ظهر مصطلح تكتل النواب الشيعة. وفي مواجهته وتحديا له وفي ظل الصراع الطائفي في المنطقة، من الممكن أن يظهر مصطلح تكتل النواب السنة.
ويبدو أن ظهور مسمى التكتل الشيعي هو عملية مقصودة يهدف أصحابها إلى الدفاع عن ما يسمى بالمكاسب الحقوقية الشيعية “المهدورة”، أو ما يسمى بـ”التمييز الحقوقي الطائفي”، في ظل ما يرمز إليه أطراف على علاقة بالتكتل من أن موقف النواب بمقاطعة جلسات مجلس الأمة إنما هو عملية تصعيد متفق عليها. إذ بدلا من المقاطعة كان من الممكن أن يلجأ النواب إلى مساءلة رئيس الوزراء والوزراء، وتقديم أسئلة نيابية.
ويجب أن نقر بأن فقدان وجود معايير سليمة للعمل السياسي الديمقراطي، كإقرار العمل الحزبي وفق أطره الواقعية، هو الذي يجعل الأفراد والجماعات السياسية تتخندق بصورة معادية لتلك المعايير التي يأتي على رأس أولوياتها احترام حقوق الإنسان.
فحينما لا يتم احترام إرادة حقوق الإنسان ولا احترام الحياة السياسية الديمقراطية، يلجأ الأفراد والجماعات السياسية، وحتى النواب في مجلس الأمة الذين أقسموا على احترام الدستور، يلجأون إلى مختلف الطرق التي يفرزها الوضع السياسي/الاجتماعي غير الطبيعي، وذلك من أجل الدفاع عن حقوقهم. فإذا لم يكن الدستور صمام أمان للحقوق والحريات، فإن البديل سيكون الحلول المتوفرة جراء الصراع على الارض، والذي عنوانه راهنا هو الطائفية.
والوضع الطائفي لا يسيطر راهنا على الكويت فحسب، بل هو عنوان الصراع في المنطقة. لذلك لم يكن التخندق الطائفي لدفاع الكتلة الشيعية عما أسمته بحقوق الشيعة، أمرا منافيا لأدب الصراع السياسي، ما أدى إلى أن يصبح عنوان الطائفية شأنا طبيعيا من السهولة التداول حوله، ولم يعد طرح هذا العنوان على الساحة السياسية في الكويت يشكل إزعاجا كبيرا، وهذا الأمر يعتبر خطير جدا، لأنه بات يمثل تهديدا مباشرا للأمن الاجتماعي الراهن، وأصبح يشكل خطرا على مستقبل الجيل الناشيء الذي سينشأ على مثل هذا الصراع..
fakher_alsultan@hotmail.com
الكويت