في صباح الخميس الماضي وأنا أطالع الصحف اليومية لفت نظري وقوف الدكتور الخطيب، مع مجموعة من أعضاء ما يسمى بالأغلبية، خلال تظاهرة ضد الترشح والانتخاب!
لم يكن سبب استغرابي اعتراض الدكتور الخطيب على صدور مرسوم الضرورة بتعديل آلية التصويت.. فهذا امر يعتبر حقاً لأي مواطن في الدولة الديموقراطية.. على الرغم من اختلافي المطلق مع هذا الاعتراض لسبب جوهري، وهو ان صدور المرسوم لم يكن مخالفا للدستور، بل هو حق اصيل من حقوق صاحب السمو الأمير بصفته رئيساً للدولة، بناء على المادة 71 من الدستور التي تبيح اصدار مراسيم الضرورة في حالة غياب مجلس الامة.. أما موضوع تقدير حالة الضرورة من عدمها، فهي ايضا منوطة بتقدير سمو الامير، فهو وحده، وليس احد غيره، من يقرر ان كان الظرف يستوجب وصفه بالضرورة أم لا! ثم الذي يأتي بعد سمو الامير، ويحق له مراجعة المرسوم إن كان يستوجب الضرورة أم لا، فهو مجلس الامة المنتخب الذي تعرض عليه مراسيم الضرورة، فيوافق على المراسيم التي تحظى بتقديره للضرورة، ويرفض التي لا تنطبق عليها حالة الضرورة، فتصبح بالتالي هي والعدم سواء.
نعود الى سبب استغرابي وهو: ان أرى رمزاً من رموز القوى الوطنية، وصقراً من صقور النضال الذي ما فتئ طيلة سني رحلته في العمل السياسي يكافح وينافح من أجل ان تكون الكويت دولة ديموقراطية مدنية، وهو يقف ويضع يده بيد أعتى صقور الضد للدولة الديموقراطية المدنية!
لقد كنا طلبة صغاراً في بداية المرحلة الثانوية، حين بدأنا نتتلمذ على مبادئ الدكتور الخطيب وطروحاته وشعاراته التي تتحدث عن حلم الدولة المدنية الدستورية واضاءاتها المتمثلة بالحقوق والواجبات، وحقوق الفرد في أن يمارس حريته في ابداء الرأي والتعبير عنه، وحقه في البحث العلمي وفي أن يختار العمل الذي يتوافق مع قدراته، وان يمارس شعائره الدينية ومعتقداته بكل حرية، وان يختار نوعية التعليم التي يريد.. هذه الدولة التي يرفرف عليها علم الفن والثقافة والأدب.
اليوم نجد الدكتور الخطيب صاحب هذه القيم والمبادئ يضع يده بيد أئمة الارتداد واعداء الدولة المدنية بكل بلاغاتها الخيرة الذين لا يؤمنون لا بدستور ولا حريات، ويناصبون العداء لكل ما يمت بصلة للحريات ومبادئ التعايش السلمي وقبول الآخر.. الطائفيون والتكفيريون والقبليون!
اليوم للاسف الشديد نجد الدكتور الخطيب يصطف مع أهل الغوغائية والفوضى والمشاغبين العاقين النظام والدستور والقانون.. نجده نحن الذين نهلنا من مبادئه الوطنية يوالي من يريد ضرب اولى أبجديات الوطنية، وهي اشعال الفتن وتحريض الناس على الدولة!
لا يا دكتور لقد أسستم وصحبك الكرام من أهل الكويت بقيادة رائد التحضر في المنطقة العربية المرحوم الشيخ عبدالله السالم قواعد الدولة الحديثة القائمة على مبادئ الديموقراطية، التي توفر أرقى أنظمة الحكم القائم على المشاركة الشعبية، وكل اشكال الحريات، واصطفافك مع هذه المجموعة التي كسرت اجزاء كثيرة من قواعد الدولة الحديثة، ومستمرة في القضاء على ما تبقى لا يعني لنا نحن تلاميذك سوى انك راض عنهم، وعن أفعالهم ونواياهم في الانقلاب الكلي على ما اسستموه كرعيل أول بقيادة الامير الشيخ عبدالله السالم، طيب الله ثراه لمصلحة الكويت وأهلها!
لذلك اتمنى عليك، وأنا أحد تلاميذك ومحبيك ان نجد تفسيراً لهذا التأييد والموالاة، لهذه المجموعة وهذا الموقف بصفة عامة، يعيد لنا ثقتنا بمعلمنا.. وأرجو ألا يكون التبرير ان السلطة تريد الانقلاب على الدستور، حيث ان هذه بدعة ابتدعها الرئيس المخلوع، وصدقتها بقية الجوقة، في الوقت الذي فيه السلطة اليوم، وفي اجواء التمرد الذي تقوده هذه المجموعة، هي التي تقف بكل حزم تدافع عن الدستور، عن مبادئ الدولة العصرية.
لذلك اقول: ان موقفك هذا يا دكتور لا ينسجم على الاطلاق مع المبادئ التي كنت تنادي بها، ولا يبرر ايضا اعتراضك على صدور مرسوم الضرورة، فمراسيم الضرورة التي صدرت منذ بداية الحياة النيابية، تزيد على الالف مرسوم، لم يتم الاعتراض على اي منها، رغم ان من بينها مرسوم تعديل الدوائر الذي تم عام 1980، ومع هذا نقول: ان هذا حقك كمواطن ان تعترض.. لكن مع هذه المجموعة فواأسفاه!