اعتقال الكاتب والمفكر ميشيل كيلو في أيار/مايو 2006 على خلفية توقيعه على بيان ما عرف باسم إعلان بيروت دمشق- دمشق بيروت، الذي دعا إلى تنظيم العلاقة بين سوريا ولبنان على أساس احترام سيادة كلّ من البلدين واستقلالهما عبر ترسيم الحدود والتبادل الديبلوماسي، وإصدار قاضي الإحالة أمراً بالإفراج عنه في تشرين الأول/ أكتوبر2006، واعتراض الجهات المعنية ممن يهمها المشي على القانون إلى رفع سقف التهمة إلى صلة بأعداء سورية النظام في وقت يخوض فيها معارك شرسة كالعادة مع أعدائه الخارجيين ولا سيما من كان منهم في لبنان تحديداً للاستمرار في سجنه وليكون حكم سجنه انتهاءً بثلاثة سنين دأباً.
أما حقيقة الأمر، فإنه في كل مرة يعبّر فيها مواطن ما عن رأيه، ويمارس فيها حريته كاتباً أو متكلماً في ظل حالة إعلان قانون طوارئ قرابة خمسة وأربعين عاماً متواصلة، يواجه هذا المواطن الآبق من قبل الجهات الرسمية بتهمٍ تُرتّب له في حينها بما هو مناسب، وإن باتت معروفة من توهين نفسية الأمة وإضعاف عزمها أو التخوين والارتباط والتحريض على البلد، والزجّ به في السجن تأكيداً أن مُعارضَها فسادُه ثابت وإن كان من المقربين، وتآمره مُثبت وخيانته أثبت وإن كان من الصالحين، وعدتها في ذلك جاهزة مجهّزة من أجهزة أمن تعتقل ومدعي عام يتهم وقاضي يحكم، وإعلام رسمي يؤكد سلامة الإجراءات، ومثقفون وقادة أحزاب وثوريون إسلاميون وعلمانيون وليبراليون ومشايخ يباركون مايجري دعماً للمقاومة وانتصاراً للممانعة ومنازلةً لأعداء الله والأمة ومصاولةً للمحافظين والصليبين الجدد من الجماعة إياهم.
أما الجديد في أمر سجيننا ميشيل كيلو فهو موافقة المحكمة ذات العلاقة بإعفائه ورفيق سجنة الناشط محمود عيسى من ربع مدة السجن مما يستوجب إطلاق سراح الاثنين معاً، ولكن جاء اعتراض المدعي العام بالقانون الذي يمشي عليه واستئنافه لقرار محكمة لمصلحة قانون يتمشّى عليه فأوقف إجراءات تنفيذ حكمٍ بالإفراج عنهما.
تصرف المدعي العام ذكّرني بخبرٍ نشرته صحيفة تشرين الدمشقية بتاريخ 22 أيار/مايو 2008 أن قوات الاحتلال الاسرائيلي أطلقت يوم أمس سراح الأسير السوري محمد عبدو الشمالي من أبناء قرية الغجر المحتلة بعد رحلة من القهر والحرمان والتعذيب في معتقلات الاحتلال وزنازين الرملة والجلبوع وهداريم استمرت خمسة أعوام تقريباً، وكانت قوات الاحتلال اعتقلته في 2003 ووجه له جنرالات الإرهاب المنظم بالكيان الصهيوني بالقانون الذي يمشون عليه تهمة مقاومة الاحتلال والاتصال بالمقاومة اللبنانية وتزويدها بمعلومات عسكرية وأمنية خطيرة وإخفاء معلومات عن أجهزة الأمن الإسرائيلية، وحكم عليه بالسجن سبع سنوات وقد خضع الشمالي للتحقيق والتعذيب في أقبية ومعتقلات الاحتلال وتنقّل بين سجونها الظالمة والمظلمة حيث أفرج عنه أمس بعد أن أعفته قوات الاحتلال من ربع المدة.
لسان حال مدعينا يقول لهذين العزيزين وغيرهما من الأحرار والأفاضل: نحن إن أطلقنا سراحكم مع تمام ثلاثة سنين فاضحكوا في عبّكم وقَرُّوا عيناً، لأن من عادتنا والشواهد بالمئات إن لم تكن بالآلاف أن يكمل السجين ثلاثَهُ بثلاثةٍ أخرى وثلاثةٍ مثلها وثلاثةٍ تشبهها لتصبح اثني عشر عاماً.
أما لسان حالي يقول مستفهماً: أن يُحكم المرء مخطئاً كان أم مصيباً، مجرماً أو بريئاً بعددٍ ما من السنين ثم يمضي ضعفها ولا يخرج، ويمضي ضعفيها ولا يخرج إلا بمرسوم عفو من رأس النظام، هل هذا معقول في حين أن القوات الإسرائيلية كما في خبر تشرين منذ أشهر خفضت مدة اعتقال الشمالي ليرجع إلى أهله وناسه قبل انتهاء مدته…!!؟
فأجابني متفذلك منهم: نحن أيضاً أعفينا شاكر العبسي من ربع المدة ليخرج قبل وقته فلكل لحية مشطها، وهو استثناء القاعدة من أجل القاعدة ولتأكيد قاعدة أن عدد السنين في المحاكم هي غيرها عند أصحاب السجون الذي يظنون ظن السَّوء بمحاكمهم من ألا تحقق العدل والإنصاف لمعتقليها، فيجتهدون إبراءً لذمتهم قمعاً واستبداداً وتنكيلاً، ويُجهدون أنفسهم وطنيةً وإخلاصاً وأمانةً وفداءً للوطن أن ينصفوا سجناءهم من تلقاء أنفسهم، ويحتفظوا بهم أطول مدة ممكنة حتى يخرجوا برسومه ومراسيمه العفوية، ومن ثم يُحسوا بجمايل السادات والكبراء وفضائلهم التي تعمهم وتطفح حولهم وحواليهم لعلهم يشكرون.
قلت: ياجماعة ..!! ياناس ..!! ياعرب..!! ياأهل المروّة..!! ياسامعين الصوت..!!
ليس عجبي من حاكم ومحكمة، وليس عجبي من سجان أو مدعٍ عام وقلبٍ محْبَرَة، وليس عجبي من كاتبٍ ومناضل عانٍ للذي استأجره، بل عجبي ألا أرى زعيم حزب أو رئيس تنظيم أو قائد تكتل أو أمين عام لحزب أو جبهة أو مترئس لمؤتمر قومي عربي أو مشارك إسلامي أو ماركسي شيوعي أو شيخ أو قسيس أو حتى شيخ عرب عنده نخوة الرجال ومروءة الفرسان وشهامة قبضايات أهل الراية وباب الحارة ممن يحضرون مؤتمرات المقاومة والممانعة في دمشق الفيحاء، ويشربون كاس الوطن ولايَشْرَقُون، وتحلو لهم ليالي الشام ولايفتقدون رجلاً شريفاً شجاعاً كان معهم في لقاءاتهم ومؤتمراتهم ويعرفونه كما يعرفون أبناءهم قامةً نضاليةً مدافعةً عن الحريات رافضةً للقمع والفساد وداعيةً إلى الحوار والديمقراطية، ثم لايسألون عنه ولايزورونه في السجن مسلّمين أو يجيبون دعوة داعيهم مشترطين، ويسعون في إخراجه جاهدين.
العزيز ميشيل ..!! أنت ومن معك من كرام المعارضين الأحرار وأفاضلهم نساءً ورجالاً..!! لأنكم لستم الفاسدين ولاالمفسدين، ولستم اللصوص ولا النهّابين، تطمحون إلى حياةٍ حرةٍ كريمةٍ لكم ولكل مواطنيكم بعيدةٍ عن القمع والاستبداد والقرصنة، فأنتم في قلوب الأحرار والشرفاء من مواطنيكم ومحبيكم.
لقد سجل التاريخ لسورية الحديثة ياأبا أكثم أن رايةً اسمها فارس بك الخوري عليه رحمات الله كان أحد عظمائها وأحد رجالات استقالالها، وسيسجل لك تاريخ حركتها الوطنية والمعارضِة منها خصوصاً أنك أحد قاماتها المشهودة وطنية وإخلاصاً ووفاءً ومحبةً لوطن تداعى عليه الشبيحة والنهابون والقراصنة كما تداعى الأكلة إلى قصعتها.
قال لي قاضٍ ماضٍ إلى قاضية، وقال لي نائب مدعٍ معترض ماضٍ إلى نائبة: إن كيلو ميشيل و دليله والبني والترك لهو أعجز من أن يواجه قنطار…!!
قلت: ويحكم..!! ليسوا سواءً. إن باطلاً قناطيره هباءً منثوراً ليس كحقٍ أصيل مَثلُه شجرةٌ طيبةٌ أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها. إن كيلو حق مما ينفع الناس ويمكث في الأرض لهو أدوم وأثبت، وخير وأبقى في أرضنا محبةً وتسامحاً وعطاءً من قناطير باطلٍ زاهق ليس إلا غثاءً يذهب جفاءً على صعيد أرضٍ طيبة ووطنٍ طهور، وما أمر تشاوشيسكو عنكم ببعيد.
cbc@hotmailme.com
” كيلو ميشيل ” خيرٌ وأبقى من قنطار…
خرجت المافيات المخابراتية السورية من لبنان من النافذة وعادة اليه من الباب لتدمر ما تبقى من حرية واحترام الانسان ومحاولة اعادة الديمقراطية فيه بعد ان احتلت مليشيا حزب الله االطائفي على بيروت ونشرت الرعب والخوف بين ابناء الشعب اللبناني وبحيلة الارهاب والمليشيا من فتح الاسلام وجند الشام وقاعدة القعقاع والمسرحيات المفتعلة خلال فترة تاريخ النظام المخابراتي السوري استطاع باستغلال جهل المنطقة اعادة المافيات المخابراتية الى لبنان.