كلمة الرئيس فؤاد السنيورة
في جلسات مناقشة البيان الوزاري
لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي
مجلس النواب في 07/07/2011
دولة الرئيس،
السادة النواب،
حين كُلِّف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة تساءل البعض حول سبل التكيّف مع الأمر الواقع على نحو يحد من أضرار العملية الانقلابية التي أتت به، وهناك من ذهب إلى القول لماذا لا نعطي الرئيس المكلف فرصة فندعم اعتداله بوجه المتطرفين. لم نستعجل اتخاذ موقف قاطع من اليوم الأول فوجهنا إلى دولة الرئيس أسئلة وانتظرنا إجاباته قبل أن نختار في أي طريق نسلُكُ.
كانت أسئلتنا للرئيس المكلف محددة ولا تحتمل الالتباس. لم تغب عنّا الضغوط والإيحاءات ومحاولات الإرعاب. ولم تخْفَ علينا المواقف المزدوجة حينا والغامضة حينا آخر. لم ننسَ يومها كل ما جرى، من الظروف التي أحاطت بإسقاط حكومة الوحدة الوطنية وما رافقها من تهويل، وما سبقها من ايقاف للحوار وما تلاها من تأجيل الاستشارات النيابية، فإلى مشهد أصحاب القمصان السود فجر الثامن عشر من كانون الثاني وتأثيراته. لم تخفنا تلك الممارسات وان زادتنا قلقا على لبنان وعلى العلاقات بين اللبنانيين.
قيل أننا لم نتحمل الخروج من السلطة. والحقيقة هي أن المشكلة لا تكمن على الاطلاق في تداول السلطة، وهي من خصائص نظامنا السياسي ونحن ننادي بها، بل إن ما جرى لم يكن تداولا ديمقراطيا طبيعيا بل تغييرا بتأثير القوة ومظاهرها. لم يكن ذلك تغييرا فرضته إرادة الناخبين بل أتى مخالفا لإرادتهم.
لقد جرى تسلم السلطة عن طريق الانقلاب المستند إلى وهج السلاح، وليس عن طريق صناديق الاقتراع التي حكمت لنا، وقالت نعم لرؤية قوى الرابع عشر من آذار. صناديق الاقتراع قالت نعم لنا، وقالت لا لقوى الثامن من آذار. لو أن قوى الثامن من آذار فازت بالأكثرية في انتخابات العام 2009، وكان تشكيلها للحكومة نتيجة لذلك، فإنه حق لها، أما أن يتم الاستيلاء على الأكثرية عبر سطوة السلاح وامتداداً لانقلاب السابع من أيار فهذا الذي نرفضه ونرفض الخضوع له.
نحن مع تداول السلطة، لكن بشرط أن يكون هذا التداول انعكاساً لإرادة الناخبين وليس انعكاساً لإرادة السلاح والمسلحين…
دولةَ الرئيس،
رب من ظن، لحين، أن في القول بالوسطية والاعتدال شيء من الجدية. غير أن التجربة بددّت هذا الظن. وبدا أن للوسطية والاعتدال ادوار ووظائف لجهة تأمين التغطية للانقلاب والسعي إلى تجميل صورته، وفي الحالتين سبيلا للوصول إلى السلطة بشروط المتسلطين التي تختبئ أحيانا وراء التمايز عنهم. والذي سمعناه بعد صدور مذكرات التوقيف من قبل المحكمة الخاصة بلبنان يؤكد ذلك. صار الاعتدال ازدواجا في الكلام أو توفيقا لفظيا لا يغير في حقيقة المواقف شيئا.
فهناك من يتحدث وبثقة كبيرة عن أن أحداً لن يتمكن من معرفة مكان مواطنين لبنانيين هم موضع اتهام قضائي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. ويضع الحديث هذا، القوةَ في مواجهة الحق والسلاح فوق القانون، ويكشف عن تجاهل للدولة وواجباتها أو على استهانة بها، نتيجة السيطرة على السلطة فيها. ولكن في المقابل، وهنا الغرابة، لا يعترض أحد في الحكومة على التجاهل ولا على الاستهانة.
ويدفعنا كل ذلك إلى التساؤل. فإلى أين يأخذنا هذا الاستكبار، بعيدا من منطق الدولة التي تجمعنا، والى متى سيستمر في تصديع وحدتنا كشعب واحد في وطن واحد. إن طريق التجبر والتكبر والاستعلاء والتخوين قصيرة، قصيرة جداً أيها السادة.
نحن لا نطالب إلا بالعدل الذي هو أساس الكرامة. وهل المطالبة بالعدالة جرم؟ وهل المطالبة بمعرفة حقيقة من قتل إخوتنا تجاوزٌ للحدود؟
سنقولها بصراحة، حين غُيب الإمام موسى الصدر لم نساند المتهم بل وقفْنا جميعا صفاً واحداً.. وحين اغتيل كمال جنبلاط بكيناه جميعاً وبكينا وانتفضنا من أجل رينيه معوض وكذلك لمن سبقهم ولحقهم وهم كثر. ولكن ها نحن ويا للأسف نجد أنفسنا اليوم متهمين لماذا؟ لأننا نبحث عن الحقيقة في اغتيال الشهيد المظلوم، ورفاقه المظلومين.
نحن نرفض أن نوضع في مكان علينا أن نختار بين العدالة أو الاستقرار الأمني كما تعلمون وهي معادلة غير أخلاقية. أن وعد الاستقرار الأمني دون عدالة وعد مكذوب رحم الله والدي الذي كان يردد على مسمعي قولاً يقول: ” العدل إن دام عمر والظلم إن دام دمر “.
نعم، رفيق الحريري شهيدٌ مظلومٌ، وسأغتنمها فرصةً لأقول لكم يا كلّ إخواني: تعالَوا نقف وقفة حق. نحن لا نريد استباق المحاكمة، كما لم نسلّم بالاتهام، نحن نريد تبيان الحقيقة والمتهم أمامه فرصة البراءة وفرصة كبيرة للدفاع عن نفسه. والحقوق التي يتيحها نظام المحكمة الدولية للدفاع لإثبات براءة المتهمين هائلة وكبيرة بشهادة الخبراء القانونيين في لبنان والخارج.. فلماذا ترفضون إفساح المجال أمام الدفاع؟!
ورغم التساؤل المرير سنبقى يااخواني ندافع عن الدولة ونعمل لبنائها، دولة الحق والقانون. ولأننا نؤمن بالدولة سنبقى نطالب بجلاء الحقيقة ونعمل من أجل إحقاق العدالة.
دولة الرئيس،
السادة النواب،
إن البيان الوزاري للحكومة الجديدة يتحدث عن الكثير من القضايا، لكنه في المُحَصِّلة لا يقولُ شيئاً نستطيع أن نمسكه بأيدينا ونتابع التقدم على مسارات إنجازه في مواضيع أساسية محددة، لكن الموضوع الأهم هو ما يتعلق بالمحكمة الخاصة بلبنان المكلفة كشف حقيقة جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه الأبرار.
كلنا يعرف ويعلم ويدرك أن جوهر الأزمة السياسية التي عاشها لبنان منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري تمحورت وارتكزت على مسألة التباين والخلاف بل المواجهة والصراع حول الموقف من المحكمة الخاصة بلبنان. وقد اتخذ ذلك الخلاف أشكالاً متعددة على مدى السنوات الست الماضية، راوحت بين الاعتكاف والاستقالة والتعطيل القسري لمجلس النواب الذي كان من نتيجته إقرار بعض بنود المحكمة في مجلس الأمن تحت الفصل السابع. ولقد اُبتكر لهذا الخلاف عناوين مختلفة، بحسب الظروف التي سادت لتخدم الهدف ذاته، وهو التخلص من المحكمة الدولية ومحاولة إسقاطها.
السادة النواب،
نحن نعرف أنه ما من قوةٍ ستُعيدُ لنا رفيق الحريري وباقي شهدائنا وأحبابنا، فقد سقطوا بيد الغدر المجرم الذي سيطر على لبنان من زمن غير قصير ما قبل اغتيال الرئيس الحريري وما بعده حيث استمر مسلسل الاغتيالات. والبعض الذي لم يتم تطويعه بالقتل، رضخ هو وطموحُهُ ومشروعُهُ بسبب الخوف وتحول إلى الاستكانة وتصرف على أساس من ذلك.
ولأننا نعرف أنه ما من قوةٍ ستُعيدُ لنا رفيق الحريري ورفاقه ولأننا نعرف أنّ الهدف من اغتياله كان تقويض لبنان وكبت طموح اللبنانيين نحو الاستقلال والسيادة وكبح انطلاقة بلدنا نحو التقدم والتطور. لذلك فقد عملْنا وبذلنا الجهد من أجل التأقلُم والتطلع إلى الأمام لحفظ دم رفيق الحريري ودم الشهداء من جهة، وحفظ لبنان ودولة لبنان التي عمل رفيق الحريري من أجلها وإعادة بنائها من جهةٍ أخرى. ولهذه الأسباب كانت المسألةُ واضحةً بالنسبة لنا وللإخوان في قوى الرابع عشر من آذار، وكذلك واضحة للرئيس سعد الحريري، الذي يعيِّرُهُ البعض ويأخذ عليه ايجابيته واستعداده للمضي في مؤتمر مصارحة ومصالحة ومسامحة لإنقاذ لبنان. إن من عير الرئيس سعد الحريري بحسناته واستعداداته لإفساح المجال أمام الوصول لحلول لإنقاذ لبنان، هو الذي اعترف دون أن يدري أنه عَطَّلَ حلولَ الإنقاذ العربية التي كانت تُحَضَّرُ لها الصِيَغُ التي تحفظ دم الشهداء وكرامتهم، في إطار رعايةٍ عربيةٍ وإقليمية، وتضعُ حداً لمآسي الماضي ولكن في الوقت ذاته تضع حداً نهائياً للإفلات من العقاب وتأخذ لبنان ودولته نحو المستقبل. لقد كان لسعد الحريري شرف التفكير بالتعالي عن الجراح للنظر إلى المستقبل لكن بشرط المصارحة توصلاً إلى المصالحة والمسامحة التي ترتكز على أسس متينة تتيح للدولة بسط سيادتها وسلطتها الكاملة على كل أراضيها بعيداً عن فوضى السلاح والمسلحين. بيد أنّ من رفض هذا المسعى هو من أفشله وأطاح به وهو قد أعلن ذلك على الملأ محطماً تلك الفرصة الهامة والنادرة التي كانت متاحة لإعادة تثبيت الوحدة الوطنية ولقيام الدولة القوية القادرة والعادلة بهيبتها وسلطتها وقدراتها غير المسلوبة. إنّ من لا يريد الفتنة لا يعمل على تقويض بنيان وصيغ حفظ الوحدة الوطنية.
لم نعتبر يوماً أن هدفنا الثأر والانتقام أو التوجه إلى الداخل لاستثمار دماء الشهيد رفيق الحريري وباقي الشهداء، بل بحثنا دائماً عن جوابٍ للسؤال ذاته: كيف نحافظ على لبنان، ولهذا مددنا يدنا للجميع في الحكومة التي كان لي شرف رئاستها صيف العام 2005.
لم نوفر في تلك الفترة منبراً عربياً أو دولياً من جامعة الدول العربية إلى الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا إلا وتحدثنا مع المسؤولين فيها بصراحة وبالتزام عن أن موضوع السلاح، سلاح حزب الله، هو موضوعٌ متروكٌ للحوار الداخلي بين اللبنانيين. كنا نعتقد أننا بهذه الخطوة نحفظ لبنان ودماء الشهداء، لكن النتيجة كانت أن هذا السلاح الذي حميناه ودافعنا عنه في المحافل العربية والدولية لمواجهة العدو الإسرائيلي المحتل، هذا السلاح تم استخدامه في غير وجهته وعلى العكس مما نادينا به، فقد جرى استغلاله استخدامه في الداخل وفي غير وجهته مع أول مفترق خلافي جدي. وانعكس فائضُ القوة فائضاً في الفوضى واستباحة لكرامة المواطنين وأرواح المواطنين الأبرياء وحرماتهم، واستباحة لكرامة الدولة وسيادتها وهيبتها وسلطتها. لقد مددنا يدنا وفتحنا قلوبنا لكن أيادينا الممدودة قوبلت بالانقلاب، قبل الدوحة وبعد الدوحة وجرى تعطيل الحوار وكذلك تعطيل الحكومة ومن ثم اقالتها.
دولة الرئيس،
الزملاء النواب،
هل نريد حقاً للبنان أن يصبح جمهورية حرة مستقلة سيدة حقاً، فيها الحد الأدنى من الاستقرار والكرامة، يقرر مواطنوها شؤونهم بأنفسهم، أم نرضى أن نبقى أسرى الإرهاب والترهيب والتهديد بالقتل ويتردى بالتالي وضع دولتنا وأمنها وتتردى معها أوضاعنا المعيشية والحياتية؟
لقد انتفض اللبنانيون وقدموا التضحيات والدماء والأرواح من أجل التمسك بأملِ أن يبقوا أحراراً في بلدهم ، انتفضوا ضد الاحتلال الاسرائيلي ثم ضد أية وصاية لا تُسيِّرهُم وِصايةٌ ولا يسيطرُ عليهم إرهاب وأنهم يريدون دولة تحميهم وتكون مستندة إلى إجماع وطني والتي عندها تهون معه كل الصعاب وكل التهديدات الإسرائيلية.
لقد آمن اللبنانيون بفضيلة التنوع في ظل الوحدة وهم يصرون ونحن في الطليعة على أن الاختلاف في الرأي لا يجب أن يؤدي إلى استعمال العنف بأي شكل من أشكاله في معالجة مسائل الاختلاف بين اللبنانيين. لماذا الاتهام والتخوين مع أول افتراق في الرأي؟ لماذا ضيق الصدر هذا؟ ولماذا لا يرد على الحجة بالحجة؟ مهلاً يا قوم ما هكذا تحترم الآراء والاختلاف في وجهات النظر، ويحافظ على حق الاختلاف والتباين. أعود وأقول لكم ولجميع اللبنانيين، أن لغة التخوين ترتد على قائلها ولا تخدمه وبالتالي ترتد على كل اللبنانيين.
السادة النواب،
لهذه الأسباب كلِّها طرحْنا على رئيس الحكومة بعد تكليفه أسئلةً ارتكزت بمجملها حول موضوع المحكمة والموقف منها وموضوع السلاح وبسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها وبما يمكنها من مواجهة الاحتلال وعدوانية الكيان الإسرائيلي.
لقد سمعنا أيها الإخوة كل الكلام المعسول، لكننا لم نر وعلى وجه الخصوص إلاّ نتيجةً مخيِّبةً، بل أكثر من ذلك، فإنّ النص الذي أوردته الحكومة في بيانها الوزاري حول موضوع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، من أنها: “ستتابع الحكومة مسار المحكمة الخاصة بلبنان التي أُنشئت مبدئياً لإحقاق الحق والعدالة…الخ”، أي أن الحكومة تتعهد احترام خطاب القسم في أول بيانها لتعود وتتنصل مما جاء فيه بعد أسْطُرٍ قليلةٍ من ذات البيان… وبدلاً من أن تنطلق من الالتزام بالقرار 1757، تكتفي بالإعراب عن احترامها له، وبين الالتزام والاحترام فرق كبير.
إن ما أقدمت عليه الحكومة في موضوع المحكمة الخاصة بلبنان في النص الذي ابتدعته لم يسبق أن أقدمت عليه أي حكومة سابقاً وهي في هذه الحال كحال رجل حمل باليمنى قلماً وفي اليسرى ممحاةً يكتب باليمين ويمحو باليسار، ولعمري إنها براعةٌ ما بعدها براعة في التنصل والتنكر والمخادعة.
والأغرب من ذلك كلّه أن الحكومة والمسؤولين عنها لم يحركوا ساكنا أو تكونَ لهم أيةُ ردة فعلٍ، حين خرج مَنْ يقول وهو مشارك في الحكومة، إنكم لن تستطيعوا أن تنالوا من أي متهم لا الآن ولا بعد سنة ولا حتى ثلاثماية سنة… وهذا الموقف صادر عن طرف يتهم المحكمة بأنها تعمل لأهداف إسرائيلية. ولهذا فإنّ السؤال الطبيعي هو، هل يوافق رئيس الحكومة وباقي الأعضاء فيها على هذا التوصيف وهذا الاتهام، وهذا الموقف تجاه المحكمة؟
دولةَ الرئيس،
السادة النواب،
إنكم بما قمتم به يا دولةَ الرئيس ميقاتي هو أنكم غامرتم وتُغامرون بعدة أُمورٍ كبرى، منها السكوتُ عن استيلاء فريقٍ مسلَّحٍ على الدولة والنظام. ومنها الخروجُ على قرارات الشرعية الدولية بما يُعرّض الوطن للأخطار. ومنها استعداءُ فئاتٍ واسعة من اللبنانيين يريدون العدالة وينتظرونها، وتخالجهم أحاسيس الظلم والغضب. ومنها ارتهانُ لبنان الدولة لصالح محورٍ إقليمي، يريد المفاوضة والمساومة على انتمائنا وعلى مصالحنا.
دولة الرئيس،
أيها الزملاء،
بدلاً من أن يدرك البعض منا خطورةَ وفداحةَ الزلازل المحيطة بنا، ويسعى لتعزيز الوحدة الوطنية والاستقرار والنمو الاقتصادي والتنمية المناطقية المستدامة، كما فعل رفيق الحريري الذي اختار ذلك الطريق فدفع الثمنَ من حياته إرضاءً لقيام الدولة وتعزيز استقلالها وسيادتها وحرية أبنائها. بدلاً من ذلك، وبدلاً من أن يُصار إلى تثمين موقف سعد رفيق الحريري في استعداده لتجرع الكأس المرة حتى يشربَ لبنانُ الكأسَ العذبة، نراه عُرضةً للافتراء والاتهام بأنه يفرِّط بدم والده ودم الشهداء تلبيةً لشهوة السلطة، كأنه ذاق يوماً حلواً واحداً منذ تكليفه إلى يوم إسقاطه في مشهد مسرحي اجتمع له عَشرة ٌ وأكملهم مَنْ تعهد وانتمى لفخامة الرئيس فلم يكن عند عهده أو انتمائه.
أيها الزملاء،
لقد سئمنا، وملَّ معنا الرأي العام من تلك المطالعات والخطب الرنانة التي لا تنتهي في دروس الوطنية والمقاومة، إلى أَنْ وصل أحدهم إلى المباهاة، بعد مروره على السجاد الأحمر الذي فُرش له بدلاً عن ضائع، إلى إعلان هزيمة أميركا، كأنما يستطيعُ أحدٌ في لبنان أن يلْوَي أيَّ ذِراعٍ إذا كان الشعب اللبناني منقسماً. لنتذكر معاً حقيقة أساسية وهو أنه لا أحد يستطيع أن يغلبنا نحن اللبنانيين إذا حافظنا على وحدتنا الداخلية ونحن أكثر ما نكون عرضة للضياع ولتعريض وطننا ومستقبلنا لمخاطر غير محمودة إذا فرّطنا بوحدتنا الداخلية.
دولة الرئيس،
أيُّ بيانٍ هو هذا الذي يعد الشعب بأن الحكومة ستمسك منظاراً تتابع فيه عن بُعْد مسار المحكمة بدل أن تجدد وتؤكد الالتزام بها، كأنما هي في مسرح أو ميدان سباق، فيما الدمُ لا يزال ثقيلاً يسابق القتلة ويقلق راحة الجالسين على الكرسي؟
ويا دولة الرئيس ميقاتي، أي كشف حساب ستقدمه لناخبيك ومحبيك في طرابلس، مدينة الشهيد رشيد كرامي وقد تعهدْتَ لهم على المنبر الذي وقف فيه سعد رفيق الحريري إلى جانبك، بأنك مع المحكمة حتى الوصول إلى كَبِدِ الحقيقة، وأكدت والتزمت بعد ذلك بالمحكمة أيضاً وبالقرار 1757 في بيان الثوابت الوطنية في دار الفتوى.
أهكذا تُستباحُ حَيَوَاتُ رؤساء لبنان ونسكُتُ إلى أن يحومَ الدَورُ فوق رؤوسنا؟!
دولة الرئيس ميقاتي،
لما كنتم قد اخترتم الإبهام والالتباس وتغطية الانقلاب على المحكمة والتنكر لحق الشهداء المظلومين.
فإن الرئيس رفيق الحريري يحجب عنكم الثقة.
كلمة الرئيس السنيورة: رفيق الحريري يحجب عنكم الثقة!
لقد اسمعت لو ناديت حيا..لكن لاحياة لمن تنادي!