ترجمة وتحرير : مصطفى إسماعيل
باتت عصابة الإجرام المسماة “داعش” تحت أنف تركيا, وقد ارتكبت مؤخراً مجازراً في منطقة كوباني (عين العرب في ريف حلب الشرقي) التي تقع جنوب منطقة سروج التابعة لولاية شانلي أورفا, تهاجم داعش الآن منطقة كوباني بقذائف الهاون والأسلحة الثقيلة, وهي الأسلحة التي استولى عليها التنظيم من معسكرات الجيش العراقي قبل فترة, وقد قام داعش بقتل عشرات المدنيين الكرد, وهم يحتجزون 140 طالباً كانوا عائدين من حلب بعد تقديمهم الامتحانات, ويحتفظون بهم رهائناً.
وقد أضاف مراسل تلفزيون IMC التركي في كوباني برزان عيسو الذي تمكنا من الاتصال به أن مسلحي داعش قد استولوا على 9 قرى في منطقة كوباني خلال الأيام الثمانية الأخيرة, ما أسفر عن نزوح قسم من القرويين الكرد إلى تركيا, والبقية إلى مدينة كوباني مركز المنطقة. لا مياه ولا كهرباء في منطقة كوباني, لقد قطعهما داعش عنها منذ أشهر, ومهما كانت المقاومة العسكرية الكردية السورية (وحدات حماية الشعب YPG) فإن الميزة الاستراتيجية هي لصالح الجهاديين, والسبب في ذلك أن كوباني منقطعة عن الكانتونات الكردية الأخرى في عفرين والجزيرة, إذ تفصل كوباني عن المناطق الكردية الأخرى مناطقٌ عربية تخضع لسيطرة داعش, ويعني هذا أن كوباني في وضعية معزولة تماماً, ” كوباني تواجه مجزرة ” يصرخ عيسو, مضيفاً أن “أهالي كوباني سيقاتلون حتى آخر قطرة من دمائه”.
لست أشك مطلقاً في المقاومين, لقد زرتُ كامل المنطقة الكردية السورية ما عدا عفرين وكوباني, لقد زرت منطقة سري كانيه (رأس العين) في أوج المواجهات هناك, وكنت شاهدة على مدى الثقة بالنفس والعناد الذي يتحلى بهما مقاتلو وحدات حماية الشعب في دفاعهم عن الأرض هناك, لأنها المرة الأولى التي يحظى فيها كرد سوريا بإدارة مناطقهم بعد سنوات طويلة من التهميش والاضطهاد الذي تعرضوا عليه, مستوحين تجربة الكانتونات السويسرية أقاموا إداراتهم, هل هي ديمقراطية كاملة ؟. لا, بالطبع لا, سوف نحلل ذلك في كتابات أخرى لنا, مع ذلك فإن الكورد يشركون في الإدارة معهم عرب المنطقة وسريانها وإيزيدييها, نائبة رئيس المجلس التنفيذي لكانتون الجزيرة إمرأة سريانية ذكية وشابة تدعى إليزابيت, يقول رئيس المجلس التنفيذي في كانتون الجزيرة أكرم حسو: “لسنا نسعى للانفصال عن سوريا, لكننا في الوقت نفسه لن نتنازل عن مكتسباتنا”, ويضيف “سوف تكون روجآفا مثالاً للمنطقة كلها”.
رأيت في عديد المنازل التي زرتها في روجآفا صور الشباب والنساء الذين فقدوا حياتهم في الحرب مع داعش, إضافة إلى صور لزعيم حزب العمال الكردستاني أوجلان, تماماً كما هو الوضع في جنوب شرق تركيا لدى كل عائلة ابن / ابنة, أخ / عم فقد حياته في الحرب الدائرة, وليست صور أولئك الشهداء لضحايا مواجهات وحدات حماية الشعب وداعش فقط, بل بينها صور لضحايا مواجهات حزب العمال الكردستاني مع تركيا, وكما هو معلوم فإن ثلث مقاتلي حزب العمال الكردستاني هم من كرد سوريا, إن وحدات حماية الشعب YPG وحزب الاتحاد الديمقراطي PYD يعدان ذراعين لحزب العمال الكردستاني PKK في سوريا, إنها تنظيمات متشابكة إذن.
إلى أين أريد الوصول؟ لن أطيل أكثر في إيلام رؤوسكم: إذا صح ما يقوله رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي صالح مسلم عن الدعم اللوجستي الذي تقدمه تركيا لتنظيم داعش, فهذا يعني أن العملية السلمية بين الحكومة وحزب العمال الكردستاني محكومة بالانهيار, فقد صرح صالح مسلم قبل أيام في قناة “ميد نوجه ” MED NUCE أن “مئات العناصر من داعش بأسلحتهم الثقيلة يلتفون حول رفاقنا, وهذا يعني إما أنهم قادمون من تركيا, أو أنهم دخلوا إلى تركيا ومن ثم دخلوا سوريا مجدداً, لأنه لا طريقاً آخر أمامهم, نحن نتهم بعض الأوساط في الدولة التركية بمساعدتها لهذه العصابات”.
لسنا في وضع يتيح لنا إثبات هذه المزاعم في كوباني, ولسنا مطلعين على عملية التفاوض حول الرهائن الأتراك الـ 49 الذين اختطفتهم داعش أيضاً.
لكن الواضح هو: لا تتوقف المجازر في كوباني, وإذا سقطت المدينة التي يقدر عدد سكانها بمئات الآلاف (نحو 200 ألف نسمة), فلا أوجلان, ولا حزب السلام والديمقراطية ولا قنديل سيتمكنون أمام أعين الشعب الكردي من الاستمرار في التفاوض مع الحكومة التركية بخصوص العملية السلمية في تركيا.
وأعلن رأيي هذا لجميع الأطراف المعنية, ولإقليم كردستان العراق المحرج على الحدود مع روجآفا.
• المصدر : صحيفة طرف TARAF التركية.
• يطلق الإعلام التركي تسمية “روجآفا” على المناطق الكردية في سوريا.