بيروت الشفاف – وجدي ضاهر – خاص
لم تستقر كرة الثلج الجنبلاطية بعد والاصح ان جنبلاط لم يستكمل دفتر الشروط السوري الايراني الحزب الهي المطلوب منه على الرغم من الوساطة التي قام بها على عجل وزير الاعلام السعودي عبد العزيز والتي اسهمت في كبح جماح الإندفاعة التراجعية لجنبلاط.
معلومات توفرت لـ”الشفاف” تشير الى ان جنبلاط بدأ يعد العدة لما سماه اعادة التموضع اعتبارا من الثامن من ايار الذ اعقب “اليوم المجيد” لحزب الله. وهو بدأ يرسل إشارات بهذا الصدد في غير مناسبة، موجّها انتقاداته الى الحلفاء في مقابل التخفيف من حدة انتقاده لقوى الثامن من آذار. وتشير المعلومات ايضا الى ان الاحتفال في 14 آذار في السنة الحالية كان الحضور الدرزي فيه مختصرا وليس بقرار جنبلاطي على جري العادة. بل ان المشاركين الدروز كانوا من جمهور قوى الرابع عشر من آذار الذين لبوا نداء ثورة الارز للمشاركة في المناسبة التي اصبحت عنوانا سياسيا لبنانيا بامتياز.
وإضافة الى ذلك، فان الاشارات الجنبلاطية تواصلت مع مقولة “الجنس العاطل” و”الذين حفوا شواربهم وحلقوا ذقونهم”، وصولا الى ضرورة ان تتعلم الامانة العامة لقوى الرابع عشر من آذار اللغة العربية.
وتشير المعلومات الى ان جنبلاط قرر الالتزام بدفتر الشروط لينأى بطائفة الموحدين الدروز، وبنفسه، عن ردود الافعال الحزب الهية والسورية الايرانية انطلاقا من قناعته بان المحور السوري الايراني انتصر في مواجهة اميركا والغرب.
ومن ابرز بنود دفتر الشروط السوري-“الحزب إلهي” اغتيال مشروع تيار المستقبل السياسي والاقتصادي، وهذا ما تحقق من خلال الموقف التحول الذي اعلنه جنبلاط في الجمعية العامة للحزب التقدمي الاشتراكي حيث اختار جنبلاط التوقيت من اجل ضرب المساعي التي كانت قائمة من اجل تشكيل الحكومة التي يرأسها للمرة الاولى الحليف المفترض لجنبلاط، سعد الحريري. فكان الموقف-التحول بداية كرة الثلج التي كان مقدرا ان يستكملها جنبلاط بوتيرة اسرع مما هي عليه بالانقضاض على الامانة العامة لقوى الرابع عشر من آذار خصوصا برمزيها النائبين السابقين فارس سعيد وسمير فرنجية، ما يفيد، بحسب المعلومات التي توفرت لـ”الشفاف” ان دفتر الشروط هو سوري-“حزب الهي” بامتياز نظرا للمواقف العدائية التي يختزنها الحزب وسوريا معا لفرنجية وسعيد.
وإزاء الحدة والتوقيت الجنبلاطيين، جاء رد تيار المستقبل على غير ما توقعه جنبلاط، حادا وقاسياً. وكذلك رد فعل الامانة العامة لقوى الرابع عشر من آذار جاء على قياس التحول الجنبلاطي، خصوصا وان جنبلاط اشبع الامانة العامة ابتزازا في خلال الاشهر الخمسة المنصرمة اثناء التمهيد لانسحابه.
وتضيف المعلومات ان المملكة العربية السعودية عملت على لجم الاندفاعة الجنبلاطية وطلبت من دمشق عدم استقبال جنبلاط قبل ان تنضج الظروف، او بمعنى آخر ان لا تسبق زيارة جنبلاط الى دمشق زيارة رئيس حكومة لبنان سعد الحريري لما لهذا الامر من انعكاس سلبي على الاغلبية النيابية وتماسكها وتوازن القوى الداخلي اللبناني الذي اسفرت عنه الانتخابات النيابية اللبنانية والتي خاضتها الاغلبية تحت شعارات قوى 14 آذار، والتي وان كانت في حاجة الى تجديد ولكن ليس على الطريقة الجنبلاطية والانتقال الى تخوين حلفاء الامس واتهامها تارة باليمين وطورا بالانعزال، وأخيرا وليس آخرا نصحهم بتعلم اللغة العربية.
وفي هذا السياق، قالت المعلومات ان الامانة العامة لقوى 14 آذار اعربت عن استيائها الشديد من جنبلاط ومن اتهاماته وهي ردت على اتهامات جنبلاط بأن احدا في لبنان ليس مضطرا ليثبت عروبته لا لجنبلاط ولا لسواه، وان العروبة التي يدعي اليها جنبلاط هو نفسه انتقدها غير مرة وان العروبة الحضارية تستوعب جميع مكونات الشعوب العربية وانتماءاتها الدينية، وان الحنين العاطفي الى يسار اواسط القرن الماضي لا يعدو كونه حنينا عاطفيا رومانسيا، وان تدمير الواقع السياسي الحالي من اجل اثبات مزيد من حسن النوايا تجاه سوريا وحزب الله وان مقولة الانعزال التي اطلقتها قمة عرمون بدايات الحرب الاهلية اثبتت فشلها وهو شعار لم يعد يستهوي احدا.
مراقبون سياسيون في لبنان عجزوا عن تفسير مواقف جنبلاط واعتماده المنطق المقلوب في التوجه نحو سوريا وايران في ضوء التراجع السوري امام المجتمع الدولي والولايات المتحدة وما تقدمه سوريا في لبنان ليس منّة سورية بل كالتزام سوري بأجندة اميركية. وتاليا موقف سوري متراجع، كما ان ايران تعاني ما تعاني من الازمات التي شبهها المراقبون بما حصل في لبنان عقب التجديد للرئيس اميل لحود. وتداعيات هذا التجديد سوف تظهر عاجلا ام آجلا في ايران، خصوصا بعد ان بدأ البحث في طهران عن بدائل ومخارج للازمة التي افتعلها المرشد الاعلى والرئيس احمدي نجاد.
ويضيف المراقبون ان تحليل موقف جنبلاط ينطلق من بعد “انطولوجي”، وفيه ان السلالة الجنبلاطية تقضي اغتيالا من بشير جنبلاط الى حكمت جنبلاط وعلي جنبلاط وفؤاد جنبلاط وكمال جنبلاط. وتاليا ان جنبلاط الذي اصبح في الستين من العمر من ايام يعيش هاجس الاغتيال وكأنه لا يريد ان يحيد عن تاريخ العائلة وهو سعى لرفع المظلة السعودية المصرية الاميركية عنه مما يجعله مكشوفا امام الاغتيال وكأن جنبلاط يريد ان يتم اغتياله ليبقى في الضمير اللبناني شهيدا وقائدا.