الطابع المصيري للإنتخابات المقبلة، والضغط الذي يمارسه حزب الله وتابعه العوني على النظام السياسي، هل يكفي لتبرير “الجشع” إلى توريث الأبناء الذي يمارسه بعض أقطاب 14 آذار؟ أليس مطلوباً من حركة 14 آذار أن تثبت، عبر قسم من ترشيحاتها على الأقل، أنها حركة “ديمقراطية” توّاقة إلى تجديد الحياة السياسية، والنخبة السياسية في البلد؟ إن قادة 14 آذار هم أول من يعترف بأن “إنتفاضة 14 آذار” كانت إنتفاضة شعبية تفوق بكثير قدرات التعبئة التي يملكها أي طرف آذاري، ولكن ما تسرّب من أسماء سيتم ترشيحها لا يعبّر عن إستجابة آذارية للموجة الشعبية الهائلة التي حملت 14 آذار منذ 4 سنوات. مدهش ألا تتّسع قوائم 14 آذار لأي من ممثّلي المجتمع المدني، بما فيهم الصناعيون ورجال الأعمال وممثّلي المهن الحرّة!
*
وجدي ضاهر – الشفاف خاص
يترقب اللبنانيون عامة وجمهور قوى الرابع عشر من آذار خصوصا موعد إعلان البرنامج السياسي لهذه القوى في الرابع عشر من الجاري بعد ان طال هذا الانتظار وتغيرت مواعيده مرارا.
وفي حين رشح ان الوثيقة السياسيّة ستكون واضحة المعالم، بما هي اتفاق الحد الادنى السياسي بين هذه القوى وان صياغة الوثيقة البرنامج تمت بهدوء ودقة مع مراعاة الخيارات الاستراتيجية وضمان الوحدة السياسية للبلاد وقوى الرابع عشر من آذار، فإن على هذه القوى الانتهاء من اعداد اللوائح واطلاق عملها الانتخابي وماكيناتها بشكل جماعي ومنسق في سائر المناطق اللبنانية خصوصا وان الوقت بدأ يدهم وصولا الى اقتراب موعد افتتاح صناديق الاقتراع.
وإذا كان واضحا ان خلافات الترشيحات ما زالت ترخي بظلالها على قوى الرابع عشر من آذار فإن اتفاق هذه القوى على التوحد يبدو صعبا اقله في الوقت الحالي مع وجود عناصر تشويش في صفوفها تسعى الى فرض خياراتها على الناخبين وعلى قوى الرابع عشر من آذار وفي مقدمهم الرئيس السابق امين الجميل وميشال معوض، في حين يتأنى الآخرون في إعلان نواياهم او الاعلان عن مرشحيهم في انتظار الاتفاق النهائي والعمل على تذليل الصعوبات للخروج بلوائح موحدة ومقنعة للناخبين.
وإزاء التشويش الكتائبي والمعوّضي لا بد من سؤال قوى الرابع عشر من آذار عن القيادات التي ستطل على جمهور الناخبين بها، وما إذا كانت هذه القيادات تسـتأهل فعلا هذا الزخم وتلك الاستعدادات التي يحكى عنها لخوض معركة انتخابية.
نسأل الرئيس الجميل هل ستقدم لنا العائلة مرشحين شابين هما سامي الجميل وابن عمه نديم؟ وفي البترون سامر جورج سعادة؟ اي ثلاثة مرشحين كتائبيين على عتبة الثلاثين من العمر!!
كنا لنقتنع بهذا لو ن حزب الكتائب تحول مع الرئيس الجميل الى حزب فتي، ولكن نسي الجميل الرئيس السابق ان حزبه اليوم ليس نفسه حزب والده. ولا يكفي ان يقول الجميل كلمته ليسير خلفه من يتوهم ان عليهم ان يسيروا. وللاستدلال، نقول له راجع نتائج الانتخابات السابقة والى اين اتجهت اصوات المسيحيين. ومن باب العلم ايضا، نقول له انها اتجهت ليس نحو تيار العماد عون بما هو داعية اصلاح وسوى ذلك، بل عقابا لحزب الكتائب وممارساته التي كانت ذروتها مع انطلاق الحرب اللبنانية في العام 1975. ولكن يبدو ان الزمن بالنسبة للجميل توقف في الصيفي عام 75 ولم يتقدم.
قد يرغم الجميل الحلفاء من الطوائف الاخرى على احترام ارادته ومن وخلفها ارادة حزبه في تبادل الدعم الانتخابي، ولكن ما ليس مؤكدا ان في استطاعته ارغام الشارع المسيحي على استنساخ تجارب سابقة خصوصا وان كتائبييه في الدورة السابقة كانوا غير منضبطين في آدائهم السياسي الانتخابي لتتم مكافأتهم في الدورة الحالية.
واذا كان في يقين الجميل ان القوات اللبنانية هي وليدة حزب الكتائب وان جمهور القوات هو من الكتائبيين السابقين، فهو محق نظريا وهو على خطأ عمليا. فالقوات اليوم ليست نفسها القوات التي إنشقت عن حزبه، وهي اختطت لنفسها نهجا سياسيا مستقلا عن حزب الكتائب واثبتت قدرتها على الانضباط التنظيمي والمسلكي، وعليه تاليا ان يغير طريقة تعاطيه الفوقية مع القوات وجمهورها وقياداتها.
ونسأل الرئيس الجميل على سبيل المثال: لماذا الاصرار على ترشيح سامر سعادة في البترون؟ فهل لانه ابن الوزير والنائب السابق الراحل جورج سعادة فقط؟ وهل كان جورج سعادة كتائبيا على طريقة الجميل قبل وفاته؟ وهل نسي الجميل ان سعادة الراحل اطلق مقولة “من حزب المؤسس إلى حزب المؤسسة” (بيار الجميل) وهل مارس سامر سعادة دورا مسؤولا الانتخابات السابقة لكي تتم مكافأته بتبني ترشيحه في هذه الدورة؟!
إن نظرة سريعة على نتائج اقلام الاقتراع في قضاء البترون تثبت ان سعادة وانصاره مارسوا الكيدية السياسية في حق مرشح القوات اللبنانية النائب طوني زهرا والبرلماني النائب بطرس حرب. وحيث يتواجد انصار سعادة، صوتوا بكثافة لمرشح عون جبران باسيل، لكي ينزعوا الصدقية الانتخابية عن المرشح طوني زهرا وإظهاره بمظهر فاقد الشرعية المسيحية. إلا ان سعادة الابن نسي انه بفعلته هذه افقد نفسه ايضا الصدقية واعطاها لعون الذي تغنى بها للسنوات الاربع الماضية. فهل يكافأ سعادة على فعلته؟! وما الذي يضمن ان لا يقوم عناصر القوات اللبنانية برد الجميل لسعادة وعدم التصويت له بافضل الاحوال، كي لا نقول انهم سيصوتون لمرشح عون؟!
اما المرشح ميشال معوض فقد اسهبنا في الحديث عن تسرعه في مقالات سابقة ولكنه ايضا للتذكير ينطلق من حسابات محلية ضيقة.
وبالعودة الى مرشحي قوى الرابع عشر من أذار نسأل: هل ترشيح نائلة تويني امر صائب؟! مع تسجيل الاحترام الشديد للعائلة ولدم جبران تويني، ولكن ما هي التجربة التي تحملها نائلة تويني؟ وهل ستعمل على استصدار تشريعات نيابية لصالح المجتمع اللبناني؟ انها تساؤلات قد تكون مشروعة او ان تويني قد تفاجئ اللبنانيين بقدراتها ومؤهلاتها!!
وازاء ما سبق، نسأل قوى الرابع عشر من آذار: اين هو التجديد في بناء دولة المؤسسات والقانون؟ فهل يكون التجديد باستنساخ عائلات سياسية خبرناها وجربناها وهي، وان كانت دفعت اثمانا لقاء مواقفها السياسية، إلا أنها كانت تستفيد من منافع السلطة بكل تجلياتها. وتاليا، الا نعطي تيار عون حججا اضافية عندما نعرض على جمهوره إعادة انتاج عائلة الجميل بمرشحين اثنين ابناء عم وشباب خبرتهم لم تكتمل بعد؟!
وهل تفحص الرئيس الجميل نتائج انتخابات المتن الفرعية والسابقة واعاد قراءتها واستخلص منها العبر واجاب عن التساؤل المشروع: لماذا عاقبه الناخبون وما الذي يمنعهم من معاقبته مجددا؟!
إن المرحلة الانتخابية القادمة قد لا اتحمل جديدا على مستوى تجديد النخب السياسية. فالظاهر ان على اللبنانيين ان يكونوا فئران اختبار لتجارب قيادات الضرورة. ويبدو ايضا ان اللوائح المستقلة هي التي ستحمل تجديدا في النخب السياسية. وتاليا، يصح لنا ان نسأل قوى الرابع عشر من آذار عن مشروعية قياداتها لما بعد الانتخابات، وهل ستستطيع هذه النخب المستنسخة والمقيدة بقرارات قادة الكتل ان تستمر في تسويق وحمل مشروع قوى الرابع عشر من آذار السياسي؟ ام ان الكتلة الوسطية هي التي ستلعب هذا الدور؟