ونصائح للبنان بتحييد نفسه ومنع استخدامه منصة للصراع الاقليمي
المركزية- بقدر الحرص الفاتيكاني على الاستقرار اللبناني الداخلي ووجوب تحصينه في وجه العواصف العاتية، تبدي الدوائر الفاتيكانية قلقاً يرتقي احيانا الى مرتبة الخوف من امكان اهتزاز هذا الاستقرار، اذا لم يبدِ المسؤولون في لبنان القدر الكافي من الحكمة والتبصّر لقراءة ما يدور على المسرح الاقليمي من تطورات قد تحمل تغييرات جذرية تلفح رياحها لبنان اذا لم يحصّن نفسه مسبقا بلقاح الحياد عن صراعات الخارج وتطبيق بنود التسوية الرئاسية بحرفيتها.
وينقل زوار الكرسي الرسولي لـ”المركزية” قلقا فاتيكانيا من امكان نشوب حرب في المنطقة في ضوء جملة مواقف ومستجدات تبدأ من تموضع الرئيس الاميركي دونالد ترامب الاخير ازاء الاتفاق النووي مع ايران المعاكس لتوجهات سلفه الرئيس باراك اوباما، ورد طهران والموقف الغربي المتمسك بالاتفاق والساعي الى تحسينه، ثم الحديث عن امكان لجوء بعض الاطراف الاقليمية الى استخدام ورقة جبهة لبنان الجنوبية لتوجيه الرسائل عبر صندوق بريده المعهود بهدف الضغط على الجانب الاميركي، خصوصا ان اسرائيل تستفيد راهنا من ظرف قد لا يعود متاحاً مستقبلا، مع وجود ترامب في البيت الابيض ووقوفه في صفها وتصعيد سقف المواجهة مع ايران ازاء تمدد نفوذها في المنطقة. وتعتبر ان اللحظة مؤاتية لتحقيق اهدافها المتمثلة بتقليم اظافر طهران النووية ومنع انفلاشها في سوريا كما ابلغت روسيا والولايات المتحدة الاميركية. واكثر من ذلك، يضيف الزوار ان تل ابيب ترى ان الفرصة سانحة في ظل الخلافات العربية الداخلية والحملة الخليجية على ايران وحزب الله ووضعه على لائحة الارهاب بفعل مشاركته في الحروب الدائرة في سوريا والعراق واليمن، لتسديد ضربة للحزب، مستفيدة من تبعثر قواه في الساحات العربية. واذ يشيرون الى ان ايران لن تستسلم للتصعيد الاميركي بل سترد عليه سواء في العراق او في سوريا (الجولان) او في جنوب لبنان، يوضحون ان التعرض لاسرائيل هوالخط الاحمرالاميركي الممنوع تجاوزه في الشرق الاوسط، وما بعده كل شيء مباح.
ولا تقلل الدوائر الفاتيكانية بحسب الزوار، من أهمية وتأثير ازمة كردستان المستجدة والتطورات الميدانية في سوريا ودخول تركيا عسكريا الى شمالها، معتبرة ان وقعها سيكون شديدا اذا ما تم عطفها على الكباش الاميركي- الايراني، ما يعزز مكامن الخوف من انفجار كبير. لكن في المقابل، يؤكد الفاتيكان انه لن يترك لبنان لمصير مجهول، فهو في صلب اهتمامات الحبرالاعظم البابا فرنسيس تماما كما كان في قلب اسلافه انطلاقا من فرادة وخصوصية الصيغة اللبنانية كنموذج للعيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين والحوار بين المكونات المتنوعة الانتماءات سياسيا واجتماعيا وانخراطها في بوتقة الحكم بما يجعلها انموذجا يصلح لصيغة قد يلجأ اليها المجتمع الدولي لحل ازمات في بعض دول المنطقة. وفي رأي الفاتيكان وفق ما يؤكد الزوار ان ضرب الصيغة اللبنانية قد يدفع المنطقة الى مغامرة التقسيم. وهو ما لن تسمح به كما ابلغت اكثر من مسؤول زارها ولمس مدى المامها بتعقيدات الواقع اللبناني واستفسرت منه عن كيفية تقديم المساعدة، مراهنة على وعي القيّمين على الشأن السياسي فيه وامكاناتهم في تحييده عن تداعيات ما يجري في الخارج ومنع استخدام ساحته لتوجيه رسائل ساخنة.