في السادس عشر من تشرين الثاني/نوفمبر، ظهر الأمير القطري تميم بن حمد آل ثاني وهو يقبّل خد العاهل السعودي الملك عبد الله خلال اجتماع لقادة دول الخليج في الرياض، وذلك كبادرة حسن نية تم التأكيد عليها من خلال الإعلان على أن حكومات المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين سوف تعيد سفرائها إلى الدوحة. وتشير كلا المبادرتين النهاية المحتملة للنزاع الذي طفح لمدة دامت أكثر من عام واندلع علناً في آذار/مارس عندما تم سحب السفراء. وقد أعلنت “وكالة الأنباء السعودية” أيضاً أن حكومات “مجلس التعاون الخليجي” قد وصلت إلى ما وصفته بـ “اتفاق الرياض التكميلي”، الأمر الذي يشير الى أنها تعترف على الأقل بضرورة رأب الخلافات التي تمنع تشكيل جبهة موحدة ضد “تنظيم «الدولة الإسلامية»”/«الدولة الإسلامية في العراق والشام» («داعش»)، وغيرها من التحديات .
وعلى الرغم من أن المسؤولين القطريين يقولون منذ أسابيع بأن النزاع قد انتهى، إلا أن الخلافات بين أعضاء دول “مجلس التعاون الخليجي” كانت واضحة حتى في الأيام الأخيرة. على سبيل المثال، أعلنت البحرين ودولة “الإمارات” أنهما ستقاطعان بطولة العالم لكرة اليد التي تستضيفها قطر في كانون الثاني/يناير، في حين تم إلغاء الاجتماع المزمع عقده لوزراء خارجية قمة دول “مجلس التعاون الخليجي” في الدوحة الشهر المقبل. وقبل يوم من اجتماع الرياض، نشرت دولة “الإمارات” قائمة طويلة بالمنظمات الإرهابية تضم جماعات تابعة لـ «الإخوان المسلمين» – وكانت “الإمارات” الأكثر صخباً في شكواها بأن قطر تدعم «الإخوان المسلمين» في دول “مجلس التعاون الخليجي” الأخرى.
وجاءت المصالحة في السادس عشر من تشرين الثاني/نوفمبر في أعقاب الوساطة التي قام بها أمير الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح. كما أن عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة كان هو أيضاً في الحضور، بينما مثل “الإمارات” ولي العهد الأمير محمد بن زايد آل نهيان من أبو ظبي، وحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم. وكان العضو الوحيد الغائب من دول “مجلس التعاون الخليجي” هو سلطنة عُمان، الذي يخضع حاكمها السلطان قابوس بن سعيد للعلاج الطبي في ألمانيا، ويُعتقد أيضاً أنه يعارض أي اتحاد مالي واقتصادي آخر بين دول “المجلس” – وهي إمكانية تم التلميح إليها في تقرير “وكالة الأنباء السعودية”، كونها تفتح صفحة جديدة لدفع مسيرة العمل المشترك والانطلاق “نحو كيان خليجي قوي ومتماسك”.
ولم يتم الكشف عن تفاصيل الاتفاق. وكانت قطر قد طردت بعض كبار المسؤولين من جماعة «الإخوان المسلمين» في أيلول/سبتمبر ونفت تمويلها لجماعات متطرفة، ولكن غالباً ما يبدو أنها تستمتع بسمعتها كعازف منفرد، وقد تجسَّد ذلك من استضافتها لقناة “الجزيرة” الفضائية، التي كثيراً ما أثارت غضب الحكومات العربية. وعلى الرغم من الآمال المعقودة عكس ذلك، يبدو أن الشيخ تميم البالغ من العمر أربعة وثلاثين عاماً، يختلف قليلاً عن والده، الذي تنازل عن العرش في العام الماضي. وكان كلا الأميرين مقربان من إدارة جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر برئاسة محمد مرسي وعارضا الانقلاب العسكري بقيادة الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، الذي تدعمه الرياض وأبو ظبي. وعلى الرغم من طرد بعض أعضاء «الإخوان»، لم يعطي الشيخ تميم أي مؤشر على أنه سيتخلى بشكل كامل عن سياسته التي تدعم الجماعات الاسلامية.
ومع ذلك، يبدو أن الشيخ تميم هو الذي تراجع أولاً عندما واجه احتمال رفض قادة دول “مجلس التعاون الخليجي” حضور قمة الدوحة بين 09-10 كانون الأول/ديسمبر. وعلى افتراض أنه سيجري عقد مؤتمر القمة وفقاً للظروف الحالية، يبقى أن نرى ما إذا كان الملك عبد الله البالغ من العمر واحد وتسعين عاماً، والذي يَعتبر “مجلس التعاون الخليجي” مؤسسة مهمة جداً، وكان ساخطاً من سياسات قطر، سيشارك في المؤتمر.
وقد وضع مؤتمر القمة جدول أعمال كامل يشمل عدة قضايا، ناهيك عن الشجب الدائم للسياسات الإسرائيلية والاحتلال الإيراني القائم منذ فترة طويلة للجزر الإماراتية الثلاث في الخليج الفارسي. وكانت الأسلحة الجوية للسعودية و”الإمارات” والبحرين وقطر قد انضمت بالفعل إلى الحملة العسكرية الأمريكية ضد «داعش» في سوريا، كما أن الإطاحة ببشار الأسد من السلطة ما زالت هدفاً رئيسياً لكل حكومة. بالإضافة إلى ذلك، تقلق أيضاً الدول الأعضاء في “مجلس التعاون الخليجي”، وبدرجات متفاوتة، من ميل إيران لىبسط نفوذها في أراضي دول “المجلس”، فضلاً عن التقدم في المحادثات النووية الجارية.
وبالتالي، فبالنسبة للمستقبل القريب، يبدو أن التقاءً أكبر في مجالات السياسة بين دول “مجلس التعاون الخليجي” هوأكثر ترجيحاً – وهي بلدان تدرك على ما يبدو مدى الحاجة إلى عرض جبهة موحدة بشكل أكبر. وسيخلق ذلك فرصاً للولايات المتحدة لكي تنطلق بوتيرة أسرع ضد نظام الأسد وبصورة أكثر تشدداً ضد تنظيم «الدولة الإسلامية». ورغم ذلك، فإن مفاهيم زيادة الاتحاد المالي والاقتصادي بين دول “مجلس التعاون الخليجي” يُرجح أن تبقى سراباً، على الأقل بالنسبة لجيل القادة الحالي.
سايمون هندرسون هو زميل بيكر ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن.