قد يكون من إيجابيات السجال الذي اندلع في الأسابيع الأخيرة في وسائل الإعلام العربية والإيرانية بين رموز دينية لها مكانتها في أوساط علماء السنة والشيعة حول العقائد والمذاهب والسياسة التي تفرّق بين الطرفين، والذي وصل في بعض محطاته إلى حدود التكفير والتخوين لمجموعات مذهبية برمتها، أنه يقرع ناقوس الخطر ويشير إلى الحضيض الذي يمكن أن يصل له مستوى المناقشة في الشأن العام والقضايا السياسية والعلاقة اليومية بين الجماعات الدينية والمذهبية، إذ أداره رجال دين معممون غارقون في عقائديتهم المغلقة ويدّعون لأنفسهم الحق الحصري في النطق تارة باسم أتباعهم المفترضين، وطوراً باسم الأمة الإسلامية.
من مساوئ الزمن أن النزاعات الدولية والإقليمية في منطقتنا، بما فيها من سياسات الأمن القومي للدول ومن سيطرة على منابع النفط وأسعاره، باتت تدار متلطية تحت شعارات ودعوات دينية ومذهبية. يزيد الطين بلة أن أكبر دولتين إقليميتين فاعلتين في المنطقة، إيران والسعودية، تتبنيان صراحةً، الأولى المذهب السني الوهابي والثانية مذهب ولاية الفقيه الشيعي كغطاء مؤسس لمشروعية الحكم فيهما. وفي وقت بلغ القتل المذهبي في العراق حداً من البشاعة يصعب وصفه، ناهيك بالتوترات المذهبية التي تهدد الداخل اللبناني برمته، لم يكن ينقص هذا الواقع المزري سوى أن يدخل بعض رجال الدين المؤثرين على الخط، ليرموا الزيت على النار وليزيدوا التوتر المذهبي احتقانا وتأججاً.
بدأ هذا السجال بمقابلة أعطاها الشيخ القرضاوي إلى صحيفة “المصري اليوم” بتاريخ 8/9/2008، قال فيها الآتي، ردا على سؤال حول ما سمّته محاورته الصحافية رانيا البدوي بـ”المد الشيعي”: “أما الشيعة فهم مسلمون، ولكنهم مبتدعون وخطرهم يكمن في محاولتهم غزو المجتمع السني وهم مهيأون لذلك بما لديهم من ثروات بالمليارات وكوادر مدربة علي التبشير بالمنهج الشيعي في البلاد السنية خصوصاً أن المجتمع السني ليست لديه حصانة ثقافية ضد الغزو الشيعي”، وأضاف مستهجناً: “للأسف وجدت مؤخراً مصريين شيعة، فقد حاول الشيعة قبل ذلك بعشرات السنوات أن يكسبوا مصرياً واحداً ولم ينجحوا، من عهد صلاح الدين الأيوبي حتى ٢٠ عاماً مضت ما كان يوجد شيعي واحد في مصر، الآن موجودون في الصحف وعلى الشاشات ويجهرون بتشيعهم وبأفكارهم. الشيعة يعملون مبدأ التقية وإظهار غير ما بطن وهو ما يجب أن نحذر منه، وما يجب أن نقف ضده في هذه الفترة أن نحمي المجتمعات السنية من الغزو الشيعي، وأدعو علماء السنة للتكاتف ومواجهة هذا الغزو”. لم يكتف القرضاوي بإطلاق الأحكام المسبقة وبإرسال الكلام على عواهنه بل راح يجادل في الأمور العقائدية على طريقة تحديد “جنس الملائكة”، فأجاب رداً على سؤال حول الخلافات الدينية بين السنة والشيعة: “الخلاف في الأفرع ليس مهما لكن الخلافات في العقيدة هي المهمة. فكثير منهم يقول إن القرآن الموجود هو كلام الله ولكن ينقصه بعض الأشياء مثل سورة الولاية، نحن نقول إن السنة سنة محمد أما هم فلديهم سنة المعصومين محمد والأئمة الأحد عشر، ويعتبرون سنتهم مثل سنة محمد… نحن نقول أبو بكر رضي الله عنه وعمرو رضي الله عنه وعمر رضي الله عنه وعائشة رضي الله عنها وهم يقولون لعنهم الله. فهم يرون أن الرسول قبل أن يموت أوصى علي بن أبي طالب أن يكون الخليفة من بعده ويعتبرون الصحابة خانوا الرسول ووصيته واختاروا آخرين”.
طبعاً لم يتأخر الرد على تصريحات القرضاوي، ولم يقلّ عنه دوغمائية وتشدداً، يصلان بدورهما إلى حدود التخوين. فوكالة الأنباء الإيرانية “مهر” المقربة من “الباسيج” ردّت عليه من خلال خبير الشؤون الدولية فيها حسن هاني زاده، والذي كتب على صدر صفحتها الرئيسية معقبا على تصريحات القرضاوي: “هذا الكلام وما شابهه سبق ان جاء على لسان حاخامات اليهود الذين كانوا وما زالوا يحذرون العالم من خطر المد الشيعي واستبصار المجتمعات العربية لان الخسائر التي تعرض لها الجيش الإسرائيلي في حرب تموز عام 2006 جاءت على يد ابناء الطائفة الشيعية في لبنان دون غيرها”.
ويعيب زاده على القرضاوي أنه “لم يتحدث عن بطولات أبناء الشيعة في جنوب لبنان” ويذكّره بضباط الجيش المصري في حرب 67 ويقول بنبرة عنصرية شامتة بهم: “ولا شك أيضا ان الشيخ القرضاوي يستذكر تماما انه خلال نكسة حزيران كان جنرالات العرب في العريش وشرم الشيخ وسيناء قد هربوا من ميادين القتال متنكرين بزي رعاة الأغنام تاركين وحداتهم العسكرية عرضة للغزو الصهيوني. فعندما تأتي بعدما يقارب أربعة عقود على تلك النكسة الأليمة، ثلة من الشباب في لبنان ليعيدوا المجد والإباء إلى الأمة الإسلامية فلا بد أن يصبح هؤلاء الشبان قدوة لباقي شباب العرب بغض النظر عن هويتهم المذهبية والطائفية. فتنامي المد الشيعي لا يحتاج إلى خبراء ولا إنفاق المليارات من الدولارات”. لا تقف تصريحات حسن هاني زاده عند هذا الحد، بل يذهب، من حيث لا يدري، إلى الالتقاء مع افتراضات القرضاوي المبالغ فيها حول تحول التبشير بالمذهب الشيعي، ويضيف اتهامه للمذاهب الإسلامية الأخرى بعدم قبول الرأي الآخر مقارنة بالمذهب الشيعي! ويقول في هذا المجال: “الرغبة الجامحة لدى الشباب العربي في الانتماء إلى المذهب الشيعي تعود الى تسامح هذا المذهب وابتعاده عن العصبية الطائفية الجاهلية وانفتاحه على مناقشة باقي الآراء والأفكار حيث أن باقي المذاهب الإسلامية تختلف كثيرا عن مثل هذه التوجهات ولا تقبل الرأي الآخر. لقد فقد القرضاوي وزنه بتفوهه بمثل هذه الكلمات البذيئة ضد شيعة آل رسول الله الذين وصفهم الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه بخير امة اخرجت للناس”.
طبعا لم يقتصر الأمر على رد الوكالة الإيرانية، بل تلتها ردود كثيرة أبرزها جاء على لسان آية الله محمد علي تسخيري نائب القرضاوي في رئاسة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي انتقد تصريحات القرضاوي قائلا: “في حين تعاني الأمة الإسلامية من إثارة التفرقة، فإن هذه التصريحات تدفع الشعوب المسلمة بهذا الاتجاه”. واعتبر كلام القرضاوي ناجما عن ضغوط الجماعات المتطرفة والافتراءات ضد الشيعة: “أن القرضاوي يشبّه التبليغ الشيعي بالتبشير في حين أن هذه الكلمة تستخدم فقط في التبليغ المسيحي”.
من جهته طالب وكيل المرجعيات الشيعية في الكويت محمد باقر المهري بعزل القرضاوي من منصبه لأنه ليس أهلا لذلك، وأشار الى أن القرضاوي بمطالبته بحماية المجتمعات السنية من المد الشيعي الإسلامي، مكّن اليهود والنصارى من التغلغل في المجتمعات الإسلامية والتبشير بالديانة المسيحية. وتساءل المهري لماذا “لم يطالب القرضاوي بحماية المجتمعات السنية من التأثر بالثقافة الغربية الإلحادية المتميعة والمتحللة ولم يحذر من التأثر بأفكار الجماعات المتأسلمة الإرهابية التي بدأت بالانتشار في المجتمعات الإسلامية”.
أما السيد محمد حسين فصل الله، فرد على القرضاوي في سياق مقابلة أجرتها معه جريدة “الرأي” الكويتية، واصفا حديثه بأنه حديث فتنة ونافيا عن الشيعة سبّ الصحابة أو إدخال البدع وأضاف لائما القرضاوي: “إنني لم اسمع عن الشيخ القرضاوي أي موقف ضد التبشير الذي يراد منه إخراج المسلمين عن دينهم وربطهم بدين آخر، ونحن نعرف الآن أن هناك مشكلة كبرى في الجزائر حيث تذهب فرق التبشير المسيحي من اجل التبشير بالمسيحية في المجتمع الإسلامي مستغلين الفقر الذي يعيشه المسلمون هناك، لم نسمع منه أي حديث سلبي في هذا الاختراق، أو في اختراق العلمانيين أو الملحدين للواقع الإسلامي”.
ما كادت هذه التصريحات الشيعية تخرج إلى العلن حتى توالت ردود الفعل في الدوائر السنية المقربة من القرضاوي، تؤيد ما ذهب إليه وتزايد عليه في بعض الأحيان، فأيد الداعية السعودي سلمان بن فهد العودة أطروحات القرضاوي وكتب زعيم حزب “النهضة” التونسي راشد الغنوشي مقالا عنوانه “كلنا الشيخ القرضاوي” وأصدرت “جبهة علماء الأزهر” بيانا تضامنيا معه، وكذلك فعلت الجماعة الإسلامية في مصر، وكتب الناطق الرسمي باسم “جماعة الإخوان المسلمين” في سوريا زهير سالم مقالا بصفته الشخصية عنوانه “عفوك سيدي الشيخ هذا زمانك وليس زمان الساكتين”.
في مواجهة العدو العلماني
إذا دلّ هذا السجال على شيء فعلى خطورة ما يحدث في زمننا الراهن من تداخل منفلت العقال بين حقل الدين وحقلي السياسة والإعلام، الأمر الذي يمكن أن يؤدي، إذا استمر على هذا المنوال، إلى كوارث باهظة الأثمان على مستوى الأوطان وأرواح الناس وأموالهم وأرزاقهم، وكل ذلك من أجل فورة غضب لرجل دين هناك، وسوء تقدير لرجل دين هنا، واستغلال نفعي لهذا وذاك من أصحاب مشاريع الهيمنة التي لا دين لها ولا مذهب سوى مصالحها المادية البحتة.
يحق لنا أن نسأل: هل كان من الممكن أن يتبوأ القرضاوي مثل هذه المكانة وأن يكون لكلامه مثل هذا الوقع في الإعلام ومثل هذا التأثير في الرأي العام، لولا الدعم الأميري السخي الذي يقدمه له أمير قطر، ولولا قناة “الجزيرة” القطرية المشرعة الأبواب له ولتلامذته، ولولا شبكة التأثير والتوظيف العابرة للحدود والبلدان والتي تدور في فلك القرضاوي من موقع “الإسلام أون لاين” الإلكتروني مروراً بالمجلس الأوروبي للإفتاء وصولا الى الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين. وإذا كان الكثير من المحللين يربطون بين الدور الإقليمي المتنامي لقطر والدور المهم الذي يلعبه تلفزيون “الجزيرة” في هذا السياق، فعلينا أن نربط تنامي دور القرضاوي في العالم الإسلامي بقناة “الجزيرة” المسخرة في الكثير من إمكاناتها لخدمته.
في المقلب الآخر، لا يمكننا بتاتاً أن نتجاهل الدور المدمر والخطير الذي تلعبه إيران، بمحاولتها استخدام الاقليات الشيعية في العالم العربي والإسلامي كنقطة استناد في بناء إستراتيجيا أمنها القومي. لا بل أن الكثيرين من أصحاب الشأن والقرار في هذا البلد غارقون حتى النخاع في دوغما انتمائهم المذهبي، ولا يتورعون البتة عن استخدام الخطاب المذهبي الديني كأساس دعوي في بناء شبكة تحالفاتهم الإقليمية.
يبقى أن أخطر ما كشف عنه هذا السجال المستعر بين القرضاوي وبعض كبار رجال الدين الشيعة، هو تعامي الطرفين عن المخرج الوحيد الذي يمكنه أن يخرج سجالهم من دائرة التكفير والتخوين المتبادلة وأن يبتعد به عن أخطار الفتنة والعنف والاقتتال، ويعيده إلى مجاله الطبيعي في إطار المناقشة الفقهية واللاهوتية، وهو المتمثل في المخرج العلماني غير المعادي للدين، والذي لخصه رواد النهضة بعبارة “الدين لله والوطن للجميع”، في حين اجتمع معظم علماء السنة والشيعة اليوم على محاربته.
الطريف والمؤسف أن السيد محمد حسين فضل الله في معرض رده على القرضاوي أخذ عليه عدم إدانته لما سماه “اختراق العلمانيين أو الملحدين للواقع الإسلامي”. والحقيقة أنه، وبمعزل عن وضع السيد فضل الله للعلمانيين والملحدين في سلة واحدة، فإنه قد فاته أن يقرأ كامل مقابلة القرضاوي مع صحيفة “المصري اليوم”، والتي يجاري فيها فضل الله، لا بل يبزه في تهجمه على العلمانية. يكفي في هذا السياق أن نورد بعض ما قاله القرضاوي في هذه المقابلة والذي إذا دل على شيء، فعلى عكس ما يذهب إليه بالتمام والكمال. يقول: “الدين يجب أن يدخل ويشترك في الحكم ليقي السياسة من الدنس وإن وقعت فيه يطهرها، هذه هي مهمة الدين. الدين إذا دخل في شيء أصلحه وهذا أفضل من ترك السياسة لمن لا دين لهم لأن هذا يعني أن يسوس الناس من ليس لهم ضمير ولا دين ولا وازع أخلاقي لخير الناس، ومن مصلحتهم أن يحكموا من أناس يعرفون الدين ويتقون الله فيهم، ويرحمون الخلق”.
وإذا كان القرضاوي في مقابلته مع “المصري اليوم” قال جازماً ومستهجنا إن “دولنا كلها تحكم بالعلمانية، ولا توجد دولة تقول بأنها تحكم بالشريعة الإسلامية إلا السعودية. فإذا كان هناك خلل في الحكم فهو بسبب العلمانية وليس حكم الإسلام”، فالأكيد أن هناك عشرات رجال الدين الشيعة من وزن القرضاوي سيتفقون مع كلامه هذا بالمطلق ولكن بعد أن يستبدلوا السعودية” بإيران في تصريح القرضاوي.
يبقى أن الطرفين، في معرض سجالهما، لا يلتقيان فقط على معاداة العلمانية، بل يلتقيان كذلك، مع الأسف، في نسخ واحدة من أهم آيات القرآن الكريم وإبطالها: “فمن شاء فيؤمن ومن شاء فليكفر”، ويبطلون معها حرية الاعتقاد التي هي في صلب دين الإسلام، دين “لا إكراه في الدين”
aliatassi@yahoo.fr
* كاتب سوري
في صناعة الفتنة الشيعية – السنية
للقضاء على الفتنة السنية الشيعية التى ستاتى على مقدرات المنطقة يجب نزع اسلحة الفتنة التى بيد حسن نصر بلبنان لان الاسلحة التى بحيازته لا تصلح الا لتركيع شعب لبنان والسنة منهم خصوصا لغايات ايرانية وتم استخدام سلاح الفتنة ليعجل بحرب سنية شيعية تضمن لاسرة خامينى قيادة المنطقة مئات السنين ولكن حكمة عقلاء لبنان هى التى منعت امتداد الفتنة
في صناعة الفتنة الشيعية – السنية
القرضاوي أكبر كارثة على المسلمين سيما من يقيم منهم في أوروبا. أنه بأفكاره الأخوانية سيساهم في التحضير لهولوكوست اوروبي جديد ضدّ المسلمين. ولا أظنّ أننا سننتظر أي مستقبل آخر مادام يكافح هذا القرضاوي وزبانيتة من الأخوان المسلمين من أجل أسلمة أوروبا وفتحها …
وستلعن الأجيال القادمة هذا الرجل المومياء لأفكارة الخبيثة التي تمنع التكيف والأندماج في المجتمع..
في صناعة الفتنة الشيعية – السنية مصير العالم بعد انقراض الديناصور الأمريكي شهد العالم تحولا درامياً قبل 65 مليون سنة بانقراض الديناصورات بمحنة عارمة، كما نشهد نهاية أمريكا بمحنة عارمة. الأولى كانت كونية، بمذنب ضرب الأرض في أمريكا الوسطى، بقوة مليون قنبلة هيدروجينية. وحاليا ضربت أمريكا بصاعقة اقتصادية مثل صاعقة عاد وثمود، فأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى، من الجشع والكلبنة ونهب العالم، وأكل الفقراء مثل فطيرة محشوة بالزبيب، وبسط 64 قاعدة عسكرية كانت آخرها العراق، كما اتفق المالكي معهم؛ فملّكوه، وزينوا له عرشه بقصب. فكان الدمار جزاء وفاقا. ويظن الكثيرون أن أمريكا بألف خير، وأن ما حصل مطر… قراءة المزيد ..