الأمور باتت واضحة الآن. فاللواء المتقاعد جميل السيّد لا يتحرّك إلا بأوامر سورية. ومن استقبلوه على المطار يمثّلون “زبدة” العملاء السوريين في لبنان. أي أن نظام بشّار الأسد شريك في مهزلة عودة جنرال يشتبه اللبنانيون بدوره في قتل رئيس حكومة وفي اغتيال الصحفي سمير قصير وسط استقبال “شعبي” نظّمه له الحزب الإيراني وتابعه “العوني”.
يعني ذلك أن المقابلة المنسوبة للسيد سعد الحريري في جريدة “الشرق الأوسط”، قبل أسبوعين، كانت خطأ سياسياً كبيراً. ويُقال، في بيروت، أن السعودية، بشخص مدير مخابراتها الأمير مقرن بن عبد العزيز، والأمير عبد العزيز بن عبدالله، ضغطت على الرئيس الحريري لتقديم “أقصى” ما يمكن من تنازلات لنظام بشّار الأسد! والنتيجة هي هذه المهزلة الإنقلابية التي شهدها مطار بيروت اليوم.
بالنسبة لحزب الله، كان حريّاً بالحزب أن يلاحظ الأغلبية الساحقة من شعب لبنان التي خرجت إلى شوارع العاصمة في 14 آذار 2005 لم توجّه أي اتهام للحزب باغتيال رفيق الحريري! ويجدر بالحزب أن ينتبه إلى أن مصادر إتهام الحزب كانت، منذ العام 2006 وحتى الآن، “سورية” بامتياز! لكن الحزب “نجح” في الآونة الأخيرة، و”نجح” اليوم باستقباله لجنرال “مشبوه”، في زيادة الشبهة حول دوره هو في اغتيال الحريري.
“الشفاّف”
*
اللواء ريفي لجميل السيد: السجن لك ولأمثالك.. وسنواجهكم في القضاء
ريفي على هجوم المدير العام السابق للامن العام جميل السيد ببيان جاء فيه: “السجن لك ولأمثالك وللقتلة الذين تحميهم. سعيد ميرزا ووسام الحسن يستحقان الأوسمة على صدورهم لدورهم في قضية الشهداء، لن ينفع صراخكم وعويلكم في قضية ثانوية تافهة لحجب انظارنا وانظار الشرفاء عن القضية المركزية الاساسية وهي قضية اغتيال الشهداء”.
واضاف ريفي: “نحن على ثقة اننا سنرى قريباً القتلة خلف القضبان، ونحن نعتز بشهدائنا الذين سقطوا وفاء لهذه القضية كما نفخر بما قمنا في هذا المجال فيكفينا شراً اننا لم نتلهّ بملاحقة الاعلاميين واصحاب الرأي الحر كما فعلتم مع الشهيد سمير قصير وتحسين خياط وداليا احمد وقناة MTV والضباط الشرفاء امثال اللواء نديم لطيف”. وختم: “سنواجهكم في القضاء وسنكمل مسيرتنا حتى النهاية”.
تفاصيل إستقبال اللواء “السوري” جميل السيّد:
وطنية – 18/9/2010 وصل عند الرابعة من بعد الظهر الى مطار رفيق الحريري الدولي – بيروت، المدير العام السابق للأمن العام اللواء جميل السيد، عائدا من العاصمة الفرنسية باريس، وكان في استقباله في صالون الشرف في المطار، وفد من نواب “تكتل التغيير والإصلاح” وكتلة “الوفاء للمقاومة” ضم النواب: عباس هاشم، نبيل نقولا، فادي الأعور، ناجي غاريوس، حكمت ديب، إميل رحمة، علي عمار، نواف الموسوي، بلال فرحات، ونوار الساحلي، النائب عاصم قانصوه، النائبان السابقان عمار الموسوي وميشال سماحة، مسؤول وحدة الإرتباط في “حزب الله” وفيق صفا، ممثلو عدد من أحزاب وتيارات المعارضة وحشد شعبي.
النائب الموسوي
وقبيل وصول السيد الى المطار، ألقى النائب نواف الموسوي كلمة قال فيها: “يحتشد لبنان بقواه الوطنية من الأطياف جميعا، ليستقبل اللواء جميل السيد، الذي لمن خانته ذاكرته، قد اعتقل تعسفا وجورا لأربع سنوات، بشهود زور، أقر غير مسؤول في موقع، أن هؤلاء قد ضللوا التحقيق، ونسيت سنوات الظلم العجاف، ولم يتذكر البعض إلا كما يتصرف بصورة إستنسابية وإنتقامية، فأراد أن يكرر جريمة التعسف مرة أخرى، وأراد الإساءة الى الدولة اللبنانية وسمعتها التي تضررت بفعل الإعتقال التعسفي للضباط الأربعة، واراد مرة أخرى الإساءة الى مؤسسات الدولة الأمنية والقضائية، بتوريط القضاء بالتغطية على جريمة الإعتقال التعسفي وبتوريط الأجهزة الأمنية، بنقلها من مهمتها في الدفاع عن لبنان في وجه مؤامرة أميركية – إسرائيلية، تستهدف إثارة الفتنة فيه، الى أداة تستخدم لتحقيق الأغراض السياسية، وتصفية الحسابات”.
تابع: “لذلك فنحن هنا لننقذ الدولة اللبنانية وهيبتها وسمعهتا من اللذين بتصرفاتهم المتعسفة يريدون الإساءة إليها مرة أخرى، فنحن هنا لإنقاذ القضاء اللبناني من بعض فيه أساء اليه من قبل، حين سكتوا عن اعتقال الضباط الأربعة تعسفا وأساء اليه حين لم يتحمل مسؤولياته، بمتابعة فرضية تورط الإسرئيلي في اغتيال الرئيس الحريري، الذي أساء اليه هذا البعض حين لم يقم بإجراء لملاحقة شهود الزور بل سمح لنفسه أن يتحول أداة طيعه في الصراع السياسي”.
السيد: “البكاء على الرئيس رفيق الحريري هو للتحريض على سوريا والمقاومة”
ولدى وصول اللواء السيد الى صالون الشرف الذي اكتظ بالمراسلين والصحافيين، ألقى كلمة قال فيها: “قبل حضوري اليوم، قرأت في بعض وسائل الإعلام وسمعت في بعض محطات التلفزة، أن المعارضة والمقاومة وجميل السيد يقومون بإنقلاب وتحد ضد الدولة والقضاء والقانون، لذلك فأنا أقول لكل من يسمعني في لبنان والخارج من أفراد ودول وأجهزة مخابرات، أن ليس في لبنان إنقلاب، وليس في لبنان اليوم صراع والمقاومة وجميل السيد وبين الدولة والقضاء والأمن، كما يحلو لبعض أطراف السلطة والرابع عشر من آذار أن يقولو لكي يستجلبوا رعايات خارجية وتدخلات لما يجري في لبنان، وما يجري اليوم في المطار من هذا الإستقبال ومنذ مؤتمري الصحافي الأسبوع الماضي هو بكل بساطة مظاهرات وحركات لدعم القانون والدولة والعدالة”.
ميليس وميرزا وريفي والحسن إلى السجن!
أضاف: “نحن نعترض من أجل دعم القانون الحقيقي والعدالة الحقيقية، لأنه لا وجود لقضاء أو عدالة، ما لم يحاسب شهود الزور وشركائهم في السياسة والقضاء والأمن من مسؤولين وقضاة وضباط باتوا معروفين للرأي العام جميعا”، مشيرا الى أنه “لا ثقه بأي محكمة ولا قبول بقرار ظني أوغيره قبل أن نرى غيرهارد لمان، وديتلف ميليس، وسعيد ميرزا، وأشرف ريفي ووسام الحسن وأعوانه، إما في سجون لبنان أو سجون لاهاي، ولا ثقة بمحكمة دولية، قبل أن يعرف لبنان والعالم العربي والعالم أجمع، وبالأخص الطائفة السنية الكريمة، لماذا حصلت مؤامرة شهود الزور، ولماذا تورط فيها دولة رئيس الحكومة سعد الحريري وفريق 14 آذار، ولماذا استولوا على سلطة الدولة ومؤسساتها بواسطة شهود الزور ولماذا دمروا العلاقات مع سوريا بواسطة هؤلاء الشهود، ولماذا دمروا واعتقلوا ونكلوا بالشعب اللبناني بواسطة شهود الزور”.
واعتبر السيد إن ا”لإنقلاب حصل في العام 2005، عندما تجرأ فريق معين، فريق 14 آذار، واستعمل شهود الزور للاستيلاء على السلطة ولتخريب العلاقات مع سوريا”، مضيفا إن شهود الزور “دمروا القضاء، واليوم تتهموننا بتحدي القضاء، وبشهود الزور، خرقتم الدستور وتتهموننا بالمس به، وبشهود الزور قتلتمونا مع عائلاتنا وتتهموننا اليوم بأننا نريد أن نقتل رئيس الحكومة، وبشهود الزور وضعتم لبنان على حافة الحرب الأهلية، وحرضتم العالم على سوريا والمقاومة والمعارضة، ودمرتم الأمن الوطني وتتهمون اليوم جميل السيد بتعريض الأمن الوطني”.
وقال السيد: “كلا يا معالي الوزير إبراهيم نجار، فعلمك لا يسمح لك باستعمال المادة 14 من قانون أصول المحاكمات الجزائية”، وتوجه الى رئيس الحكومة سعد الحريري بانه قال لجريدة الاشرق الأوسط، “بأن شهود الزور دمروا العلاقة السورية -اللبنانية ودمروا التحقيق، وهذا بالضبط تنطبق عليه المادة 14 التابعة للوزير نجار، فلماذا عندما طالبك جميل السيد بمحاسبتهم، أصبحت تريد تطبيق تلك المادة عليه، وقد قلت لك تكرارا بأن تشاور الكبار لتكبر، ولا تشاور الصغار”.
أضاف: “منذ خمس سنوات وأنا أطالبك بأن تحاسب المزورين من حولك، بل قمت بإطلاق الأبواق والشتائم والكذب، وأنا خارج البلاد، فأنا كنت رهينة عندك لمدة أربع سنوات في الإعتقال، لماذا لم تجدوا لي أي سرقة أو رشوة، لأنه لا يوجد لديكم أي شيء ضدي، بل على العكس وصل بهم الكذب للقول بانه يوجد سمسار بيني وبين رئيس الحكومة”.
وقال السيد: “يا حبيبي يا شيخ سعد أنا لا أرى مالك ولا مال والدك، الله يرحمه، بل أنا اراك شخصا عاديا، وغيري يراك تساوي مليارين”.
وتوجه السيد الى الناس في لبنان والعالم الخارجي، بأنه “لا يوجد عندنا مواجهة، وبكل بساطة يوجد شهود زور اعترف بهم رئيس مجلس الوزراء شخصيا، لا بد من محاسبتهم بالقانون، وكلما منعتم القانون سنحاسبهم في الشارع، فالمعادلة بالقانون فقط، وهذه هي الديموقراطية الحقيقية لأن القوانين وضعت لكي لا يستوفي أحد حقه بيده”.
وطلب السيد من الرئيس سعد الحريري، بأن يضع سعيد ميرزا وميليس في السجن، “وعندها تكون أنت على رأسنا، وغير ذلك ستكون أنت شريكهم”.
أضاف: “أنا لا أخاف السجن، فقد سلمت نفسي منذ أربع سنوات للقضاء عندما كنت أنت متحالفا مع “حزب الله”، لم أذهب لعنده ليحميني، مع انني كنت أعرف بوجود لعبة غير نظيفة تدبر. وذهبت وأنا أؤمن بأني أبن دولة خدمت فيها 37 عاما، والكل يعرفني جيدا”.
وقال السيد ان “البكاء على الرئيس رفيق الحريري هو للتحريض على سوريا والمقاومة”، مشيرا الى “أنني لاأخاف من شيء”، معلنا انه “تحت القانون والقضاء اللذين يجبران القاضي ميرزا على عدم وجوده في اي قضية تتعلق بي شخصيا، فأنا ادعيت عليه في سوريا وفي التحقيق الدولي الذي ذهب من عند القاضي صقر صقر الى لاهاي، وقانونا عندما يكون هناك عداوة شخصية وسبق ادعاء بين القاضي وأي شخص لا يحق للقاضي الكلام مع الشخص”.
وأشار الى أنه “يؤمن بالقضاء وليس بالقاضي، وأؤمن بالدولة وليس بالسياسيين”، مؤكدا على أنه يؤمن بالقانون، “لذلك قدمت دعوة الى الغرفة الجزائية في محكمة التمييز، وطلبت استنادا الى مواد قانونية، بأن تتم تنحية ميرزا من اي شأن يتعلق بي”.
وبعد ذلك توجه السيد من المطار الى منزله في ظل مواكبة أمنية تابعة لـ”حزب الله”، وسط إنتشار كثيف لعناصر الجيش على الطريق المؤدية من المطار وإليه.