هل عاد النفوذ السوري الى لبنان، وبدأ نظام الاسد يسترد زمام المبادرة، على حساب النفوذ الايراني المطلق بعد سيطرة حزب الله على الدولة اللبنانية في اعقاب انسحاب جيش الاسد من لبنان في العام 2005؟
سؤال يتبادر الى الاذهان في ظل تواتر المعلومات التي تشير الى ان نظام الامن السوري متورط ومنخرط في عدد من العلميات الامنية التي وقعت مؤخرا في لبنان وصولا الى “السُعاة” (أي “البوسطجية”!) الذين يتنقلون بين قصر المهاجرين وبيروت حاملين رسائل وتهديدات، في معزل عن التنسيق مع ما يُسمّى حزب الله وامينه العام.
المعلومات تشير الى ان بداية عودة العامل السوري الى الداخل اللبناني تُسَجَّل مع تفجير مسجدي التقوى والسلام في طرابلس، حيث كشفت التحقيقات عن ضلوع اجهزة الامن السورية في التفجيرين، من دون ان يثبت ضلوع عناصر من حزب الله.
وتكمّل: ان التحقيقات الامنية أثبتت ضلوع الاجهزة الامنية السزة السورية في تفجيرات في البقاع، إضافة الى اتهام النائب وليد جنبلاط الاجهزة الامنية السورية بالوقوف وراء توريط احد المسؤولين العسكريين السابقين في الحزب الاشتراكي في محاولة لاغتياله وعدد من مسؤولي الحزب الاشتراكي! فضلا عن التهديدات المنسوبة لتنظيم “داعش” الارهابي بإغتيال جنبلاط، والتي يقول جنبلاط إنها من بنات أفكار الاجهزة الامنية السورية، وليس تنظيم “داعش”.
عسكر نصرالله “رهائن” عند الاسد!
ومع إحتدام الازمة الرئاسية، أخذ التورط السوري في الشأن اللبناني يتظهر جليا، وفي معزل عن حزب الله. حيث، فجأةً، نبتت أنياب لرئيس المجلس النيابي نبيه بري، وأخذ موقفا علنيا ضد إرادة حزب الله، بشأن إنتخاب عون رئيسا للجمهورية، خصوصا أن بري كان من المحسوبين على الخط السوري في لبنان لتحقيق توازن مع النفوذ الايراني المتمثل بـ”حزب الله”. كما ان استمرار النائب سليمان فرنجيه والمعروف بعلاقته الوطيدة بالرئيس السوري بشار الاسد، ونظامه، بترشحه لمنصب رئيس الجمهورية، من دون الالتفات لموقف حزب الله ورغبة امينه العام حسن نصرالله في التصويت للجنرال عون، ليست هي ايضا من بنات افكار النائب فرنجيه بل بتمنٍّ واضح من الرئيس السوري بشار الاسد وبِِضمانته.
وتشير المعلومات الى ان خبر نقل الوزير السابق كريم بقرادوني رسالة من الرئيس السوري الى الجنرال ميشال عون، يدعم فيها ترشيحه ويطلب منه عدم التعهد بتولية سعد الحريري رئاسة الحكومة، ياتي ايضا من اللامكان السياسي في لبنان، خصوصا ان حركة الموفدين والرسل بين دمشق وبيروت كانت انحسرت بعد انسحاب جيش الاسد من لبنان، وإقتصرت على موفدين امنيين من نمرة ميشال سماحة.
المعلومات تشير الى ان حزب الله لن يستطيع السير الى ما لا نهاية في مواجهة رغبة دمشق في ان يكون لها الكلمة الفصل في إنتخاب الرئيس اللبناني، ولا هو يستطيع استخدام فائض قوته لإقناع الرئيس بري بالتصويت لعون، ولا بسحب النائب سليمان فرنجيه لصالح الجنرال. فللحزب أكثر من 10 ألآف رهينة من مقاتليه ينتشرون على مساحة الاراضي السورية، في مناطق يسيطر عليها جيش نظام الاسد، وحزب الله خبر جيدا النيران السورية الصديقة من ثكنة الشيخ فتح الله في بيروت الى “القصير” و”يبرود”.
وتضيف المعلومات ان حزب الله لا يعيش افضل ايامه رئاسيا في لبنان! فمع اقتراب الرئيس سعد الحريري من إعلان تأييده لترشيح الجنرال عون، سيكون على الحزب ان يختار بين عون رئيسا والحريري رئيسا للحكومة، خلافا لرغبة دمشق، او ان يختار الفراغ فيتخلص من مأزق ترئيس الحريري، ويخسر الجنرال.
وفي الحالتين سوف يسجل للرئيس نبيه بري انتصار على الحزب وعلى الحنرال عون. ففي حالة التخلي عن عون، وهو ما ترجّحه مصادر شيعية عليمة يكسب الحزب الحفاظ على وحدة الطائفة ومصالحها! في حين ان اي مواجهة مع الرئيس نبيه بري سترتد عليه سلبا داخل بيئته المأزومة بحربه في سوريا، ولن يستطيع عون او سواه تأمين الغطاء الشيعي للحزب الالهي إذا فقد دعم نبيه بري.