بالأمس، شاركت في ندوة عن دور لبنان في نهضة العالم العربي الجديد، نظمها حزب القوات اللبنانية بحضور نُخب من المجتمع المدني الداعم لثورات الشعوب العربية.
مُلفتة كانت مداخلة الدكتور فارس سعيّد حول مساهمة المسيحيين في الشرق العربي الجديد. مُعبّرة كانت مداخلة الدكتور أكرم سكرية حول دور “الإخوان المسلمين” في الحكم. رائعة مداخلة مدير الأخبار في تلفزيون MTV غياث يزبك التي أصاب فيها عمق الخلل الإعلامي المواكب للتطورات في العالم العربي الجديد. قيّمة جداً كلمة المستشرق أندريا غليوتي، الذي غاب قسرياً تاركاً كلماته المطبوعة في متناول الحضور والتي تناولت تأثير التحولات الديمقراطية على حماية المسيحيين في الشرق الأوسط. والحقيقة المؤلمة عبّر عنها الدكتور روك أنطوان مهنا الذي أصاب في مداخلته الخلل البنيوي في تركيبة الدولة اللبنانية مضيفاً جرعة أمل في بعض الحلول المُقترحة للتخفيف من الأعباء الإقتصادية.
أما الإبداع، فكان من نصيب الأب اليسوعي “المطرود من سوريا” باولو دالوليو الذي أتحف الحضور في شهادته المنقولة عبر “السكايب”، شهادةٌ، أقلّ ما يُقال فيها أنها مُلفتة، مُعبّرة، رائعة، قيّمة وحقيقية، شهادة إختصرت كلّ الكلام وتكلمت بإسم كلّ مواطن شريف كونها عابرة للمناطق والطوائف والمذاهب، إفتتحها بالإعلان عن إلتزامه مع بعض الأصدقاء في الصوم من أجل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان في سوريا، والصلاة من أجل زيارة البابا بنديكتوس السادس عشر إلى لبنان”، معتبراً أن “البابا يزور بيروت بصوت واضح يُنادي بحقوق الإنسان الذي يجب أن يُحترم كشخص بشري له حقوقه ووجوب إحترام حق الشعوب بالحصول على الديمقراطية الناضجة، “فنحن في الشرق لسنا بشراً درجة ثانية بل نحن ينبوع حضارة المتوسط، وزيارة البابا ستكون بشارة وعلامة إنتهاء هذه الأزمة الأليمة، فاللبنانيون يستقبلون البابا بإسم كل مسيحيي الشرق والطوائف”.
وأضاف: “نحتاج مجتمعاً دينياً في أصالته ومدنياً في قراره وإختياره، فالمجتمع الديمقراطي نريده لأنفسنا، والديمقراطية هي آلية لتدبير النزاعات البشرية دون اللجوء إلى بحر من الدماء في كل مرة وفي كل أزمة”، لافتاً إلى أن “سوريا حُرمت هذه الديمقراطية على مدى 40 عاماً وقد آن الوقت لتحصل عليه”.
ورفض دالوليو إعتبار المسيحيين أقلية، معتبراً ان “المسيحيين والمسلمين واليهود بنوا معاً الحضارة العربية، فنحن كمسيحيين نؤمن بحقوق الفلسطينيين ونريد شرق أوسط يتسع لكلّ الناس، ونحن نريد بناء مستقبلاً متناغماً مع إحترامنا لحقوق بعضنا البعض، فالمسيحيون مشاركون في الثورة السورية مع كل المواطنين الأشراف لخير كل المجتمع”.
ورأى أن “الكفاح من أجل الحرية في سوريا لا حدود له، فالمسيحيون في حلب يحاربون إلى جانب المسلمين لأجل حريّتهم، ولا بد من كل الذين يكافحون أن يحترموا حقوق المدنيين ولا يجوز المسّ بهم كما يفعل النظام الذي يقصف الناس بالمدافع والطائرات والهيليكوبتر، فهذا قصف جبان من قبل جيش النظام السوري غير الأخلاقي الذي طرد المسيحيين من مدينة حمص”.
وتوجّه دالوليو إلى المسيحيين في سوريا بالقول “لم نُخلق لكي نعيش خداماً لنظام إستبدادي قاتل للناس والحريات، نحن مسيحيون لأجل الوطن ككل ولأجل جميع الناس الذين يعيشون فيه، والشعوب الناضجة تتغلب على المؤامرات بالتلاحم بين المواطنين ونحن نُشكّلُ وطناً مع جيراننا المسلمين، بالطبع هناك صعوبات ولكن أي مجتمع لم يواجه صعوبات؟ علينا اليوم أن نواجه صعوباتنا بجرأة مع نظرة صحيحة نحو المستقبل”.
وختم دالوليو “نحن أمام خيار تاريخي، علينا أن نختار سوريا الحرية والديمقراطية، وعلينا أن نتحالف يداً بيد مع المسلمين الناضجين لكي نبني الوطن الذي نريده، فالتآخي الإسلامي-المسيحي لا يأتي من نظام من فوق بل هو خيار القاعدة الشعبية الديمقراطية، والحرية لا تأتي من المستبد بل من جارك المسلم الذي يقتنع معك بما نريده سوياً لسوريا، فأنا طُردت من سوريا وآسف لذلك لأنني لو لم أُطرد لكنتُ الى جانب إخوتي المسلمين والمسيحيين وأُعاني معهم لأجل سوريا المصالحة والحرية والديمقراطية،”.
كلام الكاهن الكاهن، غير التجاريّ وغير المنحاز إلّا للحقّ وللحقّ فقط، يُعطينا الكثير من الأمل بأن هناك من يحمل رسالة المسيح بأدق تفاصيلها، كلام يطمئن المُسلم الصالح ويقوي المسيحيّ ويُشعره بمواطنيّته الحقيقية في زمن يضّج بتجار المواقف من السياسيين أصحاب المصالح الآنية، الرخيصة والذاتية.
كلام الأب دالوليو ذكرني بكلام قيل عن رئيس إحدى الحكومات السورية المرحوم فارس الخوري، يوم أبلغه الجنرال غورو أن فرنسا جاءت إلى سوريا لحماية مسيحيي الشرق، وقتذاك، قصد فارس الخوري الجامع الأموي في يوم جمعة وصعد إلى منبره وقال: إذا كانت فرنسا تدعي أنها احتلت سوريا لحمايتنا نحن المسيحيين من المسلمين، فأنا كمسيحي من هذا المنبر أشهد أن لا إله إلا الله، فأقبل عليه مصلو الجامع الأموي وحملوه على الأكتاف وخرجوا به إلى أحياء دمشق القديمة في مشهد وطني تذكرته عاصمة الأمويين طويلاً ولم تزل، فخرج أهالي المدينة المسيحيين في مظاهرات حاشدة ملأت الشام وهم يهتفون “لا إله إلا الله”… يومها لم يكونوا مسيحيين ولا مسلمين، كانوا أبناء سوريا الوطنيين.
ذكرني أيضاً بسطور كتبتها منذ نصف سنة حملت العنوان “لو عرف المسيحي مقامه لتدلل” المستوحات من كلام لجبران النبي قاله عن يسوع المصلوب في الجمعة العظيمة والذي يتقارب مع ما قاله الأب دالوليو.
فارس الخوري كان عظيماً لأنه مواطن سوريّ حمل الراية لحماية أهله وشعبه ومن دون تفرقة، جبران خليل جبران غنيّ عن التعريف، أما باولو دالوليو فيستحق ألف تحيّة وتحية لأنه الراعي الصالح الذي كرس نفسه وكاد يدفع حياته ثمناً لحرية الشعوب غير أبهٍ لدين هذا ومذهب ذاك، خَبِرَ الأشرفية وعاش فيها يوم كانت تُقصف من قبل الأسد الأب، وخَبِرَ سوريا التي يقتلها الأسد الصغير، فحاول أن ينتصر للشعب البطل مناصراً العين لا المخرز كما في الأشرفية كذلك في سوريا، فطُرد بقرار من طاغية الشام، لكنه سيعود حتماً يوم لن يكون لأي أسد ولا لأي مستأسِد أي سلطة تتيح للحاكم قتل من يريد وطرد من يُدافع عن الكرامة الإنسانية ويُجالس الثوار في خيمة تعبق بالكرامة مفضلاً إياها على القصور المُرخمة التي ليست بنظر الأحرار سوى قبور متكلّسة يسكنها أموات يظنون أنفسهم أحياء.
الزمن الآتي سيكون زمن باولو دالوليو… الذي يُمثلني، وهو بالمناسبة قد يزور لبنان برفقة قداسة البابا في الأسبوع المُقبل.
becharakhairallah@hotmail.com
*كاتب لبناني
عن باولو دالوليو الذي يُمثّلُني الاب باولو جاسوس جاء الوقت لاستخدامه دخل سوريا ونهب دير مارموسى وايقوناته الاثرية ودخل بالناس كما يدخل السوس بالخشب كان عليه ان يلتزم بثوبه الرهباني ولا يتدخل بالسياسة ويهين الاف المسيحيين الذين لا يوافقون كلمة مما يقول لماذا لم يتدخل باقي الرهبان اليسوعيين في سوريا من اصل اوربي كالاب فرانس من اصل هولندي والاب زيكموند البولوني في الحيقية هذا الكاهن جاسوس بثوب راهب واذا سأل كل المسيحين في سوريا عنه لشعرو بالخجل من مواقفه القذرة والملبسة بثوب الحرية والديمقراطية ان دوره كراهب هو ان لا يجرح ملايين المسيحيين غير الموافقين على مواقفه وهو يعرف ذلك… قراءة المزيد ..