خاص بـ”الشفّاف”
يظن البعض أن ما يجمع بين قياديي الصف الاول في “حزب الله” هو أكبر بكثير مما يفرقهم، وأن قضية المقاومة التي بدأها الحزب منذ العام 1982 لا تعلو فوقها قضية. في الظاهر يجوز هذا الكلام لا بل اكثر من ذلك يجوز القول أن هؤلاء القياديين مستعدون لتقديم الغالي والرخيص وحتى التضحية بأرواحهم فداء بعضهم لبعض.
أما في الباطن وما قد لا يعلمه هذا البعض أن الخلاف بين قيادات الصف الاول وخصوصاً بين الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله ونائبه الشيخ نعيم قاسم قد استفحل ووصل الى ذروته في الفترة الاخيرة بسبب التباين العميق في التعاطي مع المستجدات. إذ ان لكل طرف وجهة نظر خاصة يحاول تسويقها لدى الإيراني والسوري.
مصادر مطلعة على ما يجري داخل “حزب الله” تكشف لـ”الشفاف” أن صراعاً خفيا يدور منذ فترة بعيدة في أروقة الحزب بين نصرالله، الذي يعتبره جمهوره رمزاً للمقاومة، و”قاسم”، الرجل الراديكالي المتشدد بحسب بعض الحزبيين، والذي لم يهضم حتى اليوم اعتلاء نصرالله سدةَ الامانة العامة للمرة الرابعة، علماً أن نظام الحزب الداخلي يمنع التجديد للأمين العام لأكثر من ولايتين متتاليتين”. وتلفت إلى أن “قاسم لم يهضم لغاية اليوم مسألة تجديد البيعة لنصرالله خلال مؤتمر الحزب السابع وذلك بعد إنتهاء حرب ٢٠٠٦، وهو الذي استولى على كرسي الأمانة بأمر إيراني عقب مقتل عباس الموسوي. فيومها تذرّعت القيادة الإيرانية بأن الوضع العام في لبنان والمنطقة لا يحتمل الإستغناء عن نصرالله، خاصة وان الحزب كان حتى تاريخ المؤتمر واقعاً تحت صدمة حرب تموز التي أسفرت عن خسائر فادحة في صفوفه على صعيد الأرواح البشرية والعتاد العسكري، وما تلاها من اغتيال للقائد العسكري الاول عماد مغنية”.
وتقول المصادر أن “أخر الصراعات المخفية بين الرجلين أثيرت على خلفية الأسماء التي ينوي الحزب خوض الإنتخابات النيابية الاخيرة على أساسها، هذا في حال حصولها. فـ”قاسم” يريد إعادة إحياء بعض من الرموز التي كانت محسوبة عليه، وفي طليعتهم النائبين السابقين عبدالله قصير ومحمد برجاوي إضافة إلى رغبته في إعادة بعض كوادر الحزب إلى مناصب سبق أن فقدوها بقرار من نصرالله”! وتشير إلى أن نصرالله يتهم قاسم بالوقوف وراء التحريض ضده لدى القيادة الإيرانية. والأخير إستطاع تجنيد مجموعة لا بأس بها تضم عدد من كبار القياديين السياسيين في الحزب للإعتراض على السياسة التي يتبعها نصرالله منذ العام 2006. ومن أبرز الشخصيات التي انضمت الى حلف “قاسم” رجلُ الحزب الاول في البقاع، الوكيل الشرعي للخامنئي الشيخ محمد يزبك، الذي بات يحذر نصرالله خصوصاً بعد المواقف التي صدرت بحق نجله المتهم بسرقة مخازن الأسلحة في البقاع وبيعها لناشطين سوريين”.
وتؤكد المصادر أن “قاسم يمتلك مجموعة من الأدلة الدامغة التي تثبت تورط نصرالله في عدد من الإرتكابات والتجاوزات للمبادئ التي قام الحزب على أساسها. ومن هذه الإرتكابات استحواذه على المردودات المالية العائدة من مؤسسات الحزب ووضعها في حساباته المصرفية الخاصة وحسابات أخرى بإسم ابنته “زينب” وزوجها “أبو علي”، المسؤول عن أمنه الشخصي”. وتضيف أن من ضمن الوثائق التي يملكها قاسم والتي تدين نصرالله امتلاكه عددا من الحوزات الدينية الوهمية والتي تدر عليه أموالاً طائلة من خلال أغنياء الطائفة الشيعية في البحرين والعراق وإيران والسعودية ولبنان وذلك عبر الخمس والزكاة التي يدفعونها هؤلاء كل سنة”.
وتتابع المصادر: “أن قاسم يتهم نصرالله بصرف ميزانية شهرية تفوق المليوني دولار على جهاز أمنه الخاص المؤلف من مائة وخمسين عنصراً مجهزين بأحدث المعدات العسكرية، أميركية وإسرائيلية الصنع، ومن دون العودة إلى مجلس الشورى في “حزب الله”! كما أن الخلاف بينهما على خلفية تسمية قائد جديد للمقاومة لا زالت قائمة وبقوة. فقاسم الذي كان يريد تسمة شخص من ال “شحادة” لهذا المنصب، لم يستطع منع نصرالله من حسم المنصب لصالح “مصطفى بدر الدين” الذي أخفقت وحدته في تفجير بورغاس”.
قاسم “أمين عام”، ونصرالله مرشد “روحي”؟
وللتأكيد على الخلاف العميق بين الرجلين، فمنذ أعوام عبّر نصرالله عن هواجسه تجاه شهية قاسم لتولي منصب الامين العام، وذلك في أحد مهرجانات الحزب عندما قال: “اذا قُتلت على يد إسرائيل أو حدث لي شيء من هذا القبيل، فهذا نائب الامين العام ينتظر! ليعود ويستدرك الامر، ويقول “عم بمزح”! وتخلص المصادر الى ان “التباين حول إدارة الملفات المستعصية، كالأحداث في سوريا والتعاطي مع الشأن الداخلي وخاصة في موضوع المحكمة الدولية، جميعها أمور أدت الى إنقطاع التواصل الشخصي بين نصرالله وقاسم في الاونة الاخيرة. والأمر قائم فقط على حضور قاسم للمهرجانات المركزية بطلب إيراني”، جازمة انه وبمجرد إنتهاء الاوضاع الحاصلة في سوريا سوف يصدر الخامنئي قراره النهائي بطلب بإعفاء نصرالله من مهامه الحزبية وتجييرها لصالح قاسم، مع حفظ ماء وجه الاول من خلال إعادة إحياء منصب “المرشد الروحي لـ”حزب الله” وهو المنصب الذي كان ألصق بالسيد محمد حسين فضل الله في بدايات التأسيس، استغلالاً للمكانة الشعبية التي كان يحتلها في لبنان وخارجه.
علاقة مأزومة: قاسم “أمين عام” ونصرالله مرشد “روحي” بقرار من خامنئي!وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ لْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ الله أَنَّى يُؤْفَكُونَ.” ومن قتل نفسا بغير نفس او فساد في الارض فكانما قتل الناس جميعا. والغريب انه الا يكفي 49 عاما عجافا من الاستبداد والقتل والمجازر من النظام السوري الدموي ضد الشعب ثم تمدحوا بطاغية الشام بشار الاسد السفاح. ( وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون. قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون. ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا… قراءة المزيد ..
علاقة مأزومة: قاسم “أمين عام” ونصرالله مرشد “روحي” بقرار من خامنئي!
حرصا على الإستقرار والأمن في لبنان وعدم تعريض إقتصاده الهش للإنهيار وزيادة الأعباء المعيشية الضاغطة على مواطنيه، سوف يمتنع الإتحاد الأوروبي عن ضم حزب الله إلى لائحة الإرهاب وما يستتبعه من إجراءات عقابية ضد الحكومة اللبنانية التي يشكل الحزب عامودها الفقري، نتيجة الهجوم الإنتحاري على الباص الإسرائيلي في بلغاريا، فهل يجوز بعد هذا أن يستمر التساؤل والجدل حول من يحمي الآخر، هل الحزب هو الذي يحمي لبنان واللبنانيين أم هو الذي يحتمي بهم بعد أن يعرضهم لكافة الأخطار ويحظى بشفاعتهم لينفد بريشه