أهمية المقال التالي هو أن كاتبه كان الرقم ٢ في سفارة روسيا بطهران حتى العام ٢٠٠٩، وأنه يعمل حالياً في معهد الشرق الأوسط بموسكو، وفي معهد واشنطن لشؤون الشرق الأدنى بواشنطن. وتحليله يلقي ضوءاً جديداً على العلاقة الإيرانية-الروسية المهمة في نظر موسكو وإن كانت لا ترقي إلى أهمية العلاقة مع.. الولايات المتحدة!
الشفاف
*
بدت ديناميات العلاقة الروسية الإيرانية على مدى العقدين الماضيين غير مستقرة، وغير قابلة للتنبؤ – إلى حد ما – من قبل الأطراف الأخرى في الساحة الدولية. ومن الصعب إيجاد بلد آخر تمر علاقته مع موسكو بمنعطفات حادة وكثيرة جداً في مثل ذلك الوقت القصير نسبياً. ففترات الحوار السياسي الفعال بين كلتا الحكومتين قد اعترتها انقطاعات مفاجئة دامت فترات طويلة وأدت إلى قيام موسكو وطهران باتهام بعضهما البعض بالإخفاق في الوفاء بالتزامات المعاهدة أو حفظ التعهدات.
ويعزى هذا التذبذب إلى عدم وجود إستراتيجية روسية عملية واضحة تجاه إيران؛ وفي المقابل تتعامل موسكو مع جارتها الجنوبية وفقاً لكل حالة على حدة ثم يتغير تصرفها مع طهران تبعاً لذلك. وبمعنى آخر، لا يُعد الحوار الأخير بين كلتا الحكومتين علامة على تحالف وليد، وإنما نتيجة مصالح متبادلة في قضايا مختلفة لا تتساوى أهميتها وأولويتها لدى موسكو.
ومن هذا المنطلق، لا يمكن القول بأن تطور العلاقات الروسية الإيرانية لا يمكن التنبؤ به مطلقاً. فهو يخضع لقواعد معينة. وبالرغم من افتقار موسكو لخطة عمل موحدة أو تصور واضح للأولويات العليا تجاه الجمهورية الإسلامية إلا أن لها مصالح قومية صريحة في إيران، وتقوم سياستها الخارجية على تلك المصالح. ومن غير المرجح أن يؤدي الوقوف أمام روسيا لكي تغير موقفها المرتكز على تلك المصالح إلى نجاح هذه السياسة. وفي المقابل، إن التعاون والحوار والتقييم الدقيق لنقطة التقاء المصالح الغربية مع روسيا قد يسفر عن نتائج إيجابية. وفيما يلي أهم المحددات لسياسة موسكو تجاه إيران:
· الأولوية التي تحظى بها العلاقات الروسية الأمريكية. روسيا عازمة على رأب العلاقات مع الولايات المتحدة، وبصورة أساسية من خلال المقايضات والمساومات. ويدعم هذا الهدف التعزيز التدريجي للروابط غير الرسمية وشبه الرسمية بين النخبة الاقتصادية والسياسية والثقافية الروسية من جهة والغرب من جهة أخرى. وفي ظل هذه الظروف، تستخدم روسيا إيران كورقة ضغط في حوارها السياسي مع واشنطن، حيث لعبت السلطات الروسية بهذه الورقة أثناء فترات التقارب والتوتر مع الولايات المتحدة إما بتجميد التعاون مع إيران تارة أو بتعزيزه تارة أخرى.
· قضايا الأمن القومي. إن إحدى المحددات الهامة لسياسة موسكو الخارجية هي عدم القبول بأي تواجد عسكري نشط للولايات المتحدة/منظمة حلف شمال الأطلسي بالقرب من الحدود الروسية أو في المناطق التي تعتبرها داخلة في نطاق المصالح والتطلعات السياسية الروسية. وبسبب عدم قدرة روسيا على مجاراة التحديات السياسية العسكرية للولايات المتحدة/حلف “الناتو”، تتجه موسكو – بدلاً من ذلك – إلى اتخاذ تدابير انتقامية غير متماثلة. وتشمل هذه التدابير التكثيف المؤقت للتعاون مع معارضي واشنطن وأوروبا. ونتيجة لذلك يمكن للمرء أن يتتبع دائماً الارتباط الحاصل بين فترات تحسن العلاقات الروسية الإيرانية وفترات تعثر حوار موسكو مع الغرب.
· التواجد الإيراني في المناطق التي تعتبرها روسيا تقليدياً مجالاً خاصاً لمصالحها الإستراتيجية والتاريخية مثل مناطق آسيا الوسطى والقوقاز وبحر قزوين. منذ انهيار الاتحاد السوفيتي تحاول موسكو لعب دور القوة الرائدة في الأقاليم السوفيتية السابقة، وتغضب إلى أبعد حد من أي محاولة من جانب قوى خارجية للتغلغل في هذه الأقاليم. إن موقع إيران الجيوستراتيجي يتيح لطهران السيطرة على التطورات في أقاليم بحر قزوين والقوقاز وآسيا الوسطى والشرق الأوسط والخليج الفارسي. إن ذلك يحتم على موسكو مناقشة العديد من قضايا السياسة الخارجية مع طهران. وعند النظر إلى حالات متشابهة بين منهجهما في التعامل مع عدد من القضايا الإقليمية نجد أن موسكو ترى طهران شريكاً هاماً حول قضايا معينة. وفي الوقت نفسه لا تثق السلطات الروسية بطهران بصورة تامة: فلا تزال تشعر بالقلق إزاء بعض أنشطة إيران الإقليمية، والتهديد المتمثل في تقارب إيران مع الولايات المتحدة، ودور إيران المحتمل كنقطة انطلاق في صراع آخر.
· الانتشار النووي. تعارض الحكومة الروسية حصول إيران على أسلحة نووية، معتبرة أن تطوراً كهذا من شأنه أن يحدث تغيير جذري في ميزان القوى في المنطقة بحيث لا تكون نتيجته لصالح موسكو. وكما صرح بعض الخبراء الحكوميين، يمكن لإيران النووية – كما هو متوقع – أن تنتهج سياسة أكثر حدة واستقلالية في القوقاز وآسيا الوسطى وأن تكون مثالاً يحتذى به بالنسبة لدول الشرق الأوسط ذات الأنظمة الأقل استقراراً التي تفكر بتطوير أسلحة الدمار الشامل الخاصة بها. وفي الوقت نفسه ليس لدى الخبراء والمسؤولين الروس دليل قاطع بأن إيران قد قررت إنتاج أسلحة نووية، وعلاوة على ذلك هم على اعتقاد بأن إيران غير قادرة على إحراز ذاك الهدف على المدى المتوسط، وأن جميع البيانات التي يصدرها المسؤولون الإيرانيون لا تحمل سوى حماساً أجوفاً. وفي ظل هذه الظروف تقتصر موسكو على إبداء الاستياء أحياناً حينما تجد أن الأبحاث النووية في إيران آخذة في الاستمرار، ويأتي ذلك فقط عندما تبدي طهران تصلباً مجحفاً. ويُنظر إلى زيادة الضغط على إيران بأنه يضر بقضايا أخرى تحتاج فيها موسكو بشدة إلى دعم طهران (أو حيادها على الأقل).
· المصالح الاقتصادية للنخبة الروسية. للرئيس فلاديمير بوتين وإدارته علاقات وطيدة مع كبرى الشركات الروسية الحكومية وشبه الحكومية، تصل إلى درجة أن التعويل على المصالح الإقتصادية لهذه الشركات قد أصبح إحدى أهم الأهداف الرئيسية للسياسة الخارجية الروسية. وتعتبر إيران مثالاً واضحاً على هذا التوجه: فليس من قبيل الصدفة أن ترتبط غالبية قصص النجاح التجاري الروسي بالشركات المتعلقة بالحكومة. ولا تدخر موسكو جهداً لدعم عملاقها الإقتصادي.
ولا شك أن مواقف روسيا تجاه واشنطن وإيران سوف تعتمد إلى حد بعيد على النفوذ الشخصي لزعيمها. فها هو بوتين، الذي يُعرف بنهجه المتشدد والقومي في مجال السياسة الخارجية، يمسك الآن ثانية بزمام الأمور بعد الانتصار الانتخابي الذي حققه في آذار/مارس 2012. وبالنسبة لإيران يعني ذلك إحداث تكثيف تدريجي لحوارها السياسي والاقتصادي مع موسكو، وفي الوقت نفسه لا ينبغي أن يُنظر إلى عودة بوتين كخطوة أولى نحو إقامة تحالف روسي مع طهران. وفي النهاية تعتبر الطريقة الروسية الواقعية لحساب التكاليف والأرباح حيال السياسة الخارجية بالغة الأهمية. وعلى افتراض أن الغرب لن يبدأ في إثارة موسكو من خلال أنشطة تهدد الأمن القومي والمصالح الاقتصادية الروسية، يبدو أن إدارة بوتين لن تقوم بأي خطوات سلبية ومفاجئة فيما يتعلق بإيران، مثل استئناف بيع أنظمة الدفاع الجوي “S-300” إلى طهران. إن تكلفة تلك الخطوات لن تبرر الأرباح بالنسبة لموسكو. وحتى اعتراف رسمي بأن أولوية إيران في السياسة الروسية سوف يضر بالحوار الروسي مع عدد من الدول التي لها علاقات غير مستقرة مع الجمهورية الإسلامية مثل الولايات المتحدة وإسرائيل والمملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج الأصغر. وكنتيجة لذلك، وبالرغم من أن الحوار الإيجابي مع طهران واقع في نطاق مصالح موسكو، تراقب هذه الأخيرة بحرص تطور العلاقات الروسية الإيرانية كي لا تتجاوز المستوى الذي يهدد علاقاتها مع الدول الأخرى. وكما أوضح أحد الخبراء الروس، أصبحت العلاقة نوعاً من “الشراكة الحذرة”.
بإمكان واشنطن اتخاذ عدة خطوات لتشجيع روسيا على أن تكون أكثر حذراً في تعاونها مع طهران.
· استمرار الحوار الإيجابي بين الولايات المتحدة وروسيا. في محاولتها لتسوية الخلافات لا تحبذ الحكومة الروسية أي خطوات تعتبرها عدائية، بل ترحب في الغالب بأي سبيل للحوار. وبما أن النية المستديمة من جانب موسكو هي جسر العلاقة مع واشنطن فإن الحوار الإيجابي بشأن إيران وغيرها من القضايا قد يهدئ بحق من المخاوف الروسية. ويمكن أيضاً أن يقلل نسبة أولئك من بين النخبة الروسية الذين يريدون استخدام التقارب مع إيران كوسيلة للرد على تحديات الأمن القومي التي نشأت عن الدبلوماسية الأمريكية الأخيرة.
· تبادل الآراء والمعلومات بشأن إيران وبرنامجها النووي. إن موسكو هي أكثر عرضة لتغيير موقفها تجاه طهران إذا ما قام المسؤولون الأمريكيون بتزويدها بمعلومات تفصيلية وتفسيرات واضحة بشأن التهديد الذي يشكله البرنامج النووي الإيراني على كل من نظام حظر الانتشار النووي والاستقرار الإقليمي. وإذا أخذنا في الحسبان رغبة روسيا الشديدة لمنع ظهور قوة جديدة تمتلك أسلحة دمار شامل قرب حدودها، فهذا دليل قاطع على أن قيام برنامج نووي عسكري في إيران سوف يحتم على موسكو أن تكون أقل تردداً في ممارسة الضغط على طهران عن طريق العقوبات. وعلى كل حال، تشارك موسكو بالفعل في عملية الضغط على طهران – فقد أوقفت روسيا (أو على الأقل خفضت) من تجارة السلاح مع إيران وقيدت بصورة كبيرة من تعاونها مع طهران في مجالات الملاحة الجوية والفضاء على الرغم من الإغراءات القائمة لتحقيق مكاسب إضافية. وقد ارتفعت خسائرها الميزانية نتيجة لذلك. ويشير هذا السلوك إلى احتمالية استعداد روسيا للتعاون مع المجتمع الدولي بشأن هذه القضية النووية.
· اتباع طريقة حل كل قضية على حدة عند إجراء الحوار بشأن إيران. كما هو موضح في الفقرات السابقة، في ظل عدم وجود استراتيجية روسية واضحة المعالم حيال إيران، سوف تستمر موسكو في التعامل مع العلاقات مع طهران على أساس قضية تلو الأخرى. وعليه سيكون للسلطات الأمريكية المزيد من التأثير على سياسة روسيا تجاه إيران لو تقوم بمعاملة كل قضية في العلاقة الروسية الإيرانية على حدة. أما انتهاج نهج عام – مثل الطلب من موسكو قطع أشكالاً عدة من ارتباطاتها مع إيران في جميع المجالات وفي آن واحد، بغض النظر عن المصالح الروسية التي تؤثر عليها – من المحتمل أن يكون غير فعال.
· تجنب أي خطوات من شأنها تقوية العلاقة بين روسيا وإيران. إن أي أنشطة أمريكية تراها روسيا بأنها تمثل تهديداً على أمنها القومي سوف تُسفر عن اتخاذ تدابير انتقامية صارمة من قبل موسكو، بما في ذلك تعزيز الاتصالات مع طهران. ومن المرجح أن يستلزم منع مثل هذه السيناريوهات قيام نقاشات أمريكية روسية بناءة حول العديد من القضايا الرئيسية، من بينها نظام الدفاع الصاروخي في أوروبا الشرقية وتواجد حلف “الناتو” في أفغانستان والتغلغل الغربي في القوقاز وآسيا الوسطى ومد خطوط أنابيب عبر بحر قزوين.
· توسيع نطاق التعاون الاقتصادي مع نخبة رجال الأعمال الروس. توضح التجارب مع بعض النخب الاقتصادية الروسية بما لا يدع مجالاً للشك أن الروابط الاقتصادية القوية مع الغرب يمكن أن تقنع الشركات الروسية بخفض علاقاتها التجارية مع إيران أو حتى مغادرة البلاد كلية. ونظراً للعلاقات القوية التي تربط النظام الحاكم في روسيا مع النخبة الاقتصادية فإن الروابط التجارية الأمريكية الروسية يمكن أن تؤثر أيضاً على الحوار السياسي بين موسكو وإيران.
· تطوير العلاقات مع المفكرين والخبراء الروس حول الشأن الإيراني. تحاول روسيا استنساخ التجربة الأمريكية من ناحية التفاعل بين الحكومة والمؤسسات البحثية المحلية، وهذا تقليد جديد نسبياً آخذ في التطور بصورة فعالة. وغالباً ما يتخاطب المسؤولون الروس مع الخبراء في المراكز البحثية الحكومية وغير الحكومية بالرغم من أنهم لا يقومون بهذه الاتصالات بشكل رسمي. وعلاوة على ذلك، تأسست علاقات قوية بين عدد من المعاهد التحليلية الروسية والهيئات الحكومية. فـ “معهد الدراسات الشرقية” التابع لـ “الأكاديمية الروسية للعلوم” و”معهد الشرق الأوسط” و”المركز الروسي للدراسات السياسية” تُعد على الأرجح أكثر مؤسسات الفكر والرأي الروسية تأثيراً – من بين المؤسسات التي تتعامل مع إيران الحديثة. فخبراؤها مهنيون وتلقوا إعداداً جيداً وهم غير متحيزين في آرائهم. إلا أن العديد من المحللين الروس الذين يدرسون الوضع في إيران ويساعدون في صياغة آراء الرأي العام حول هذا الموضوع هم موالين لإيران. ومن المرجح أن يؤدي الحوار الفعال بين الخبراء الأمريكيين والروس إلى تغيير هذا التوجه.
· ضمان المحافظة على المصالح الروسية في إيران في حال تغيير النظام أو القيام بعمليات عسكرية. إن النخبة السياسية الروسية تشعر بقلق بالغ من فقدان التأثير السياسي والاقتصادي في الشرق الأوسط نظراً لما حدث بعد الإطاحة بصدام حسين والقذافي. وكنتيجة لذلك تسعى هذه النخبة إلى الحصول على ضمانات بعدم تضرر المصالح الروسية بشكل كبير إذا ما سقط النظام الإيراني. ومن المحتمل أن تحتاج موسكو أيضاً إلى مثل تلك الضمانات في حال حدوث تقارب أمريكي إيراني. وتعتقد السلطات الروسية اعتقاداً راسخاً بأن الحوار بين واشنطن وطهران سوف يضعف من الأوضاع الاقتصادية والسياسية لموسكو في إيران وسيؤدي إلى تكوين تحالف عام جديد مناهض لروسيا له قدرة كبيرة على التأثير في آسيا الوسطى والقوقاز. وفي ظل هذه الظروف، فإن التعهدات باحترام المصالح الروسية في إيران من المرجح أن تمنع روسيا من اتخاذ خطوات للتصدي للتحسن في العلاقات الأمريكية الإيرانية.
ومع استمرار واشنطن في تعبئة المجتمع الدولي بشأن مخاوفها تجاه إيران، يشكل دور روسيا أهمية خاصة. فبالإضافة إلى مقعد روسيا في مجلس الأمن، فلها علاقات وثيقة مع طهران على عدة مستويات، في حين تنظر القيادة الإيرانية إلى موسكو بأنها تشكل ثقلاً موازياً محتملاً للضغط الأمريكي. ومن ثم فإن إقناع موسكو بدعم العقوبات الأمريكية الأحادية الجانب وتدابير أخرى سوف يمنح واشنطن أساليب إضافية للضغط على إيران. وعلاوة على ذلك، فإن العلاقات الثنائية القائمة منذ أمد طويل بين روسيا وإيران توفر أمثلة على الطرق الفعالة للتعامل مع الجمهورية الإسلامية. على سبيل المثال، تَمكّن البلدان من الوصول إلى إجماع حول عدد من القضايا ذات الأهمية الحيوية – مثل الاتجار بالمخدرات، والإرهاب، وعدم الاستقرار في أفغانستان والقوقاز، ووجود قِوى غير إقليمية في وسط آسيا ومنقطة بحر قزوين – رغم الاختلافات الهائلة في المصالح والمناهج التي جعلت من التوصل إلى اتفاق أمراً صعباً.
بيد أن أي محاولة للشروع في حوار أكثر فعالية بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن إيران يتطلب تصوراً أكثر وضوحاً للعلاقات الروسية الإيرانية ودور طهران في الاستراتيجية الخارجية الروسية ورغبة موسكو وقدرتها على تنفيذ أساليب الضغط. وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، نشر محللون غربيون العديد من الدراسات حول الحوار الروسي الإيراني، غير أنه كانت هناك عيوب كبيرة لمعظم هذه التقارير. أولاً، اتجه المؤلفون إلى التركيز بشكل كبير على مسألتين: دور موسكو في النزاع المستمر حول البرنامج النووي الإيراني ومبيعات الأسلحة الروسية إلى طهران. بيد لا تشكل هاتين المسألتين سوى جزء صغير – وليس بالضرورة أكثر أهمية – من العلاقة المعقدة بين البلدين.
ثانياً، يتم غالباً دراسة العلاقات الروسية الإيرانية كنظام منعزل لا يتأثر بعوامل خارجية؛ ويناقش بعض المحللين الدور الأمريكي في هذا النظام، لكن نادراً ما يتم التطرق إلى القوى الخارجية. بيد، تأثر الحوار الروسي مع طهران تأثراً كبيراً بالأحداث في الشرق الأوسط والقوقاز ووسط آسيا. وحسبما ذكر الرئيس الروسي المنتهية ولايته دميتري ميدفيديف، فإن الخلاف الرئيسي بين واشنطن وموسكو بشأن المسألة النووية الإيرانية هو أن “إيران ليست شريكاً للولايات المتحدة” بينما “تتفاعل” موسكو “بشكل مثمر” مع طهران. وخلال السنوات الثلاث الماضية، أكد بشكل متكرر على أنه “بغض النظر عن العلاقات الاقتصادية…فلدينا [روسيا وإيران] تحديات مشتركة مثل الاتجار بالمخدرات والتهديدات الإرهابية. وسوف نستمر في التعاون مع إيران بصفتها الجار والشريك السياسي”.
نيكولاي كوزهانوف هو خبير في معهد الشرق الأوسط في موسكو. وقد شغل منصب ملحق في السفارة الروسية في طهران في الفترة 2006 – 2009.