يمكن افتراض أن اللبنانيين الذين استجوبوا عبدالله السنوسي في موريتانيا، قبل تسليمه لبلاده، سألوه عن مصير الإمام موسى الصدر. ما هي الأسئلة التي وجّهها له السعوديون؟ الأرجح أنهم سألوه عن محاولة اغتيال الملك عبدالله بن عبد العزيز، وربما عن محاولات أخرى قام بها القذافي ضد السعودية عبر بعض اليمنيين! أما عن “الإف بي أي” الأميركي فالملف كبير، من “لوكربي” إلى “مقهى لا بيل” في برلين”..
قدم عبدلله السنوسي تفاصيل لم تكن معروفة عن القبض عليه ونقله إلى ليبيا. وقال لـ”منظمة هيومن رايتس ووتش” التي التقته في سجنه إن السلطات المغربية ألقت القبض عليه في مارس/آذار 2012 ثم احتجزته نحو 12 يوماً قبل وضعه على متن طائرة إلى موريتانيا، حيث سُلم إلى السلطات الموريتانية لدى وصوله، في 17 مارس/آذار.
قال إن السلطات الموريتانية احتجزته في أكاديمية عسكرية وأيضاً في بيت بالعاصمة نواكشوط، حيث استجوبوه وسمحوا أيضاً لمسؤولين من السعودية ومن لبنان والولايات المتحدة باستجوابه. قابله المسؤولون الأمريكيون – الذين قال السنوسي إنهم من مكتب التحقيقات الفيدرالية – مرتين. قال إن معاملته طيلة هذا الوقت كانت “معقولة” وأن السلطات الموريتانية سمحت له بمقابلة محامين، وكذلك سمحت ببعض الزيارات العائلية.
في 5 سبتمبر/أيلول أحالت السلطات الموريتانية السنوسي إلى ليبيا. قال إنهم أيقظوه حوالي الساعة السابعة صباحاً وأخبروه بأن أمامه اجتماع مع رئيس المخابرات الموريتاني، لكن بدلاً من الاجتماع أخذوه إلى المطار لنقله الطائرة إلى طرابلس. وهو محتجز في سجن الهضبة منذ دخوله ليبيا.
ولا يمكن لـ هيومن رايتس ووتش التثبت من صحة رواية السنوسي الخاصة باحتجازه في المغرب أو موريتانيا، أو من صحة تفاصيل نقله إلى ليبيا.
ظروف الاحتجاز
تفقدت هيومن رايتس ووتش زنزانة السنوسي، ومساحتها نحو 4 في 3 أمتار. لها نافذة واحدة عالية، وهي مغلقة. تحتوي الزنزانة على دورة مياه صغيرة فيها مرحاض وحوض وصنبور استحمام، وفيها حشية على الأرض للنوم، وبطانيات ووسادة. وكانت توجد أكياس بلاستيكية على الأرض تحتوي على ثياب السنوسي وطعامه.
يستضيف سجن الهضبة حالياً 144 نزيلاً، وهم جميعاً من الرجال، بينهم السنوسي وعدد من كبار المسؤولين الآخرين من عهد القذافي، على حد قول قويدر لـ هيومن رايتس ووتش. يُزعم أن نصف المحتجزين تقريباً تورطوا في مذبحة سجن أبو سليم عام 1996، لكن لم تصل قضايا المتهمين بهذه الجرائم بعد إلى مرحلة الملاحقة القضائية. إنهم محتجزون في منشأة مجاورة تحت سلطة الحرس الوطني وتحت إشراف قويدر.
قال قويدر إنه والمسؤولين الآخرين يواجهون ضغوطاً ضخمة من الليبيين الذين يشعرون بالغضب الشديد من السنوسي ومسؤولي القذافي السابقين الآخرين الذين تورطوا في أعمال القتل والاختفاءات والتعذيب على يد الحكومة السابقة على مدار أربعين عاماً. وقال: “ورغم هذا، فإننا نريد أن نكون مختلفين. نريد أن نُظهر لهم أننا لسنا مثلهم، فنعاملهم بشكل أفضل”.
قال قويدر إنه أمر بإبعاد عدة حراس من منشأة الهضبة بعد أن نظر في شكوى من سجين ضدهم.
قال قويدر لـ هيومن رايتس ووتش إن الأمن مسألة مهمة للغاية في السجن: “هناك دائماً خوف من أن يتم استهدافنا بسبب من نحرسهم. نحن معرضون للخطر طوال الوقت”.