“الشفاف”- خاص – بيروت
اوقفت السلطات السورية في السابع من تموز الماضي، رجل الدين اللبناني المعمّم الشيخ حسن مشيمش، أثناء محاولته دخول الأراضي السورية، قاصداً المملكة العربية السعودية لأداء العمرة. وحسب معلومات “الشفاف”، كان الشيخ حسن مشيمش، حتى اعتقاله، يُصدر نشرة دورية تدعى “ضفاف”، تتضمن إنتقادات لحزب الله وللنظام السوري. وأن ذلك هو السبب الحقيقي لاعتقاله.
ومنذ ذلك التاريخ فشلت جميع المحاولات التي قام بها سعاة الخير من اجل إطلاق سراح الشيخ حسن في مقابل إلتزام حزب الله الصمت. الى ان خرج محقق الحزب العدلي الصحافي في جريدة الاخبار التابعة للحزب حسن عليق ليلقي تهمة العمالة لاسرائيل على الشيخ حسن.
كتب عليق في “الاخبار” الصادرة في الثاني من ايلول:
” إلا أن عدداً من زوار دمشق الدائمين يؤكدون أن للتوقيف قصة أخرى. باختصار، يجزم هؤلاء «بأن توقيف الشيخ حسن م. مبني على الاشتباه في تعامله مع الاستخبارات الإسرائيلية». ويؤكد مسؤول أمني لبناني (محسوب على قوى 14 آذار) أن توقيف الشيخ حسن لا يحمل أي صبغة سياسية، وأنه مبنيّ على ملف أمني «شديد الحساسية».
وتلفت مصادر أمنية لبنانية إلى أن الموقوف، خلال التحقيق معه في سوريا، أقر بتعامله مع جهاز أمني أجنبي، وأنه حاول، خلال الفترة الأولى من التحقيقات التي خضع لها، التخفف من هذه التهمة، قائلاً إنه لم يكن يعرف أن الجهة التي يتواصل معها هي الاستخبارات الإسرائيلية.
فرع المعلومات كان قد رصد اتصالات هاتفية مع مشغّلين إسرائيليّين
وفي السياق ذاته، أكدت مصادر أمنية لبنانية أن فرع المعلومات في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، بعد توقيف الشيخ حسن، أرسل إلى السلطات السورية ملفاً يتضمّن معطيات تلقي الضوء على اتصالات مشبوهة كان قد تلقاها الموقوف خلال السنوات الماضية. ففرع المعلومات كان قد أوقف قبل أشهر، ع. م.، شقيق الشيخ حسن م، بشبهة التعامل مع الاستخبارات الإسرائيلية. وقد استند فرع المعلومات إلى اتصالات هاتفية كان قد تلقاها ع. م. من أرقام هواتف أوروبية يستخدمها الإسرائيليون للاتصال بعملائهم في لبنان. ولأن الاتصالات المشبوهة كانت قد وردت إلى ع. م. قبل عام 2005، وبما أنه كان قد غادر لبنان بين عامي 2005 و2009، وبما أن ع. م. نفى أي صلة له بالاستخبارات الإسرائيلية، فقد أخلى القضاء سبيله، من دون توجيه أي تهمة له”.
انتهى كلام “الأخبار”
بيان عائلة الشيخ مشيمش
عائلة الشيخ الاسير اصدرت بيانا ردت فيه على عليق وجاء فيه:
إعلان
ردا على ما أشيع مؤخرا عن الشيخ حسن مشيمش من إشاعة مغرضة يراد منها تشويه سمعة الشيخ وإسكات كل الأبواق التي حملت قضيته على عاتقها، غير أن ذلك الإتهام الكبير لا يستند إلى أدلة بل إلى قصة مفصلة على مقاس من أراد القذف بالشيخ حسن إلى الهوة. إلا أن كل المعطيات تشير إلى تسيس هذا الموضوع وذلك لأن الشيخ يعد من أشد المعارضين للتيار الفكري والسياسي السائد في بيئته.
وبناء عليه نطالب ذلك الصحافي الذي دُفع بقلمه إلى إيصال رسالة طلبت منه، إذا كان الأخير تابع لجهة أمنية أو يمتلك أدلة وإشارات على ما افترى به فعليه أن يعرضها أو إذا كانت القضية على هذه الشاكلة فلمَ لا يتبناه أحد من الجهات الرسمية التي ذكرها أم أنه مطلوب منه فقط إرسال الرسالة بدون إعادة النظر بمدى ترابط أفكارها.
إذ إننا نطالب الدولة اللبنانية بالتدخل في هذا الموضوع لما يتعرض له من تشويه لكرامات الناس ومنعا لإنجراف الموضوع إلى مكان أخر وإسكاتا لأصوات الماكرين.
بعد هذا البيان الصادر عن عائلة الشيخ مشيمش، بات مطلوباً من السلطات اللبنانية أن تصدر بياناً رسمياً حول الموضوع. خصوصاً أن “الأخبار” تزعم أن “فرع المعلومات في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، بعد توقيف الشيخ حسن، أرسل إلى السلطات السورية ملفاً يتضمّن معطيات تلقي الضوء على اتصالات مشبوهة كان قد تلقاها الموقوف خلال السنوات الماضية”. مما يشكل إتهاماً لـ”فرع المعلومات” بأنه سهّل إعتقال مواطن لبناني في سوريا، أو حتى بأنه أوعز بهذا الإعتقال!!
*
علي الامين
أين الإثباتات لعمالة مشيمش؟
نفى مصدر امني كبير ما اوردته احدى الصحف المحلية وبعض وسائل الاعلام عن انها سلمت ملفات امنية للجانب السوري تتعلق بالشيخ حسن م. المعتقل في سورية منذ 8 تموز الماضي من دون اسباب معروفة. ونفت هذه المصادر وجود اي رد او توضيح سوري رسمي يكشف اسباب اعتقال الشيخ حسن م.
واستبعدت مصادر في “حزب الله” ان يكون الشيخ حسن م. متورطا في علاقة مع العدو. والجدير ذكره ان الشيخ حسن كان مساعدا للامين العام في “حزب الله” وكانت له مسؤوليات طيلة 12 عاما، وقد اوفده “حزب الله” الى دول اوروبية عدة خلال توليه مهامه. ولم تنقطع علاقاته مع الحزب حتى يوم توقيفه، رغم الانتقادات العلنية التي كان يوجهها إلى سياسة الحزب وادائه، على ما أكّد مصدر في “حزب الله” أنّ قال إنه يعرف الشيخ حسن وكان صديقا له منذ مرحلة تأسيس الحزب.
ونفت اوساط امنية، الى جانب عائلة الشيخ حسن، ان يكون الأخير قد زار سورية، واشارت إلى ان زياراته نادرة الى سورية، وآخرها كان في العام 2004.
كما نقلت مصادر سياسية متابعة لقضية الشيخ ان هناك “ما يبدو انّه محاولة لتركيب ملفات عبر ابواق مأجورة لجهات سياسية، هدفها تطويع الناس وبث الاكاذيب والشائعات باسم مصادر مجهولة وهي معلومة”.
واسفت هذه المصادر لـ”تحول بعض المنابر الاعلامية الى اسواق عكاظ للارتزاق وبث الاكاذيب والشائعات”. على انها لا تستغرب هذا: “خصوصا ان بعض هذه الوسائل معروفة الوجهة والانتماء والاجرة والايجار”. ودعت هذه الاوساط الدولة اللبنانية الى المطالبة باستعادة الشيخ حسن من سورية.
يبقى القول إنّ قيام جهة اعلامية او سياسية باصدار حكم على احد المواطنين بأنه عميل اسرائيلي يعتبر دليلا الى اي مدى بات من السهل توجيه تهمة العمالة لأي كان، الى الحد الذي يمكن ان يقوم البعض، من دون ان يكون لهم اي صفة قانونية او رسمية، بوسم فلان على أنّه عميل اسرائيلي، ثم يعلن ذلك على الملأ، ثم يصدر حكم الاعدام المعنوي والمادي، من دون اي اثباتات قانونية”
جريدة “البلد”
تعليق واحد
عائلته كذّبت “الأخبار”: الشيخ مشيمش كان من أشدّ المعارضين لحزب الله!
على الحريري أن يستقيل
بعد وليد أطل سعد فاعلن اعتذاره للسوريين طالبا المصالحة مع دمشق، ومعترفا بلسانه ان “أخطاء حصلت منا تجاه الشعب السوري” ويعترف ان اتهامه سوريا باغتيال الرئيس رفيق الحريري كان اتهاما سياسيا!
هكذا وبكل سهولة شطب رئيس الحكومة اللبنانية، وقائد فريق المستقبل وتيار 14 آذار، وزعيم سنة لبنان، ونجل الرئيس المغدور تاريخ خمس سنوات من الملاحقات والاتهامات والدماء والتوتر اللبناني والعربي والعالمي.
سعد الحريري لحق بوليد جنبلاط، الذي سبقه باعلان التوبة وطلب المغفرة واطنب مديحا في سوريا وافاض اعتذار من قيادتها. ابن الحريري اعلن توبته كما فعل ابن كمال جنبلاط الذي اعتبر ما حدث كان مؤامرة صهيونية وامريكية ولحس ايضا خمس سنوات من التحدي!
ولا يسعنا الا نشكر من يملك الشجاعة ويعترف بخطئه ويعلن توبته ويسعى لاصلاح ما افسده لكن هذا الاحترام منوط بشرط انه يقول الحقيقة ويعنيها، لا مجرد براءة سياسية، كما كان القاء التهمة على سورية ادعاء سياسي. امام هذه التراجعات المحيرة نحن مضطرون لضرب الرمل لفهم ماذا يحدث.
الاحتمال الاول ان الحريري الابن اكتشف معلومات جديدة دقيقة تثبت ان سوريا كانت بالفعل مجرد كبش فداء وان القاتل طرف أخر هو من اوحى بالتهمة ضد الجارة لكن السؤال يبقى لمصلحة ماذا ومن؟ المتهمون هنا بالترتيب هم: حزب الله فاسرائيل ثم العم سام. اما الاعتراف والندم والتراجع بحد ذاتها خصال حميدة تعبر عن معدن الشاب الطيب.
الاحتمال الثاني ان الحريري وجد نفسه في قبضة تهدد وجوده ووجود حركته السياسية وتحديدا من حزب الله الذي كان صريحا جدا في تهدديده للحريري في الخطاب الذي القاه امينه العام السيد حسن نصرالله محذرا موحيا بان اتهامه في المحكمة ثمنه بانه سيعيد الهجوم على بيروت الغربية واحتلال المنطقة السنية. وفي احدى الليالي الرمضانية الهادئة تجرأ حزب الله على اقتحام منطقة الاحباش ايضا واستخدم سلاحه فقتل وهدم مسجدا في مايبدو رسالة للسنة الآخرين. هذا الوضع المتأزم ربما هو ما دفع الحريري الى تقديم المزيد من التنازلات لدمشق من اجل لجم حزب الله وتهديده بقوة اكبر من قوته. ربما التنازل الحريري ضروري بعد ان كان حزب الله صريحا انه لن يسكت على اي قرار يصدر عن المحكمة باتهامه ولم يرض باعلان الحريري انه ليس طرفا في الاتهام الظني المقبل وانه مستعد للتنازل عن دم والده، نصرالله قال لايكفي ذلك اوقفوا المحكمة والا!
الاحتمال الثالث ان الحريري قرر ترك المحكمة لقضاتها واختار طريق المصالحة وهذا خياره الشخصي، فكان شرط دمشق لا مصالحة بلا ثمن وان عليه ان يفعل ما فعله قبله وليد جنبلاط بتقبيل راس السيد نصرالله في بيروت واعطاء ثلاث مقابلات بين صحفية وتلفزيونية (ظهرت في السفير والاخبار والجزيرة) فيها قال ببراءة سوريا واعترف بالخطأ واعلن الندم. الحريري استثني من شرط تقبيل رأس نصرالله، وبدأ سلسلة التصريحات الاعتذارية.
الاحتمال الاخير ان الوسيط السعودي فرض على الحريري ان يتصالح مع دمشق وينهي الأزمة بشروط دمشق وقد تلكأ الحريري حتى ان الاسد الغى فقرة في برنامج الزيارة ان يرافق العاهل السعودي ويزوران منزل الحريري. تعتقد السعودية ان سوريا توشك على الابتعاد عن ايران، وهو كلنا نعرف انه امر مستحيل تماما مهما بدا من خلافات جزئية بين الجانبين.
ومهما كان او يكون قد دفع الحريري الى الانقلاب على مواقفه قناعة او غصبا فان المطلوب ان يكون العمل جزءا من الثمن. ماذنب ملايين الناس الذين ساروا وراء الحريري خمس سنوات، وبعضهم دفع اثمانا باهضة في عداوات تجذرت بين اللبنانيين، وهناك سوريون قتلوا في لبنان بسبب الغضب ، وسوريون هجروا من اعمالهم بسبب الاتهامات التي وجهت ضد بلدهم، وهناك دول عربية ايضا انخرطت في العداء ضد سوريا بسبب اتهامات الحريري ورفاقه في الحركة.
لايعقل ان يكون الثمن اعتذار في جريدة، الحد الأدنى ان يستقيل الحريري. اقل ما يقدمه الحريري ان يستقيل لانه اعترف على نفسه بتهم بالغة الخطورة هي توجيه اتهامات خاطئة، وغير مسنودة، وذات نوايا سياسيا! هذه هي تصريحاته على لسانه في مقابلته مع جريدة الشرق الاوسط. بعد الاقرار بمثل هذه الاخطاء الرهيبة لايعقل بعدها ان يقود الحريري سنة لبنان، ولا ان يقود لبنان، ولا تيار 14 آذار، ولا حتى عائلة الحريري التي لا نعرف حتى الآن موقفها مما قاله ابنها سعد.