منذ ما يقرب من أسبوعين، تشهد البحرين اضطرابات شبه يومية بعد قيام الحكومة بإلقاء القبض على نشطاء من المعارضة ينتمون إلى الأغلبية الشيعية في البلاد. وقد بدا توقيت الاعتقالات مهيئاً باتجاه استباق الاضطرابات قبل الإنتخابات البرلمانية والبلدية المقررة في 23 تشرين الأول/أكتوبر، والتي من المتوقع حالياً أن يفوز فيها أحزاب ومرشحو الأقلية السنية. ويثير عنف الشوارع والحوادث الأخرى قلقاً خاصاً لدى الولايات المتحدة لأن البحرين تستضيف مقرات “الأسطول الأمريكي الخامس” و”القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية” التي مهمتها: “ردع ومواجهة الدول المعرقلة” — وهي صيغة يُقصد منها على الأرجح إيران التي كانت قد ادعت، قبل عام 1970، بأن الجزيرة هي محافظة تابعة لها.
العنف الأخير
إن أخطر حادث أُبلغ عنه حتى الآن هو هجوم على محطة لتوليد الكهرباء كان قد وقع في 20 آب/أغسطس. ووفقاً لبيان رسمي فإن انقطاع الكهرباء الناتج [عن الهجوم] “أثر على مناطق شاسعة”، على الرغم من أن التقارير كانت قد أفادت بأنه قد تم استعادة الطاقة الكهربائية في غضون ساعتين. وشملت حوادث أخرى تورط أفراد في إشعال النار في إطارات السيارات، وإلقاء قنابل المولوتوف، والإعتداء على محرر صحفي مُوال للحكومة.
وفي يوم الثلاثاء تعهد وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبد الله آل خليفة بإخماد “نار الإرهاب”. جاء ذلك خلال زيارة قام بها إلى طائفة شيعية حث فيها السكان هناك — وفقاً لصحيفة محلية — على “إبعاد أطفالهم عن الأعمال التخريبية”. وفي غضون ذلك، تقوم السفارة الأمريكية في المنامة بإصدار تحذيرات منتظمة للمواطنين الأمريكيين تخطرههم فيها عن المظاهرات المزمعة، وتحثهم على تجنب حتى أجزاء مركزية من العاصمة في أوقات معينة.
الإنقسامات الطائفية
كانت البحرين أول دويلة حديثة جداً حصت على استقلالها في منطقة الخليج، وهي نتاج لعوائد النفط المتنامية للمنطقة، ولسمعتها كمركز تجاري ومالي، ولسلوكها المرحّب بالزوّار. ورسخت البحرين نفسها — بصورة مشابهة لدبي — كوجهة سياحية شعبية آخذة في التوسع وخاصة بالنسبة للسعوديين الذين يمكنهم الوصول إليها بالسيارات عبر الجسر القائم بين البلدين الذي يصل طوله إلى ستة عشر ميلاً.
ولكن إنفتاح المجتمع البحريني يوفر مزايا أقل بالنسبة للغالبية الشيعية في البلاد حيث يشعر الكثيرون منها بأنهم مهمشون سياسياً واقتصادياً. ويبدو أن الحكومة تعتبرهم غير جديرين بالثقة، وتستبعدهم من الجهود التي تُبذل لتجنيد [كوادر] لصفوف الجيش والشرطة. ويستاء الشيعة بشكل خاص مما يقال عن الإستعانة بقوات أمن من خارج البلاد، التي تميل إلى التعامل بقسوة مع المتظاهرين أكثر مما قد يتعامل به المواطن البحريني لو حل محلهم. ويحصل هؤلاء المجندون الأجانب من الطائفة السنية على الجنسية البحرينية من خلال المسار السريع مما يقلل من الهيمنة العددية [الحالية] للشيعة البحرينيين.
ويكاد يكون من المؤكد أن تشهد انتخابات تشرين الأول/أكتوبر تكرار إنجازات “حزب الوفاق الشيعي” من عام 2006 وهو الظهور كأكبر فصيل. ولكن مع ذلك، سوف يهيمن السنّة على البرلمان حيث يتم تقسيم الدوائر الإنتخابية بصورة تحابي المرشحين السنّة. وعلى أية حال، يتمتع مجلس النواب المنتخب ومجلس الشورى المعين بنفوذ محدود فقط، وستبقى معظم السلطة في أيدي الملك حمد بن عيسى آل خليفة وغيره من أعضاء الأسرة الحاكمة الثابتين في أهم المناصب الوزارية (على سبيل المثال: يشغل عم الملك حمد، الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة، منصب رئيس الوزراء لمدة دامت تسعة وثلاثين عاماً، وهو رقم قياسي عالمي).
“المحافظة” الإيرانية “الرابعة عشر”؟
من وجهة نظر البحرين، تمثل إيران، التي تبعد فقط 150 ميلاً عبر الخليج، تهديداً مستمراًً. وقد تخلت طهران رسمياً عن مطالبتها التاريخية بالجزيرة، ذلك الطلب الذي كان قائماً فترة طويلة أثناء حكم الشاه، بعد أن وجد تقرير للأمم المتحدة أن غالبية البحرينيين فضلوا الإستقلال. لكن لا يزال السياسيون في طهران يشيرون أحياناً إلى الجزيرة بأنها المحافظة الإيرانية الرابعة عشر.
وتشعر البحرين بقلق بصورة خاصة من إضافة قدرة نووية إلى الهيمنة النووية الإيرانية في المنطقة. ففي عام 2007، كان ولي العهد سلمان بن حمد آل خليفة قد اتهم طهران مباشرة بتطوير أسلحة نووية. ويشكل الإحتفاظ على علاقة وثيقة مع واشنطن واستضافة “الأسطول الخامس” استراتيجيتان واضحتان (وإن لم تكونا معلنتين) لردع أية نية عدائية من إيران. وعلى المستوى الرسمي، إن موقف المنامة هو أكثر دقة: ففي نهاية الأسبوع الماضي صرح وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة أن البحرين لن تسمح لنفسها أن تستخدم كمنصة إطلاق لشن هجمات على إيران أو دول أخرى.
المحتجزون
كان عبد الجليل السنكيس من بين أوائل النشطاء الذين اعتقلوا في شهر آب/أغسطس. والسنكيس، المقعد على كرسي متحرك، هو مهندس تلقى تعليمه في بريطانيا، ويعمل أستاذا في جامعة البحرين وكان قد عاد للتو من لندن بعد إلقائه محاضرة عن حقوق الإنسان. وسابقاً — في تشرين الأول/أكتوبر 2008، كان السنكيس قد زار واشنطن للقيام بحملة حول الموضوع نفسه، وألقى خطاباً في اجتماع ترأسه عضو مجلس النواب الأمريكي النائب فرانك وولف (جمهوري من ولاية فيرجينيا). وفي حزيران/يونيو 2009، كتب في صحيفة ‘نيويورك تايمز’: “عندما يقوم الرئيس أوباما بمخاطبة العالم الإسلامي غداً [في إشارة إلى خطاب الرئيس الأمريكي في القاهرة في 4 حزيران/يونيو]، لديّ طلب واحد رئيسي: كن حذراً عندما تستخدم كلمات مثل ‘تغيير’ و ‘حلم’ و ‘ديمقراطية’. فهذه الأمور لا تأتي إلينا بسهولة… وسيكون من الجيد لو تعهد السيد أوباما بدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان. لكن ينبغي عليه أن يتحدث عن هذه المُثل فقط لو كان يرغب في مساعدتنا على تحقيقها”.
ووفقاً لوكالة الأنباء البحرينية الرسمية، كان السنكيس وآخرين قد اتُّهموا بالإنتماء إلى شبكة كانت تهدد “استقرار البحرين والسلم المدني وتعرض أرواح وممتلكات الأبرياء للخطر [من خلال] التحريض على العنف والأعمال الإرهابية”. وقد أشار محام يمثل عدداً من المعتقلين بأن أكثر من ستين شخصاً كانوا قد اعتقلوا خلال الأيام العشرة الماضية، وما يزالون محتجزين في أماكن لم يعلن عنها بدون استطاعتهم الإتصال بأسرهم أو محاميهم.
ورغم أن السنكيس وغيره قد رفضوا المشاركة فيما اعتبروه نظاماً سياسياً بحرينياً معيباً، إلا أن اعتقالهم قد أثر على الإتجاه السائد لسياسات البلاد المتبعة تجاه الشيعة. ففي 21 آب/أغسطس، حذر زعيم الكتلة البرلمانية الشيعية الشيخ علي سلمان، من أن “الطريقة التي عولجت بها الحملة الأمنية الحالية وما صاحبها من انتهاك للحقوق قد دمر في أسبوع واحد عشر سنوات من التقدم في هذه البلاد”. وخلال التسعينات من القرن الماضي، توفي أكثر من 30 شخصاً وتم اعتقال ألف شخص في نوبات من العنف المتكرر.
قلق الجيران
من المرجح أن تقوم المملكة العربية السعودية — التي هي أكبر جارة للبحرين — بدعم هذه الإجراءات الأمنية الصارمة. فالرياض كما هو معتاد تشعر بالقلق من [انتشار] النفوذ الإيراني بين سكانها الشيعة الذين يشكلون أغلبية محلية في المحافظة الشرقية الغنية بالنفط على طول الساحل الخليجي. وفي الواقع، لم يُبنَ الجسر الذي يربط بين البلدين ليكون رابطاً تجارياً فحسب، بل ليسمح أيضاً بتعزيز سعودي سريع للقوات الأمنية البحرينية.
إن قطر هي الجارة الأخرى القريبة من البحرين ولكنها تميل إلى أن تكون أقل عوناً للمنامة، وأكثر تصالحاً مع طهران. فعلى سبيل المثال، ترفض قطر إمداد البحرين بالغاز مما يجبر المنامة على التقرب ولو على مضض من إيران في هذا الشأن. كما أن نزاعا إقليميا — كان على وشك الحدوث — حول الجزر البعيدة عن الشاطئ كان قد تم تسويته لصالح البحرين في عام 2001، لكن ما تزال الصعوبات مستمرة؛ وفي وقت سابق من هذا الشهر ألقت قطر القبض على مجموعة من البحرينيين بتهمة ممارسة الصيد في مياهها الإقليمية، وفي حزيران/يونيو، تم تعليق اقتراح لإنشاء جسر يربط بين البلدين.
تحديات أمام السياسة الأمريكية
بما أن السبب لقلق واشنطن الرئيسي في المنطقة هو إقناع إيران على التخلي عن طموحاتها لاكتساب أسلحة نووية، فإن العمل مع حلفاء الخليج مثل البحرين لا يزال يمثل أولوية. فالمنشأة البحرية الأمريكية في الجزيرة (كلمة “قاعدة” [بحرية] يتم تجنبها رسمياً) يتم توسيعها بحيث تستطيع السفن الكبيرة أن تقف في الميناء بدلاً من أن ترسو خارج الشاطئ. بالإضافة إلى ذلك، إن مهبط الطائرات في جزيرة المحرق — عبر مسافة ضيقة من المياه من العاصمة — كان قد استضاف طائرات حربية أمريكية وأخرى غربية أثناء الأزمات الإقليمية على مدى العقد الماضي. (ويشغل المهبط أيضاً كمطار بحرين الدولي؛ وتقع القاعدة الجوية العسكرية الرئيسية في جنوب البلاد).
وكان المحللون الإقليميون والدبلوماسيون قد وصفوا الإعتقالات الجديدة بأنها ليست حملة ضد مخطط تمرد محدد، وإنما جزءا من جهود المنامة لضمان إجراء انتخابات سلمية في تشرين الأول/أكتوبر، بحيث تسفر عن النتائج الرسمية المرجوة. وعلى هذا النحو، يبدو أن التكتيك غير متقن، ويثير احتمال إثارة مقاطعة أخرى للإنتخابات من قبل “حزب الوفاق” (كما حدث في عام 2002) ويحرّض لقيام المزيد من الإستياء بين الأغلبية الشيعية.
ويبدو أن حساسية المنامة تتضمن تذكير المجتمع الشيعي بأنه — حسب كلام وزير الداخلية الشيخ راشد — “يحظى بدعم كبير من جلالته”، مشيراً إلى مشاريع التنمية الرئيسية التي توفر فرصا للباحثين عن العمل من [أبناء الطائفة] الشيعية. لكن البحرين لم تعد تصدر النفط الخام، ولذا فربما قد وهنت قدرة الحكومة على تمويل مثل هذا المشاريع — خاصة في ضوء إعلان “وكالة موديز” خلال الأسبوع الأخير من شهر آب/أغسطس، بأنه تم تخفيض التصنيف الإئتماني السيادي لمملكة البحرين.
ونظراً للإضطرابات الحالية، واندلاع الإحتجاجات العنيفة المناهضة للولايات المتحدة في الماضي (على سبيل المثال في عامي 2002 و 2003)، ينبغي على الولايات المتحدة أن لا تعتبر الهدوء المعتاد في البحرين أمراً مفروغاً منه.أكثر من ذلك، يجب على واشنطن أن تنصح المنامة، بعيداً عن الأضواء، بتهدئة التوتر وتجنب التصعيد. فسيناريو التصعيد يمكن أن يجعل مخاوف الجزيرة من التدخل الإيراني نبوءة محققة.
سايمون هندرسون هو زميل بيكر ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن.
ظلال إيران على الإضطرابات في البحرين محمدعبدالغنى محاسب وضابط سابق —lissy_572003@yahoo.com قصة الصراع العربى الإيرانى قديمة ضاربة فى التاريخ وعمرها أكثر من ألفى وخمسمائة عام . ومنذ عام 538 قبل الميلاد والحكومات المتعاقبة على بلاد فارس تضع نصب أعينها إحتلال العراق وما جاوره من بلاد عربية ودارت مئات المعارك والحروب والغزوات بين الجانبين أشهرها معركة ذى قار والقادسية . وعندما جاء الإسلام إنضوى تحت لوائه شعوب المنطقة كان الظن أن تعاليم الإسلام السمحة سوف تكون هادية للحكام الفرس ولكن الحقد على العرب الذى عاش فى صدورهم قبل الإسلام إستوطن نفوسهم وحتى الآن يعتبرون أنفسهم جنساً أرقى من الآخرين مستندين إلى… قراءة المزيد ..