بيروت – وليد شقير الحياة
علمت «الحياة» من مصادر واسعة الإطلاع واكبت مهمة مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون القانونية نيكولا ميشال في بيروت على مدى اربعة أيام، انه أنهى محادثاته باقتراح يؤدي الى فصل عملية إقرار المحكمة ذات الطابع الدولي لمقاضاة المتهمين باغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري ورفاقه وسائر الجرائم المرتبطة بها، عن الأزمة السياسية في لبنان، لكنه تلقى جواباً من رئيس المجلس النيابي نبيه بري بأن المشكلة تكمن في الخلاف على قيام حكومة وحدة وطنية وليس حول المحكمة.
وقالت المصادر لـ «الحياة» ان ميشال الذي غادر بيروت صباح أمس الى نيويورك من دون إحداث تقدم يعد بإمكان إقرار المحكمة في المؤسسات الدستورية بدلاً من اللجوء الى خيار إقرارها في مجلس الأمن تحت الفصل السابع، كان اقترح على بري حين التقاه بعد ظهر أول من أمس للمرة الثانية، إحياء مبادرته التي دعت الى تشكيل لجنة من فريقي المعارضة والأكثرية مع خبراء قانونيين من الجانبين على أن تدرس في حضور ميشال نفسه ووزير العدل شارل رزق، الملاحظات على المحكمة وتقرها، لكن من دون ربط الاتفاق على نظام المحكمة بالاتفاق على الحكومة.
وأوضحت المصادر ان بري كرر لميشال موقفه هذا أثناء اجتماعهما الثاني أول من أمس، فكان جواب الموفد الدولي تكرار أن لا علاقة للأمم المتحدة ولا لمهمته بالأزمة السياسية «وأنت كان لديك اقتراح بتشكيل لجنة لدراسة نظام المحكمة لكنك كنت دائماً تربطها بالتوافق على مبدأ قيام حكومة على أساس صيغة 19+11، فلماذا لا تفصلون موضوع العدالة الدولية في جريمة اغتيال الحريري عن المشكلة السياسية الداخلية بحيث تطلقون مبادرة من دون شروط مسبقة على التوافق اللبناني الداخلي في شأن المحكمة؟».
وأشارت المصادر الى ان اقتراح ميشال جاء بعد أن عرض بري مطولاً لتاريخ المبادرات التي أطلقها وآخرها تشكيل لجنة لبحث نظام المحكمة وأخرى لبحث تشكيل الحكومة على أساس 19+11، وانه توخى من هذا الاقتراح فك الارتباط بين مسألتي الحكومة والمحكمة.
وكشفت المصادر انه إزاء إصرار ميشال على فكرته التي قال إنه متى تشكلت المحكمة يمكن البحث في آليات لإقرارها، طرح بري عليه أسئلة وأفكاراً، تناولت إمكان اجتماع لجنة كهذه بتغطية دولية – إقليمية أي ان تكون برعاية الجانب السعودي وأن يحضرها إضافة الى الأمم المتحدة، موفدون عن سورية وأميركا وفرنسا. بل ان المصادر لمحت الى أن البحث تناول أيضاً إمكان ان تجتمع في جنيف أو الرياض أو فيينا. إلا أن المصادر نفسها أكدت ان النقاش بين بري وميشال لم يتوصل الى أجوبة حاسمة من الأول وأن الموفد الدولي غادر مقر رئيس البرلمان آملاً بجواب حول الفكرة. وهذا ما جعل ميشال يشير في مؤتمره الصحافي الى أن هناك إمكانية بعد لإقرار المحكمة في المؤسسات الدستورية اللبنانية.
وذكرت المصادر أن منسق نشاطات الأمم المتحدة في لبنان ممثل الأمين العام غير بيدرسون اتصل في ساعة متقدمة بعد ظهر الجمعة بالنائب علي بزي لمعرفة موقف بري النهائي من الفكرة التي طرحها ميشال، فكان الجواب ان المشكلة في الحكومة وأنها المعبر لإقرار المحكمة وأن بري ما زال يعتقد بأن لا مشكلة حول المحكمة.
وكان ميشال أكد بحسب المصادر نفسها لمحاوريه في بيروت انه لا يرى ان إقرار المحكمة تحت الفصل السابع سيؤدي الى حرب أهلية رداً على ما سمعه في بعض التصريحات والمواقف التي تحذر من ذلك.
من جهة ثانية، أعلن رئيس «كتلة المستقبل» النيابية سعد الحريري في حديث لتلفزيون «راي اونو» الإيطالي انه يستبعد قيام حرب أهلية في لبنان «لأن جميع القيادات من «حزب الله» الى قوى 14 آذار لا تريد مثل هذه الحرب»، معتبراً أن «النظام السوري مهتم بإحداث مشاكل في بلدنا لكننا لن نقع في فخ هذه الأخطار».
وإذ اتهم الحريري المعارضة اللبنانية بأنها «تريد حماية النظام السوري بموقفها من المحكمة»، أكد رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط أن الفتنة لن تنتقل من رياض الصلح (مخيم اعتصام المعارضة) الى الجبل أو بيروت.
على صعيد آخر، قال عضو «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي الذي يتزعمه العماد عون، النائب سليم سلهب، ان «الأهم من الاتفاق على رئيس الجمهورية المقبل هو الاتفاق بين الفرقاء على برنامجه». وأوضح ان عون «سيرفض أن يكون رئيس حكومة انتقالية في حال عرضت المهمة عليه (أن يشكل الرئيس إميل لحود حكومة انتقالية بعد انتهاء ولايته يسلمها الحكم)»، مؤكداً أن التكتل يعارض مبدأ وجود حكومتين.