استوقف المراقبين الكلام الاخير لبطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس اغناطيوس الرابع وفيه ان “موقف الكنيسة الانطاكية من الاحداث ينطق به البطريرك حصريا، وقد حدد ذلك المجمع المقدس الذي عقد في لبنان العام الفائت”،
واشارته الى أن “آراء بعض الاساقفة في لبنان وسوريا لا تعبر بالضرورة عن مواقف الكنيسة الانطاكية من الاحداث والتغيرات”.
ويشرح مسؤول علماني على علاقة وثيقة بالمؤسسة الكنسية، ان “موقف البطريرك هزيم هو موقف الكنيسة السياسي والتاريخي الحريص على ان تربطها بالحاكم المتغير افضل العلاقات وان لا تتآمر عليه، وفي الوقت نفسه على ألا تقف عائقاً امام حركة الشعوب والتغيير”. وفي رأيه ان هذا الموقف اللاهوتي بالذات كان ولا يزال موضوع نقاش في الكنيسة بين من يراه موقف “اهل الذمة”، وبين من يعتبره موقفاً تقليدياً يستند الى الكلام الانجيلي “اتركوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله”. وتالياً تدين الكنيسة الظلم والعنف ولا تتدخل في السياسة الا عندما تتعارض مع الاخلاق والقيم”. ويعود العلماني الارثوذكسي الى نص اعلان البطريرك هزيم، مفسراً ان “من يتكلم باسم الكنيسة هو المجمع المقدس الذي يجتمع مرتين سنوياً، وكل موقف يصدر عدا ذلك سواء لأسقف او كاهن او شماس خلال نشاطاته اليومية، ويدعي النطق باسم الكنيسة ويتعارض مع مواقف البطريرك والمجمع المقدس هو موقف شخصي ويتحمل مسؤوليته مطلقه فحسب”.
والامور بالنسبة الى المسؤول واضحة، فالكنيسة لا توارب في الامر وترى ان هناك من يوالي النظام في سوريا على طريقة الاسقف ل. خ. وهناك من يفكر مثله ويؤيده باشكال عملانية، في مقابل من يعارضون النظام السوري بشدة وفي مقدمهم ميشال كيلو وجورج صبرا وقسم لا يستهان به من الاكليروس والعلمانيين. والموقف الكنسي ان كلا الطرفين من ابناء الكنيسة سواء اكانوا من الاكليركيين ام العلمانيين. لكن الاهم، ان الكنيسة ليست حزباً سياسياً ولا تنظيماً ولا تريد تالياً ان يُنظر الى شعبها على انهم اقليات بل هم مواطنون يتفاعلون مع محيطهم وشعبهم، وهذا ما اعلنه المجمع المقدس الاخير عندما دعا ابناء الكنيسة الى “الاشتراك في التغيير”. ذلك ان اكثر ما يثير استياء المؤسسة الكنسية هو تكرار وصف مسيحيي سوريا بالاقليات في استعارة ترفضها الكنيسة الارثوذكسية وكل الكنائس لأنها تعني التمييز الديني والعنصري”.
“شبيحة مسيحيون”
ويشرح احد الناشطين السوريين الارثوذكس والذي يحرص على متابعة كل تفاصيل ما يجري “ميدانياً” أن “المواقف المؤيدة للنظام السوري انما تصدر عن الاسقف ل. خ. تحديداً، في حين ان الكنيسة ككل جامع لا تريد للاساقفة ان يرتبطوا بأي حالة سياسية معينة، ادراكاً منها لدقة الوضع السوري وحراجته، ومن منطلق حرصها على افضل العلاقات مع المسلمين، وهي لا تريد لمواقف بعضهم المتطرفة ان تؤثر في أي شكل في المجموعة وتسيء الى تاريخ من الاخوة والعيش المشترك مع المسلمين في ارجاء العالم العربي، فالارثوذكس كانوا ولا يزالون من رواد القومية العربية والنضال من اجل القضية الفلسطينية ومواجهة اسرائيل”.
ويضيف الناشط ان الكلام عن دعم مسيحي للنظام السوري غير دقيق، ويشير الى المجموعة الميليشياوية التي اسسها النظام واطلق عليها اسم “شبيحة المسيح” مؤكداً أنها “عبارة عن مجموعتين من مناصري البعث والاجهزة في دمشق ومنطقة وادي النصارى في شمال سوريا”، ويروي ان هذه الميليشيا البعثية “تنحصر مهمتها في الاعتداء على المسيحيين المعارضين والتصدي لاي تحرك مسيحي سوري”. وان رجال الدين الارثوذكس والموارنة في وادي النصارى مدركون جداً لما يجري وبادروا الى التصدي لهذه المجموعة، في حين ان الامور مختلفة في العاصمة السورية حيث يجاهر الاسقف ل. خ. بدعمه للنظام السوري ويسانده الشبيحة في ذلك”. ويؤكد الناشط ان “غالبية المسيحيين في سوريا ممن يطلبون العيش بأمان وهدوء وسلام مع كل مكونات الشعب السوري من دون اي تمييز. ومن يجاهرون بتأييدهم للنظام في شكل ظاهر هم قلة، في حين ان قسماً لا يستهان به يقف في صف المعارضة، وخصوصاً على مستوى الشباب والمثقفين والفنانين، وفي صفوف اليسار التقليدي والمستقلين”.
وعما يحكى عن تهجير في حمص، يشدد الناشط على ان المسيحيين نزحوا عن المدينة اسوة بقسم كبير من اهلها نتيجة للقصف المدفعي العنيف والنقص في التموين. اما الكلام على بيوت احتلت فيؤكد انه مضخم، والأمر يتعلق بنحو 15 منزلاً، ولا يعود امتلاكها الى كون أصحابها مسيحيين بل لانها اتخذت مواقع عسكرية، وعلى ذمة الناشط ان عدداً من الكهنة الارثوذكس لا يزالون صامدين في حمص مع عدد من الرجال المتقدمين في السن وان البطريركية الارثوذكسية ترسل اليهم مؤناً توزع على جميع المواطنين في نطاق الرعايا، علماً ان البطريركية تملك خبرة كبيرة في عمليات الامداد ولديها طاقم بشري واداري مؤهل ولديها تفويض من هيئات اغاثة مسيحية عدة، وذلك استناداً الى الخبرة التي اكتسبتها من تعاملها مع اللاجئين العراقيين.
ويختم الناشط بالاشارة الى ان ما قيل عن عمليات تهجير، يتناقض مع واقع العلاقات الممتازة القائمة بين المسلمين والمسيحيين في دمشق وريفها وحمص وريفها واللاذقية، ويشير الى بلدات محردة (بلدة البطريرك هزيم) والسقيلبية وكفربعم التي يسكنها على قوله ألوف من السوريين المسيحيين يقيمون افضل العلاقات مع جيرانهم المسلمين.
pierre.atallah@annahar.com.lb
لخداع الامريكيين : بشار يرسل مخابرات على شكل رجال دين لواشنطن؟