**
نصير الأسعد
يمثّل المؤتمر الأول لـ14 آذار يوم الجمعة المقبل منعطفا سياسياً ـ تنظيمياً على صعيد “الحركة” الإستقلالية اللبنانية هو الأول من
نوعه منذ ثلاث سنوات، أي منذ 14 آذار 2005.
“فكر مشترك” لكتلة واحدة
وينطلقُ “القرار” المتخذ على المستوى القيادي بعقده من فكرتَين أو قناعتين رئيسيتين.
الأولى هي تعبيرٌ عن وعيٍ متنامٍ لدى قوى 14 آذار بأنها تشكّل معاً “تياراً” واحداً أو “كتلة” واحدة في معركة واحدة مرّت ثلاثة أعوام من عمرها حتّى الآن ومرشحة لأن تستمرّ أعواماً إضافية أخرى. ولأنها كذلك، فالحاجةُ ماسّة إلى التأسيس لـ”فكر مشترك” أو “ثقافة مشتركة” بل رؤية وبرنامج مشتركين بين مكوّناتها. فالحديث عن التنوّع والتعدّد في صفوفها لا يعدو كونه “الآن” توصيفاً لحالها، وغالباً ما يستخدم في اتجاهين: إمّا لـ”تفسير” ما يعتمل داخلها من “حساسيات” أو “خصوصيات”، وإمّا في معرض “الدفاع” عن الإختلافات والتلاوين في مقاربة عدد من الشؤون. والحال انّ 14 آذار كلّما احتدمت المعركة وبدا انّ الصراع طويل الأجل، هي بحاجة إلى بلورة “المشترك” أي أوسع مساحة مشتركة من الرؤية بما لا يتناقض مع التعدّد في الخصوصيات والحساسيات.
“قوى” 14 آذار و”حركتها”
أمّا الثانية فهي تعبيرٌ عن وعيٍ متنامٍ لدى 14 آذار بأنّ ثمّة حاجزاً بين “قوى” الإستقلال و”حركة” الإستقلال، أي بين “الكتلة” الحزبية أو السياسية و”الرأي العام” الإستقلالي، وبأنّ هذا الحاجز لا بدّ من هدمه. فمنذ ثلاث سنوات وحتى اليوم، كان يبدو انّ 14 آذار طابقان: طابقٌ حزبي ـ سياسي وآخر هو “الرأي العام” الذي لا ينتسبُ إلى الفاعليات الحزبية لكنه ينتسب إلى “الحركة” الإستقلالية. وكان واضحاً على الدوام انّ الطابق الثاني أوسع بكثير. وما كان لـ14 آذار أن تشكّل الأكثرية السياسية ـ الشعبية لولا هذا “الرأي العام”. بل أكثر من ذلك، ينبغي القول إن 14 آذار كلّما بدت “متراجعة” أو “محاصرة” جاءها المدد من “الرأي العام”. وهذا ما تأكد في 14 شباط 2008 مرّة جديدة.
“دخول” فعاليات جديدة
تأسيساً على ما تقدّم، من الواضح انّ المؤتمر الأول سينجزُ ما يمكن تسميتُه إصلاحاً بنيوياً داخل 14 آذار، أو هو سوف “يترجم” جوهر العلاقة بين قوى 14 آذار من جهة وبينها وبين رأيها العام أو تيارها الشعبي العريض من جهة أخرى.
من بين النتائج التي ستُسفر عنها هذه “العملية” نتيجتان كبيرتان. واحدة تتعلق بتحقيق مشاركة الرأي العام الـ14 آذاريّ في تحديد الخِيارات الرئيسية لـ”حركة” 14 آذار. غير انّ ثمّة نتيجة ثانية تبدو أكثر أهمية، بالرغم من أهمية سابقتها.
إنّ إنفتاح “قوى” 14 آذار على المساحة العريضة لـ”جمهورها”، يعني أول ما يعني دخول فعاليات جديدة إلى “الحركة” وقرارها، أي إنضمام قطاعات ممّا يسمّى “المجتمع المدني” اليها، يمكن وصفها بأنها قطاعات “حديثة” ذات وزن تمثيلي لشرائح من المجتمع.
الإشكالية: شيعة 14 آذار
لكنّه ـ أي ذلك الإنفتاح ـ يشكّل باباً واسعاً إلى مقاربة 14 آذار للعلاقة مع الطائفة الشيعية وإلى “معالجة” هذه العلاقة.
حتّى الآن، كان التعريفُ السائد لـ14 آذار، سواء تعريفُها لنفسها أو التعريف السياسي الإجمالي لها، انّها تحالفٌ طائفي ـ حزبي، أيْ تحالفٌ سنّي ـ مسيحيّ ـ درزيّ. وحتى الآن كان هذا التعريفُ صحيحاً إلى حدّ كبير. ذلك انّه بغياب التمثيل السياسي الشيعي في 14 آذار، لم يكن في الإمكان “توسيع” التعريف والحديث عن “حركة” إستقلالية شاملة عابرة للطوائف كافة.
ومع ذلك، أي بالرغم من صحّة التعريف “الإجمالي” هذا، كان ثمّة ظلمٌ مزدوج: لـ14 آذار بأنّها لا تستقطب شيعةً أو هي منعزلة عن الشيعة، ولـ”شيعة 14 آذار” بأنّهم غير موجودين بالفعل، أو انّ الموجودين منهم ليسوا سوى بضع شخصيات وانّ شخصيات أخرى إمّا منتسبة إلى قوى تمثيل طائفي آخر وإمّا “غير دينامية”.
وواقع الأمر انّ الشيعة ضمن الرأي العام الـ14 آذاريّ ليسوا قلّة “مطلقة”. وإذا كان صحيحاً انّ الشيعة المعترضين على ثنائية التمثيل الشيعي (“أمل” و”حزب الله”) لم يجتمعوا في ما يسمّى “قوّة ثالثة”، بل إذا كان صحيحاً أن لا داعيَ أصلاً إلى تشكّل “قوّة ثالثة”، فالصحيح في المقابل انّ الشيعة غير المنتسبين إلى الثنائية و”جمهورها” يشكّلون “قوّة عددية” لا يُستهان بها.
والصحيح أيضاً انّه ليس مطلوباً، في الطائفة الشيعية التي تتميّز عبر تاريخها بـ”غناها” وتنوّعها، وبدورها الثقافي والوطني في شتّى التيارات التي لعبت أدواراً مفصلية في تاريخ لبنان وحياته، أن تفرز “قوّة ثالثة” واحدة، بل “قوى ثالثة” متعدّدة. ليس مطلوباً “قوّة ثالثة” واحدة تختصر تمثيل الشيعة المستقلّين عن الثنائية لـ”تنافس” الثنائية “الوحدانية” بـ”وحدانية” مقابلة، بل المطلوب “تعدّد” في مقابل “الوحدانية”. وبهذا المعنى، يمكن القول إنّ السنوات الثلاث الماضية شهدت قيام “مجموعات شيعية” متعدّدة تراكم خبرات، من دون تجاهل وزن الشيعة المستقلّين عن الثنائية لا على المستوى الثقافي ولا على مستوى التأثير السياسي.. ولا على مستوى قطاعات “المجتمع المدني”.
الخلل في الاتجاهين
لذلك، فإنّ المؤتمر الأول لـ14 آذار، الذي ينعقد على تقاطع كل المعطيات الآنفة، هو مدخل مناسب إلى تصحيح الخلل في العلاقة بين 14 آذار والطائفة الشيعية، وعلاقة الشيعة المستقلّين عن الثنائية بـ14 آذار، فلا تبقى 14 آذار “مجرّد” تحالف طائفي بل تغدو “حركة” مختلطة بالفعل، ولا يبقى “شيعة 14 آذار” جنوداً مجهولين، والأهم الا يكون “شيعة 14 آذار” عبارة عن “ملحق” يُستحضر “أحياناً”، فيما هم يمثّلون “هامشاً” فعلياً من تمثيل طائفتهم. والحديث هنا عن “هامش” ليس ذمّاً. ذلك انّ ثمّة فارقاً كبيراً بين هامشيين أي أناس لا أمل منهم وبين أناس يملأون هامشاً فعلياً ليراكموا توسيعه مع الوقت.
“ورش العمل”
إذاً، لكلّ الإعتبارات السابقة، يشكّل المؤتمر الأول منعطفاً سياسياً ـ تنظيمياً داخل 14 آذار من ناحية وعلى المستوى اللبناني العام من ناحية ثانية.
ولأنّه كذلك، ينبغي ألا يتوقف الحدثُ عند إنعقاد المؤتمر أو أن يتوقف بعد جلساته المقرّرة. ولعلّ القرار القيادي المتّخذ بـ”تفريع” المؤتمر إلى “ورش عمل” يجيب على هذا “الهاجس”.
والحاجةُ إلى “ورش العمل” حقيقية. ذلك انّ 14 آذار ـ كما جاء في المقدّمات الآنفة ـ تحتاج إلى بلورة مشروع فكري ـ سياسي متكامل، والأهم انّها تحتاجُ إلى إطلاق دينامية ـ مرتكزة إلى الأكثرية المثبتة في 14 شباط 2008 ـ عنوانُها إستكمال معركة الإستقلال وبناء دولة الإستقلال ومؤسسات دولة الإستقلال.
عروبة 14 آذار بـ”الإيجاب” لا بـ”السلب”
على انّ ما يقتضي الإشارة إليه ـ بعجالة ـ هو انّ 14 آذار المستندة إلى أكثرية لبنانية مكرّسة، ومن منطلق تعريفها لنفسها بأنّها “حركة” لبنانية أولاً وعربية ثانياً، بحاجة إلى تحديد موقعها بـ”الإيجاب” وليس بـ”السلب”. فهي، بـ”السلب” ضدّ المحور الإيراني ـ السوري من جهة وليست مع الغرب من جهة أخرى. أمّا بـ”الإيجاب” فهي مع “نظام المصلحة العربية”. وهذا ما يحتاجُ إلى بلورة أكبر كي ترتبط دينامية 14 آذار بدينامية عربية، أو كي تساهم 14 آذار في إطلاق دينامية عربية.
وإذا كانت العودة إلى هذا العنوان محتّمةً في الأيام المقبلة، فإن الإشارة إليه “الآن” كانت ضرورية، بمستوى ضرورة الإشارة إلى أهمية أن تُنتج “ورش العمل” المتفرّعة عن المؤتمر الأول، كلّ في ميدانها، ما يتضمّن رؤية 14 آذار إلى القضايا الرئيسية كافة من الدولة إلى اتفاق الطائف إلى الوضع العربي إلى دور لبنان وسواها. وسيستحق المؤتمر الأول بالتأكيد كونه منعطفاً نوعياً.
المستقبل
مدخلٌ لاستكمال نٍصاب 14 آذار شيعيّاًتحرير القدس وفلسطين وانهاء الظلم لا يتم بصواريخ تنكية عشوائية والتي نعلم حتما نتائجها هو الاستمرار الشرس بتدمير الشعب الفلسطيني اي نحن نصنع لانفسنا الدمار بمسرحيات تدل على الجهل والعنف ولو كانت اسرائيل غير موجودة لوجدنا انفسنا بنفس الوضع المؤلم. الحل معروف القضاء على القابلية للاستعمار في البلاد العربية اي تطبيق العدل والديمقراطية واحترام الانسان لان المنطقة تتقسخ واصبحت كعكة تتقاسمها الديناصورات اي وبمعنى اخر ان وجود النظم الشمولية او الحزب القائد والمليشيات الطائفية والمافيات المخابراتية دمرت الشعوب وفقرتها واذلتها وايضا جعلت مفكريها في السجون فجعلت المنطقة لقمة صائغة للاستعمار هذه هي احد الاسباب الرئيسية… قراءة المزيد ..