مع اعتذاري وودي لاستخدام عنوان مقالي من الأستاذ عبدالله بن بجاد العتيبي، والتي استمات المتطرفون لمنع مسلسله (دعاة على أبواب جهنم) من العرض بسبب نفوذ المتطرفين وتسامحهم اللامحدود مع مخالفيهم!! ومع من يتعرض لنهجهم الإجرامي السادي، بل وقاموا بتهديد الممثلين بالقتل وللقناة الفضائية MBC بالويل والثبور.
لم تكن تلك الحملة التي يشنها دعاة الموت الآن في الكويت عبر القنوات الفضائية ومن على منابر المساجد على أعضاء التحالف الوطني الديمقراطي والمرشحين الليبراليين إلا لشعورهم بالضعف أمام طغيان المد العقلاني والفكر المستنير على الحياة في شتى مجالاتها، ولقيام الليبراليون في المدونات بفضح رجال الدين ودعاة الفضيلة واستغلالهم للدين بأبشع صورها اللاأخلاقية، بسبب تحالف الدين والسلطة والمال، وقد أثمر هذا التحالف عن شركات مالية كثيرة وأرصدة ضخمة تكدست في جيوب الدعاة. وما إحصائية وفضيحة فوربس لأغنياء الدعاة الدينيين في الوطن العربي والإسلامي ببعيدة عنا. وقد قاموا بحجب مواقع خاصة ومدونات قامت بتعرية الإسلام السياسي.
إن سياسة الوصاية التي يمارسها الدعاة على عقول الناس وتخويفهم بالموت والنار، كأنهم وكلاء الله على البشر ويصنفون مقاماتهم في الجنة والنار على أساس من الوصاية دون أي اعتبار لعقل الإنسان الخاضع للمنهجية الفلسفية والعقلانية لكل حدث ومقام. وهذا ما لا نجده في المنهج الأصولي الخاضع للتلقي والتقليد الأعمى دون إعمال العقل أو استخدام منهجية معينة بل يقوم على فقه متغير بحسب المصالح . وادعاءاتهم بأن الليبراليين لا يلتفتون إلا لقضايا تافهة كالتعليم المشترك -كما يحاول شيخنا النبيل توضيحه عبر بعض الصحف المشبوهة – هي بالنسبة لنا قضايا متعلقة بالحريات وهي مقدسة والتي كفلها الدستور لا من أجل الإبهار الإعلامي كما يدعي الداعية النبيل. وتفردكم في القنوات الفضائية والصحف واجترار الماضي ، ليس للمنهج العقلاني للفكر المقدم للناس بل لإيماننا الراسخ بحرية التعبير كقيمة حضارية، وإلا لو فسح لمخالفيكم المجال وعدم تعرضهم للملاحقة القضائية لوجدتم فكركم يتلاعب به الأولاد في الأزقة والطرقات. وملاحقتكم الدائمة للكتاب الليبراليين قضائيا لأكبر دليل على أهمية أولوياتكم ضد حرية الآخرين الفكرية ، وتمثل لديكم أولوية يجب منعها حفاظا على ما يسمى بثوابت الأمة.
ولكن التساؤل الذي نود أن نطرحه عليه أين تلك القضايا الهامة الواجب الالتفات لها. هل قضية المال العام، أم قضايا الفساد الإداري، أم قضايا حقوق الإنسان والمرأة، أم تصدير الانتحاريين إلى العراق؟؟!! وها انتم تشاهدون انتصاراتكم وجهادكم من خلف شاشات التلفاز كبقية ثوار العروبة ورفاق النضال المقدس !! مع ازدياد عدد القتلى عبر دعمكم اللوجستي وتحريض الشباب على الجهاد في الخارج والداخل ، وأنتم تنعمون بالملايين من خلال الاستعراضات التي تقدمونها عبر القنوات الفضائية . أم إن البرامج التلفزيونية التي تتابعونها ليل نهار والمسلسلات الكارتونية التي وقفتم ضد بثها هي شغلكم الشاغل؟؟! .
المسعى الحقيقي للتيارات الدينية هو كيفية زيادة تلك العقول المتلقية والمغيبة عن الواقع والتي لا زالت تعيش عصور الظلام ويسيطر عليها الفكر الأسطوري وتثبيتها في عقول الناس حتى يستطيعوا ممارسة الوصاية عليهم. كما لم تمثل القيم الإنسانية أهمية كبرى في أدبياتهم الثقافية والأدبية وذلك لأنهم المنتفعون الحقيقيون وراء السكوت المريب والغريب لقضايا المواطن وحقوق المواطنة. ولأنهم كانوا دائما عونا وسندا لهؤلاء الشرذمة من سراق المال العام ، وكان لهم السبق في محاولتهم سلب المرأة حقوقها السياسية وتسييد العقل الذكوري وفرض الوصاية عليها ، والآن يحاولون استرضاءها وإخراجها بكل صفاقة من بيتها للعمل السياسي الذي كان محرما يوما!! وبفتاوى جازمة وقاطعة بالتحريم ، وبقدرة قادر تم إخضاع الفقه الديني وتحول فتاوى التحريم إلى حلال و فرض وواجب ، وكأنهن دمى تحركها أيديهم متى شاؤا. بل وأصبح واجبا دينيا على المرأة مساندة تياراتهم الدينية للحفاظ على مسيرة الكآبة والخوف ، وللأسف ودون أي اعتبار لكرامتهن التي انتهكها المتزلفون.
وبهذا العقل الجمعي وثقافة الراعي والرعية وغياب العقل النقدي لتلك التيارات ، سيواصل الدعاة حثهن لمساندة مرشحيهم وهم من حاولوا بكل قوة وشراسة وأد حقوقهن السياسية. والمفارقة العجيبة والتي لا نجدها إلا في عالمنا المتخلف والتي حدثت في الانتخابات السابقة ، هو حصول هؤلاء المتزلفون الأصوليون على النسبة الأكبر من أصوات النساء ، ويحصل الليبراليون الذين ناضلوا من أجل حقوق المرأة على النسبة الأقل من أصوات النساء !!.
مهما كانت نتائج وإفرازات الانتخابات القادمة سيظل العقل العلمي القائم على النقد والثقافة الديمقراطية وقيم الحرية والتعددية هو سبيلنا وهدفنا . وهو الأمل المعقود لإنقاذ هذا الوطن من تلاعبهم لسنوات طويلة ومريرة ومليئة بالحقد والكراهية التي زرعوها في عقول الطيبين من الناس .
Almole110@kwtanweer.com