قامت القيامة على البطريرك الماروني، الكاردينال بشارة الراعي حينما قام، في العام ٢٠١٤، بزيارة “راعوية” للأراضي المقدّسة في فلسطين! وقامت القيامة على مؤتمر عقده لبنانيون وفلسطينيون قبل أسابيع في لبنان، بمبادرة من الدكتور فارس سعيد، للدعوة إلى فتح باب الحجّ إلى القدس للمسيحيين والمسلمين! واشتم الحزب الإيراني في هذه الدعوة مشروع “سلام” و”تطبيع” مع إسرائيل، أي مشروعاً يسحب من النظام الإيراني “مسمار جحا” الذي يسمح له بتدمير المدن والمجتمعات العربية!
التحقيق التالي الذي أعدّته وكالة “رويترز” يسجّل تسابق الفلسطينيين، وعلى رأسهم السلطة الفلسطينية ومفتي القدس، على استجلاب المسلمين للحجّ إلى القدس! عجيب! هل الفلسطينيون “خونة”؟
بالإذن من الآغا قاسم سليماني: نحن مع فتح طريق الحجّ إلى القدس للمسيحيين والمسلمين والبهائيين وكل شعوب العالم! ونحن مع “السلام” العربي-الإسرائيلي! الآن، الآن، وليس غداً.
الشفاف
*
القدس (رويترز) – في مطار بن جوريون بتل أبيب، يزاحم المسلمون المسافرون لزيارة أحد أشهر المزارات المقدسة مجموعات أكبر منهم عددا من يهود الشتات والمسيحيين.. والكثيرون منهم يتجهون صوب مقصد واحد هو مدينة القدس التي تبعد مسافة 45 دقيقة بالسيارة من المطار.
ويمثل المسلمون قطاعا صغيرا من سوق السياحة الدينية للأراضي المقدسة. لكن إسرائيل والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة يتنافسان على هذا النشاط.
فالمسلمون يأتون بالأساس للصلاة في المسجد الأقصى الواقع في مجمع يعد من أكثر المواقع المقدسة إثارة للنزاع والاضطرابات في العالم. والأقصى ثالث أهم المواقع الدينية لدى المسلمين بعد مكة والمدينة لكنه أقل جذبا للمسلمين الأجانب الذين تنبذ دول أغلبهم إسرائيل أو ترفض مطالبتها بالسيادة على الجزء الشرقي من مدينة القدس الذي احتلته في حرب عام 1967.
وسجلت وزارة السياحة الإسرائيلية وصول 115 ألف سائح مسلم في 2016 أي ما يمثل ثلاثة بالمئة فقط من 3.8 مليون أجنبي وصلوا إلى مطارات إسرائيل أو الحدود البرية التي تسيطر عليها مع الأردن ومصر.
وذكرت الوزارة أن نصف هؤلاء السياح المسلمين يصنفون بأنهم زوار للأماكن المقدسة. وأغلبهم، نحو مئة ألف، أتوا من تركيا التي تعترف بإسرائيل. وجاء البعض كذلك من إندونيسيا وماليزيا اللتين لا تعترفان بها وتستقبل إسرائيل مواطنيهما وفقا لشروط خاصة تتعلق بزيارة الأراضي المقدسة.
وتقول وزارة السياحة الإسرائيلية إن السائح المسلم ينفق في المتوسط 1133 دولارا على الزيارة. ويغضب الفلسطينيون من أن نسبة كبيرة من هذا المبلغ تذهب إلى إسرائيل ويريدون من السياح أن يختاروا أماكن فلسطينية بديلة في القدس أو الضفة الغربية.
وقال جريس قمصية المتحدث باسم وزارة السياحة الفلسطينية “خلال السنوات السابقة كان السياح الأتراك ينزلون في الفنادق الإسرائيلية، قمنا بحملات تعريف لشركات السياحة حول الفنادق الفلسطينية في القدس ورام الله وبيت لحم وفعلا بدأنا نلاحظ إقامة عدد منهم في هذه الفنادق”.
وأضاف أن الفلسطينيين يشاركون دوما في المؤتمرات السياحية الرئيسية في تركيا.
ولم تقدم وزارة السياحة الفلسطينية إحصاءات عن أعداد السائحين الأجانب القادمين إلى الضفة الغربية والقدس الشرقية. لكن قمصية يقول “قمنا بإقامة شبكة علاقات بين شركات السياحة الفلسطينية وأخرى في ماليزيا وإندونيسيا وغيرها من الدول العربية والإسلامية لزيادة عدد السياح المسلمين إلى مدينة القدس وقد نجحنا بشكل كبير”.
*السياسة والدين
وفضلا عن المنافع الاقتصادية، ينظر الفلسطينيون إلى هذه الزيارات باعتبارها تعزز تعاطف المسلمين مع هدفهم المتعلق بإقامة دولة فلسطينية تكون القدس الشرقية عاصمة لها.
ومن أجل ذلك تعارض السلطات الدينية الفلسطينية فتوى رجل الدين الإسلامي المصري يوسف القرضاوي بأنه يتعين على المسلمين غير الفلسطينيين عدم زيارة القدس حتى لا يضفي ذلك شرعية على حكم إسرائيل لها.
وحتى بالنسبة للفلسطينيين لا يعتبر دخول الأراضي المقدسة مضمونا. فمنذ انتفاضتهم عام 2000 تقيد إسرائيل بشكل دوري سفرهم للقدس من الضفة الغربية وتفرض حصارا أكثر صرامة على قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الإسلامية حماس.
ورغم ذلك يبدي الشيخ محمد حسين مفتي القدس والديار المقدسة تفاؤلا حذرا بشأن زيارات الأجانب للأماكن المقدسة.
وقال لرويترز “نلاحظ أن هناك زيادة في أعداد القادمين إلى المسجد الأقصى وأن هناك عددا من المسلمين بدأوا بزيارة المسجد الأقصى وإن لم تكن هذه الأعداد كبيرة نأمل أن تزداد خلال الفترة القادمة”.
وأضاف المفتي “الدعوة إلى شد الرحال إلى المسجد الأقصى قائمة وهناك فتوى بهذا الخصوص منشورة على موقع دار الإفتاء وقد صدرت فتوى بهذا الخصوص من مجمع الفقه الإسلامي”.
وقال عادل صادق، وهو بريطاني مسلم جاء إلى المسجد الأقصى هذا الأسبوع مع 15 بريطانيا آخرين، لصحفي فلسطيني “نريد أن نظهر دعمنا للشعب هنا وأنهم ليسوا وحدهم وأن المسجد الأقصى لكل المسلمين”.
وليس لدى إسرائيل حملة مضادة لجذب الزوار المسلمين للأماكن المقدسة. وتقول وزارة السياحة الإسرائيلية إن ميزانية التسويق لديها مخصصة لدول في أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية وأوروبا والشرق الأقصى وروسيا ولا تشمل تركيا.
وفي وقت ذروة التوترات في القدس الشهر الماضي بسبب قيود فرضتها إسرائيل على دخول المسجد الأقصى دعا الرئيس التركي ذو الجذور الإسلامية رجب طيب إردوغان مواطنيه للذهاب إلى هناك لإظهار التضامن مع الفلسطينيين.
وأعقب مدير عام شركة الخطوط الجوية التركية ذلك بإعلان عن رحلات ذهاب وعودة بقيمة 159 دولارا إلى “القدس” رغم أن الطائرة تهبط فعليا في مطار بن جوريون في تل أبيب.
وكتب السفير الإسرائيلي لدى تركيا إيتان نائيه على تويتر ردا على ذلك يقول “سوف نسعد دائما بالترحيب بحرارة بالسياح الأتراك في إسرائيل وفي عاصمتنا القدس”.