خبر “دير شبيغل” وتّر أجواء بيروت والمصدر قد يكون سورياً والمعلومات مزيج من حقائق ومغالطات

ما زالت ردود الفعل اللبنانية تتوالى على ما نشرته مجلة دير شبيغل الالمانية بشأن تورط حزب الله في جريمة اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الاسبق رفيق الحريري.

وفي هذا السياق تشير المعلومات التي توفرت للشفاف الى جملة معطيات هي:

– اولا، في الشكل ان الخبر صادر عن مجلة امتازت بصدقية الخبر، وان الدائرة القانونية في المجلة اطلعت على المقال المنشور، وابدت موافقتها عليه، خصوصا وانه يتهم بالمباشر جهة معينة، قد تلجأ الى مقاضاة المجلة بتهمة نشر اخبار كاذبة، وتعريض صدقيتها المهنية للخطر، ما لم يكن هذا المصدر موثوقا.

– ثانيا، خلو الردود الحزب الهية من اي إشارة من بعيد او قريب الى مقاضاة المجلة لنشرها الخبر المذكور، واتهام المجلة بالدس وفبركة خبر كاذب.

– ثالثا ، تشير معلومات الشفاف الى ان مصدر الخبر هو سوريا، وحسب مصادر في بيروت ان الوزير السابق “أبو الميش” قد يكون وراء تسريبه، نظرا لموقعه المتقدم كمستشار للنظام السوري لكل ما يتعلق بالشأن اللبناني. فما لم يلاحظه كثيرون، وبينهم معلّق جريدة “الأخبار”، هو أن إتهام حزب الله يقابله “تبرئة كاملة” لبشّار الأسد من أية صلة أو حتى معرفة بعملية إغتيال الرئيس الحريري!

رابعا، تربط المعلومات بين ما نشرته جريدة الاخبار الناطقة بلسان الحزب الالهي منذ قرابة الشهر الى ان حزب الله اصبح جاهزا لتلقي الاتهام من دون الافصاح ما اذا كان هذا الاتهام هو نفسه المعلن عنه في خبر دير شبيغل.

خامسا، تربط المعلومات بين سعي سوريا الى الافلات من قبضة المحكمة الدولية والاتهام السياسي الذي وجهته لها قوى الاكثرية النيابية اللبنانية بالوقوف وراء اغتيال الحريري والصاق التهمة بحزب الله، الامر الذي يحرج الحزب داخليا ويضعه في مأزق التعاطي مع هذا الخبر. فلا هو قادر على رد التسريبات وصولا الى اتهام سوريا، ولا هو قادر على تحميل على قوى الاغلبية مسؤولية التسريبات لان هذه القوى اعلنت اصرارها على اتهامها السياسي لسوريا بالوقوف وراء جرائم الاغتيالات التي عصفت بلبنان، وتاليا، ليس هناك من مصلحة امام قوى الاكثرية لتبرئة النظام السوري من دم الحريري وسائر قيادات ثورة الارز.

سادسا، تشير المعلومات الى ان ما نشرته دير شبيغل يمثل بعض الحقيقة وإن كان ليس الحقيقة كاملة، خصوصا لجهة تبرئة سوريا، وتضيف ان الذين وردت اسماؤهم في المقال المذكور إما قتلوا او اختفوا او هم اسماء حركياة يُـكثر حزب الله من استخدامها بما يضيع هوية صاحبها الرئيسية .

وتقول في هذا السياق ان عماد مغنية قتل في تفجير في دمشق، وان غملوش اختفى ولا احد يعرف له سبيلا، في حين ان المدعو “الحاج سليم” قد يكون اي شخص قيادي او عنصراً عادياً من حزب الله.

سابعا واخيرا، تشير المعلومات الى ان رد المحكمة الدولية على خبر دير شبيغل لم يأت في سياق نفي المعلومات او التشكيك في صدقيتها بل هو جاء في سياق عدم معرفة المصدر الذي اعطى المجلة هذه المعلومات وتاليا يمكن القول ان المحكمة لم تنف ما ورد في سياق الخبر كما انها لم تؤكده.

اما لبنانيا فان ردود الفعل عبرت عن خوف وتوجس لبناني من ردة فعل حزب الله الداخلية، خصوصا في ضوء التهديدات التي بدأت تُـطلق على السنة قيادييه وليس آخرها ما قاله نواف الموسوي القيادي في الحزب من ان وسائل إعلام تيار المستقبل تصرفت بما ينسجم مع مصالحها عندما تعاطت مع الخبر بطريقة لا مبالية من دون ان تفرد له حيزا إخباريا في ظل التوتر القائم بين حزب الله والمستقبل.

وابرز التعبيران المتوجسة من ردة فعل حزب الله الداخلية ما اعلنه رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط مرتين في يوم واحد لجهة اتهامه بعض الصحف باستباق نتائج التحقيقات، ومن ثم اعلانه لاحقا ان التسريبات الصحفية اشبه ببـ”بوسطة عين الرمانة”، إضافة الى التوجس لدى قيادات قوى الرابع عشر من آذار المسيحية التي ترغب في تبني هذا الخبر إلا انها تحرص في الوقت نفسه على عدم استغلاله داخليا خشية انفتاح الازمة السياسية في البلاد على احتمالات امنية متنقلة، إضافة الى وقوف تيار المستقبل وزعيمه موقف المحايد واعلانه بطريقة او بأخرى ان الامر متروك للقضاة في لاهاي لتقرير من هو المتهم وكذلك موقف رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة الذي لم يكن موقفه ببعيد عن موقف الحريري.