في اول عملية تبادل اسرى او محتجزين من نوعها في التاريخ، قام النظام السوري بالافراج عن مواطنين سوريين في سجونه، مقابل افراج المعارضة السورية عن رعايا ايرانيين كانوا محتجزين لديها. (فرادة) هذه العملية تكمن في ان الحكومة السورية افرجت عن سجناء من رعاياها مقابل الافراج عن محتجزين من غير رعاياها. واذا جرى لحظ النسب كل مواطن ايراني مقابل 40 سوريا في الحد الادنى. (كل مواطن سوري مقابل يد مواطن ايراني).
نحو 90 ناشطا معارضا معتقلا ونحو2100 مدني سوري افرجت عنهم السلطات السورية في مقابل الافراج عن 48 محتجزا ايرانيا لدى الجيش السوري الحر. اثر وساطة شاركت فيها تركيا وقطر ساهم في التمهيد لها السيد هاني فحص الذي تلقى رسالة شكر من القيادة الايرانية امس على الجهود التي بذلها للافراج عن المحتجزين الايرانيين. والسيد فحص احد ابرز الوجوه الدينية الشيعية المؤيدة للثورة السورية، لعب دور الوسيط بين القيادة الايرانية وقيادة المجلس الوطني السوري في تركيا. بعد تمني قيادي ايراني حمله موفد خاص للسيد قبل ثلاثة اشهر. وكلف المجلس الوطني القيادي الاخواني نظير الحكيم لادارة عملية التفاوض نتيجة زيارة قام بها السيد الى تركيا ولقائه قيادة المعارضة، المفاوضات اقتضت في مراحلها المتقدمة وبناء على طلب المجلس الوطني دخول تركيا وقطر لضمان تنفيذ الاتفاق. علما ان ايران قادت عبر مندوبيها التفاوض باسم الجانب السوري الرسمي. فيما تولت جهات تركية وقطرية لاحقا متابعة التفاوض مع الجانب الايراني. لكن تصر الاوساط المعنية على عدم الكشف عن تفاصيل اللقاءات التي تمت بين ممثلي ايران وممثلي المعارضة السورية، وامكانية البناء على هذه الصفقة في معالجة ملفات عالقة تتصل بموضوع المحتجزين اللبنانيين في سورية، فضلا عن اسباب عدم ضم ملف المحتجزين اللبنانيين الى الصفقة.
مصدر سياسي لبناني متابع لهذه القضية، اكد ان ثمة مطالب تقدمت بها الجهة المحتجزة للبنانيين قد جرى التقدم بها الى الجهات اللبنانية المعنية وتحديدا جهة حزبية لبنانية، تمّ رفضها او عدم التعامل معها بما يؤدي الى اغلاق هذا الملف والافراج عن اللبنانيين. خلاصة هذه المطالب محل الخلاف، كما يؤكد المصدر “الافراج عن سجناء سوريين في لبنان، تسميهم الجهة المحتجزة للبنانيين بسجناء رأي، وافراج السلطات السورية عن الضابط السوري المنشق حسين هرموش الذي خطف من تركيا في العام 2011”. مع الاشارة الى ان المقايضة المقترحة تساوي في العدد، ان لم تكن لصالح السوريين. فعدد المطلوب الافراج عنهم هو اقل من عدد المحتجزين اللبنانيين في سورية.
الجواب اللبناني بوسائط رسمية وغير رسمية : ليس لدينا سجناء رأي في لبنان، ولا نمون على القيادة السورية بالافراج عن هرموش. وهذه النتيجة فتحت الباب واسعا امام الاستغلال السياسي لهذا الملف باعتبار ان مختلف الفرقاء اللبنانيين المؤثرين في هذا الملف سواء المؤيدين للنظام السوري او المؤيدين للمعارضة السورية، دخلوا في تقديم الاعتبار السياسي على الاعتبار الانساني والوطني في مقاربة قضية المحتجزين اللبنانيين في سورية.
ورغم ادعاء المعارضة السورية بانهم جنود من الحرس الثوري، وتنديدها بالموقف الايراني من الاحداث في سورية، نجحت ايران في الافراج عن مواطنيها، عبر صفقة تبادل عمادها الكتمان والحرص المسؤول على مواطنيها، وهو سلوك حكومة تحترم شعبها، وتتجاوز الكثير من الاعتبارات الشكلية وحتى السياسية من اجل تحرير مواطنيها المحتجزين او المأسورين، لا فرق.
كما ان هذه العملية الناجحة هي نموذج لما يمكن ان يقوم به لبنان وتحديدا حزب الله من اجل المحتجزين اللبنانيين الشيعة في اعزاز، اما لماذا ليس الدولة؟ فلاعتبارات بات يعرفها الجميع، منها ان حزب الله هو من قاد في العقدين الماضيين العديد من عمليات التفاوض مع العدو من اجل الاسرى في السجون الاسرائيلية وكانت الدولة على الهامش. ولأن لحزب الله كما هو معروف، علاقات وثيقة مع النظام السوري، غير متوفرة لا للحكومة اللبنانية ولا لأي جهة لبنانية الا حزب الله. فضلا عن المحتجزين الذين ينتمون لبيئة يقدم حزب الله نفسه يوميا على انه الحامي لها من اي عدوان.
عملية التبادل الايرانية السورية، نجاحها فضيحة للبنانيين، لانها تضفي شعورا قاسيا لدى اي لبناني سواء كان من اشرف الناس او مجرد مواطن عادي، انه اقل شأنا لدى مسؤوليه من اي مواطن آخر، وانه سلعة في سوق السياسة وفي سوق الدول لا تستحق العناء. ولا عذر للمتحالفين مع النظام السوري في لبنان بعد الافراج عن الايرانيين. فالافراج عن المحتجزين اللبنانيين هو بيد النظام السوري. يتطلب الامر بعض حرارة الاهتمام تلامس تلك الحرارة الايرانية تجاه رعاياها.
alyalamine@gmail.com
كاتب لبناني
البلد