انتهت الاستشارات النيابية الملزمة وتم تكليف الرئيس سعد الحريري كما كان مرتقبا بتشكيل حكومة العهد الاولى، بأغلبية 112 صوتا من اصل 127، وامتنع عن التسمية نواب حزب الله على جري عادتهم! فهؤلاء لم يسموا يوما الحريري او اي رئيس من تيار المستقبل لتولي رئاسة الحكومة، في حين « اودع » نواب الحزب السوري القومي اصواتهم للرئيس عون ليتصرف بها. اما نواب البعث السوري ففضلوا التريث لحين صدور البيان الوزاري للحكومة من اجل منحها الثقة او حجبها عنها، من دون تسمية الحريري رئيساً.
المعلومات تشير الى ان تشكيل الحكومة لن تواجهه عقبات وصعوبات مرجحة ان تبصر حكومة الحريري النور في مهلة أقصاها ثلاثة أسابيع قبل نهاية الشهر الجاري، في سابقة لم يعرفها لبنان منذ العام 2005.
وأشارت المعلومات الى انه، خلافا لكل التوقعات، فإن الرئيس عون يسابق الوقت، لتحقيق انجازات سريعة تعكس ما كان ينادي به منذ اكثر من 26 عاما لجهة تسيير عمل الدولة والمؤسسات.
وتضيف ان الرئيس ابلغ جميع من يعنيهم الامر، ان الوقت لا يسمح بالدلع السياسي وانه لن يسمح بتعطيل مسيرة العهد في بدايتها، ايا تكن المعوقات، خصوصا ان الرئيس انتظر سنتين ونصف السنة، لينتخب رئيسا، وكانت هذه الفترة بمثابة تعطيل لعمل مؤسسات الدولة التي شارف معظمها على الانهيار، وتاليا هو لن يسمح بإطالة امد التعطيل تحت اي ذريعة كانت.
من جهته الرئيس سعد الحريري، قال إنه سينطلق في استشارات التشكيل، معتمدا على التفاهم والاحتضان للعهد الجديد، وان اي تعطيل لن يكون في وجهه بل في وجه الرئيس عون، وهو تاليا لن يكون رأس حربة في مواجهة المعطلين بل سيستند الى التفاهم مع الرئيس لازالة العوائق والعقبات التي ستعترض تشكيل الحكومة.
المعلومات تشير الى ان توزيع الحقائب الوزارية كان ينتظر عقدة الرئيس نبيه بري الذي طالب بوزارتي الطاقة والنفط، ووزارة المال، في حين أن حزب القوات اللبنانية طالب هو الآخر بوزارة المال! ويريد التيار الوطني الحر وزارة الطاقة، وتضيف المعلومات الى ان هذه العقبات عادية ويمكن تجاوزها.
تفاهم مفاجئ بي عون والحريري!
وفي سياق متصل قالت مصادر سياسية إن التناغم بين تيار المستقبل والرئيس عون فاجأ الطرفين، خصوصا لجهة إزالة الالتباسات التي كانت قائمة بينهما منذ بدء تنفيذ الطبعة السورية لاتفاق الطائف. وكشفت المصادر بعض نقاط الحلاف بين الجانبين، حيث يعتبر التيار العوني أن السنية السياسية عموما والحريرية السياسية هي التي استفادت من عهد الوصاية السورية لتنهش في مكتسبات وحقوق المسيحيين في الدولة والنظام السياسي ما بعد الطائف.
وتشير الى ان سلطة الوصاية السورية التي تولت إدارة شؤون لبنان بعد الطائف هي التي فرضت على المسيحيين الانكفاء عن السلطة بسجن قائد القوات اللبنانية سمير جعجع ونفي العماد عون، وفرضت على المسيحيين ممثلين عنهم لا يمتون لواقعهم التمثيلي بصلة من ايلي الفرزلي الذي شغل منصب نائب رئيس مجلس النواب لاكثر من عقد من الزمن وتوزير الارهابي ميشال سماحة وسواهما من الذين فرضتهم سلطات الوصاية السورية، وكانوا هامشيين ومهمشين! إضافة الى ان المستفيدين من عهد الوصاية على حساب المسيحيين هما الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط، فصندوق المهجرين ووزارة المهجرين كانا في عهدة جنبلاط، مع ان المهجرين هم من المسيحيين، ومجلس الجنوب في عهدة الرئيس بري، ولا احد ينازعه على سلطته عليه، في حين ان « مجلس الانماء والاعمار » مكبل سلطات الرقابة من نائب الرئيس الشيعي، ومفوض الحكومة الدرزي.
وتضيف انه إذا كانت شخصية الرئيس الشهيد رفيق الحريري طاغية، فهذا لا يعني ان السنّة او تيار المستقبل هو من نفى العماد عون وسجنَ سمير جعجع، او ان « السنية السياسية » حلت بديلا عن المارونية السياسية، فاتفاق الطائف لم يعطِ السنة مكتسبات على حساب رئيس الجمهوري، وتجربة الحكومة الاخيرة خير شاهد. فالصلاحيات التي تمت إناطتها بمجلس الوزاء مجتمعا لم توضع في يد رئيس الحكومة السني، في حين تم تثبيت رئيس المجلس النيابي في موقعه، من دون وجود آلية لاقالته! وكذلك رئيس الجكهورية! اما البدع الدستورية التي نتجت لاحقا عن التفسيرات المشوهة لاتفاق الطائف فدفع ثمنها رئيس الحكومة السني ثلثا معطلا لحكومته، وبدعا ميثاقية تسمح لكل طائفة بوضع فيتو على عمل الحكومة ورئيسها.
وتشير المصادر الى ان ما حصل ليس نتيجته ثنائية سنية مارونية بل إعادة وضع البلد على سكة الحلول لجهة إدارة عجلة الدولة والمؤسسات والسعي ما امكن لتجنبيه نيران الثورة السورية وتداعياتها على لبنان.
ولذلك فإن اجواء التوافق بين المعطلين التاريخيين للحكومات والرئيس الحريري ستسمح بتجاوز عقبات التعطيل وستيصر الحكومة النور اسرع مما يتوقع المعطلون الجدد.