يزعم موقع “درج” (في مقال بعنوان:“وثائق بنك الموارد” تقديمات وتسهيلات ماليّة من رياض سلامة لصحافيين وفنانين) أنه “اطلع على مضمون التحقيقات الفرنسية مع المصرفي مروان خير الدين”! كيف؟ عبر تسريب وثائق؟ أم عبر تسريب “مضمون التحقيق” فقط؟ في أي حال، يزعم الموقع أنه “للمرة الأولى، القضاء الفرنسي يكشف عن أموال دُفعت بطريقة مشبوهة وغير قانونية لمقرّبين من سلامة عبر بنك الموارد.”
حرفياً، ننقل عن موقع “درج” ما يلي:
لائحة من خمسة أسماء:
سؤال مباشر طرحته القاضية الفرنسية أود بوريزي على مروان خير الدين، عن دفعات مالية قام بها لصالح خمسة صحافيين بطلب من رياض سلامة. على القائمة أسماء لشخصيات عُرفت بولائها لسلامة، مثل المحامي جوزيف أبو فاضل (شقيق سيمون) الذي كان خلال السنوات الماضية رأس حربة في معركة الدفاع عن الحاكم، وكتاب معروفين في الصحف اللبنانية الكبرى كانوا بعيدين عن الأضواء، مثل الاقتصادي والرئيس السابق لمديرية التخطيط في جريدة “النهار” مروان إسكندر، ورئيس تحرير جريدة “الديار” شارل أيوب.
من بين الأسماء أيضاً، الصحافي فيليب أبي عقل، وهو صحافي في موقع ICI Beyrouth المموّل من صاحب مصرف هو أنطون الصحناوي والمعروف بدفاعه عن المصارف. اسم نوفل ضو، الكاتب في “النهار”، ورئيس التحرير السابق لموقع النهار نت، وأحد وجوه 14 آذار..” الذي يقول عنه لاحقاً أنه “استطاع أن يصرف شيكاً خلال المرحلة التي فُرض فيها كابيتال كونترول غير رسمي وضع قيوداً غير قانونية على المودعين. ولدى سؤاله عما إذا كان الأمر خدمة لرياض سلامة، رد خير الدين بالإيجاب وأضاف أن معاملة من هذا النوع لم تكن تحصل مع أي زبون آخر.”. مبلغ كبير أم صغير، لا نعرف!
انتهى الإقتباس.
لماذا خمسة أسماء فقط؟
الصحفيون الذين تحدّثنا إليهم بعد نشر تقرير “درج” قالوا، كلهم بدون إستثناء، “أين أسماء فلان وفلان..؟”! وقد يكون الجواب هو أن رياض سلامة لم يستخدم “بنك الموارد” سوى للدفع لعدد صغير من الصحفيين، أي أن “الآخرين” قبضوا عن طريق بنوك أخرى! ربما.
مع ذلك يلفت النظر التعريف الملتوي وغير النزيه لفيليب أبي عقل. إذا سألت أي صحفي في لبنان، أو خارجه، عن فيليب أبي عقل سيجيبك على الفور “صاحب (أو مدير) “المركزية” منذ العام 1982! في مقال “درج” لم يرد ذكر لـ”المركزية” وتحوّل فيليب أبي عقل إلى “صحفي في موقع ICI Beyrouth المموّل من صاحب مصرف هو أنطون الصحناوي” (الذي تأسس قبل أقل من سنتين) وأن فيليب أبي عقل يكتب فيه مقالاً أسبوعياً، مثلَهُ مثل عدد كبير جداً من الصحفيين الذين بات موقع الصحناوي يشكل لهم مورد رزق في “زمن القحط” المتطاول منذ 2019!
أي حال، الأسماء التي أوردها الموقع كانت “متداوَلة” منذ سنوات في أوساط الإعلاميين، ويُسجَّل لـ”درج” أنه أخرجها من “الشفهي” إلى نص منشور!
يورد تقرير “درج” بصورة منفصلة أسماء الممثلة ستيفاني صليبا، وماريان حويك، ويشير إلى “حسابات تعود الى صحافيين من بينهم راغدة درغام وإلهام فريحة وبسام فريحة”.
الدفعات للمتّهمين الخمسة.. تافهة!
حسب “درج”، تتراوح المبالغ في هذه العمليات (التي قام بها خير الدين بناءً على طلب سلامة)، بين 100 الى 300 مليون ليرة لبنانية، أي بين 11600 دولار و35000 دولار بحسب سعر الصرف في ذلك الوقت. هذه العمليات استمرت حتى العام 2022.
من أين جاء مبلغ مليار وربع المليار دولار؟
في مكان آخر من تحقيقها تورد “درج”: بحسب تقرير نشرته THE POLICY INITIATIVE تحت عنوان “شراء السردية… كيف استغلت المصارف اللبنانية الإعلام للتأثير على الرأي العام”، (كتبه سامي زغيب، ووسيم مكتبي، وسامي عطا الله) وورد فيه أن هناك نحو مليار وربع المليار دولار دفعها القطاع المصرفي لوسائل إعلام لبنانية بين عامي 2012 و2021، في وقت كانت هذه المصارف نفسها تمتنع عن دفع مستحقات الناس بسبب ضعف السيولة.”
تجدر الإشارة إلى أن النسخة الأصلية من تقرير “درج” أوردت أن هذا المبلغ الهائل تم دفعه ين عامي 2019 و2021! مع ذلك، لم يصحّح “درج” الخطأ كاملاً: فالتوقف عن دفع مستحقات الناس لم يبدأ في 2012 بل في 2019!
إذا، رقم المليار وربع المليار دولار ليس من “درج” بل من موقع THE POLICY INITIATIVE آخر تموّله، مثل “درج”، مؤسسة جورج سوروس المسماة Open Society. وقد جاء في تقريره الذي كتبه سامي زغيب ووسيم مكتبي وسامي عطالله: “بين عاميّ 2012 و2021، اشترى القطاع المصرفي مساحة للإعلانات التلفزيونية بقيمة تقارب الـ1.17 مليار دولار، 80% منها قبل نشوء الأزمة سنة 2019. استثمرت النسبة الأكبر من تلك الإعلانات (97% منها) في القنوات التلفزيونية الستّة الأكثر مشاهدةً في لبنان: تلفزيون المرّ (أم تي في)، المؤسسة اللبنانية للإرسال انترناسيونال (إل بي سي آي)، قناة الجديد، الشبكة الوطنية للإرسال (إن بي إن)، تلفزيون المستقبل، وقناة أورانج (أو تي في).”
تستند أرقام هذا الموقع إلى بيانات من شركة إيبسوس، ولكن الموقع لا يورد بيانات إيبسوس الأصلية!
وبناءً عليه، يصعب معرفة مدى صحة الرقم.
وقد أفادنا مصدر صحفي مطّلع تحدثنا إليه أن هذا المبلغ قد يكون صحيحاً إذا اعتبرنا أن قسماً كبيراً منه يأتي من “الهندسات المالية” التي ابتكرها حاكم البنك المركزي رياض سلامة، وليس من المصارف وحدها!
إقرأ أيضاً:
سرّي/غير سرّي!: مؤسسات ومواقع إعلامية يمّولها “سوروس” في لبنان!
*