حذر مدير الاستخبارات العسكرية الأميركية مايكل مابيلس من أن “حزب الله” يعمل على فرض سيطرته السياسية في لبنان خصوصا بعد حرب الصيف الماضي مع اسرائيل، مشيرا الى ان التظاهرات والاعتصامات التي ينظمها الحزب تأتي في هذا السياق، ومتوقعا أن يستمر تدخل سوريا في لبنان بهدف التأثير على سياسة الحكومة اللبنانية وتحقيق الامم المتحدة في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. واتفق مع زميله مدير الاستخبارات الوطنية جون ماكونيل على أن إيران وسوريا تواصلان دعم حزب الله وتسليحه بما يتلاءم مع مصالحهما في المنطقة.
جاء كلامهما خلال جلسة استماع للجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الاميركي أمس تناولت التهديدات الحالية والمستقبلية المحتملة على الأمن القومي الأميركي، تحدث فيها الى جانب ماكونيل ومابيلس، رئيس مجلس الاستخبارت الوطني توماس فينغر، وركزت الجلسة بشكل خاص على التهديدات المحتملة من قبل إيران وسوريا و”حزب الله” وكوريا الشمالية.
مابيلس
وتناول مابيلس خصوصا دور “حزب الله”، وقال “خلال النزاع مع اسرائيل، اصبح حزب الله اللاعب الاول من خارج الدولة الذي يطلق صاروخا مضادا للسفن. في هجمات عديدة غير ناجحة، اطلق حزب الله ايضا طائرات من دون طيار، ممكن ان تكون ايران زودته بها، وعلى الاقل كانت احداها مسلحة بمتفجرات”.
واعتبر انه على الرغم من ان “الجيش الإسرائيلي الحق الضرر ببعض من ترسانة حزب الله والعديد من مبانيه الا ان ذلك لم يمس بقيادة حزب الله الذي استعاد على الارجح مخزونه من الاسلحة بمساعدة ايران وسوريا. واضطر لبنان ان ينشر القوات المسلحة اللبنانية في الجنوب لكن الجيش اللبناني لم يتحرك لنزع سلاح حزب الله. بالاضافة الى ذلك، لقد أبلغت الحكومة اللبنانية الآن بأنها مسؤولة عما يحصل على الاراضي اللبنانية وفقا لقرار مجلس الامن رقم 1701”.
اضاف “زعم قادة حزب الله النصر واصبحوا اكثر اصرارا على مطالبهم السياسية كما بينت تظاهرات المعارضة في بيروت. يركز حزب الله حاليا على تأكيد سيطرته السياسية في لبنان. وايران وسوريا لا تزالان ملتزمتين بقاء حزب الله. صرح مسؤولو دفاع اسرائيليون علنا بان النزاع يمكن ان يتجدد خلال صيف العام 2007 بسبب الوضع غير المستقر”.
واشار الى ان “ايران تواصل ايضا دعم حزب الله بهدف التصدي للجهود الاسرائيلية والاميركية في المنطقة، لاسيما بعد النجاح الملحوظ لحزب الله ضد اسرائيل خلال المواجهات في تموز 2006. وتستمر سوريا في دعم حزب الله ومساعدته على التسلح لحماية المصالح السورية في لبنان وبسط النفوذ ضد اسرائيل التي لا تزال في نظرها اكبر تهديد لها”، متوقعا “ان يستمر تدخل سوريا في لبنان بهدف التأثير على السياسات اللبنانية حيال حزب الله واسرائيل وتحقيق الامم المتحدة في اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري”.
وقال ان “القيادة السورية تحاول ان تزن خلطة معقدة من الاهداف في العراق. وتضمن هذه (الاهداف) منع الاميركيين من النجاح في العراق وتشجيع انسحابنا المحتمل بينما تقوم في الوقت نفسه بتحسين العلاقات بحكومة بغداد ودعم عراق موحد وتجنب انفجار حرب اهلية عراقية.. لا تزال سوريا المدخل الرئيسي للمتمردين الى العراق بسبب الفساد وشبكات التهريب والعلاقات القبلية عبر الحدود”.
وعن مسألة تسلح سوريا، قال “تستمر سوريا باجراء تحسينات بسيطة على قواتها التقليدية. لم تقم باي عملية مهمة لاكتساب الاسلحة في العام 2006، مستمرة في التوجه الذي بدأ في منتصف التسعينيات. عوضا عن ذلك، ركز الجيش السوري انفاقه الدفاعي المحدود على اسلحة رخيصة وعالية الفعالية مثل الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات وصواريخ ارض ـ جو التكتيكية المتطورة مثل: اس اي 24، وتحسين مستوى المنصات الموجودة. تملك سوريا ايضا برنامجا ناشطا للاسلحة الكيميائية”.
وبشأن وضع النظام السوري، قال “نقدر بأن النظام مستقر بشكل عام مع غياب معارضة منظمة ومتماسكة مدعومة من قبل مجموع المؤيدين المحليين. النظام يعتبر التطرف الاسلامي أكبر تهديد داخلي له.
وفي اشارة الى الدعم الذي يتلقاه “حزب الله” من خارج اطار ايران وسوريا، قال “يشتبه بأن بعض الداعمين لحزب الله اللبناني في أميركا الجنوبية، يرسلون جزءا من ارباحهم من تجارة المخدرات الى المجموعة في لبنان”.
ماكونيل
بشأن التهديد الإيراني، قال ماكونيل “نقدر بأن ايران تنظر الى قدرتها على القيام عمليات ارهابية في الخارج كعنصر اساسي من استراتيجية الأمن القومي لديها، تعتبر ان هذه القدرة تساعد على حماية النظام من خلال ردع الهجمات الأميركية او الإسرائيلية، وتشغل اسرائيل وتضعفها، وتعزز تأثير ايران الاقليمي من خلال الترهيب وتساعد على اخراج الاميركيين من المنطقة.. وفي مركز استراتيجية ايران للارهاب حزب الله اللبناني الذي يعتمد على طهران في جزء مهم من ميزانيتها السنوية ومعداتها العسكرية والتدريبات المتخصصة. وحزب الله يقوم بالتركيز على جدول اعماله في لبنان وعلى دعم الارهابيين الفلسطينيين المعادين لاسرائيل، ولكن كما اشرت في وقت سابق، وضع في الماضي خططا طارئة للقيام بهجمات ضد المصالح الاميركية عند وقوع حادث يشعر فيه بأنه مهدد، هو أو ايران، في بقائه”.
وعن دور ايران في الشرق الاوسط، رأى ان “تأثير ايران يتصاعد بما يتجاوز مجرد التهديد الناتج عن برنامجها النووي”، معتبرا ان “سقوط طالبان وصدام وازدياد ايرادات النفط والانتصار الانتخابي لحماس والنجاح الاخير الملحوظ لحزب الله في القتال ضد اسرائيل، كلها تبسط ظل ايران في المنطقة. حلفاؤنا العرب يخشون تأثير ايران المتزايد وهم قلقون بشأن التوتر المتفاقم بين المسلمين الشيعة والسنة، ويواجهون انتقادات محلية متزايدة بسبب الحفاظ على شراكتهم الاستراتيجية مع واشنطن منذ عقود”.
وعن سياسة سوريا الاقليمية، قال “لقد عززت سوريا صلاتها بإيران واصبحت لديها ثقة اكبر بالنسبة لسياساتها الاقليمية، ويعود ذلك في جزء كبير الى ما تراه بأنه دفاع عن دعمها لحزب الله وحماس واحساسها بنجاحها في تخطي المحاولات الدولية لعزل النظام. لقد فشلت دمشق في اتخاذ اجراءات لمنع تدفق المسلحين الى العراق بشكل ثابت وتستمر في التدخل في لبنان. يبقى لبنان في وضع سياسي خطير فيما تحاول دمشق وحزب الله وحلفاء آخرون لسوريا اسقاط حكومة رئيس الوزراء السنيورة”.
(“المستقبل”)