بدأت المعارضة الإصلاحية في إيران بكشف هويّات مسؤولي القمع الذي يتعرّض له الشعب الإيراني. التحقيق التالي أعدّه موقع “روز” حول مسؤول عمليات التعذيب التي يتعرّض لها كبار القادة الإصلاحيين المعتقلين حالياً. وهو بقلم “سينا حسيني”. التقرير كان يمكن أن ينطبق على بعض “رموز” نظام صدّام حسين.
الصور المرفقة من “الشفاف”.
*
تفيد مصادر مطّلعة في طهران أن المسؤول عن إنتزاع “الإعترافات” القسرية من قياديّي “منظمة مجاهدي الثورة الإسلامية” المعتقلين، وكذلك من بعض أعضاء المجلس المركزي لـ”جبهة المشاركة” هو “جواد عبّاس كنكوري”، المعروف كذلك بإسم “جواد أزاده” (أو “آمولي”). وكان هو نفسه رئيس فريق تعذيب المعتقلين في قضية الإغتيالات التي أطلق عليها الإيرانيون تسمية “مسلسل إغتيال المثقّفين” في العام 1998.
ويعمل “جواد أزاده” تحت إشراف “أحمد سالِك”، ممثّل “القائد” (خامنئي) في “مكتب إستخبارات الأمن” في الباسداران، وهو مسؤول عن تعذيب كلٍّ من “مصطفى تاج زاده” (نائب وزير الداخلية للشؤون السياسية في عهد خاتمي)، و”بهزاد نبوي” (نائب رئيس البرلمان وأحد مؤسّسي “منظمة مجاهدي الثورة الإسلامية”، و”فيض الله أرابسورخي” (عضو اللجنة المركزية لـ”منظمة مجاهدي الثورة الإسلامية”)، و”محسن أمين زاده” (نائب وزير الخارجية في 1997-2005) و”عبدالله راميزان” (الناطق السابق بلسان الرئيس “محمد خاتمي”)، بغية انتزاع إعترافات كاذبة منهم. إن “سالِك”، كذلك، عضو في اللجنة الحكومية التابعة لمجلس صيانة الدستور التي تم إنشاؤها لكي تقوم بتحقيق “مستقل” في الشكاوى التي تقدّم بها المرشّحون للإنتخابات الرئاسية حول تزوير إنتخابات 12 يونيو. وجدير بالذكر أن التعيين الحديث العهد لـ”جواد أزاده” جاء بعد إخفاق مسؤولي التعذيب السابقين في كسر إرادة المعتقلين وانتزاع “إعترافات” منهم، أي بعد فشلهم في تأمين “المستندات” التي تشعر إدارة أحمدي نجاد أنها بحاجة إليها لإثبات وجود علاقة بين الإحتجاجات الشعبية الواسعة النطاق وجهات أجنبية.
تضيف المصادر المطّلعة أن “قائد الثورة الإسلامية” شدّد على ضرورة الحصول على مثل هذه الإعترافات من المعتقلين بأي ثمن، وذلك هو السبب في تكليف “جواد أزاده” بهذه المهمة بعد فشل المحققين السابقين في كسر مقاومة ضحاياهم. إن إختصاص “جواد أزاده” هو إخضاع المعتقلين لتعذيب لا حدود له لإجبارهم على تقديم إعترافات كاذبة.
وجاء هذا التغيير بعد نقل “السيد مصطفى تاج زاده” إلى مستشفى “شهيد مدرّس” بسبب التعذيب الذي أخضع له، وبعد معلومات بأن كليتيه تضرّرتا من جاء التعذيب.
سيرة جلاد الإصلاحيين الجديد
“جواد أزاده” هو نفس الشخص الذي قام قبل سنوات بتعذيب “فهيمة دوري نوغوراني” (الصورة)، وهي زوجة “سعيد إمامي” (ويُعرَف إيضا بإسم “سعيد إسلامي” الذي كان مشبوهاً رئيسياً في قضية “مسلسل إغتيال المثقفين”). (كان “سعيد إمامي” مساعد وزير الإستخبارات “علي فلاحيان”، وقد انتحر في السجن بعد اعتقاله). وقد قام بتعذيبها إلى درجة حتّمت نقلها إلى مستشفى “بقية الله” في طهران بعد فشل كليتيها. وبعد انكشاف أعمال التعذيب المذكورة، بفضل تدخّل رئيس الجمهورية آنذاك، “محمد خاتمي”، و”هاشمي شهرودي”، تم إبعاد “أزاده” وشركائه.
وبعد عزله، وضع “جواد أزاده” تقريراً من 80 صفحة وصف فيها “الإعترافات” التي انتزعها من بعض أصلب ضباط وزارة الإستخبارات ومن شركائهم. وكان القاسم المشترك بينها جميعاً هو “إعترافات” العلاقات الجنسية وارتكاب أعمال قتل ونشاطات إرهابية بتوجيه من وكالات إستخبارات أجنبية.
وفي أفلام الفيديو الخاصة بجلسات التعذيب التي تعرّضت لها زوجة “سعيد إمامي”، والتي تسرّبت لاحقاً خارج مركز الإعتقال في وزارة الإستخبارات- وتظهر فيها بوضوح أعمال التعذيب المرعبة التي مورست ضدها من أجل إنتزاع إعترافات جنسية واعترافات خيانة منها- فإن رئيس فريق التحقيق كان “جواد أزاده” الذي يظهر في الفيديو تحت إسم “أمولي”. وفي أعقاب نشر تلك المشاهد وبعد المزاعم التي تقدّم بها المسؤول القضائي في القوات المسلحة، “محمد نيازي”، حول الطبيعة الإنتقائية للمشاهد، فإن المسؤول عن كشف أفلام الفيديو التي تستغرق 3 ساعات وجّه خطاباً إلى السلطات وأرسل نسخاً من خطابه إلى المجلس وإلى أجهزة الإستخبارات نفى فيها بشدّة حصول أي تلاعب أو قصّ للأفلام، وأكّد أن إستجواب المشبوهين، وخصوصاً النساء، تضمّن مشاهد مقزّزة ولكن لم يتم تصويرها.
وبعد انكشاف أعمال التعذيب التي تعرّض لها المشبوهون في قضايا “مسلسل إغتيال المثقفين”، فقد تمّ طرد “سعيد أزاده” و4 آخرين من وزارة الإستخبارات هم: “مجتبى بابائي” المعروف بإسم “أميري”، و”أحمد شيخنا” المعروف بإسم “أحمد نياكان” أو “تفتازاني”، و”مصطفى منتظري” المعروف بإسم “فرقاني” أو “شاباياتي”، و”مهدي غفاميهونار”، المعروف بإسم “غافام”.
وفي أعقاب طردهم من عملهم في وزارة الإستخبارات، فقد تعرّض الخمسة لتحقيق كان موضوعه لجوءهم للتعذيب من أجل إنتزاع الإعترافات من ضحاياهم. وحينما سُئل “جواد أزاده” عمّا أعطاه الحق في تعذيب كل هذا العدد من السجناء من أجل إنتزاع الإعترافات منهم، كان جوابه أنه حينما أعلن “القائد” أن تلك الجرائم كانت بالتأكيد من صنع عملاء أجانب، فقد رأينا أن واجبنا الديني كان يفرض علينا أن نضرب السجناء لكي نحصل منهم على إعترافات. وأضاف: هل كان بوسعنا أن نحصل على إعترافات تناقض ما قاله “القائد”؟
وقد أدلى بأقواله تلك في حين أن آية الله خامنئي علّق على جرائم إغتيال المثقفين في العام 1998 في خطابٍ له قائلاً: “ينبغي أن تعلموا أن الذين ارتكبوا تلك الجرائم لم يكونوا حتى من النظام، بل إنهم أجانب”. وبعد انتهاء ولاية الرئيس “محمد خاتمي” وتولّي “أحمدي نجاد”، فقد أعيد “جواد أزاده” وشركاؤه إلى العمل في أجهزة الأمن وأوكلت إليهم مهمة التعاطي مع من ينتقدون إدارة أحمدي نجاد.
والآن، بعد أن بات “جواد عبّاس كانغوري”، المعروف بـ”جواد أزاده” مسؤولاً عن إستجواب الإصلاحيين البارزين، فالظاهر أنه أعطي كذلك مسؤولية إنتزاع إعترافات كاذبة تستند إلى وجهات نظر قائد النظام الإسلامي.
ويأتي هذا التغيير في حين تقول مصادر مطلعة على الأوضاع داخل وزارة الإستخبارات أن “جواد أزاده” شخص مكروه حتى بين العناصر اليمينية في الوزارة بسبب أعمال التعذيب التي مارسها ضد زملاء له. وتعتبر العناصر المتطرفة في الوزارة أن “سعيد إمامي” كان “شهيداً”، وتتحين الفرص للإنتقام من “جواد أزاده” بسبب معاملته لـ”سعيد” وزوجته. وهذا كله يدعو للتساؤل حول مصداقية أية إستجوابات يتولاها “أزاده” والفريق التابع له في وزارة الإستخبارات.
إقرأ أيضاً:
الستّة الذين “اعترفوا” في سجن طهران: أبطحي، حجاريان، تاج زاده، نبوي، أمين زاده، مزورعيhttp://www.metransparent.com/spip.php?page=article&id_article=7680&lang=ar