بشكل من الأشكال، فإن بناء جسر يربط مصر بالسعودية برّاً، سيفتح الباب لتكامل إقتصادي، وسياسي، وعسكري، وحتى اجتماعي..! وطالما أن “الإخوان المسلمين” كانوا، على لسان مرشدهم، قد رفعوا شعار “طز في مصر”، فليس مفهوماً أن يهبّوا الآن للدفاع عن “مصرية الجزيرتين” اللتين اعترفت مصر رسمياً بأنهما سعوديتان في العام 2010، في عهد الرئيس مبارك من غير أن يعترض أحد، في حينه، على القرار!
ما هي حقيقة وضع جزيرتي “تيران” و”صنافر”، ولماذا أعادتهما مصر الى الملكة العربية السعودية؟
تقع الجزيرتان عند مدخل خليج العقبة، ويمر باحداها مضيق تيران، وهو الممر الوحيد لعبور السفن من البحر الاحمر الى موانئ ايلات فى اسرائيل والعقبة فى الاردن.
الجزيرتان صخريتان لا يقطنهما أحد، وكانتا من ضمن حدود ولاية الحجاز اثناء تبعيتها للدولة العثمانية، وورثتهما المملكة السعودية بعد بسط ال سعود السيطرة على الحجاز، علما أن هناك كثير من الخرائط قديمة العهد وترقى الى ما قبل عام 1900 تضع الجزر ضمن الاراضى المصرية ، حيث كانت الحجاز كله خاضع للسيادة المصربة فى عهد محمد علي باشا
بعد حرب 1948 احتلت اسرائيل ميناء أم الرشراش على خليج العقبة واسمته ميناء ايلات. خافت المملكة السعودية من قيام اسرائيل باحتلالهما فسلمتهما الى الملك فاروق لتكونا تحت الحماية المصرية.
بسطت مصر سيادتها على الجزيرتين عام 1950 . وفي العام 1967 اغلق الرئيس المصري جمال عبد الناصر مضيق تيران امام الملاحة الاسرائلية، فشنت إسرائيل الحرب على مصر لما يمثل معبر تيران من أهمية حيوية واستراتيجية لاسرائيل، واحتلت شبه جزيرة سيناء بالكامل ومعها قطاع غزة والجزيرتين.
معاهدة كامب ديفبد، التي وقعها الرئيس المصري انور السادات مع اسرائيل، إعادت من ضمن ما أعادت من أراض الى جمهورية العربية، الجزيرتين، وتم اعلانهما ضمن المنطقة (ج) التى لا يحق لمصر فيها بتواجد اسلحة ثقيلة.
حاليا توجد على الجزيرتين وحدة حراسة تحمل اسلحة خفيفة تابعة للجيش المصري.
منذ استردادهما من اسرائيل فى عام 1988 طلبت السعودية باسترداد الجزيرتين ووعدت مصر بدراسة هذا الطلب.
فى عام 2010 وجهت المملكة العربية السعودية رسالة الى الأمم المتحدة تثبت فيها تبعية الجزر لها، ورد عليها الرئيس المصري حسنى مبارك، برسالة تفيد ان الجزر مصرية.
بعد ثورة 25 كانونا الثاني يناير تشكلت لجان فنية لاعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية، استمرت 5 سنوات وتوصلت اللجان الى وقوع الجزر ضمن المياه الاقليمية السعودية.
ومؤخرا، تم انتهاز مناسبة زيارة الملك سلمان لاعلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية ومن ضمنها الاعتراف بملكية السعودية للجزيرتين، على ان تستمر مصر فى استغلالهما لمدة 65 عاما، وحصولها على عائد 25 فى المئة من الموارد البترولية والغازية التى قد تستخرج منها ، مع الاعلان عن انشاء جسر بين الدولتين يمر بالجزيرتين.
إعادة الجزيرتين الى المملكة العربية السعودية، وضع المملكة على خارطة المعابر البحرية الاستراتيجية، وشكل بمعنى ما، بداية حدود ةنقطة تماس بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، تزامنا مع إنقسام الرأي العام المصري بين ثلاثة إتجاهات :
المعارضة، وهى من الاخوان ومن احزاب ونشطاء 25 كانون الثاني/ يناير تشن حملة حملة تتهم فيها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسى والحكومة ببيع الجزيرتين للسعودية والتنازل عن اراضى مصرية .
وهناك تيار شعبى ضخم ومتزايد ليس لديه علم بالتفاصيل التاريخية، اقتنع برأي المعارضة ويريد من البرلمان عدم الموافقة على هذه الاتفاقبة.
وبرز رأى ثالث، يقول إن الدستور يلزم الحكومة بعرض الاتفاقية للاستفتاء الشعبي وليس فقط موافقة البرلمان.