لم ينته عدّ القتلى في سورية ولا يبدو انه سينتهي قريبا. فقد تجاوزت الارقام الاربعين الف ضحية، وحجم الدمار يكبر كل يوم. وفيما يبدو سقوط النظام السوري حسب مصادر إيرانية “دونه الكثير من العوائق والعقبات”، لفتت الى ان “الدول الكبرى والادارة الاميركية في مقدمها تدرك ان اليوم التالي لسقوط النظام السوري سيشهد حالة انفلات وفوضى قد تدفع بأرقام الضحايا الى الألف يوميا. ما سيدخل سورية في مأزق يصعب على أي جهة إقليمية أو دولية ضبط تداعياته”.
وحسب المصادر فإن “الادارة الاميركية انتقلت من مرحلة تكرار الحديث عن انتهاء ايام الرئيس بشار الاسد في السلطة، الى مرحلة التسليم بالانتقال السلمي للسلطة كما ورد على لسان وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون قبل ايام في جنيف. وهو انتقال يكشف من جهة عن فشل محاولات اسقاطه طيلة نحو عشرين شهرا، وبداية انفتاح لدى هذه الدول على حقيقة أن بقاء النظام السوري هو اقل الخيارات سوءا في ظل عدم القدرة على التحكم بمسار الفوضى بعده من جهة ثانية”، كما تستنتج المصادر. وتستند الى رسائل اميركية وردت الى ايران من تحت الطاولة عن “استعداد اميركي لبحث عملية الانتقال السلمي للسلطة في سورية، ورفضتها ايران انطلاقا من رفضها ان تكون في موقع المقرر عن سورية واشترطت على واشنطن ان يتم ذلك علنا ومن باب دعم الحوار بين النظام والمعارضة”.
وتطمئن المصادر الى ان “لبنان خارج مخاطر الانهيار الامني والعسكري”، ولا خوف لديها مما يشاع عن فتنة سنية – شيعية تؤكد انها لن تحصل في لبنان”. وتدعو الى ان “يطمئن اللبنانيون على هذا الصعيد”.
لا يخالف هذه الخلاصة الايرانية حيال لبنان دبلوماسي عربي في بيروت معني بالشأنين السوري واللبناني، لكن الأخير يشير الى أن “الساحة السنية ستكون ساحة فوضى وعرضة لمواجهات سنية – شيعية مقنّعة”، معتبرا اننا “كلما اقتربنا من التحول الحتمي في سورية، فإنّ لبنان سيكون في دائرة الخطر”. ويلمح الى ان “الاشهر الثلاثة المقبلة ستشهد اما عمليات اغتيال نوعيّة لشخصيات سياسية او امنية او دينية، او مواجهات عسكرية تدفع نحو بروز هيكلية عسكرية سنيّة ذات طابع ميليشيوي”.
ولفت الى ان “الاشهر القليلة المقبلة ستدفع أيضا “الاطراف اللبنانية نحو مرحلة القبض على اكبر قدر ممكن من الاوراق السياسية والامنية، الهدف منها التفاعل والتناغم مع التحول النوعي المرتقب في سورية او التحصن من التداعيات التي سيفرضها الايقاع السوري في الاشهر القليلة المقبلة”.
وفي هذا السياق يقرأ الدبلوماسي العربي “في تمسك حزب الله ببقاء الحكومة الحالية مؤشرًا الى تحفزه نحو مزيد من الامساك بالمعادلة اللبنانية سياسيًا وامنياً، ودليلاً على اقتناعه – أي حزب الله – بأنّ المرحلة تتطلب منه عدم السماح لخصومه بأن ينالوا منه بالسلم ما لم يستطيعوا نيله في الحرب”.
غاية حزب الله، برأي الدبلوماسي العربي، رفع أكلاف المأزق محليًا واقليميًا والمقايضة، في ذروة التهديد بهذه الكلفة، على الحفاظ على مصالحه ومكتسباته التي يعتقد أن الرأي العام اللبناني سيكون جاهزًا نفسيًا لتقبلها اذا ما كانت البديلَ منها حروبٌ داخلية تستنزف البلد وتدفعه الى الدرك الاسفل”.
خلاصة المشهد ان الاوضاع في سورية مقبلة على ايام حاسمة، فإما سقوط النظام وإما تسوية تتيح مرحلة انتقالية بشكل شبه سلمي.هذا ما يمكن استنتاجه من الدبلوماسيين الايراني والعربي. لكنّ طمأنينة الدبلوماسي الايراني حيال عدم حصول فتنة سنية شيعية لا يقلل من آثار التحولات التي يشهدها الشارع السني. وما اصرار زعيم تيار المستقبل سعد الحريري على تظهير دعمه للنظام السوري، سياسيا واعلاميا وميدانيا، بمعزل عن التبرير المبدئي، الا محاولة لاستنقاذ شعبية تنزاح من وهج صورة والده الشهيد الى تحت العباءات والعمائم المتناسلة في البيئة السنية كما لم تشهده من قبل.
alyalamine@gmail.com
كاتب لبناني
البلد