كل التقدير لسفير إيران في بيروت الذي قرّر أن “يعترف” بحكومة لبنان الشرعية وأن يقوم أخيراً، بعد أشهر من العمل في بيروت، بزيارة رسمية لرئيس حكومة لبنان! هل “استأذن” سفير إيران في إرسال عشرات الألوف من الصواريخ إلى الجمهورية اللبنانية، أو في تدريب عشرات الألوف من اللبنانيين في إيران (البعض يقول في كوريا الشمالية، كذلك)؟
في إيران الآن حملة ضد “غوغيل” التي تجرّأت واستخدمت تعبير الخليج “العربي”. حسناً، الخليج “فارسي”، فهل يقبل الإيرانيون بأن لبنان “لبناني”؟ هل يحقّ للبنانيين إبداء رأيهم في إستعدادات إيران (وبشّار الأسد) للحرب في لبنان؟
ما يلي تحقيق نشرته “النهار” البيروتية يوم الإثنين (العنوان والصورة من “الشفاف”):
*
سيناريوات الحرب المحتملة: متى ؟ وأين؟ وكيف؟
“حزب الله” يدرّب الألوف ويعزّز ترسانته لكنه يستبعد المواجهة
البقاع الغربي ساحة مرجّحة مع انتشار القوات الدولية في الجنوب
هل ستندلع الحرب بين “حزب الله” واسرائيل؟ ومتى؟ وكيف؟ وهل سيكون مسرحها لبنان فقط ام تتحول حربا اقليمية؟ اسئلة باتت تقلق اللبنانيين الذين ذاقوا ويلات الحروب ومآسيها، وباتت كابوساً يومياً يقض مضاجعهم، في الوقت الذي تستمر فيه اسرائيل في الاستعدادات والمناورات العسكرية، بالتوازي مع “حزب الله” الذي يتحرك ويستعد وفق استراتيجية عسكرية وجهوزية كاملة للرد على اي هجوم اسرائيلي.
اوساط مقربة من “حزب الله” اشارت، في حديث الى ” النهار”، الى ان الملحق السري لـ”تقرير فينوغراد” تضمن تأكيدات بأن اسرائيل لا يمكنها القيام باي حرب في المدى القريب، وان الامر يتطلب تحضيرات وتدريبات لمدة اقلها خمس سنوات، وان اسرائيل غير مستعدة لتعريض ارواح مواطنيها وممتلكاتهم في المناطق الشماليه للخطر من جديد، وتهجيرهم الى الداخل الاسرائيلي، وان تداعيات حرب تموز الماضية ما زالت تثير الخلافات داخل البنية السياسية والعسكرية في اسرائيل.
لكن الاوساط عينها عادت واستدركت لتؤكد ان هذه القراءة للاجواء العامة لا تعني البتة ان حزب الله لا يستعد لمواجهة محتملة مع الاسرائيليين، فهو بدا ومنذ اليوم الاول الذي اعقب اعلان وقف اطلاق النار في آب 2006، استعداداته وتحضيراته لجولة ثانية من حرب محتملة قد يلجأ اليها الاسرائيليون لرد الاعتبار او الثأر لهزيمتهم في حرب تموز، و”حزب الله” استكمل هذه التحضيرات وبات جاهزاً لاي حرب محتملة. وهذا ما اكده النائب محمد رعد الذي اعتبر “ان الحزب انتهى من استعداداته للمواجهة العسكرية المقبلة بعد إعادة تقويم لحرب تموز الماضية مع إسرائيل، وان الحزب جاهز للاحتمالات كلها”.
40 ألف مقاتل!
وفي معلومات خاصة “للنهار” ان “حزب الله” يواصل ومنذ خريف الـ 2006، ارسال مجموعات من مقاتليه وكوادره الى معسكرات التدريب في ايران، لتلقي التدريبات العسكرية المتطورة على ايدي خبراء في الحرس الثوري الايراني. وتتضمن هذه الدورات برامج تدريب عسكرية حديثة، منها ما تضمن اساليب جديدة في حرب العصابات وفي استخدام صواريخ متطورة مضادة للدروع، وصواريخ ارض – جو مضادة للطائرات، وصواريخ بعيدة المدى، من بينها صواريخ من نوع “ملاك” صينية الصنع، تحمل قنابل عنقودية. وكان الحاج عماد مغنيه ( رضوان) هو الذي يشرف على هذه الدورات قبل اغتياله، واليوم حل مكانه مسؤول يعرف بـ”الحاج عبد القادر”. وبحسب مصادر مقربه من “حزب الله” فان عدد الذين انهوا تدريباتهم في ايران بلغ حوالى الـ 40 الف مقاتل، ولا تزال الدورات متواصلة حتى اليوم.
وقد اعتمدت قيادة الحزب العسكرية طريقة جديدة تقضي بدمج كل سرايا الحزب وكتائبه في اطار “وحدات خاصة”، بحيث بات كل مقاتل في الحزب على دراية ومعرفة بالاختصاصات العسكرية كلها.
وفي اطار جهوزية الحزب العسكرية اكدت المصادر ان الخطة العسكرية الجديدة تقضي ان تتولى الوحدات الخاصة في كل منطقة في البقاع او الجنوب او الضاحية الدفاع عن منطقتها في حال حصول هجوم عسكري، وذلك في اطار تكتيك عسكري يخفف من الخطورة التي قد يتعرض لها المقاتلون اثناء انتقالهم من منطقة الى اخرى، كما جرى في حرب تموز. وعمد الحزب الى انشاء مخازن اسلحة وذخائر وتموين وغرف عمليات عسكرية ومد شبكات اتصالات عسكرية خاصة به في كل منطقة لتجنيب عزل هذه المناطق في حال تعرضها للحصار ولتصبح متمتعة بالتموين الذاتي.
والحزب – وكما يجاهر مسؤولوه – بات يملك كميات من الصواريخ البعيدة المدى والمنوعة الاشكال والانواع، وهذه الصواريخ رُكبت على منصات متحركة مع امكان اخفائها بشكل سريع، فيما تم انشاء منصات صواريخ سرية داخل غرف من الباطون المسلح المغطاة بالتراب.
وبحسب الاوساط نفسها فان الصواريخ المضادة للدروع التي تسلمها “حزب الله” من فترة قريبة هي روسية الصنع تم تعزيزها بالنظام المضاد للدبابات، اضافة الى صواريخ من نوع “كورنت”، و”ماتيس” استخدمها “حزب الله” خلال حرب تموز في تدمير دبابات “ميركافا – 4″، التي تعتبر من افضل الدبابات العسكرية.
سباق تسلّح
تحضيرات حزب الله وجهوزيته العسكرية باتت الشغل الشاغل لاجهزة الامن العسكرية الاسرائيلية، التي شددت في تقاريرها الأمنية على قيام “حزب الله” “بسباق تسلح” منذ انتهاء حرب لبنان الثانية، وذلك “نتيجة العبرة الأساسية التي استخلصها الحزب من الحرب، ومفادها أنه يتوجب زيادة عدد الصواريخ بصورة كبيرة وإطالة مداها”. وبحسب التقديرات الإسرائيلية فإن معظم الصواريخ التي في حوزة “حزب الله” اليوم هي قصيرة المدى يتراوح مداها بين 20 و40 كيلومترا. من جهة أخرى فإن “حزب الله” تسلح بصواريخ طويلة المدى لم تكن في حوزته مثلها خلال الحرب الماضية “وذلك من أجل وضع تهديد جديد أمام إسرائيل”. وتفيد التقديرات الإسرائيلية أنه كان لدى “حزب الله” عشية حرب تموز صواريخ من طراز “زلزال” قادرة على الوصول إلى مدينة نتانيا أو ربما إلى مشارف تل أبيب شرط إطلاقها من جنوب لبنان، وقد قصف الطيران الحربي الإسرائيلي معظمها قبل استخدامها. أما التقديرات الآن فتشير إلى أن في حوزة “حزب الله” صواريخ أطول مدى وبكميات أكبر وقادرة على الوصول إلى مدى 300 كيلومتر، وهذه الصواريخ قادرة على ضرب أي نقطة في وسط إسرائيل، حتى لو تم إطلاقها من منطقة بيروت. وتعني هذه التقديرات أن هذه الصواريخ قادرة على الوصول إلى مدينة ديمونا التي يوجد فيها المفاعل النووي والتي تبعد عن الحدود الإسرائيلية – اللبنانية مسافة 260 كيلومترا. وبحسب التقديرات الإسرائيلية فإن الصواريخ الجديدة الطويلة المدى هي من إنتاج إيراني، مثل صواريخ “زلزال”، كما أن الحزب جدّد مخزون صواريخ “زلزال” لديه بدل الصواريخ التي دمرتها الغارات الإسرائيلية أثناء الحرب، علما أن “حزب الله” لم يطلق أي صاروخ “زلزال” خلال الحرب، كما ان “حزب الله” نجح بمساعدة من ايران في تجديد احتياطي صواريخ “الكاتيوشا” الذي يملكه.
البداية من البقاع الغربي؟
احتمال اندلاع الحرب لا يمنعه وجود القوات الدولية في الجنوب والتي انتشرت بموجب القرار 1701، الا ان ساحة المواجهة ستكون خارج نطاق هذه القوات.
فبرأي مسؤول العلاقات الخارجية في مجلس النواب بلال شرارة ان المواجهة ستبدأ في منطقة البقاع الغربي، وسيمتد مسرحها حتى مشارف مدينة حمص السورية، فيما ترددت معلومات من ان لدى هيئة الاركان الاسرائيلية خطة حرب شاملة ضد “حزب الله” تبدأ باجتياح بري سريع من منطقة راشيا بعمق 27 كلم في منطقة البقاع الغربي، ويؤدي ذلك الى وضع دمشق تحت مرمى النيران الاسرائيلية، بحيث تتمكن القوات الاسرائيلية من التقدم في هذا المحور بظرف خمس ساعات، بسبب الواقع الجغرافي السهل للمنطقة وعدم وجود عوائق طبيعية، وتهدف هذه الخطة الى قطع طريق بيروت – دمشق، وقطع الامدادات العسكرية عن “حزب الله” من سوريا.
قيادة “حزب الله” نفسها لم تستبعد ان تكون منطقة البقاع الغربي ساحة المواجهة. وقد اقام الحزب خطوط عدة للدفاع، من بينها خط الدفاع الذي يمتد من برتي، وصيدون، وحيطورة، وزحلتا، والرمانه، والرهبان، والسريرة، والمحموديه، حتى جسر الخردلي. في الوقت الذي يواصل فيه انتشاره غير المعلن في السلسلتين الغربية والشرقية، وفي نصب الكمائن وتسيير الدوريات تخوفاً من عمليات انزال اسرائيلية مفاجئة.
وبحسب تقرير اسرائيلي كتبه امير كوليك، العضو في “معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي” فإن “حزب الله نقل مركز الثقل التنفيذي الى القرى بدل المناطق المفتوحة، التي يبدو انه يصعب عليه العمل فيها سرا.
وحزب الله – وفق تقرير كوليك – رأى ان عمل نظام المدفعية الصاروخية كان ناجحا، ولهذا يركز على بناء قوته في هذا السياق. وتقدر جهات امنية اسرائيلية أن الحزب يملك ما بين 10 الاف الى 20 الف صاروخ قصير المدى. هذا يعني ان شمال اسرائيل وحتى خط حيفا – طبريا سيكون مكشوفا لاطلاق كميات كبيرة من “الكاتيوشا”. وقد عمد الحزب الى تجديد نظام الصواريخ البعيدة المدى وتحسينه، ولهذا النظام اهداف عدة: احدها، ردع اسرائيل عن بدء معركة، وردعها بعد بدئها عن قصف بيروت؛ والثاني، ان يكون سلاحا استراتيجيا، ووسيلة لإصابة “النقطة الضعيفة في جسر” دولة اسرائيل (منطقة غوش دان). وقد بدأ الحزب بعد الحرب “اجراء سريعاً للتزود بصواريخ بعيدة المدى”. وجدد قبل كل شيء احتياطي الصواريخ من انتاج سوريا (220 و302 مللمتر) وايران (فجر) الذي كان يملكه، لكن حزب الله لم يكتف بذلك، ويبدو أنه نجح في تحسين هذا النظام الاستراتيجي باستيعاب صواريخ “فتح 110” ايرانية ذات مدى يبلغ 250 كيلومترا. ونظام الصواريخ والقذائف هذا ليس محصوراً في الجنوب فقط، بل هو قائم في شمال الليطاني ايضا، في منطقة البقاع وشرقها، بحسب مصادر لبنانية. ومن المعقول ايضا ان يكون في منطقة بيروت كنشر قواعد اطلاق “زلزال” يبلغ مداها زهاء 210 كيلومترات.
سيناريو و… خطوات
وبحسب العميد المتقاعد وهبه قاطيشا (محلل استراتيجي وخبير عسكري) فإن الحرب الاسرائيلية المقبلة على لبنان ستكون وفق سيناريو يتضمن الخطوات الاجرائيه الآتية:
– تبدأ المعارك في حدودها الدنيا بين “حزب الله” وإسرائيل بهجوم إسرائيلي واسع وخاطف على مواقع “حزب الله” في الجنوب، عبر عمليات إنزال جوي وبحري واسعة بالعمق اللبناني، للتمكن من تطويق مراكز القيادة والسيطرة التابعة لـ”حزب الله” والالتفاف حولها.د
– الخطوة الثانية تبدأ بظهور نتائج هذا الانزال الإسرائيلي الكثيف، عبر عزل الجنوب اللبناني – حيث يتمركز “حزب الله”- عن الشمال، وهو ما يحرم الحزب حرية الحركة والمناورة، باعتبار أن ظهره المتمثل في العمق اللبناني في اتجاه الشمال تم اختراقه”.
ويتابع قاطيشا “ولكي تحقق إسرائيل هذه الخطوة ستقوم بانزالها الجوي عند نهر الأولي في مدينة صيدا شمالا، مع اندفاع بري واسع وخاطف على الجنوب من اتجاه الحدود اللبنانية – الإسرائيلية، حتى تحكم سيطرتها على المنطقة المحتمل أن تكون فيها مخازن صواريخ حزب الله.
– في حال عدم تمكن العدو الإسرائيلي من حسم معركته لتدمير الصواريخ، فقد ينفذ عمليات انزال في منطقة البقاع، ليشتت جهود “حزب الله”، ويضطره لتوزيع قواته المتمركزة بشكل أساسي في الجنوب على أكثر من محور للقتال.
– ما سبق كان الحد الأدنى لهذا السيناريو، أما الحد الأقصى له فسيكون بمهاجمة إسرائيل مناطق لبنانية حدودية مع سوريا، لاستفزاز دمشق كي تدخل على خط المواجهات، وهذه المناطق هي طريق المصنع ومناطق البقاع الشرقي.
– في حال الهجوم على الحدود السورية، لن تشتبك سوريا مع القوات الإسرائيلية، كما جرت العادة؛ لأن القرار السوري بدخول الحرب يعني المقامرة بنظام بشار الأسد كله، وهذا الصمت والتردد في الدخول على خط المعارك من جانب سوريا، سيمكّنان إسرائيل من الانفراد بـ”حزب الله”، ويؤدي في الوقت نفسه إلى إنهاء التحالف السوري معه؛ ومن ثم انفراط عقد ما يقولون إنه محور الممانعة بالمنطقة، وهو ما تراهن عليه إسرائيل”.
ويرد قاطيشا اسباب الحرب الاسرائيلية المقبلة واهدافها الى كون إسرائيل عازمة بشراسة على القضاء نهائيا على “حزب الله” وترسانته الصاروخية حتى تتفرغ لإيران، لأنه عند إقدامها على أي هجوم على طهران، سيدخل “حزب الله” في الحرب مباشرة، باعتباره “منصة صواريخ إيرانية” جاهزة للإطلاق على تل أبيب، وفق تصور إسرائيل.
ويرى قاطيشا انه “وبعكس اعتقاد مخططي عمليات “حزب الله” من أن إسرائيل تخشى مواجهتهم بريا، فإن العدو سيفاجئهم بهجوم بري كاسح، سيجد الحزب صعوبة بالغة في مواجهته، وذلك لإدراك إسرائيل أن الهجوم الجوي وحده لن يحقق أهدافها الإستراتيجية. ففي حرب تموز لم تهاجم إسرائيل بقوتها الضاربة، اذ لم تحشد مطلقا أعدادا ضخمة من القوات البرية (مشاة – مدرعات) على الحدود اللبنانية، وما حدث أنها هاجمت بمفارز (مقدمات للقوات) محدودة، في آخر ثلاثة أيام من الحرب لتحسين أوضاعها التفاوضية التي ادت الى صدور قرار مجلس الأمن الرقم 1701، ولم تكن تلك القوات مستعدة جيدا للقتال، فنجح “حزب الله” في صدها”.
• • •
سيناريوات متنوعة، وتحليلات وتوقعات كثيرة لحرب اسرائيلية محتملة، وطبول حرب تقرع من وقت الى آخر في ارجاء المنطقة. وحده “حزب الله” الصامت الاكبر الذي يتحرك بعيداً عن كل هذا الضجيج، وما زال مزهواً بنصره الالهي السابق ويستعد لمنازلة الاسرائيليين، ربما وفق نظرية ماوتسي تونغ: “العقيدة اهم من الفرد، والفرد اهم من السلاح”.
صبحي منذر ياغي
http://www.annahar.com/page_content.php?type=tahkik&table=tahkik&day=Mon
تحقيق “النهار” عن إستعدادات حزب الله
محمد عبدالله — presse33@hotmail.com
رائع ايها الصحافي صبحي منذر ياغي – يسلم قلمك ايها الجريء
تحقيق “النهار” عن إستعدادات حزب الله
مقال رائع للصحافي الجريء صبحي منذر ياغي الذي يشتهر دوماً بمقالاته الجرئية
وهو بمثابة تحليل موضوعي لما يجري ما بين حزب الله واسرائيل من تحضيرات لحرب يدفع ثمنها دوماً الشعب اللبناني المسكين
تحقيق “النهار” عن إستعدادات حزب الله
النظام الايراني مليشي انه سرطان خبيث يصدر ويدعم المليشيات الطائفية الارهابية لدول الجوار وايضا الدول الديكتاتورية ضد شعوبها لاستعمارها لاحقا يشعارات ديننية غيبية تخدر الشعوب. يقول بن القيم ان الله ينصر الدولة العادلة ولو كانت كافرة ولا ينصر الدولة المسلمة اذا كانت ظالمة اي لا تطبق العدل اي السواء اي الديمقراطية واحترام الانسان