نداء من أجل السلام ووقف القتل والتدمير
منذ يومين، مر 46 عاما على خطاب الرئيس أنور السادات في الكنيست الإسرائيلي في 20 نوفمبر عام 1977. والحقيقة أن هذا الخطاب كان دعوة حقيقية للسلام بين كل شعوب المنطقة ولم يكن حلا منفردا بين مصر وإسرائيل كما صوّره أعداء السلام. وقد رفض الفلسطينيون الانضمام إلى عملية السلام التي بدأها السادات بجرأة شديدة وتم اتهامه بالخيانة، بل وتم قتله بعدها بأربع سنوات من قبل التطرف الديني والإرهاب الديني المتمسح بالدين الإسلامي لكي يكسب تأييد وعطف الشعوب العربية المتدينة بطبيعتها.
ولو استمع الفلسطينيون إلى مبادرة السادات للسلام لكان لديهم دولة فلسطينية منذ أربعين عاما. ولكن هذه هي طبيعة القادة والشعب الفلسطيني وهي رفض اليوم ما سوف يندمون على رفضه غدا، وهذا الأمر يتكرر منذ عام 1936. رفضوا كل الدعوات لتقسيم الأرض بينهم وبين اليهود. وبدون الاعتراف وقبول وجود إسرائيل فسوف يستمر الفلسطينيون في خسارة الأرواح والممتلكات والأرض، ولن تُرجع أرض فلسطين أشعار محمود درويش ولا أغاني فيروز ولا شعارات المقاومة الزائفة سواء من حماس أو الجهاد أو حزب الله وغيرها من المنظمات التي جلبت الدمار والخراب على الشعب الفلسطيني الغلبان ولم تكسب له أرضا أو دولة أو حرية. ولا يزال الشعب الفلسطيني يعيش محاصرا في غزة والضفة الغربية، وكل عملية من حماس أو الجهاد لا يعاني منها أي أحد سوى الشعب الفلسطيني مثلما يحدث منذ 7 أكتوبر عام 2023. لا توجد أرض أو علم أو أي شعار زائف يساوي طفلا يفقد حياته أو شابة تترمل في عز شبابها ، لذلك، توقفوا عن استخدام تلك الشعارات الزائفة مثل “حركة المقاومة الإسلامية“. نحن، كمسلمين، لم نطلب منكم أن تقاوموا باسم الإسلام، وكان الأجدر أن تطلقوا عليها “حركة المقاومة الفلسطينية” ، وبالمثل “حزب الله” في جنوب لبنان هل طلب منكم الله سبحانه وتعالى أن تعملوا حزبا باسمه؟ ومن تقاةموا في جنوب لبنان؟ إسرائيل لم تحتل أي أرض في لبنان، ولكنها شعارات لكي تستمروا في حلب أموال البسطاء الذين يعتقدون أن الله مع “حزب الله“.
واليوم حدثت مبادرة جيدة لالتقاط الأنفاس وسوف يتم بموجبها هدنة لمدة أربع أيام مع الإفراج عن 50 من الرهائن من الأطفال والنساء في حوزة حماس مقابل الإفراج عن 150 شاب فلسطيني تحت سن 19 سنة في سجون إسرائيل. وهذه فرصة لحماس بإعادة كتابها ميثاقها والاعتراف بإسرائيل والتخلي عن سلاحها. وبدلا من إنفاق أموال المساعدات في بناء أنفاق تحت الأرض لتخبئة الأسلحة عليها أن تبني مدارس ومعامل ومصانع ومزارع، وعلى الشعب الفلسطيني أن يتخلى عن وهم القضاء على إسرائيل بالمقاومة المسلحة، لأن هذا لن يحدث. وبالمقابل، على إسرائيل أن تتخلى عن بناء المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وعليها وأن تنقل كل المستوطنين إلى أراضي إسرائيل، أو على الأقل أن تعطي دولة فلسطين القادمة أراضٍ مقابل أراضي المستوطنات.
إن استيلاء المتطرفين من الجانبين على الساحة يقتل أي أمل في العيش بسلام، ورغم فجاعة ما حدث من حماس يوم 7 أكتوبر وما تلاه من انتقام رهيب من إسرائيل، إلا أنه ربما يثبت للطرفين أنه لا سبيل لتوقف نزيف الدماء سوى الموافقة على العيش سوياـ فلا حماس قادرة على إلقاء الإسرائيليين في البحر، ولا إسرائيل قادرة على إلقاء الفلسطينيين في الصحراء.
وبهذه المناسبة هذه بعض المقتطفات من خطاب السادات في الكنيست منذ 46 عاما والذي لا يزال صالحا حتى اليوم:
(ومن يرغب في الاطلاع على النص الكامل لخطاب السادات يمكنه الضغط على هذا الرابط🙂
“وإذا قلت إنني أريد أن أجنّب كل الشعب العربي ويلات حروب جديدة مفجعة. فإنني أعلن أمامكم، بكل الصدق، أنني أحمل نفس المشاعر، وأحمل نفس المسؤولية، لكل إنسان في العالم، وبالتأكيد نحو الشعب الإسرائيلي“.
“إنّ الروح، التي تزهق في الحرب، هي روح إنسان، سواء كان عربيًا أو إسرائيليًا. إنَّ الزوجة التي تترمل، هي إنسانة، من حقّها أن تعيش في أسرة سعيدة، سواء كانت عربية أو إسرائيلية“.
“إنَّ الأطفال الأبرياء، الذين يفقدون رعاية الآباء وعطفهم، هم أطفالنا جميعًا، على أرض العرب، أو في إسرائيل، لهم علينا المسؤولية الكبرى في أن نوفر لهم الحاضر الهانئ، والغد الجميل“.
“إنني لم أجئ إليكم لكي أعقد اتفاقًا منفردًا بين مصر وإسرائيل. ليس هذا واردًا في سياسة مصر. فليست المشكلة هي مصر وإسرائيل. وأي سلام منفرد بين مصر وإسرائيل، أو بين أية دولة من دول المواجهة وإسرائيل، فإنه لن يُقِيم السلام الدائم، العادل، في المنطقة كلها. بل أكثر من ذلك، فإنه حتى لو تحقق السلام بين دول المواجهة كلها وإسرائيل، بغير حل عادل للمشكلة الفلسطينية، فإنَّ ذلك لن يحقق أبدًا السلام الدائم، العادل، الذي يلحّ العالم كله اليوم عليه“.
“لقد جئت إليكم لكي نبني معًا السلام الدائم، العادل، حتى لا تُراق نقطة دم واحدة من جسد عربي أو إسرائيلي. ومن أجل هذا، أعلنت أنني مستعدّ لأن أذهب إلى آخِر العالم“.
“إنَّ قضية شعب فلسطين، وحقوق شعب فلسطين المشروعة، لم تعد، اليوم، موضوع تجاهل أو إنكار من أحد. بل لا يحتمل عقل يفكر أن تكون موضع تجاهل أو إنكار“.
“بشّروا أبناءكم، أن ما مضى هو آخر الحروب ونهاية الآلام، وأن ما هو قادم هو البداية الجديدة، للحياة الجديدة، حياة الحب والخير والحرية والسلام“.
“ويا أيتها الأم الثكلى،
ويا أيتها الزوجة المترملة،
ويا أيها الابن الذي فقد الأخ والأب،
يا كل ضحايا الحروب،
– املئوا الأرض والفضاء بتراتيل السلام
– املئوا الصدور والقلوب بآمال السلام
– اجعلوا الأنشودة حقيقة تعيش وتثمر
“- اجعلوا الأمل دستور عمل ونضال
ما بنيه على باطل يبقى باطل إلى أبد الأبدين.
العقيدة الخطأ تقتل العقول في مهدها.