(من الأقوى، روسيا أم “تايوان” الصغيرة؟ لماذا اختار “الشفاف” صورة الرئيس بايدن وهو يفتتح مصنع أريزونا لشركة “تي أس أم سي” التايوانية العملاقة في صناعة الرقائق الالكترونية برفقة رئيس الشركة. كلفة المصنع بلغت 40 مليار دولار، وهو “يحصّن” الولايات المتحدة في حالة غزو صيني (مستَبعد) لتايوان! المغزى هو أن شركة تايوانية (أي.. “آسيوية”) تحتل المركز الأول في العالم نجحت في تحقيق “عالم متعدد الأقطاب” تكنولوجياً، الأمر الذي أخفق رئيس العصابة الذي يحكم روسيا، فلاديمير بوتين، في تحقيقه عسكرياً!)
بيار عقل
*
(وكالة الصحافة الفرنسية)- أعطت شركة “تي أس أم سي” التايوانية العملاقة في صناعة الرقائق الالكترونية الضوء الأخضر الثلاثاء لإنشاء أول مصنع لها في أوروبا، وذلك في دريسدن الألمانية، ضمن مشروع بكلفة أكثر من 10 مليارات يورو سيعزّز مكانة القارة في هذا القطاع الالكتروني الاستراتيجي.
ورحب المستشار الالماني أولاف شولتس باختيار الشركة التايوانية لبلاده، قائلا إن المانيا “ستصبح على الأرجح المركز الرئيسي لإنتاج اشباه الموصلات في أوروبا”.
واكد أهمية هذا الأمر “للاستمرار المقبل لقارتنا الاوروبية، وهو بالتأكيد مهم أيضا لاستمرار المانيا مستقبلا”.
– دعم حكومي –
وتتخذ الشركة من تايوان مقرا.
وأثارت التوترات الغربية مع بكين بشأن هذه الجزيرة ذات الحكم الذاتي والتي تعتبرها الصين جزءا من أراضيها، قلقا بشأن سبل ضمان توافر أشباه الموصلات والرقائق الالكترونية بشكل يلبّي الطلب العالمي.
كما كانت جائحة كوفيد-19 وتأثيرها على سلاسل الإمداد من دواعي القلق، اذ كشفت اعتماد الصناعات العالمية بشكل كبير على المزوّدين الآسيويين في مجال الالكترونيات. وتسبّبت القيود التي فرضت لمواجهة الفيروس، بنقص مهم في الرقائق الالكترونية أثّر في قطاعات أوروبية عدة أبرزها صناعة السيارات.
وسيتخصص المصنع المزمع إقامته في ألمانيا بانتاج أشباه الموصلات لقطاع صناعة السيارات الذي يشهد تحوّلا تاريخيا نحو التقنيات الكهربائية.
واعتبر الرئيس التنفيذي للشركة التايوانية شي شيا وي أن “أوروبا هي مكان واعد للغاية للابتكار في مجال أشباه الموصلات وخصوصا في قطاعي السيارات والصناعة”، وفق ما نقل عنه البيان الصادر عن الشركات الأربع.
وتسعى الشركات الى إطلاق أعمال إنشاء المصنع في النصف الثاني من العام 2024 وبدء الانتاج بحلول نهاية 2027.
ويتوقع أن يخلق المصنع ما يناهز ألفي وظيفة مباشرة، وأن تبلغ قدرته الانتاجية الشهرية 40 ألفا من شرائح السيليسيوم 300 ملم، وهي إحدى التقنيات الأكثر تطورا في مجال الرقائق الالكترونية.
ويتوقع أن تقدّم برلين للمشروع إعانات حكومية بقيمة تناهز خمسة مليارات يورو عبر الصندوق الفدرالي للمناخ والتحول، وفق تقارير صحافية محلية.
ويأمل الاتحاد الأوروبي أن تستحوذ القارة بحلول العام 2030، على 20 في المئة من السوق العالمية لانتاج الرقائق، وقرر هذا العام تخصيص 43 مليار يورو من الاستثمارات العامة والخاصة سعيا لتحقيق هذا الهدف، ضمن ما عرف بـ”قانون الرقائق”.
ورحّب المفوض الأوروبي المشرف على السوق الرقمية تييري بريتون بالخطوة التايوانية، معتبرا أنها تؤشر الى مضي هذا القانون قدما، وأنه “يعزز أمن تموين أوروبا” في هذا المجال.
وتسعى ألمانيا لأن تصبح قوة الدفع للتوجه الهادف الى تعزيز السيادة الأوروبية في مجال انتاج الرقائق الالكترونية. وتسعى أكبر قوة اقتصادية في القارة الى إعادة إطلاق حركة الانتاج الصناعي التي سجّلت في حزيران/يونيو انخفاضا للشهر الثاني على التوالي، بحسب أرقام رسمية.
ورحّب وزير الاقتصاد روبرت هابيك بالاستثمار التايواني “الذي يظهر أن ألمانيا موقع جاذب وتنافسي وخصوصا عندما يتعلّق الأمر بتقنيات أساسية مثل الالكترونيات الدقيقة”.
– “سيليكون ساكسونيا” –
تعد دريسدن مركز ولاية ساكسونيا بشرق ألمانيا من المواقع الأساسية في انتاج الالكترونيات الدقيقة في أوروبا، واصطلح على مدى أعوام على تسميتها “سيليكون ساكسونيا”، في إشارة الى سيليكون فالي في الولايات المتحدة حيث غالبية شركات التكنولوجيا الكبرى.
وكانت ألمانيا وافقت في حزيران/يونيو على منح شركة إنتل الأميركية العملاقة للرقائق نحو ثلث تكلفة مصنع ستبنيه في مدينة ماغديبورغ بتكلفة 30 مليار يورو بعد محادثات استمرت أشهرا.
وإضافة الى إنتل، باشرت شركة “إنفينيون” الألمانية مؤخرا بناء مصنع لأشباه الموصلات بكلفة خمسة مليارات يورو، كما أعلنت “وولفسبيد” الأميركية استثمارا مهما في غرب البلاد.
وتتركز غالبية انتاجات “تي أس أم سي” في شينزو بشمال تايوان، الا أن المجموعة تقوم بتنمية نشاطها عالميا مع بناء مصنع في ولاية أريزونا الأميركية يعد من أكبر الاستثمارات الأجنبية في الولايات المتحدة.
وأرجئ هذا المشروع حتى 2025 بسبب صعوبات توظيف اليد العاملة المؤهلة في الولايات المتحدة، وهي مسألة تثير القلق أيضا في ألمانيا التي تعاني نقصا في اليد العاملة الماهرة.
إقرأ أيضاً:
د. عبدالله المدني: عن حرب الرقائق في أقصى الشرق الآسيوي
د. عبدالله المدني: حرب الرقائق تزداد اشتعالا بين واشنطن وبكين