يعني بس هم يعقدوا قمم؟..هذا ما قلته لنفسي، وأنا أخطط لقمتي. فبعد الانقسام والاختلاف العربي على عقد قمة موحدة، قررت أنه من حقي أن أعقد قمتي الخاصة، فدعوت أهلي وأصدقائي، ثم بعثت بالمندوبين ليدعوا الناس المهتمين والمهمين إلى القمة، فأرسلت برقية دعوة إلى اللحام الذي يتوصى بطلباتي عادة، وبرقية دعوة لمدير الجمعية التعاونية، وللبنشرجي، وصاحب دكان الغاز، وصاحب المصبغة، والسماك، وبائع الخضرة، وموزع الجريدة.. حتى أني دعوت السباك، لكنه اعتذر لانشغاله بتسليك مواسير قمة أخرى.
المهم… بعد أن ضاع بعض الضيوف ووصلوا بالغلط إلى قمم أخرى في المنطقة، وصل الباقي إلى مقري، الذي يقع في سرداب احدى العمارات خوفا من أي هجوم إرهابي أو عملية انتحارية تستهدفنا.. أهّلت وسهلت بضيوفي الكرام، وأتحنا فترة للإعلام والصحافة لالتقاط صور تذكارية للمناسبة التاريخية، وقدمت لهم الهدايا الرمزية (التي خربت بيتي بأثمانها غير الرمزية)، ثم أقمت على شرفهم وليمة غداء.. فأكلوا هنيئا ما لذ وطاب، وشربوا مريئاً اللبن الخاثر، ثم انتقلنا إلى مائدة الحلويات والفواكه، ثم كان لابد أن نحبس بالشاي. بعدها أشرت لهم بأن قوموا لنعقد القمة، لكن لا حياة لمن تنادي، ويبدو أن التخمة من ألوان الطعام والشراب أصابتهم، فما عاد باستطاعةأحد منهم الحركة، وبما أني كنت الدولة المضيفة لم أرد إزعاجهم، لذلك عرضت عليهم تأجيل الاجتماع إلى المساء، ليأخذوا فرصة الهضم والراحة.
في المساء قلت في نفسي عيب أن يكون لقاؤنا ناشفاً وأنا المعروفة بكرم ضيافتي، لذلك قدمت لهم عشاء خفيفاً، لا يثقل كروشهم وألسنتهم، لكنهم فاجأوني برغبتهم في متابعة مباراة مهمة تنقل بثا حيا مباشرا على التلفزيون، واجتمعوا حول طاولة الجلسة يتابعون المباراة وقلوبهم تتابع الكرة، بينما قلبي مشغول بالقمة. انتهت المباراة بانتصار فريق الأغلبية الحاضرة.. فهاجوا وماجوا ورفعوا الأعلام وبدأ الرقص والغناء، حتى ان بعضهم أراد الخروج في تظاهرات احتفالية، لكنني بالطبع منعتهم للضرورة الأمنية.
تفرقع الحضور بين مهلل وراقص، وتفرقع قلبي حرقة على قمتي. فطلبت منهم عقد جلسة في الغد الباكر، حيث يكون نشاطهم في أوجه.
مع الضوء الأول للفجر حضرت إلى مقر القمة، لكنني لم أجد أحدا..! بحثت عن السادة الأعضاء، فقيل لي انهم غادروا.. ولم يعد أمامي سوى أن أعقد القمة مع نفسي، وأنا قلقة ومسودة الوجه من وسائل الإعلام العربية والعالمية التي تنتظر النص الختامي للقمة وتوصياتها.. وبما أن للضرورة أحكاما، وقمتي لن تكون أفضل من قمم غيري، فقد استخدمت توصيات قمة سابقة بعد أن غيرت تاريخها، أما البيان الختامي فسرقته من قصيدة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم:
وقمَّة ما عرفنا أينَ نعق.دُها
لأمَّةٍ طالَ فيها القتلُ والسَّلبُ
ولوْ صَدَقْنا عَقَدناها بثانيةٍ
في خيْمَةٍ حيثُ لا ألقابُ أوْ رُتَبُ
يا وَجْهَ أمَّتيَ الغالي وس.حْنَتَها
حتَّى متى بدخان. الذلّ. تحتجبُ
dalaa@fasttelco.com
* كاتبة كويتية
القبس