يقترن اسم “مصطفى بدر الدين” أحد أبرز المتهمين في قضية إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، في وجدان المستقلين الشيعة، بحادثة تعود إلى منتصف التسعينيات حين استفز إعلان السيد “محمد حسين فضل الله” لمرجعيته عام 1995، داعمي حزب الله وقادته وجمهوره.
وكان الولي الفقيه السيد “علي خامنئي” اعتبر مرجعية “فضل الله” تحديا شخصيا له ومنافسة لمرجعيته لدى الطائفة الشيعية، ما ولد نوعا من التوتر في العلاقة بين المرجع الراحل وحزب الله. وما لبث التوتر أن تحول إلى خلاف إثر تصديات فضل الله لبعض الأمور العقائدية والفقهية السائدة في المذهب الشيعي، خاصة في ما يتعلق بولاية الفقيه. فوسَّع حزب الله حملات الضغط على “فضل الله” وأطلق عليه لقب “الضال المُضِل”! لكن ذلك لم يُثنِ من عزيمة المرجع التنويري الذي استمر في انتقاداته الفكرية لكثير من المسلّمات العقائدية في الفكر الشيعي. وكان حزب الله في ذلك الوقت ما زال يتولى مسؤولية الحماية الأمنية لمنزل السيد “فضل الله” في “حارة حريك”. فقامت فرقة تابعة له، بقيادة “مصطفى بدر الدين” ذاته، باقتحام منزل فضل الله، وأطلقت النار في الداخل ترهيباً بعدما رفض المرجع الراحل التراجع عن آرائه.
يغار من “مغنية”
ينقل عن “مصطفى بدر الدين” أنه حاد الطباع، عصبي المزاج! ورغم رابطة المصاهرة التي تجمعه بـ”عماد مغنية”، كانت شخصية مغنية وذكاؤه الأمني وسرعة وصوله إلى القمة وثقة الإيرانيين المطلقة به من أسباب غيرة “بدر الدين” منه ونقمته عليه. خاصة بعد أن استبعد “مغنية” المسؤولَ الأمني لجهاز حزب الله آنذاك، “أحمد الموسوي“، واحتل مكانه.
ويعود لعماد مغنية أيضا مسألة إقصاء الشيخ “صبحي الطفيلي” من الحزب لنفورٍ بينه وبين الأخير والعلاقة التي اتسمت بينهما بعدم الإحترام المتبادل. وتمكُن “مغنية” كذلك من إقناع الإيرانيين، بعد تنفيذه عدة “عمليات نوعية” خارج لبنان وداخله -أفاد منها الإيرانيون أمنيا وسياسيا- بتعيين السيد “حسن نصر الله” أمينا عاما لحزب الله.
عمل “مغنية” بعد هذه التغييرات على توثيق علاقته بالإيرانيين، وبدأ بتشكيل جهاز أمني خاص به، على رأسه الجاسوسان اللذان ظهرا مؤخرا “محمد عطوي” و”محمد الحاج”، والذي كان لجهاز “أحمد الموسوي” (صديق “بدر الدين”) المستبعَد، والذي تولى منذ إقصائه من أمن حزب الله، مهمة التنسيق في ملف حزب الله – سوريا – إيران، اليدُ الطولى في فضحه.
سليم عيّاش، من هو؟
“سليم عياش”، ثاني المتهمين وفق القرار الظني في جريمة اغتيال الرئيس الحريري، ولد في “الغبيري” وعاش في “الشياح”، وانتمى في مطلع شبابه إلى صفوف حركة أمل ويذكر سكان الشياح أنه أسس في أواخر السبعينيات فرقة أمنية خطيرة وكانوا يطلقون عليه “الحاكم العسكري للشياح”. وكان على صلة بـ”عماد مغنية” أيضا. فهما سكان الحي ذاته، وكان “مغنية” في ذلك الوقت منتميا إلى حركة “فتح”. أمضى “عيّاش” فترة طويلة من حياته في الولايات المتحدة، حيث تمكن من الحصول على الجنسية الأمريكية، وعاد إلى لبنان,ليتسلم مسؤولية أمنية متقدمة في حزب الله. وهو شقيق “علي عياش”، مدير “شركة الجنوب للمقاولات” القريبة من حزب الله. لا يزور بلدته “حاروف” قرب “النبطية” إلا للإطمئنان على والدته. وكانت آخر زيارة له قبل اختفائه نهائيا، في أجواء صدور القرار الظني، إلى منزل عمه “رياض عياش” بطلب من والدته .
محمد عطوي وخلية حزب الله في مصر
تربط عياش بـ”مغنية” علاقة جيرة. فهما من سكان منطقة “الشياح” سابقاً. وتربطه بـ”مصطفى بدر الدين” علاقة قرابة، وهما من بلدة “حاروف”، قضاء النبطية، إضافة إلى أن “عياش” و”بدر الدين”، والجاسوس (إذا ثبت الإتهام) “عطوي”، جميعهم أبناء بلدة “حاروف”، وبينهم صلات قربى وعلاقات طيبة. خاصة أن “عطوي” خريج جامعات الولايات المتحدة، وحاصل ايضا على الجنسية الأمريكية، وكان من المقربين من أمين عام حزب الله رغم أن جدّه وأخواله كانوا من أخطر “المتعاملين مع إسرائيل” أيام الإحتلال في الثمانينات.
يشير أحد المتعلمين من الطائفة الشيعية أنه أثناء رحلة كان يقوم بها إلى مصر التقى على متن الطائرة المتوجهة إلى القاهرة بالمهندس “محمد عطوي”، الذي بادره بالقول “أنا ذاهب إلى القاهرة لشراء معدات”. ولم تنقضِ أشهر على اللقاء حتى اكتُشفت خلية حزب الله في مصر.
يبقى أن “بدر الدين” و”عياش” تابعين أمنيا لجهاز أحمد الموسوي بينما “عطوي” تابع أمنيا لجهاز “مغنية”، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون!