(الصورة: قائد الدولة الإسلامية، “أبو عمر الخراساني”، اعتقله الأميركيون قبل سقوط كابول، وأعدمه الطالبان فور وصولهم إلى كابول!)
*
أعلن تنظيم داعش، قبل أيام، مسؤوليته عن مقتل مسئول أفغاني كبير، ردا على العمليات العسكرية التي تنفذها حكومة طالبان ضد عناصر التنظيم، الذي سبق أن أعلن مسؤوليته عن عدة هجمات كبيرة في مراكز حضرية من بينها العاصمة كابول. كما سبق أن استهدف التنظيم قائد شرطة ولاية بدخشان وغير من قيادات طالبان. وتزامن ذلك مع عمليتين استهدفتا حاكم ولاية بلخ داود مزمل، وبعدها بيومين استهدف مركز ثقافي تابع لإيران في المدينة نفسها. كما أن الشراسة بين الطرفين في ازدياد، وداعش أصبحت قوة في أفغانستان، وليست “مجموعة من الخونة” الذين تمردوا على الحكومة الإسلامية.
لتنظيم الدولة في أفغانستان وجود قوي بفروعها المتعددة، يعود للعام 2015 وسبق أن نفذ هجمات مروعة في السنوات التالية، لكنها تحولت مؤخرا لعمليات انتحارية في مناطق من البلاد لم يسبق له أن نشط فيها. كما سبق للتنظيم أن شن هجمات دامية على مساجد للأقلية الشيعية في مدينة قندوز الشمالية ومعقل طالبان في قندهار. والقلق من تنامي قوتها ينتاب الجميع، داخل وخارج أفغانستان، وحتى لدى الغرب، فقد حذر مسؤولون أمريكيون من أن تنظيم الدولة في أفغانستان قد يمتلك القدرة على شن هجمات في الخارج في غضون ستة أشهر إلى عام.
كما لدى التنظيم القدرة على تجنيد مقاتلين أجانب من آسيا الوسطى وباكستان المتمركزين في البلاد بالإضافة إلى أعضاء طالبان المحبطين إذا تحولت الحركة إلى فصائل متنافسة في المستقبل.
غالبية أعضاء تنظيم الدولة الإسلامية هم من مقاتلي طالبان، وانشقوا عنها، رغم اتفاقهما في كل شيء تقريبا، إلا أنهما يختلفان في أن طالبان تريد حكم أفغانستان، والتنظيم يريد حكم العالم!
كما أن الدولة الإسلامية تتهم عناصر طالبان بأنهم “مرتدون” لعدم تشددهم بما فيه الكفاية بينما تتهم طالبان تنظيم الدولة الإسلامية بالغلو والخروج عن الدين؟
* * * *
يبين استعار الخلاف بين طالبان وداعش، وعدم تردد أي طرف في استخدام القوة المفرطة في القضاء على الآخر، يبين ما سيحصل لأي مجتمع أو دولة متى ما حكمها هؤلاء! فإذا كانوا بهذه الوحشية مع بعضهم البعض، وهم على كل هذا الاتفاق الديني والعقائدي، فماذا سيفعلان بغيرها، إن حكما غيرهما؟
كما يبين اختلاف الطرفين أن المسائل الدينية لا تزال، وبعد مرور أكثر من 1000 سنة، غير واضحة، أو متفق عليها، ولا تزال التصفية الجسدية، غالبا، هي التي تحدد من يقف مع “الحق”، وإن الموضوع، كما كان منذ البداية، هو صراع على الحكم.
وسبق أن أخبرني صديق، له صلة ببعض أجهزة المخابرات، أن السفير الباكستاني في لندن، أيام “الأفغان العرب”، أخبره بأن بعض ضباط جهاز الإستخبارات الباكستاني الشهير ISI أقنعوا “الزرقاوي”، عندما كان في أفغانستان، باغتيال بن لادن طالما أنه لا يعتبره “مسلما حقيقيا”! وافق الزرقاوي على القيام بالمهمة، لكنه تراجع بسبب خطأ قاتل اقترفه الجنرال الباكستاني المفاوض، حيث بين وكأن الأمر له علاقة بالجائزة المالية الدنيوية التي سوف يحصل عليها، وليس قتل ابن لادن دفاعا عن “العقيدة الصحيحة” !
هذه القصة والاختلاف المتوحش بين مقاتلي طالبان وداعش تبين أن ليس هناك من هو أكثر شراسة لأي تنظيم “أيديولوجي” من تنظيم مماثل له في “الأيديولوجية”، فحركات التحرر اليسارية، والثورات، البلشفية والإسلامية وغيرها، شرعت في تصفية رفاق الدرب، قبل التفرغ لتصفية “الأعداء الحقيقيين”. وبالتالي ليس هناك جهة تعادي القوى الدينية المتشددة في الكويت أكثر من الجهات التي تمثل قوى دينية متشددة مثلها، فالهايف بحاجة لمثل الطويل ليتصدى له، أو العكس!
*
تعليقا على اجتماع 47 نائبا كويتيا عند أحدهم، قبل انتخابات رئيس مجلس الأمة ولجان المجلس:
قال نيرون يوما أن ابنه الرضيع يتحكم بأمه وأمه تتحكم به وهو يتحكم بروما، وروما تحكم العالم، فبالتالي ابنه الرضيع يتحكم في العالم!
أحمد الصراف