بيان إستثنائي للمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى يفترق كلياً عما اعتدنا مطالعته في معظم بيانات الهيئات الدينية العربية، وخصوصاً السنّية منها.
في أي بلد عربي، باستثناء لبنان، تتحدّث أعلى هيئة دينية ممثّلة لـ”السنّة” عن “النظام الديمقراطي واحترام حرية الفرد والرأي والمعتقد”؟ وفي أي بلد عربي، عدا لبنان، يكرّس”مفتي الجمهورية” عن “مبدأ المواطنة والدولة المدنية على أساس المساواة بين جميع أفراد الشعب”؟
بيان “المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى” بيان “ليبرالي”، وبيان “علماني” بامتياز. وهو أيضاً بيان “وطني” بالمعنى نفسه!
“الشفاف”
*
قرر المجلس الشرعي الاسلامي الأعلى الذي انعقد امس برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد راغب قباني، وحضور الرئيس فؤاد السنيورة، تمديد ولايته لمدة سنة اعتباراً من تاريخ ولايته الحالية. وتجرى الانتخابات وفق توافر الظروف الملائمة خلالها، وتنتهي حكماً ولاية المجلس عند إجراء الانتخابات وإعلان نتائجها وفقاً للاصول”.
وأصدر بياناً اشار فيه الى انه “توقف أمام الذكرى الـ21 لإقرار وثيقة الطائف، فأكد تمسكه بالركائز التي انطلقت منها هذه الوثيقة والتي تحولت دستوراً وأبرزها:
أ- العيش المشترك الاسلامي – المسيحي في وطن نهائي لجميع أبنائه قائم على وحدة الارض والشعب والمؤسسات وعلى التمسك بالنظام الديموقراطي واحترام حرية الفرد والرأي والمعتقد والمستند الى الهوية العربية ورفض كل أشكال التجزئة والتوطين.
ب – تعزيز دور مؤسسات الدولة اللبنانية باعتبارها مؤسسات لجميع المواطنين، واحترام الانظمة والقوانين التي ترسخ مبدأ المواطنة والدولة المدنية على أساس المساواة بين جميع أفراد الشعب بعضهم تجاه بعض وتجاه القوانين، والتشديد على احترام المواثيق وقيم الحق والعدالة ونقاط الاجماع الوطنية والاتفاقات التي تعقدها الدولة ومؤسساتها.
ج – التمسك بمبدأ العدالة باعتبارها أساس انتظام الحكم واستقرار النظام السياسي والاستقرار الأمني وهي المعيار الاساس لمبدأ المساواة وحفظ الحقوق وحمايتها.
د- العمل على ترسيخ وحدة اللبنانيين ووحدة المسلمين والوقوف في وجه أي محاولات لبث الفرقة وزعزعة الصفوف، وذلك من خلال التواصل واعتماد لغة الحوار لمعالجة التباينات في الرؤى والمواقف.
ونوه بالموقف الصادر عن الاجتماع المسيحي الذي انعقد اول من امس في بكركي برعاية البطريرك الماروني الكاردينال نصرالله بطرس صفير، لما تضمن من مواقف ومرتكزات وطنية ولما نبه اليه من إشارات مقلقة وهواجس تقض مضاجع كل اللبنانيين وخصوصاً مع تنامي اشارات الضغط على مؤسسات الدولة”.
واستنكر المجلس “المجزرة التي تعرض لها مواطنون عراقيون أثناء تأديتهم الصلاة في كنيسة سيدة النجاة في بغداد، معتبراً “أن من وقف خلف هذه الجريمة البشعة إنما هو من أعداء الله والأمة والانسانية، لأنه يقدم خدمة الى العدو الاسرائيلي ويفتك بأبناء الوطن الواحد. واذا كان هناك البعض من أعداء الله والوطن وجميع القيم الدينية والاخلاقية ممن يقوم بمثل هذه الاعمال فإن الاسلام والمسلمين وكل الاديان والمؤمنين بها براء منهم. إن الاخوة المواطنين المسيحيين في العراق هم مكون أساسي وأصيل مثلهم كمثل إخوانهم المواطنين المسلمين وان أي استهداف لهم هو استهداف لوحدة العراق العزيزة الغالية على قلوبنا جميعاً كما هو استهداف للعرب والمسلمين على حد سواء”.
وندد “باستمرار الانتهاكات الاسرائيلية للسيادة والأجواء اللبنانية عبر طلعات متكررة على مرأى من القوات الدولية”، وطالب مجلس الأمن الدولي باتخاذ الاجراءات الضرورية لردع اسرائيل وإلزامها احترام القرار 1701”.
وندد “استمرار حكومة العدو الاسرائيلي بمخططاتها الاستيطانية في فلسطين الآيلة الى تهويد القدس والاراضي المحتلة ونزع هويتها العربية الاسلامية والمسيحية”.
وتوقف “أمام تصاعد المعاناة التي يعيشها المواطنون بسبب ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية مما يؤثر على مستوى معيشتهم وحياتهم. وأكد من جهة أولى أهمية العمل لكل ما من شأنه أن يعزز الاستقرار السياسي والأمني ويشجع على النمو وزيادة الانتاج في إدارات الدولة ومؤسسات القطاع الخاص. كما يهيب بالحكومة والمسؤولين العمل على اتخاذ الاجراءات الكفيلة بالتخفيف عن كاهل المواطنين غلاء الاسعار”.