تم تنسيق الضربات الروسية مع قوات النظام، ومع «حزب الله» أيضاً، وبالتالي مع إيران
في الثلاثين من أيلول/سبتمبر، قام سلاح الجو الروسي، بالتعاون مع الجيش السوري، بعملية قصفه الأولى في ثلاث من محافظات البلاد. ووفقاً لمصدر أمني سوري تحدث مع «وكالة فرانس برس»، “قامت الطائرات الروسية والسورية اليوم [الأربعاء] بشن عدة غارات ضد مواقع إرهابية في حماة وحمص واللاذقية، في شمال غرب البلاد ووسطها.”
وعلى الرغم من أن مصدر «وكالة فرانس برس»، لم يحدد المناطق الدقيقة التي أصيبت، ولكن مع ذلك، جرى تحديد إحدى الأهداف “الإرهابية” بصورة واضحة وهي: قرية “تلبيسة” التي تقع على بعد عشرة كيلومترات شمال حمص، في جيب المتمردين في مدينة الرستن. ولا يتواجد مقاتلو تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» («داعش»)/«الدولة الإسلامية» في هذه المنطقة – كما أن الكتائب المحلية قد أعلنت البيعة لـ«جبهة النصرة» [ذراع تنظيم «القاعدة»] أو للجماعة المتمردة «أحرار الشام»، أو بقيت مستقلة. ويكمن الهدف الاستراتيجي من الضربات الروسية في مساعدة الجيش السوري و«حزب الله» على القضاء على هذا الجيب من المتمردين وتوفير حماية أفضل لمدينة حمص. ويمكن لهذه الخطوة أيضاً أن تدفع المتمردين – الذي يبلغ عددهم 1500 عنصر ولا زالوا يحتلون حي الوعر في ضواحي حمص – للتفاوض بجدية حول رحيلهم، كما فعلوا عندما خرجوا من مركز المدينة في نيسان/أبريل 2014.
وفي الوقت نفسه، أصابت الضربات الروسية في محافظة اللاذقية جبل الأكراد – وهو المنطقة الجبلية المحيطة بـ”سلمى” والتي يسيطر عليها المتمردون منذ عام 2012. وبعد سقوط “جسر الشغور” في نيسان/أبريل الماضي، أصبح جبل الأكراد متصل مباشرة بالأراضي الشاسعة الكبيرة في الشمال الغربي [من المحافظة] التي تحتلها جماعة «جيش الفتح». ويشكّل المعقل تهديداً مباشراً على مدينة اللاذقية، حيث يقع على بُعد أقل من ثلاثين كيلومتراً ويدخل ضمن نطاق الإطلاق العرضي لصواريخ المتمردين من الجبال. وستحتاج روسيا إلى إزالة هذه المنطقة التي يتواجد فيها المتمردون إذا كانت تأمل في تأمين الطرف الشمالي الذي يشكل قلب نظام الأسد العلوي – والذي تأمل موسكو أن يكون مقراً لقواعدها العسكرية في سوريا وشرق البحر الأبيض المتوسط في الوقت الحاضر والمستقبل.
والهدف الآخر الذي تم استهدافه في الثلاثين من أيلول/سبتمبر يقع بالقرب من “محردة”، وهي مدينة مسيحية صغيرة في محافظة حماة تقع تحت تهديدات «جبهة النصرة»، وهي موالية للأسد لأن سكانها المسيحيين محاطون بمجتمعات ذات غالبية سنية كبيرة. وتُعد المدينة أيضاً نقطة رئيسية في جبهة حماة بالقرب من طريق حلب السريع، الذي يحاول الجيش السوري إعادة فتحه منذ ثلاث سنوات ولكن دون جدوى. وعلى نطاق أوسع، يمكن للتدخل العسكري الروسي القوي في منطقة حلب أن يضع موسكو في وسط رقعة الشطرنج السورية.
وباختصار، كان هدف الموجة الأولى من الضربات الجوية الروسية هو تأمين الأراضي التي يسيطر عليها الجيش السوري. لكن، يتعدى ذلك إلى حد كبير التخندق البسيط لمعقل العلويين. ولم يتم تنسيق الضربات الروسية مع قوات النظام فحسب، بل مع «حزب الله» أيضاً، وبالتالي مع إيران. وللميليشيات الشيعية وجود مكثّف في جميع أنحاء حمص بسبب وجود العديد من القرى الشيعية في المنطقة وقربها من سهل البقاع في لبنان. وبالنسبة لأولئك الذين يعارضون نظام الأسد، فإن الرسالة واضحة وهي: أن التحالف الجديد “لمكافحة الإرهاب” المكوّن من روسيا وإيران والعراق ودمشق قد تحوّل للتو وبدأ يقوم بعمليات عسكرية. فموسكو لم تدخل إلى سوريا لضرب تنظيم «داعش» فحسب، بل كل الجماعات التي تعتبرها إرهابية، بما فيها تلك التي تدعمها دول الخليج وتركيا.
فابريس بالونش، هو أستاذ مشارك ومدير الأبحاث في “جامعة ليون 2″، وزميل زائر في معهد واشنطن.