ابيدجان (رويترز) – كان اعتراض شحنة أسلحة من ايران في ميناء نيجيري وتحصن مشتبه بهما في سفارة ووثائق تظهر أن الوجهة الاخيرة للاسلحة هي مزرعة رئيس احدى دول غرب افريقيا فيه الكثير من ملامح أفلام الاثارة والتشويق.
غير أن الواقعة التي ما زالت أحداثها تتكشف تثير ايضا تساؤلات مزعجة بشأن الطريقة التي تمارس بها ايران أعمالها في افريقيا وقد تخيف الدول من مسعاها لعلاقات تجارية أوثق ولكسب حلفاء في النزاع الدولي بشأن برنامجها النووي.
وقالت سانام وكيل خبيرة الشؤون الايرانية والاستاذ المساعد بجامعة جونز هوبكنز “أعتقد أن هذا سيجعل بعض الدول حذرة الى حد بعيد… من اقامة علاقات قوية مع ايران.”
وتابعت مشيرة الى الجهود المبذولة داخل مجلس الامن التابع للامم المتحدة لتقليص الانشطة النووية الايرانية التي يعتبرها الغرب محاولة لامتلاك قنبلة نووية فضلا عن مخاوف أوسع نطاقا بشأن دور ايران الدولي “لن يؤدي هذا الا لزيادة الضغط عليهم.”
وسلطت الاضواء على هذه المخاوف في افريقيا العام الماضي حين قصفت اسرائيل قافلة أسلحة ايرانية في السودان قالت تقارير اعلامية نقلا عن مسؤولين أمريكيين انها كانت متجهة لحركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية (حماس) في غزة.
وبعد مصادرة 13 حاوية مليئة بالاسلحة في ميناء لاجوس النيجيري في اكتوبر تشرين الاول لجأ اثنان من الايرانيين الى السفارة الايرانية في العاصمة ابوجا. وقال دبلوماسيون ومصادر أمنية انهما عضوان بقوة القدس وهي جناح الحرس الثوري الايراني المسؤول عن العمليات في الخارج.
ولطالما شك محللون في ان لقوة القدس وجودا الى جانب انشطة ايرانية عامة لكن من المرجح أن تغضب أدلة على ضلوع الدولة في شحنات أسلحة كثيرين في منطقة تنشد الاستقرار وتبحث عن الاستثمارات بعد سنوات من الفوضى والصراع.
وقالت رولاكي اكينولا محللة الشؤون الافريقية في مجموعة يوراسيا “هذا مثير للقلق بشدة بالنسبة لافريقيا. أعتقد أن الحكومات ستصبح اكثر حذرا جدا مع الانشطة الايرانية.”
اما طهران فوصفت هذه المسألة التي أرسلت وزير خارجيتها الى نيجيريا بسببها بأنها مجرد سوء تفاهم. وقالت ان الاسلحة التي شملت صواريخ من عيار 107 ملليمترات تخص شركة خاصة تنقل شحنة مشروعة الى دولة في غرب افريقيا.
لكن هذا لم يمنع نيجيريا من ابلاغ مجلس الامن عن انتهاك ايران المحتمل لحظر الاسلحة الذي تفرضه عليها الامم المتحدة وتوجيه الاتهام لاحد الرجلين الذي عرفته وثائق المحكمة بأنه عضو في الحرس الثوري.
وقطعت جامبيا الوجهة التالية للاسلحة كل العلاقات مع ايران. ولم تعط أسبابا لكن مسؤولين بوزارة الخارجية قالوا ان قطع العلاقات مرتبط بالشحنة.
وكانت جامبيا تلك الدولة الصغيرة التي تعتمد على السياحة قد استقبلت الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد في عدد من الزيارات. وكان هناك برنامج من العلاقات الاقتصادية والزراعية والامنية مع طهران على غرار دول أخرى بالمنطقة.
وقال مصدر على دراية بقوة القدس عن اعتراض شحنة الاسلحة ” هذا حرم ايران من أحد منابر العمل الرئيسية في غرب افريقيا. بالنسبة لهم هذه خسارة كبيرة.”
وأشار المصدر الى أن جامبيا في مقابل حصولها على التدريب لحرسها الرئاسي سمحت لقوة القدس بالعمل من البلاد ربما ايضا للاستفادة من نظام مصرفي ضعيف فضلا عن العلاقات مع شبكات لبنانية في غرب افريقيا.
وطالب نواب معارضون في برلمان جامبيا بتوضيحات بشأن القضية لكن حتى الان لم يصدر تفسير من الحكومة.
ويقول دبلوماسيون ان أحد ضابطي قوة القدس استطاع العودة الى ايران بينما لا يزال الاخر في نيجيريا.
وتشرف سفارة ايران في السنغال على شؤونها في جامبيا لكنها لم ترد على طلب بالتعليق. ونقلت مواقع الكترونية ايرانية عن البرلماني البارز علاء الدين بوروجردي قوله ان جامبيا تعرضت لضغوط من الولايات المتحدة القلقة من تنامي النفوذ الايراني في افريقيا.
وأشارت سانام وكيل الاستاذ المساعد بجامعة جونز هوبكنز الى أن واشنطن لم تقل الكثير علنا لكن من المرجح أن يدخر خصوم ايران الذين يبحثون عن مزيد من الادلة على أن الجمهورية الاسلامية غير جديرة بالثقة هذه الواقعة.
ولم تتأكد الوجهة الاخيرة لهذه الشحنة لكن وثيقة شحن اطلعت رويترز عليها ورد فيها اسم مزرعة رئيس جامبيا يحيى جامع على أنها العنوان الذي ستسلم فيه الشحنة.
وأحجمت شركة الشحن عن التعقيب كما رفض متحدث باسم الرئاسة في جامبيا التعليق.
ومما يبرز كيف أغضب اعتراض الشحنة كثيرين في المنطقة قال مصدر أمني سنغالي ان الاسلحة ربما كانت متجهة الى متمردين سنغاليين اتهمت جامبيا بدعمهم خلال سنوات شهدت توتر العلاقات بين البلدين.
ومن بين المستقبلين المحتملين للشحنة المتشددين النيجيريين.
بينما قال مسؤولون اسرائيليون ايضا ان ايران ربما كانت تجرب طريقا جديدا لتهريب الاسلحة لنشطاء حماس في غزة.
ومن بين النظريات الاخرى أن ايران ربما تخزن أسلحة لشن هجوم على أهداف غربية اذا تعرضت هي للهجوم.
وفي حين يبرز رد فعل كل من جامبيا ونيجيريا المخاوف التي أثارتها هذه الواقعة فان بعض المحللين يشكون في ما اذا كانت ستغير تكتيكات ايران لكسب النفوذ في الخارج تغييرا أساسيا.
وقال مايك سينغ الباحث بجامعة هارفارد “الدول الافريقية ستدرك أن ممارسة التجارة مع ايران لن تأتي بفوائد وثمنها باهظ.”
وأضاف “من المؤكد أن هذا محرج. لكن لا توجد عواقب كافية بالنسبة لهم ليغيروا ما يفعلونه.”