ترتدي زيارة البطريرك الراعي الى المملكة العربية السعودية اهمية خاصة في توقيتها وزمانها!
فهي الاولى لرجل دين مسيحي بمقام البطريرك الراعي الذي يمثل رأس طائفة مسيحية مشرقية. ومن جهة ثانية، فإن البطريرك الراعي هو أيضاً “كاردينال”، وعضو في مجمع الكرادلة الكاثوليك، الذي يرأسه قداسة الحبر الاعظم البابا فرنسيس.
وهو ايضا اول بطريرك عربي يشارك في انتخاب بابا، في العصر الحديث!
وتأتي اهمية الزيارة ايضا في كونها الاولى التي يلتقي فيها، ندًّ لندّ، كاردينال مسيحي بعاهل المملكة العربية السعودية وسط سياسة انفتاح تنتهجها المملكة في عهد الملك سلمان وولي عهده الامير محمد.
مصادر سياسية لبنانية اعتبرت الزيارة بأهمية لقاء المصالحة التاريخية التي انجزها البطريرك مار نصرالله صفير في الجبل، مُنهياً صراعاً تاريخيا بين الموارنة والدروز تضرب جذوره في عمق التاريخ لاكثر من قرن، شهد خلالها نزاعات وحروب دموية بين الجانبين.
واعتبرت المصادر ان زيارة البطريرك الراعي سوف تزيل سوء فهم تاريخياً تراكمَ بين الموارنة الشرقيين خصوصا، والمسيحيين الكاثوليك عموماً والمسلمين السنة. وهو سوء تفاهم يضرب جذوره في عمق العلاقات بين الجانبين الى مرحلة الفتوحات الاسلامية، واتخذ ايضا طابعا دمويا في فترات متفاوتة مع ا”لمماليك” ومع السلطات العثمانية التي عملت على محاصرة جبل لبنان لتجويع سكانه، في ما يمكن وصفه بجريمة ضد الانسانية ارتكبها قائد الجيش العثماني الرابع “جمال باشا” الملقب بـ”السفاح“، والتي ادت الى وفاة اكثر من 100 الف لبناني معظمهم من الموارنة جوعاً.
في المقلب الاخر، حيث ينتهج ولي العهد السعودي نهج الانفتاح الداخلي والخارجي تمثل الزيارة ايضا حاجة سعودية، تستكمل اعطاء المرأة السعودية حقها في الخروج من المنزل وقيادة السيارة وحضور المباريات الرياضية. وخصوصاً مبادرة الملك سلمان بن عبد العزيز، بإنشاء “مجمع للحديث النبوي” تهدف لكشف المفاهيم المكذوبة عن الرسول، ما يعني عمليا إفراغ ما يسمى “هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر” من مضمونها تمهيدا لتقليص دورها والغائها.
ويبقى ان الزيارة ما كانت لتتم لولا تضافر جهود القيادة السعودية والنائب السابق د. فارس سعيد رجل المصالحات التاريخية الذي عمل على إنجاز مصالحة الجبل مع زميله الراحل النائب سمير فرنجيه. فاضطلع د. سعيد بدور محوري على خط المملكة العربية سعودية والصرح البطريركي، ما ادى الى توجيه دعوة للبطريرك الراعي لزيارة المملكة وقبول الراعي الدعوة مرحبا بها.