تبدو سياسة طرد اللبنانيين الشيعة من دول الخليج عصية على التوقف.
عمليات الطرد وعدم منح تأشيرات دخول، الى مواطنين لبنانيين ينتسبون الى الطائفة الشيعية، لا تبدو مستندة الى معايير سياسية، كأن تستهدف فئة من المتعاطفين او المنتسبين الى طرف سياسي تعتبره هذه الدول خطرا عليها، بل هي تستهدف بالدرجة الاولى اولئك الذين لا ينتمون الى طرف سياسي شيعي، وتحديدا حزب الله وحركة امل، فيما تطال بعد ذلك من يعتقد انهم منخرطون في عمل حزبي او متعاطفون في الحد الادنى!
عدد من الشخصيات الشيعية المعروفة بتمايزها او اختلافها مع الثنائية الشيعية وهم من المترددين الى دولة الامارات العربية بين الحين والاخر، رفضت السفارة في بيروت منحهم تأشيرات دخول مع تقديم الاعتذار بحجة أن القرار يتجاوز صلاحيات السفير. ولا يقتصر الأمر على ذلك، إذ ثمة سياسة متبعة وجارية التنفيذ تتمثل في عمليات الطرد المنظم وعلى دفعات لاعداد من المواطنين اللبنانيين الشيعة من هذه الدولة عبر عدم تجديد وثائق الاقامة لهؤلاء المقيمين في دولة الامارات منذ سنوات طويلة، لا تقل عن اربع سنوات.
الى هذه الخطوة لا تبدو دولة قطر متمايزة في هذا السلوك، فهذه الدولة التي استقطبت آلاف اللبنانيين الشيعة بعد حرب تموز عام 2006 في قطاعات مختلفة، أوقفت منذ اشهر منح تأشيرات الدخول الى قطر لكل لبناني شيعي في الهوية، ايا كان هواه السياسي. ونقل لي احد المشرفين اللبنانيين على استقطاب اليد العاملة اللبنانية إلى العمل في قطر، انهم أُبلِغوا من الطرف القطري بشكل ضمني ضرورة عدم ارسال اي طلب لتوظيف لبناني ينتمي الى المذهب الشيعي. ويضيف صاحبنا: “وان كنا نستقبل طلبات المواطنين الشيعة فانها تبقى في لبنان، رغم وجود الكفاءات المهنية المطلوبة بينها”.
في الجانب البحريني الامر لا يختلف كثيرا، بل ربما يبدو اكثر وضوحا بعدما اطلقت الثورة البحرينية مخاوف السلطة في البحرين. والدول الخليجية بدت اكثر حماسة لقمع التحرك السلمي هناك ومنع السلطات من تقديم اي تنازل انطلاقا من مخاوف تمددها نحو الخليج وتحديدا في اتجاه المنطقة الشرقية في السعودية ذات الغالبية الشيعية. وترافقت هذه الخطوات مع وقف منح التأشيرات البحرينية إلى العديد من اصحاب رؤوس الاموال الشيعة.
ويترافق هذا المنع مع كلام قاله لي مسؤول امني بحريني بارز زار بيروت بصفته النيابية قبل مدة، مفاده ان لدى السلطة البحرينية معلومات تفيد بأن حزب الله يدير التحركات البحرينية ويقدم دعما امنيا واعلاميا وماليا للثورة. بمعزل عن صحة هذا الاتهام، الا انه يدرج عمليا في اطار اعتبار الشيعة اللبنانيين في مصاف الخطر على النظام، وان التضييق عليهم وطردهم من البلد يندرجان في سياق مواجهة المؤامرة الايرانية على حد زعم السلطات البحرينية.
وفيما يواجه أيمن جمعة، الذي يُشتبه بأنه مقرب من “حزب الله” والذي ارتبط اسمُه بقضية “البنك اللبناني الكندي” وتبييضِ الأموال، تُهماً بتهريب المخدِرات في الولايات المتحدة، بحسب ما نَشرت صحيفة “NewYork Times” – ، فان تداعيات هذه القضية تتم متابعتها بشكل موجّه من قبل جهات اميركية وغربية عموما. وبرزت في الايام الاخيرة اتهامات وجهت إلى اربعة رجال اعمال شيعة لبنانيين ادرجوا على اللائحة السوداء يعملون بين افريقيا واميركا اللاتينية. وتمنى مصرف لبنان عدم الكشف عن اسماء لبنانيين متهمين بالانخراط في عمليات مالية مشبوهة تتصل بحزب الله، بسبب تأثيرات الاعلان على الحركة المصرفية في لبنان. وتتحدث هذه المصادر عن دولتي كنشاسا وسيراليون كمركزين تنطلق منهما هذه العمليات المالية المشبوهة.
في كل الاحوال ثمة صورة تتكون لدى اكثر من طرف دولي فاعل مفادها ان الارتباط وثيق بين تنفيذ العقوبات على ايران من جهة والتضييق ومراقبة حركة رؤوس الاموال الشيعية اللبنانية من جهة أخرى، وهو ما يساهم اليوم في زيادة منسوب الخطر على رجال اعمال متهمين بتشكيلهم اوصالَ شبكات ايرانية مالية في العالم.
امام هذا الاجماع الذي يتكون عربيا ودوليا على استهداف هذه الفئة وازاء تراجع النفوذ الايراني في اكثر من دولة عربية واسلامية، يُتوقع ان تشهد المرحلة المقبلة المزيد من ادراج الاسماء على اللوائح الدولية السود، ما سيؤمن الارضية الملائمة لاستكمال بعض دول الخليج تفعيل سياسة طرد أعداد متزايدة من الشيعة اللبنانيين، قد يكون تحذيرها لرعاياها من السفر الى لبنان أول تجلياتها.
alyalamine@gmail.com
كاتب لبناني
البلد
إقرأ أيضاً:
الخليج يستكمل طرد شيعة لبنان
الكاتب يبالغ بنسبة الشيعة السعوديين في المنطقة الشرقية ، حيث يزعم أنهم يشكلون أغلبية في تلك المنطقة ، وهذا غير صحيح بل أكذوبة تروجها إيران وأذنابها إذ نسبتهم لا تزيد على الثلاثين في المائة . حبذا لو يُعنى بعض الكتاب بتحري الحقائق بدلا من تبني المغالطات وشكرا للنشر