التقييم الإستراتيجي: كانون الأول 2007
الحرب، بطبيعتها، حدث مشكل. فغالبا عندما تبدأ الحروب تصل عمليات مختلفة الى نهاياتها ويتم استبدالها بأخرى جديدة. وحرب تموز 2006 في لبنان ليست استثناء. اذ كان للحملة التي حدثت هناك وعلى الجبهة الاسرائيلية الامامية وقع عميق على الجانبين الاسرائيلي واللبناني. فالنتائج الوطنية، السياسية، العسكرية والاجتماعية للحملة واضحة في كل من اسرائيل وعلى الجانب الآخر من الحدود.
تحلل هذه المقالة تأثير الحرب في عقيدة ‘حزب الله’ العسكرية، ومراجعة عملية اعادة تأهيله على مدى العام الماضي. بالاضافة الى ذلك، تحاول المقالة تحديد خصائص الحملة المقبلة على المسرح اللبناني واهميتها بالنسبة لقوات الدفاع الاسرائيلية واسرائيل.
عقيدة حزب الله العسكرية قبل الحرب
منذ نهاية عملية ‘عناقيد الغضب’ في نيسان 1996 وصولا الى اندلاع الحرب في تموز2006، استعد ‘حزب الله’، بمساعدة وثيقة من ايران، لحملته التالية مع اسرائيل. وقد بنى الحزب قوته العسكرية بناء على فرضيات عديدة، تم استخلاصها من الحملات السابقة، كما من تطورات عسكرية وسياسية مختلفة حصلت على مدى سنوات. وقد اعتمدت عقيدة المنظمة العملانية على فرضية تقول ان المجتمع الاسرائيلي ضعيف وعاجز عن استيعاب عدد كبير من الضحايا. واعتقد الحزب بان هذا الضعف قاد جيش الدفاع الاسرائيلي الى الانسحاب من المنطقة الامنية في آيار2000، كما عبر عن ذلك الامين العام للحزب السيد حسن نصر الله في خطاب النصر في 26 آيار 2000 في بنت جبيل، حيث قارن قوة المجتمع الاسرائيلي وجيش الدفاع الاسرائيلي ‘ببيت العنكبوت’.
ولاستغلال نقطة الضعف المفهومة هذه، كان هدف ‘حزب الله’ العملاني الرئيسي هو القيام بحرب استنزاف ضد الجبهة الاسرائيلية الامامية. واعتقد بان زعزعة قدرة اسرائيل على التعافي من هذه الحرب سيقود، بحكم الظروف، الى نهاية للقتال بشروط تكون لمصلحة المنظمة. ويبدو ان الفرضية العاملة الرئيسية لقيادة الحزب، التي صيغت خلال جولات قتال سابقة ضد جيش الدفاع الاسرائيلي، كانت تقول ان اسرائيل ستحصر نفسها باستخدام ضخم للقوة الجوية وبعمليات برية محدودة لمكافحة تهديد صواريخ المقاومة. وشكلت هذه الفرضية بدورها تصميم تخطيط قوة المنظمة العسكرية. لقد استثمر ‘حزب الله’ معظم جهوده بجمع وحشد نظام صاروخي واسع بمدى يصل الى اكثر من 200 كلم، بظل فرضية ان اسرائيل لن تقوم بعمليات برية مهمة جنوب نهر الليطاني. وكانت معظم الكتلة الاجمالية العملانية للمنظمة، بما فيها نظام سري من الانفاق والتحصينات وانظمة مضادة للدبابات والمشاة محدودة نسبيا، بالاضافة الى مروحة من مجموعات الصواريخ، مركزة في هذه المنطقة.
عقيدة حزب الله العسكرية قيد الممارسة
وضعت حرب لبنان الثانية عقيدة ‘حزب الله’ العملانية وفرضياته المحددة قيد التجربة. ومن تصريحات مختلفة للسيد حسن نصر الله، من الواضح أن توقيت القتال وكثافته جاءا بمنزلة المفاجأة لقيادة المنظمة. وفي الوقت نفسه، اثبت المنطق العملاني الذي كان يوجه الحزب بأنه صحيح عسكريا. فمن بداية القتال نفسها، حافظ الحزب على قصف مستمر للحدود الاسرائيلية لتعرية الجبهة الاسرائيلية الامامية. وكما توقع، رد جيش الدفاع بقوة جوية ضخمة. ولم يتم ادارة الا قلة من العمليات البرية فقط، التي كانت وبشكل رئيسي، قريبة من الحدود. كما اثبت انتشار المنظمة العملاني في جنوب الليطاني عن نفسه ايضا، بما أن جيش الدفاع لم يقم بعمليات برية تتجاوز هذه المنطقة سوى في حالات قليلة. اما في نهاية القتال، فقد كان ‘حزب الله’ مكشوفا امام عملية من مستوى كبير تضمنت عددا من القوات البرية وقوات اخرى المنقولة جوا قرب الليطاني. ومع ذلك كان الامر متأخرا جدا ليثمر عن اي تأثير حقيقي على حملة المنظمة.
من الواضح ان تصريح ‘حزب الله’ المتوازن مع نهاية القتال كان مختلطا. فسياسيا، وعلى الرغم من جهوده لابراز الحملة على انها ‘نصر إلهي’، نالت المنظمة انتقادا شديدا في الداخل على افعالها. علاوة على ذلك، كان قسم كبير من بنيتها التحتية العسكرية متضررا. فنظام انفاقها السرية في منطقة الحدود كان مكشوفا وتم تدميره جزئيا. كما تم استئصال مجموعة مراكز المنظمة الدفاعية الحدودية والتخلص من قبضتها الممسكة بالمنطقة تقريبا. كما دمر ايضا قسم كبير من نظام صواريخها المتوسطة المدى (صواريخ ‘فجر’ وصواريخ 220 ملم و320 ملم).
علاوة على ذلك، دكت منطقة الضاحية في بيروت، مركز العصب التنظيمي، العسكري، والسياسي للمنظمة. أما إذا لم يكن هذا كافيا، فقد تكبدت الجماهير الداعمة لـ’حزب الله’، ومعظمها متمركز في جنوب لبنان، خسائر شديدة في الاملاك والافراد. ومن المرجح ايضا ان تكون عناصر في القيادة الايرانية قد انتقدت ‘حزب الله’ عندما انجر الى مواجهة عنف سابقة لاوانها مع اسرائيل كشفت عن قدراته الاستراتيجية، تحديدا بما يتعلق باطلاق الصواريخ باتجاه العمق الاسرائيلي.
من جهة أخرى، بإمكان المنظمة ادعاء النجاح بما يتعلق بعقيدتها العملانية. فقواتها تسببت بخسائر عديدة لجيش الدفاع في حرب محلية. علاوة على ذلك، لم يوقف ‘حزب الله’ مطلقا قصفه للجبهة الاسرائيلية الامامية، حتى في مواجهة النشاط الجوي الهائل. وقد اثبتت توقعات المنظمة المنطقية بأنها صحيحة ايضا، مع نجاحها بالمحافظة على مخزون كبير من الذخائر، ما مكن جنود ‘حزب الله’ من ضرب اسرائيل بعدد كبير من الصواريخ خلال كل مرحلة من مراحل القتال (بمعدل اطلاق 150 – 200 صاروخ يوميا). ومن منظور المنظمة، ادت هذه الانشطة الى تقريب نهاية القتال كما احدثت صدمة شديدة ‘للكيان الصهيوني’. اما من موقع الاستشراف هذا، فقد كان التوازن العملاني ايجابيا.
وفي الوقت نفسه، ظهر عدد من نقاط الضعف في تحضيرات ‘حزب الله’ العملانية. أول هذه النقاط كان نجاح جيش الدفاع الاسرائيلي في تدمير ممتلكات وذخائر المنظمة الاستراتيجية – انظمة صواريخها المتوسطة والطويلة المدى. هذا التدمير السريع نزل نزول الصاعقة على هذا التنظيم. كما ان تدمير صواريخ ‘زلزال’ في بيروت التابعة لحزب الله (وهو صاروخ بمدى يصل الى 200 كلم) في الساعات الأولى من القتال بدا أنه كان مؤلما بشكل خاص. أما نقطة ضعف حزب الله الثانية، فقد كانت على الارجح اللياقة المتدنية لوحدات الحماية الخلفية. فخلال القتال، ضرب جيش الدفاع مراكز المنظمة في بعلبك في سهل البقاع، ونفذ عمليات عديدة للقوات الخاصة في المنطقة. وكانت هذه المنطقة تعتبر منطقة المسرح اللوجستي الرئيسي لحزب الله ومعقلا شيعيا اساسيا له. وقد كان تسريح قائد الوحدة المناطقية المسؤول عن الامن هناك يعود لتلك الخلفية على الارجح. كما كشفت استعدادات في وحدات خلفية أخرى زلات وهفوات مختلفة. بالاضافة الى ذلك، وعلى المستوى التكتيكي، برهنت قاذفات الصواريخ المتعددة الاسطوانات (قاذفات 220 ملم بمعظمها) عن قدرة هزيلة على الاستمرار. وبحسب تقارير لسلاح الجو الاسرائيلي، فان معظم القاذفات التي اطلقت وابلات الصواريخ على اسرائيل قد تم تدميرها بعد وقت قصير من عمليات الاطلاق.
وقد تأثرت عقيدة الحزب العملانية منذ الحرب بمكونين رئيسيين: الدروس المستخلصة من الحرب، والواقع الجديد في جنوب لبنان عقب انتشار الجيش اللبناني، وتعزيز اليونيفيل في المنطقة. وكان الحزب يأخذ هذين العاملين في الحساب عندما كان يعمل على اعادة بناء قواته في خطوات متسارعة منذ الحرب، وهي عملية مستمرة من دون تدخل كبير، عدا استثناءات منفردة أخرى. فنقل الأسلحة والتجهيزات إلى المنظمة بكميات كبيرة من قبل سوريا وإيران أسبوعيا هو مساهمة كبرى في عملية بناء قوات ‘حزب الله’، واعادة تأهيله العسكري.
الواقع الجديد في جنوب لبنان
مرر مجلس الأمن الدولي في 11 آب 2006، وبالاجماع، القرار 1701، الذي أنهى حرب لبنان الثانية. وكان القرار الذي أصبح فعالا بعد يومين مصمما لخلق واقع جديد في لبنان، وتحديدا في الجنوب. وفي اطار العمل هذا، كان مقررا نزع سلاح الميليشيات في البلاد، نشر الجيش اللبناني جنوب الليطاني وزيادة عديد القوات الدولية في المنطقة بشكل ملموس وحقيقي لتعمل كقوة دعم للجيش اللبناني، بالإضافة الى ذلك، تم حظر نقل الاسلحة الى الأفرقاء في لبنان عدا الكيانات الحكومية الرسمية. وكان هذا الحظر يهدف، وبشكل واضح، الى وقف تهريب الاسلحة من إيران وسوريا إلى ‘حزب الله’.
وانسجاما مع القرار، تم نشر قوة كبيرة نسبيا تتألف من حوالي 10000 جندي لبناني، معززة بأكثر من 12000 جندي من القوات الدولية من بلدان مختلفة. وتقوم هذه القوات بدوريات في الجنوب اللبناني، ومعظمها قرب الحدود الإسرائيلية، كما تقوم من وقت لآخر بشكف مخابئ أسلحة في الجنوب. وفي حالات منفصلة، قام الجيش اللبناني أيضا باعتقال عملاء مشبته فيهم. وعموما، يبدو ان هذا الوجود لقوات كبيرة كهذه في الجنوب يعقد نشاط ‘حزب الله’. ولهذا السبب، من المرجح ان يكون هذا الواقع قد أثر على المنظمة بأوجه ثلاث: الأول هو اعادة بناء وتحصين بنيته التحتية (السرية بمعظمها) الموجودة في مساحات مفتوحة قرب الحدود مع إسرائيل. والجانب الثاني هو تنفيذ عمليات ذات خاصية مميزة مثل حفر انفاق جديدة ووضع ألغام وقنابل مموهة معدة للتفجير. أما الجانب الثالث، فهو المحافظة على وجود عسكري علني على الحدود نفسها. وبذلك، وبحسب أحد التقارير، فقد أجبر وجود الجيش اللبناني والقوات الدولية في الجنوب عملاء المنظمة في المنطقة على التنقل من دون سلاح وبثياب مدنية. وفي الوقت نفسه، ان وجودهم واضح تماما في القرى.
وبالإجمال، يبدو ان هذا الواقع لم يؤثر في حصول تغيير حقيقي ملموس في عقيدة حزب الله العملانية المتعلقة بحملته المقبلة ضد اسرائيل. ومع ذلك، فقد قاد ذلك الواقع الى عدد من التطورات المهمة:
وجود أقل في المناطق قرب الحدود: لا تزال بعض بنية حزب الله التحتية متروكة، كما أن وجوده في مناطق مفتوحة قرب الحدود مع إسرائيل سيكون، بالتأكيد، بمستوى أقل. فمن وجهة نظر إسرائيل، بدأ خط التماس في منطقة مفتوحة يصبح أكثر إبتعاداً. وسيكون على الغارات المحلية (من جانب حزب الله)، وفقاً لذلك، أن تقوم باختراقات أكثر عمقاً. وعلى كل حال، لقد أصبح من الممكن الآن تخصيص الإهتمام العملاني والإستخباري للتعامل مع مشكلة القرى التي تشكل مصادر قوة العدو النارية في منطقة الحدود القريبة. وترسيخ وجود عسكري بشكل أكثر سرعة وسهولة في مواقع إستراتيجية قرب الحدود.
صعوبة في وقف جيش الدفاع الاسرائيلي في المنطقة القريبة من الحدود: يرجح أن تكون هذه الصعوبة ناشئة عن مصدرين رئيسيين: وجود غير منتظم من قبل حزب الله (عقب تدمير مواقع المنظمة)، الأمر الذي من المرجّح أن يؤدّي إلى التشويش على عملية جمع المعلومات الإستخبارية للمنظمة في الشمال، وصعوبة في خلق عوائق جديدة ووضع ألغام وقنابل مموهة معدة للتفجير، بسبب وجود الجنود اللبنانيين والدوليين قرب الحدود.
تحوّل في التركيز العملاني إلى القرى: بدلاً من المساحات المفتوحة، حيث من الممكن أن يجد مقاتلو حزب الله صعوبة بالعمل بسرّية، ركّزت المنظمة على إعادة بناء وتطوير بنيتها التحتية في القرى. وبذلك، فقد بنى حزب الله، بالرغم من وجود قوات دولية كبيرة في جنوب لبنان، بنية تحتية سرّية ممتدة وواسعة- معظمها في قرى شيعية- تتضمن عدداً من التحصينات، بعضها مجهّز بوسائل إتصالات معقدة.
التطور العسكري ما بعد الحرب
إن تكملة تأثير الواقع الجديد في جنوب لبنان هي الدروس التي استخلصها حزب الله من الحرب والمعلومات التي انكشفت لاحقا في اسرائيل. فعقب الحرب، شرع الحزب بعملية مراجعة منهجية، اكتسب من خلالها تبصرا وحكمة. على كل حال، ان الافتقار للمعلومات لا يسمح سوى بتعريف جزئي لهذه الدروس. ومن بين هذه الدروس، يبرز مجالان: نظام المدفعية للمنظمة، والقوات البرية (فرق المشاة والمضادة للدبابات).
اولا: نظام المدفعية الصاروخية: ‘أقوى وأعمق’
بالاجمال، يبدو أن حزب الله يعتبر اداء نظام مدفعتيه الصاروخية ناجحة. ووفقا لذلك، ركزت عملية دعم قوة المنظمة في هذا السياق على مجالين اثنين. الاول، تجديد مخزونه من الصواريخ القصيرة المدى (بمدى يصل الى خط حيفا). كما نجح ‘حزب الله’، بحسب الظاهر، وبمساعدة هائلة من ايران وسوريا، باستعادة مخزونه من صواريخ الكاتيوشا في نظامه. وقدرت مصادر سعودية، بعد اشهر قليلة فقط من الحرب، بأن كمية صواريخ الكاتيوشا التي يمتلكها الحزب مساوية للعدد الذي كان لديه قبل الحرب. وبشكل مشابه، قدرت مصادر امنية اسرائيلية عدد صواريخ حزب الله القصيرة المدى بـ 10.000 – 20.000 صاروخ. وبمعنى آخر: في الحملة المقبلة، سيكون شمال اسرائيل، وصولا الى خط حيفا – طبرية، عرضة لقصف عدد كبير من صواريخ الكاتيوشا.
اما التركيز الثاني لحزب الله في مجال الدعم العسكري، فهو تجديد ودعم نظامه الصاروخي الطويل المدى. فهذا النظام يهدف الى ردع اسرائيل عن البدء بأعمال عدائية. وما ان تبدأ، منعها من قصف بيروت. وهناك هدف آخر، هو ان يتألف النظام من سلاح استراتيجي – وسيلة لمهاجمة ‘الجزء الضعيف الناعم’ من اسرائيل (منطقة غوش دان الوسطى). ففي حرب لبنان الثانية، لم يحقق هذا النظام اهدافه (فهو لم يردع اسرائيل عن ابتداء القتال او عن تدمير مراكز المنظمة في بيروت، كما لم ينجح حتى في تحقيق اضرار رمزية في منطقة غوش دان).
علاوة على ذلك، كان قسم كبير من النظام قد سبق وتضرر في المراحل الاولى من الحرب. لذلك، فقد بدأ ‘حزب الله’، عقب الحرب، بعملية متسارعة للحصول على صواريخ طويلة المدى. وكانت خطوته الاولى استعادة مخزون الصواريخ السورية (220 ملم و302 ملم) والايرانية (فجر 3.5) التي كان يمتلكها قبل الحرب. بالاضافة الى ذلك، استطاع، بحسب الظاهر، دعم وزيادة نظامه الاستراتيجي بصواريخ ‘فاتح 110′ الايرانية، التي يصل مداها الى 250 كلم. ان هذا النظام من الصواريخ الكبيرة والصغيرة غير محصور بالجنوب.
وتعرض حالة المسائل هذه الى ان الجولة المقبلة من القتال ضد ‘حزب الله’ يعني ان عددا اكبر من المناطق ستكون تحت تهديد الهجمات الصاروخية، المخاطر المحتملة المتعلقة بقواعد عسكرية حساسة خلف الجبهة الامامية لاسرائيل اكبر، جيش الدفاع الاسرائيلي سيواجه صعوبات بالتعامل مع تهديد الصواريخ الصغيرة والكبيرة.
ثانيا: الحملة البرية – ‘من المجهود الجوي الى المناورة البرية’
كانت الفرضية العاملة الرئيسية لحزب الله، قبل الحرب الاخيرة، تقول إن جيش الدفاع لن يقوم بحرب برية واسعة في لبنان (او انه سيقوم بها كملجأ اخير فقط)، وبالواقع اثبتت هذه الفرضية صحتها خلال معظم مراحل القتال، ومع ذلك فقد اتحد عاملان لتقويض هذه الفرضية:
-1 بدأت العملية البرية من قبل جيش الدفاع في الايام الاخيرة من القتال.
-2 انكشاف خطط جيش الدفاع العملانية.
وبسبب تقييم ‘حزب الله’ الجديد لارجحية عملية برية اسرائيلية فقد بدأت المنظمةبتحضيرات اكثر اهمية لهذا السيناريو:
اولا: لقد عزز حزب الله من وجوده العسكري، بحسب الظاهر، شمال الليطاني، وباطار العمل هذا، فإنه يعمل على توسيع بنيته التحتية الموجودة كما يقوم ببناء تحصينات جديدة و’احتياطات طبيعية’ (تدعى ايضا ‘جيوب دفاعية’)، وهو نموذج قاعدة ميدان عسكرية مصممة لتسهيل القتال واطلاق الصواريخ المحمية من خارج القرى والمناطق المكتظةبالمباني، علاوة على ذلك، فقد اشار احد التقارير الى ان ‘حزب الله’ وكجزء من التحضيرات شمال الليطاني كان يشتري اراضي في مناطق مسيحية ودرزية لتعزيز الوجود الشيعي في هذه المنطقة.
ثانيا: لقد عزز حزب الله من انتشاره المضاد للدبابات فخلال الحرب، تم ضرب عشرات الدبابات الاسرائيلية بقاذفات مضادة للدبابات وبالرغم من انه لم يحدث ضررا كبيرا لبعضها، فقد برهن نموذج الصواريخ المستخدم (كورنيت وميتيس الروسية الصنع) عن قدراته التدميرية.
ثالثا: لقد عزز حزب الله من اطر عمله القتالي المسرحي. فكقاعدة ينتشر بشكل وحدة مسرح، ما يعني وحدات عسكرية مسؤولة عن منطقة محددة.
ان اهمية كل هذا بالنسبة لجيش الدفاع واضحة، ففي الحرب المقبلة سيكون حزب الله محضرا بشكل افضل، كما سيكون اكثر استعدادا عقائديا بما يتعلق ببنيته التحتية البرية وبالاسلحة التي يمتلكها ازاء حملة برية اسرائيلية حتى بالعمق داخل لبنان (شمال الليطاني وما بعده).
ثالثا: صعوبات انتشار ‘حزب الله’
ان عملية اعادة التأهيل العسكري لحزب الله سريعة نسبيا، تحديدا مع التدفق الشديد للاسلحة من ايران وسوريا للمنظمة، وفي الوقت نفسه، يبدو ان المنظمة قد تغلبت على عدد من الصعوبات في انتشارها المتجدد ضد اسرائيل، فالصعوبة الاولى والمركزية المحتملة هي اعادة ملء صفوفه من جديد، فخلال حرب لبنان الثانية، خسرت المنظمة المئات من جنودها (تتراوح التقديرات ما بين 250 الى 600 او حتى اكثر)، ان عملية تجنيد وتدريب جندي واحد من حزب الله تستلزم سنوات عديدة وتتضمن فترات مطولة من غرس العقيدة والتدريب المجهد.
أما الصعوبة الثانية، فتتعلق على الارجح بتزعزع ثقة ايران التامة بقيادة حزب الله. إذ يبدو أن ‘المغامرة’ التي جر نصر الله منظمته وكل لبنان اليها قد اغضبت الكثيرين في طهران. فالحرب ادت الى تدمير البنية التحتية العسكرية، البشرية والسياسية للمنظمة. اما الأسوأ، فهو انها كشفت امام العالم الاسلحة الاستراتيجية التي كانت بحوزتها. فمن المنظور الايراني، ربما كانت هذه الصواريخ الطويلة المدى محددة للاستخدام كرد على هجوم اسرائيلي أو اميركي محتمل على ارضها، وبذلك، قد تكون القيادة الايرانية تسعى الى زيادة مراقبتها لقيادة ‘حزب الله’، حتى انها قامت بنشر انظمة قيادة وتحكم جديدة في لبنان لهذا الغرض.
الحرب المقبلة على المسرح اللبناني
بالرغم من انه لم يكن لانتشار القوات الدولية واللبنانية في الجنوب اللبناني تأثير كبير في انتشار حزب الله العسكري واسترداده لقدراته العسكرية، كان لدى المنظمة مشكلة في المحافظة على وجود عسكري علني على الحدود. كما دمر عدد من مواقعه وبناه التحتية في المنطقة او تم التخلي عنها. فبدلا من المنطقة العملانية التي فقدتها قرب الخط مع اسرائيل وعلى خط التماس، بدأت المنظمة تعزيز وجودها في العمق داخل الجنوب اللبناني وفي المنطقة التي تتخطى الليطاني. لذلك، وفي الحملة المقبلة، لن يكون للمنظمة سوى وجود أكثر محدودية على الحدود، الامر الذي سيتيح لجيش الدفاع الاسرائيلي بعض الحرية بالعمل في لبنان قرب السياج الحدودي.
وعلى كل حال، إن المسألة الاكثر الحاحا هي اتصال المنظمة مع سوريا وايران، اللتين تعتبران شريان الحياة المالي، اللوجستي والعسكري لحزب الله. وبما أن الحقيقة تقول ان المنظمة تمثل بالواقع معظم الشيعة في لبنان فإن ذلك يعطيها قاعدة سياسية واجتماعية يمكن الاعتماد عليها.
وقد نجح ‘حزب الله’، حتى تاريخه، بعملية اعادة التأهيل العسكري والاستعدادات الحقيقية للمستقبل. ويتوقع من الحملة المقبلة ان تماثل سابقتها الى درجة ما: قصف صاروخي للجبهة الامامية الاسرائيلية، رد جوي اسرائيلي شديد، وربما عملية برية اكثر اتساعا من تلك التي تمت في الماضي، وستكون الحرب مكونة من عدد من الابعاد:
1 – الوقت والمجال: يجب مفاجأة حزب الله، على الاقل في بداية القتال. ويجب ان يتضمن هجوم على معظم ممتلكات المنظمة المادية.
2 – الاهداف: قد يكون هذا هو الجانب الاهم. فافتقار جيش الدفاع للنجاح في الحرب السابقة في ضرب قيادة المنظمة الرفيعة، عدا قيادتها السياسية، كشف عن ضعف مهم. علاوة على ذلك، ان حقيقة تمكن حزب الله من تدبر مسألة توقيت اطلاقه للصواريخ (زيادتها وانقاصها) خلال كل مرحلة من مراحل القتال اظهر بان جهاز القيادة والتحكم التابع للمنظمة لم يكن متضررا بشكل حقيقي.
3 – أساليب الحرب: بالاضافة الى دخول كتائب المشاة والمدرعات، فإنه يجب تطوير طرق جديدة ومبتكرة، وذلك للتعامل، وبشكل رئيسي، مع انتشار واسع للصواريخ وتبعثرها على امتداد مساحة لبنان.
4 – الوسائل التكتيكية: ان هذا المجال معقد تماما ويتطلب تحليلا منفصلا. لكن سيكون على اسرائيل هنا أن تبتكر مفاجآت بالتأكيد.
وبالختام، لم تكشف الحرب الاخيرة في لبنان عن نقص بالجهوزية في جيش الدفاع الاسرائيلي بما يتعلق بالتعامل مع حزب الله فقط، وانما عن افتقار إلى النجاح في التحضير لنموذج حرب مختلفة يمكن توقعها في المنطقة في المستقبل: نزاع ضد عدو يفتقر، جزئيا، الى الشكل المألوف من الفرق والكتائب ومسارح المعركة.
النص بالإنكليزية في الشفّاف:
The Next War with Hizbollah Strategic Assessment
Kulick, Amir
الحرب المقبلة مع حزب اللهأيران وسوريا يلعبان بالنار وستنقلب كل اللعبة ضدهم وعليهم . رئيس جمهورية ايران بتصرحاته التي يعبر عن امله في إرالة اسرائيل عن الخارطة ، الا يستطيع ان يشغل دماغه لكي يرى ان اسرائيل لها الحق الآن ، بعد تلك التصريحات السخيفة ، ودفاعا عن نفسها ان تعلن الحرب على إيران ، وفي ضربة واحدة تمحو ايران عن الخاريطة: كما انني لا استطيع ان استوعب منطق “حزب الههم” كيف يفكرون انهم سيهزموا اسرائيل التي ذلت مصر، وسوريا والأردن والعراق في انتصار خاطف ، في ستة أيام!والحسن يظن انه سيغلبها؟ كل ما نتج عن عمل حسن نصرالله كان… قراءة المزيد ..
الحرب المقبلة مع حزب اللهدولة حزب الله الطائفي وضعت من قبل النظامين الايراني والسوري المخابراتي لتدميرالمنطقة وتهجير الشباب والمهم ان لا يتقاتل الرفاق اي الاخوة كما في فتح وحماس بكل حماس. ونعلم ان اسرائيل نتيجة ومقدمة اي نتيجة تخلف العرب والمسلمين عموما ومقدمة لزيادة التخلف او ايقاظ المنطقة ولو كانت اسرائيل غير موجودة (ويهود العرب كانوا متعايشين مع المنطقة) فان هذه الدول العربية بطبيعة الحال متخلفة وقد تحول قسم منهم الى انظمة شمولية مافيوية ادت الى استعمارهم وخاصة بعد انهيار الدولة العسكرية التركية(العثمانيين- الرجل المريض) فالمشكلة اساسا داخلية اي القابلية للاستعمار ولهذ التركيز على النقد الذاتي ومحاولة معرفة مكان العرب… قراءة المزيد ..