وردتني رسالة من احد القراء يستفسر فيها عن مفردة “جيبول” التي وردت في مقال سابق لي عن كوريا الجنوبية.
لا أحاول بطبيعة الحال هنا أن أحول هذه الصفحة إلى ما يشبه برنامج “السياسة بين السائل والمجيب” من هيئة الإذاعة البريطانية، والذي استمد منه معظم أبناء جيلي ثقافتهم السياسية في زمن اللاانترنت وثورة المعلوماتية والفضائيات، لكني وجدت انه من الأفضل الرد على القاريء الكريم من خلال مقال منشور كي تعم الفائدة.
تكتب كلمة الجيبول بالإنجليزية بطريقة تخدع القاريء هي: chaebo فيحسب أن نطقها هو “تشايبول”، أما لجهة المقصود بها فهي كلمة تطلق على جماعات البزنس الكبرى القوية التي تديرها وتسيطر عليها عائلات محلية نافذة.
هذه الجماعات لعبت دورا محوريا في بناء ودعم وتنمية الاقتصاد الكوري الجنوبي منذ عقد الستينات، أي منذ أن حل الرئيس الأسبق “بارك تشونغ هي” في السلطة بأجندة صارمة استهدفت تحويل البلاد من دولة زراعية بائسة إلى نمر صناعي قوي. ويقال أن بارك استلهم فكرة تشجيع جماعات البزنس العائلية هذه ودمجها في عملية التنمية والتصنيع من نظام “زايباتسو” الذي كان معمولا به في اليابان في حقبة “ميجي”. غير أن المدقق سيلاحظ اختلافا جوهريا بين النظامين يتمثل في مصادر رؤوس الأموال التي كانت في النظام الياباني متأتية من امتلاك وإدارة المصارف، فيما جاءت في النظام الكوري من المبالغ التي كانت الدولة تسمح للمصارف بإقراضها وضخها لتنفيذ أهداف وبرامج وطنية معينة، وذلك في ظل سياسة الرئيس بارك التي أممت المصارف، ومنعت سيطرة جماعات البنزنس العائلية النافذة عليها، لكن مع منح الأخيرة بعض الامتيازات مثل حصولها على قروض كبيرة. ومن هنا قيل مثلا أن نمو هذه الجماعات لم يكن عائدا إلى نجاحات باهرة وإنما إلى قدرتها على استقراض أموال ضخمة. أما الدليل الذي يسوقه أصحاب هذا الرأي فهو ما حدث أثناء الأزمة النقدية الآسيوية في التسعينات حينما انهارت المصارف، فتأثرت مراكز هذه الجماعت تأثرا ملحوظا، بل انهار نحو 11 جيبول في الفترة ما بين 1997 و 1999 ، لا سيما تلك التي كانت قد استثمرت في السلع الموجهة إلى الجوار الآسيوي وأهملت السوق المحلي، وبالذات مجموعة “دايوو” التي انهارت تحت ضغط ديون وصلت إلى 80 بليون دولار في منتصف 1999 .
بعيدا عن دورها الاقتصادي، عملت هذه الجماعات منذ الثمانينات على إضافة دور سياسي لنفسها من خلال التنافس على المقاعد البرلمانية. وكانت البداية مع مجموعة “هونداي” للصناعات الثقيلة التي تنافست على مقاعد الجمعية الوطنية مستفيدة من نظام التمثيل النسبي. وبعد نجاح هونداي سارت مجموعات البزنس الكبرى الأخرى على خطاها.
ولا يمكن الحديث عن هذه الجماعت ودورها في كوريا الجنوبية دون التوقف عند اشهرها وأهمها وأقدمها وهي:
1- سامسونغ
كانت شركة سامسونغ في وقت من الأوقات الجيبول الأكبر. وهي مؤسسة أعمال عائلية بناها “لي بيونغ تشول” ابن احد ملاك الأراضي الكبار الذي ترعرع في ظل الاحتلال الياباني ودرس وفق المنهج الصيني التقليدي قبل أن ترسله عائلته إلى العاصمة سيئول ومن ثم إلى جامعة واسيدا العريقة في طوكيو. غير أن لي لم يحقق للعائلة حلمها، إذ قطع دراسته وعاد إلى كوريا لا يلوي على شيء لعدة سنوات. لكنه في سن السادسة والعشرين قرر أن يستثمر ما ورثه عن والده في شراء مطاحن للأرز في مسقط رأسه. في هذا المشروع خسر الرجل كثيرا، لكنه لم يحبط بدليل ذهابه فورا إلى مدينة تايغو ليجرب حظه فيها من خلال شركة عقارية سماها “سامسونغ” التي تعني باللغة الكورية: ثلاث نجوم.
لكن الغزو الياباني لمنشوريا لم يترك فرصة لتلك الشركة العقارية أن تنجح، فأفلست سريعا، غير أن لي المعروف بالإصرار سرعان ما أعاد تأسيسها، وهكذا لم تنته الحرب في عام 1945 الا والشركة المذكورة تزدهر وتطرح ثمارا في صورة مجموعات أعمال ناجحة في مجالات التجارة والشحن والتأمين وتكرير السكر وصناعة النسيج والأصواف.
وحينما قام الجنرال بارك بانقلابه العسكري في عام 1961 ، كان لي في اليابان، فقرر الا يعود خوفا من مساءلته باعتباره الرجل الأثرى في البلاد. لكن هذا لم يستمر طويلا، إذ عاد إلى وطنه وعقد صفقة مع نظام بارك لتعتبر تلك الصفقة نموذجا لعلاقات بقية جماعات البزنس مع السلطة، حيث سمح بارك لشركات الرجل أن تبقى في الساحة دون مضايقة، مقابل أن تقود مشاريع التنمية المطلوبة التي كان بارك قد أطلقها تحت شعاري “اثري بلادك، وقوي جيشك” و”الفولاذ قوة للأمة”.
ونظرا لنجاح سامسونغ وتطورها اقتصاديا وتكنولوجيا وماليا، فقد استطاعت مع أواخر الستينات أن تدخل معترك صناعة الالكترونيات وتركز عليه، الأمر الذي جعلها تنجح في منتصف السبعينات في تقليد أجهزة التلفاز الملونة الغربية واليابانية تقليدا رائعا، ومن ثم تصنيعها وتصديرها إلى الخارج بأثمان بخسة. ثم كرت السبحة فنجحت سامسونغ في صنع مختلف الأجهزة الالكترونية على نفس المنوال.
2- هونداي
شركة هونداي التي تعتبر اليوم الجيبول الأكبر في كوريا الجنوبية أسسها “تشونغ جو يونغ” الذي كان قد أتى إلى سيئول في سن المراهقة في الثلاثينات ليعمل أولا على ظهر السفن ثم كصبي في مطاحن الأرز.
ومع قدوم الأربعينات كان الصبي قد وفر ما مكنه من شراء ورشة لتصليح السيارات. وحينما وضعت الحرب أوزارها، طور تشونغ علاقات البزنس مع العسكريين الأمريكيين وحصل منهم على عقود إنشاء وصيانة، ومثلها من حكومة الرئيس المنتخب “سيغمي ريهي”.
أما في الستينات، فقد لفت تشونغ أنظار رئيس البلاد الجنرال بارك بوطنيته وإخلاصه وحرصه على تنفيذ المشاريع الموكلة إليه قبل أوانها، مثلما فعل في مشروع لبناء جسر بطول 260 للربط ما بين سيئول وبوسان. غير أن هذا لم يكن وحده ما لفت نظر رئيس البلاد إليه. فإضافة إلى ما سبق كانت هناك سمعة هونداي التي وصلت إلى تايلاند حيث كانت قد حصلت على عقد لبناء شبكات الطرق السريعة، وفيتنام حيث كانت تبني المطارات والمنشآت العسكرية للأمريكيين، ناهيك عن تشابه تشونغ والرئيس بارك في الأفكار والتوجهات والآمال، مما جعلهما صديقين شخصيين حميمين.
وهكذا، فحينما قرر الرئيس بارك إدخال بلاده في مجال صناعة السفن الضخمة، لم يجد أمامه من يستعين به سوى تشونغ وهونداي، اللذين قاما فعلا بالمهمة خير قيام، بدليل بناء اكبر سفينة في حينه بحمولة زادت على 10000 طن والشروع في بناء أخرى لنقل النفط بحمولة 260 ألف طن، رغم عدم وجود خبرة سابقة، ورغم تشكيك الكثيرين في إمكانية النجاح، وهو ما دفع المصارف المحلية إلى التردد في منح هونداي قروضا ضخمة، لتقوم الشركة بالاقتراض من المصارف البريطانية.
وعليه، فان الفضل في السمعة التي اكتسبتها كوريا الجنوبية في مجال بناء السفن وأحواضها، تعود ابتداء لشركة هونداي التي دخلت الميدان في الوقت المناسب أي في السبعينات حينما كانت أسعار النفط الخام في تصاعد وكان الطلب على ناقلات النفط العملاقة في ازدياد. لكن هونداي في الوقت نفسه كانت تركز على أمر آخر هو كيفية الاستفادة القصوى من حركة الإنشاءات والتعمير الضخمة في الخليج والشرق الأوسط التي أعقبت الطفرة النفطية، فتنافست على العقود وفازت بمعظمها، وتحديدا بعقود وصلت مبالغها الإجمالية إلى 1.4 بليون دولار.
ويقال أن الجنرال بارك كان يريد لهونداي أن تتوسع في الشرق الأوسط بصورة اكبر مما فعلت، غير أن شقيق تشونغ وشريكه “إن يونغ” كان معترضا خوفا من تكرار خسارة تعرضت لها الشركة في اندونيسيا بقيمة 50 مليون دولار، وهو ما دفع الأخ إلى إخراج شقيقه المؤسس من الشركة التي تم اقتسامها لاحقا بين الأبناء من الجيل الثاني، وتعرضت مؤخرا لمأساة تراجيدية هي إقدام الابن السادس على الانتحار لدوره في دفع 500 مليون دولار إلى النظام الكوري الشمالي كرشوة من اجل عقد مفاوضات مع زعماء سيئول.
3 – دايوو
تأسست دايوو على يد “كيم وو تشونغ” المولود في عام 1936 في مدينة تايغو، وكانت بداية انخراطه في البزنس من خلال الاتجار بالأقمشة والمنسوجات، حيث يقال انه ابتاع في إحدى رحلاته إلى هونغ كونغ نوعا من الأقمشة، وأثناء توقفه في سنغافورة عرض القماش على بعض التجار على اعتبار انه منتج كوري، فما كان منهم الا أن استحسنوا جودته ومنحوا كيم عقد توريد بقيمة 300 ألف دولار، وهذا ما شجع كيم على العودة إلى بلاده فورا ومحاولة تقليد القماش الهونغ كونغي بهدف تحضير الطلبية المتفق عليها.
وفي سن الثلاثين استطاع كيم بذكائه ونجاحه أن يحصل على ثقة بعض المصارف ورجال الأعمال المحليين الذين اقرضوه 5000 دولار انشأ بها في عام 1967 شركة برأسمال إجمالي بلغ 18000 دولار تحت اسم دايوو الذي يعني بالكورية: الكون العظيم.
في العام الأول لانطلاقة دايوو، استطاعت الشركة أن تصدر ما قيمته 580 ألف دولار من الأقمشة، وفي العام التالي نجحت في افتتاح أول مصنع ضخم حديث للنسيج في بوسان.
ولم يحل العام 1970 الا وصادرات دايوو من النسيج تفوق ما قيمته ثمان ملايين دولار. أما المؤسس كيم فقد توقع بخبرته أن أمريكا مقدمة قريبا على فرض كوتا تصديرية على بلاده في مجال النسيج، فاستبق الحدث بتصدير أقصى ما يمكن قبل عام 1972 الذي أعلنت فيه الكوتا المذكورة والتي كان نصيب دايوو منها ثلث إجمالي صادرات كوريا الجنوبية من النسيج إلى أميركا.
بالإرباح المتحصلة من النمو والتوسع السابق ذكره بدأت دايوو تتملك مجموعات صناعية وتجارية أخرى. وهكذا لم يأت العام 1975 الا وهي تملك 23 شركة في 110 دولة بعدد إجمالي من الموظفين بلغ 350 ألفا وبمبيعات سنوية إجمالية تجاوزت 250 مليون دولار.
كل هذا لفت نظر رجل البلاد القوي الجنرال بارك الذي شجع كيم على دخول ميدان الصناعات الثقيلة. فاشترت دايوو شركة “هانكوك” التي كان اليابانيون قد أسسوها لخوض ميدان صناعة الغواصات. كما فعّلت دايوو علاقات سابقة لها مع جنرال موتورز من اجل التصنيع المشترك للمركبات من نوع لم يلاق النجاح المطلوب. هذا ناهيك عن استجابة دايوو لطلب الرئيس بارك بشراء مجموعة متعثرة كانت قد أكملت نحو ربع مشروع لبناء حوض كبير للسفن.
الحال، انه خلال اقل من أربعة عقود تحوّل تاجر الأقمشة البسيط إلى نموذج لتايكونات المال والأعمال الآسيويين الذين يعملون لأكثر من 100 ساعة في الأسبوع ولا ينامون أكثر من أربع ساعات كل ليلة. لكن رغم كل هذا الحرص والإتقان، تعرضت دايوو في نهاية المطاف إلى الإفلاس – وان عملت الدولة على المحافظة على بعض فروعها مثل الفرع الخاص بإنتاج السلع الكهربائية – كنتيجة لإعطاء التوسع من اجل تغطية الخسائر أهمية اكبر من الربحية.
3- ال جي
في عام 2000 ظهر تقرير من قبل مفوضية المراقبة المالية لحكومة سيئول، يقول أن ديون شركة “ال جي” وصلت إلى نحو 39 بليون دولار، ومع هذا قررت الشركة أن تستثمر 5.4 بليون دولار في صناعة الاتصالات، وسمحت الحكومة لها بذلك من منطلق أن تلك الصناعة هي صناعة العصر وتزداد أسواقها يوما بعد يوم.
كان هذا حال الشركة التي أسسها “كو ان هوا” في عام 1947 تحت اسم “لاكي غولد ستار” لإنتاج بعض السلع الاستهلاكية البسيطة مثل قبل ان تنطلق وتصبح الجيبول الأكبر في كوريا لبعض الوقت في السبعينات لجهة حجم المبيعات، أي حينما قررت دخول ميدان إنتاج السلع الكهربائية المنزلية، وقبل ان تصبح في المركز الثالث خلف شركتي سامسونغ وهونداي – رغم ان ما هي منخرطة فيه اليوم يجلب لها عوائد سنوية تفوق الستين بليون دولار.
حول “كو ان هوا” المؤسس شركته إلى ابنه “كو تشا كيونغ”، وفي عام 1995 حول الأخير الإدارة والملكية إلى ابنه “كو بون مو” الذي اشترت ال جي في عهده شركة زينيت الأمريكية الشهيرة في صناعة التلفاز، والذي أيضا تخلت الشركة في عهده عن اسمها القديم لصالح اسم ال جي.
4- سانغ يونغ
تعتبر سانغ يونغ التي يعني اسمها التنين المزدوج – وهو ما ينعكس أيضا في تكرار حرف “اس” اللاتيني في اسمها الأول – الجيبول السادس من حيث الحجم والنفوذ في كوريا الجنوبية. وهي بدأت نشاطها في عام 1939 كشركة لإنتاج الأقمشة على يد مؤسسها “كيم سونغ كون”، وذلك قبل ان تجعل من إنتاج الاسمنت ميدانا رئيسيا لنشاطها ابتداء من الستينات حينما تحول الاسمنت إلى سلعة استراتيجية بالنسبة لخطط النمو والصعود.
غير ان الشركة مثل غيرها وتحت ضغط الخوف من الخسائر وضرورة توزيع المخاطر، استثمرت في الوقت نفسه في صناعات أخرى. فتمددت مثلا إلى صناعة تكرير النفط والانشاءات والخدمات المالية، بل تمددت بالاشتراك مع الألمان إلى صناعة المركبات التي خسرت فيها خسائر كبيرة في باديء الأمر، في الوقت التي كانت مصانع المركبات الكورية الأخرى تحقق الأرباح.
وفي محاولة منها لتقليل الخسائر، حاولت سانغ يونغ تسريح الآلاف من عمالها، غير ان قوانين العمل الكورية معطوفة على قوة النقابات العمالية حالت دون ذلك.
ويعتبر عام 1975 عاما مفصليا في تاريخ سانغ يونغ، حيث توفي فيه مؤسسها، وآلت القيادة من الأخير إلى ابنه الشاب “سون كيم سوك” الذي برهن على مهارات قيادية غير اعتيادية، ربما بسبب تخصصه العالي في الاقتصاد من الجامعات الأمريكية، أو ربما بسبب خبراته الميدانية العسكرية المتأتية من تطوعه للخدمة في الحرب الفيتنامية في الستينات.
وكان القرار الأول للرئيس الجديد هو التمدد الأفقي من خلال التكامل مع الشركات العاملة في التغليف وتكرير النفط وخدمات النقل وتوزيع الاسمنت. إلى ذلك كان هناك قراره الخاص بالاستثمار في مجالات غير مسبوقة مثل سياحة المنتجعات الشتوية والتزحلق على الجليد، ومجالات المتعة والترفيه الجاذبة لأبناء الطبقة الوسطى المتعاظمة.
من الأمور الأخرى الجديرة بالذكر عن سانغ يونغ، أنها في الوقت الذي كانت فيه الشركات الكورية الكبرى الأخرى تتنافس للحصول على عقود من دول الشرق الأوسط، كانت سانغ يونغ تنشط في منطقة جنوب شرق آسيا، الأمر الذي ساعدها في الحصول على عقد ضخم بقيمة 400 مليون دولار من سنغافورة لبناء مجمع سكني.
وكزميلاتها تعرضت سانغ يونغ إلى هزة بسبب الأزمة النقدية الآسيوية في عام 1997، وهو ما زاد من مشاكلها واجبرها على تصفية العديد من أنشطتها.
وفي يناير 2001 وصفت إحدى مجلات البزنس المتخصصة شركة سانغ يونغ بأنها الأسوأ لجهة الإدارة، وانه لولا المساعدات الحكومية لانهارت منذ زمن، بل أضافت أن قطاع إنتاج الاسمنت فيها قطاع خاسر لا يجدر الاحتفاظ به. ورغم عدم ثبوت هذه الاتهامات، فان “كيم سوك” قرر الاستقالة من منصبه والابتعاد.
6 – لوتيه
تأسست مجموعة لوتيه – والكلمة لا اصل لها في اللغة الكورية وإنما مستمدة من اسم تشارلوتيه لتأثر مؤسسها ببطلة إحدى المسرحيات الألمانية – في عام 1948 على يد رجل الأعمال الكوري المقيم وقتها في اليابان “شين كيوك هو”. واليوم تعتبر هذه المجموعة التي تضم نحو 50 وحدة نشاط مختلفة، ويشتغل بها أكثر من 38 ألف موظف وعامل، وتنخرط في صناعات متنوعة تمتد من الحلويات والمشروبات إلى صناعة الآلات والماكنات العملاقة وأجهزة الاتصالات والإنشاءات الهندسية، الجيبول الخامس من حيث الضخامة والنفوذ.
وبسبب ضخامتها وعوائدها ونجاحاتها تجاوزت مجموعة لوتيه حدود كوريا إلى الخارج فبنت لنفسها قواعد عمل متينة في الأسواق اليابانية والصينية والفلبينية والاندونيسية والفيتنامية والهندية والأمريكية والروسية.
وطبقا لموقع المجموعة الالكتروني، كانت لوتيه تمتلك في هذه الأسواق مجتمعة في عام 2005 ما لا يقل عن 30 تريليون وون كوري من الاستثمارات المختلفة، علما بأن استثماراتها في اليابان كانت مركزة في القطاعات التي لا يبدي اليابانيون اهتماما كبيرا بها مثل قطاع صناعة المشروبات والشوكولاتة والبسكويت والعصائر والحلويات والمثلجات.
ولمجموعة لوتيه استثمارات كبيرة في قطاع الفنادق والمنتجعات السياحية ومطاعم الوجبات السريعة، إضافة إلى رياضة البيسبول التي بدأت تجذب الكوريين منذ تواجد الأمريكيين على أراضيهم. حيث تمتلك مثلا احد أضخم فنادق العاصمة سيئول الذي يحمل اسم لوتيه، وناديا خاصا بها للعبة البيسبول، وفي اليابان تمتلك نادي “شيبا لوتيه” البحري.
بقي أن نضيف إلى كل ما سبق حقيقة أن مؤسسات الجيبول الكورية الجنوبية تعرضت منذ عام 1998 إلى الكثير من التضييق تحت شعار تطويرها وإصلاح أحوالها والحيلولة دون تراكم أخطائها أو وقوعها في الفساد والمخالفات. ففي أوائل عام 1998 اتفق الرئيس المنتخب ” كيم داي جونغ” مع خمسة من تايكونات المال والأعمال من ملاك كبريات الجيبول في البلاد على خطوط إصلاح عريضة تضمنت ما يلي:
• تحميل أصحاب الجيبول المسئولية عن أية أخطاء مالية أو إدارية.
• منع قمع تدوير الاستثمارات والتحويلات بين القطاعات والمؤسسات المتآلفة.
• فرض الشفافية الإدارية والمحاسبية.
• العمل على تقوية وتصحيح المراكز المالية لمجموعات الجيبول.
• التركيز على الأنشطة التي تخدم الاقتصاد الوطني وترتقي بالمستويات المعيشية للكوريين.
• تحاشي الديون والضمانات طويلة الأجل.
وفي أغسطس/ آب من عام 1999 صدر إعلان رسمي أضيف بموجبه ثلاثة بنود أو اشتراطات إلى البنود السابقة هي:
• منع السيطرة على الجيبول من خلال راس المال الصناعي.
• منع قمع عملية تدوير الاستثمارات والتحويلات المالية بين أنشطة الجيبول.
• منع أصحاب الجيبول من منح الهبات إلى ورثتهم في صورة أسهم أو أصول.
elmadani@batelco.com.bh
* باحث ومحاضر أكاديمي في الشئون الآسيوية