(ليسا عربيين، ولا من خواجات الأتراك. إلى اليسار، بالطربوش الأحمر والشوارب الثخينة، مؤسس دولة إسرائيل، دافيد بن غوريون، وإلى اليمين إسحاق بن تسفي، ثاني رئيس جمهورية إسرائيلي، في لقطة من 1914-1913 في استانبول التي قصداها لتعلّم التركية ودراسة الحقوق)
*
عندما كتبت انتقد ما فعلته حماس من جرائم ضد المدنيين يوم ٧ أكتوبر، لم يعجب هذا معظم اهلي واصدقائي واعتبروني متحيزا ضد ليس فقط حماس، ولكن ضد الفلسطينيين، وعندما انتقدت الجرائم التي ترتكبها إسرائيل ضد المدنيين (مع الاخذ في الاعتبار الفرق الهائل في القوة بين حماس وإسرائيل) لم يعجب هذا أصدقائي من اليهود وبعض الامريكان وبعض المسيحيين واعتبروني متحيزا ضد إسرائيل ومتعاطفا مع حماس.
ولاحظت انه في السنوات الأخيرة حدث استقطاب عالمي: ان لم تكن معي فانت ضدي وأحيانا انت العدو! ففي أمريكا، إذا كان انتماؤك للحزب الجمهوري يصبح الحزب الديموقراطي حزبا خائنا لدرجة ان صديقا لي جمهوري يميني اعطاني كتاباً عنوانه (لماذا يكره الديموقراطيون أمريكا) وقال لي ان حربا أهلية أمريكية ثانية أفضل من حكم الديموقراطيين!! والعكس صحيح، إذا قمت بتأييد الرئيس السابق دونالد ترامب واعترضت على محاولات الحكومة الديموقراطية الحالية لتلفيق المحاكمات له لمنعه من خوضه للانتخابات الرئاسية عام 2024 يتم اتهامك بالعنصرية.
لي أصدقاء أمريكان لا يشاهدون سوى القناة اليمينية (فوكس نيوز) ويكررون على مسمعي ما يشاهدونه في تلك القناة. وكذلك هناك أصدقاء لا يطيقون فوكس نيوز ويشاهدون القنوات اليسارية الأخرى التي تساند الحزب الديموقراطي ويكررون ما يسمعونه في تلك القنوات. كما أن هناك العديد من العرب لا يشاهدون سوى قناة “الجزيرة” ويرددون “أنا شفت ده على قناة الجزيرة” وكأنهم شاهدوه في “صحيح البخاري”!!
وفي السنوات الأخيرة حدث استقطاب من نوع آخر وهو استقطاب منصات التواصل الاجتماعي حيث أنك تستمع فقط إلى من يتفقون معك في الرؤية. فهناك من يعتبرون أن الرئيس ترامب هو أفضل رئيس في تاريخ أمريكا، وآخرون يعتبرونه أسوأ رئيس في تاريخ أمريكا، وتكاد أمريكا أن تكون منقسمة تماما 50/50 في هذا الشأن. حتى لقد وجدت هذا الانقسام أيضا في مصر، حيث يعتبر بعض الناس أن الرئيس السيسي هو أفضل رئيس لمصر في النصف قرن الأخير ولا يشاهدون سوى القنوات الفضائية أو مواقع التواصل الاجتماعي التي تؤكد رؤيتهم وآخرون يعتبرونه الأسوأ ولا يشاهدون سوى القنوات التي لا هم لها سوى مهاجمة السيسي.
وكل هذا يحدث وكأن الناس قد فقدت عقولها وفقدت التمييز بين الحقيقة وأنصاف الحقيقة والبروباغندا، لقد أعطانا الله العقل بهدف رئيسي وهو التمييز واستخدامه مثل فلتر لتنقية الشوائب حولنا.
والخطورة أن هذا الاستقطاب يقود في الغالب إلى الكراهية، والكراهية قد تقود في أحيان كثيرة إلى العنف. وقد رأينا في الأيام الأخيرة أنه، بسبب حرب غزة، تعرض بعض اليهود والمسلمين حول العالم إلى الاعتداء سواء الاعتداء اللفظي أو الجسدي، بل وصل الأمر إلى حد قتل الأبرياء.
…
والحرب الدائرة حاليا في غزة تنال تغطية إعلامية لم أشاهدها في حياتي ونشاهد على الهواء مباشرة التدمير والمعاناة والضحايا، وكل طرف في الحرب يعرض عليك نصف الحقيقة فقط، وأحيانا يعرض عليك أخبارا ملفقة تماما.
والكراهية التي تولدها تلك الحرب حاليا سوف نرى في المستقبل تشددا لم نشهد له مثيلا من قبل في الشرق الأوسط. فسوف تعلو أصوات الانتقام وتختفي أصوات التعايش والسلام، وسوف يقفز إلى الساحة مزيد من المتطرفين سواء من جانب اليمين الإسرائيلي أو من جانب حماس والجهاد الإسلامي. وكل من اليهود والمسلمين يؤمنون بأن “العين بالعين والسن بالسن” وهذا سوف يخلق حلقة مفرغة جهنمية من الانتقام والثأر والانتقام المضاد.
والشيء المؤسف أن نتنياهو الذي يقود اليمين المتطرف في إسرائيل ليس فقط أنه لا يؤمن بالسلام ولكنه لا يؤمن حتى بالتوراة التي تقول في ثلاث مواقع (سفر الخروج، سفر التثنية وسفر اللاويين) بأنه (عين بعين وسن بسن ورجل برجل…. إلخ) ولكنه يؤمن بعشرة أعين فلسطينية مقابل عين واحدة إسرائيلية، وعشرة أسنان فلسطينية مقابل سن واحد إسرائيلي، ورقم العشرة فلسطيني مقابل واحد إسرائيلي قابل للزيادة حسب إحصائيات الحروب السابقة من خسارة الأرواح الفلسطينية مقابل الأرواح الإسرائيلية.
…
صدقوني: العين بالعين سوف تجعلنا جميعا عميان، ولا سبيل للخروج من حلقة الكراهية الجهنمية سوى تبني مبدأ الحب، وقبول الآخر ،ونبذ الأنانية والكراهية.
الأرض تَسَع الجميع، نريد بناء المستقبل لأطفالنا بدلا من بناء القبور الجماعية.
مهما فعلت حماس فلا يمكن ادانتها لأنها
تدافع عن شعب تحت الاحتلال مسلوب الحقوق والمحتل يقتل فيه كل يوم ويعلن ويصر على أن الأرض أرضه ويجب أن يقتلوا او يخرجوا من أرض اسرائيل
هل تقارن حماس او حتى السلطة ب
أسرائيل ومعها أمريكا واروربا بكل سلاحهم واقتصادية وسيطرتهم على الأمم المتحدة
https://makkahnewspaper.com/article/1600890